تأييد تونس للمقترح الذي قدمته البرازيل التي تترأس مجموعة العشرين “G20”، على هامش أشغال الجزء رفيع المستوى للدورة 79 للجمعية العامة، المنعقد مؤخرا بنيويورك، والذي خُصّص للتداول بخصوص إصلاح الحوكمة الدولية، ودعوتها البلدان العشرين، للدفع نحو القيام بإصلاحات تشمل العناصر الأساسية المتحكمة في النظام الدولي بما في ذلك إصلاح البنية المالية الدولية، في ظل المخاطر والتحديات المتزايدة المطروحة في مواجهة الاقتصاد العالمي، لاسيما منها المخاطر المناخية والتفاوت الاجتماعي وما يشكله من تفاقم أزمات الفقر والتهميش في العالم، خاصة في البلدان النامية، إضافة إلى المخاطر الجيوسياسية ونزيف الحروب المشتعلة أو التي تنبئ بالانفجار هنا وهناك.
وهو موقف يؤكد تأييد بلادنا لجميع المقترحات المتعلقة بهذا التوجه، بهدف إصلاح الحوكمة الدولية.
وما عبّر عنه وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، أثناء حضوره الاجتماع الوزاري لهذه المجموعة، يؤكد مرة أخرى خيار بلادنا في سياستها الخارجية للدفع نحو تغيير "منظومة" المالية الدولية وآليات الحوكمة الدولية المعمول بها حاليا على اعتبار أنها لم تعد تتماشى ومتطلبات وخصوصيات المرحلة واستحقاقاتها.
وقد كان رئيس الجمهورية قيس سعيد سبق أن دعا، خلال حضوره في قمة باريس التي انتظمت في جوان 2023 تحت شعار "من أجل عقد مالي جديد"، إلى ضرورة انتهاج مقاربات غير تقليدية في بناء علاقات اقتصادية ومالية جديدة تراعي الاستحقاقات الراهنة والتحديات المستجدة في العالم، تقوم على قواعد شفافة وعادلة ومبادئ التضامن الدولي وضمان حق الشعوب في العيش بكرامة.
ولا يخفى على الجميع حجم التداعيات السلبية للأزمات التي ما انفك يشهدها العالم في السنوات الأخيرة، صحية كانت أو مناخية وبيئية أو نتيجة توتر العلاقات الدولية وتغير العلاقات الاقتصادية والجيواستراتيجية والتحديات الكبيرة التي أصبحت مطروحة أمام الهياكل الدولية المالية وغيرها للقيام بدورها لإيجاد الحلول وضمان التوازن والحقوق والعدالة.
فعديدة هي الدراسات والبحوث والمؤشرات الصادرة عن عدة هياكل ومنظمات وجهات دولية وغيرها، تبين مدى الحاجة اليوم إلى طرح رؤية جديدة وإصلاحات عميقة شاملة لإصلاح الهيكلية المالية الدولية وإصلاح دور بعض الهياكل الدولية المؤثرة، على غرار منظمة التجارة العالمية والمقرضين متعددي الأطراف والآليات المعتمدة من ناحية، ومن ناحية أخرى معالجة الديون السيادية المتفاقمة، نظرا لما تشكله ضغوط وتأثير سلبي على الاستثمار واستنزاف كل مقدرات الاقتصاد والتنمية.
ولاشك أن المطلوب اليوم، هو تغيير آليات الحوكمة الدولية المعتمدة بأخرى أكثر نجاعة وفاعلية ومرونة، تراعي التغيرات والأزمات القائمة، والهدف منها إنقاذ العالم من المخاطر والأزمات المهددة بانهيار وتفكك النظام الدولي القائم، خاصة في ظل الفوضى المتفشية في عدة أوساطـ مقابل تراجع قيمة وفاعلية القانون الدولي.
ويبدو أن فشل وعجز المنظمات والهياكل الدولية عن إيجاد حلول للأزمات التي يشهدها العالم في العصر الحديث، على اعتبار أنها غير مسبوقة، وتشمل الطاقة والنفط والغاز والبيئة وتفاقم الديون، في ظل تواصل الحروب الصناعية والتجارية والتكنولوجية، فيما تتوسع قاعدة ضحاياها من الفئات الاجتماعية الفقيرة، لتشمل الفئات المتوسطة في البلدان النامية بالأساس.. وهذه كلها عوامل تستوجب بالضرورة الدفع نحو إيجاد مبادرات ومقاربات عملية جديدة، كفيلة بإيقاف الانحدار السريع الذي يشهده العالم.
ولئن استطاعت بلادنا خلال السنوات الأخيرة المراهنة على إستراتيجية وسياسة وحوكمة مالية خاصة لمجابهة الأزمات الاقتصادية المتراكمة وتمكنها من سداد نسبة كبيرة من الديون الخارجية، وقدرتها على إيجاد مخارج من أزمات ناجمة عن فشل منظومة الحكم، خلال عشرية ما بعد الثورة، خاصة بعد رفض المانحين الدوليين الموافقة على منح بلادنا قروضا كانت في حاجة إليها، فإن ذلك يجعل موقف بلادنا المتمسك بضرورة مراجعة آليات التعاطي مع السياسة المالية الدولية وإصلاح الهياكل الدولية بما يمكنها من استعادة دورها ونجاعتها في إيجاد الحلول للقضايا والمسائل المطروحة ومجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية والبيئية والمالية وإيقاف النزاعات والحروب، ضروري لإنقاذ المجتمع الدولي والقوانين الدولية والقيم الإنسانية.
نزيهة الغضباني
تأييد تونس للمقترح الذي قدمته البرازيل التي تترأس مجموعة العشرين “G20”، على هامش أشغال الجزء رفيع المستوى للدورة 79 للجمعية العامة، المنعقد مؤخرا بنيويورك، والذي خُصّص للتداول بخصوص إصلاح الحوكمة الدولية، ودعوتها البلدان العشرين، للدفع نحو القيام بإصلاحات تشمل العناصر الأساسية المتحكمة في النظام الدولي بما في ذلك إصلاح البنية المالية الدولية، في ظل المخاطر والتحديات المتزايدة المطروحة في مواجهة الاقتصاد العالمي، لاسيما منها المخاطر المناخية والتفاوت الاجتماعي وما يشكله من تفاقم أزمات الفقر والتهميش في العالم، خاصة في البلدان النامية، إضافة إلى المخاطر الجيوسياسية ونزيف الحروب المشتعلة أو التي تنبئ بالانفجار هنا وهناك.
وهو موقف يؤكد تأييد بلادنا لجميع المقترحات المتعلقة بهذا التوجه، بهدف إصلاح الحوكمة الدولية.
وما عبّر عنه وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد علي النفطي، أثناء حضوره الاجتماع الوزاري لهذه المجموعة، يؤكد مرة أخرى خيار بلادنا في سياستها الخارجية للدفع نحو تغيير "منظومة" المالية الدولية وآليات الحوكمة الدولية المعمول بها حاليا على اعتبار أنها لم تعد تتماشى ومتطلبات وخصوصيات المرحلة واستحقاقاتها.
وقد كان رئيس الجمهورية قيس سعيد سبق أن دعا، خلال حضوره في قمة باريس التي انتظمت في جوان 2023 تحت شعار "من أجل عقد مالي جديد"، إلى ضرورة انتهاج مقاربات غير تقليدية في بناء علاقات اقتصادية ومالية جديدة تراعي الاستحقاقات الراهنة والتحديات المستجدة في العالم، تقوم على قواعد شفافة وعادلة ومبادئ التضامن الدولي وضمان حق الشعوب في العيش بكرامة.
ولا يخفى على الجميع حجم التداعيات السلبية للأزمات التي ما انفك يشهدها العالم في السنوات الأخيرة، صحية كانت أو مناخية وبيئية أو نتيجة توتر العلاقات الدولية وتغير العلاقات الاقتصادية والجيواستراتيجية والتحديات الكبيرة التي أصبحت مطروحة أمام الهياكل الدولية المالية وغيرها للقيام بدورها لإيجاد الحلول وضمان التوازن والحقوق والعدالة.
فعديدة هي الدراسات والبحوث والمؤشرات الصادرة عن عدة هياكل ومنظمات وجهات دولية وغيرها، تبين مدى الحاجة اليوم إلى طرح رؤية جديدة وإصلاحات عميقة شاملة لإصلاح الهيكلية المالية الدولية وإصلاح دور بعض الهياكل الدولية المؤثرة، على غرار منظمة التجارة العالمية والمقرضين متعددي الأطراف والآليات المعتمدة من ناحية، ومن ناحية أخرى معالجة الديون السيادية المتفاقمة، نظرا لما تشكله ضغوط وتأثير سلبي على الاستثمار واستنزاف كل مقدرات الاقتصاد والتنمية.
ولاشك أن المطلوب اليوم، هو تغيير آليات الحوكمة الدولية المعتمدة بأخرى أكثر نجاعة وفاعلية ومرونة، تراعي التغيرات والأزمات القائمة، والهدف منها إنقاذ العالم من المخاطر والأزمات المهددة بانهيار وتفكك النظام الدولي القائم، خاصة في ظل الفوضى المتفشية في عدة أوساطـ مقابل تراجع قيمة وفاعلية القانون الدولي.
ويبدو أن فشل وعجز المنظمات والهياكل الدولية عن إيجاد حلول للأزمات التي يشهدها العالم في العصر الحديث، على اعتبار أنها غير مسبوقة، وتشمل الطاقة والنفط والغاز والبيئة وتفاقم الديون، في ظل تواصل الحروب الصناعية والتجارية والتكنولوجية، فيما تتوسع قاعدة ضحاياها من الفئات الاجتماعية الفقيرة، لتشمل الفئات المتوسطة في البلدان النامية بالأساس.. وهذه كلها عوامل تستوجب بالضرورة الدفع نحو إيجاد مبادرات ومقاربات عملية جديدة، كفيلة بإيقاف الانحدار السريع الذي يشهده العالم.
ولئن استطاعت بلادنا خلال السنوات الأخيرة المراهنة على إستراتيجية وسياسة وحوكمة مالية خاصة لمجابهة الأزمات الاقتصادية المتراكمة وتمكنها من سداد نسبة كبيرة من الديون الخارجية، وقدرتها على إيجاد مخارج من أزمات ناجمة عن فشل منظومة الحكم، خلال عشرية ما بعد الثورة، خاصة بعد رفض المانحين الدوليين الموافقة على منح بلادنا قروضا كانت في حاجة إليها، فإن ذلك يجعل موقف بلادنا المتمسك بضرورة مراجعة آليات التعاطي مع السياسة المالية الدولية وإصلاح الهياكل الدولية بما يمكنها من استعادة دورها ونجاعتها في إيجاد الحلول للقضايا والمسائل المطروحة ومجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية والبيئية والمالية وإيقاف النزاعات والحروب، ضروري لإنقاذ المجتمع الدولي والقوانين الدولية والقيم الإنسانية.