إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد مصادقة البرلمان الإيطالي على مشروع قانون جديد .. توجه أوروبي نحو التضييق والتشديد على المهاجرين

 

تونس – الصباح

أثارت مصادقة البرلمان الإيطالي على مشروع قانون جديد يتضمن فصولا جديدة تنص على تسليط عقوبات جديدة على المهاجرين، حفيظة عدة أوساط وهياكل تنشط في مجال الحقوق والحريات في تونس وفي عدة بلدان أخرى مغاربية وعربية وأوروبية وإيطالية. يأتي ذلك في الوقت الذي تطالب فيه هذه الجهات بضرورة مراجعة المنظومات المعتمدة الخاصة بالمهاجرين سواء في إطار الهجرة النظامية أو غير النظامية لاسيما في الفضاء الأوروبي والمطالبة بمراعاة حقوق هذه الفئة وتسيير عمليات تنقلهم واندماجهم دوليا بما يحد من الوضعيات الهشة والإنسانية. وقد اعتبرت عدة منظمات حقوقية وأحزاب معارضة في إيطاليا أن هذا القانون "قمع الحريات"، باعتبار أنه تضمن فصولا تشدد التضييق على المهاجرين وتكبل حرياتهم من بينها الحكم بالسجن لـ20 عاما ضد كل من يقوم بأعمال شغب أو مقاومة أو تحرك داخل مراكز الحجز والترحيل والسجون.

ورغم تأكيد عديد البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية أو عن المنظمة الدولية للهجرة تراجع عدد المهاجرين غير النظاميين القادمين إلى إيطاليا من تونس سواء تعلق الأمر بمهاجرين تونسيين أو غيرهم من البلدان العربية وإفريقيا جنوب الصحراء منذ دخول العام الجاري إلى غاية هذه المرحلة مقارنة بما كان عليه الوضع في العام الماضي أو السنوات التي سبقته، إلا أن عدة بلدان أوروبية ما انفكت تشدد إجراءاتها وتعدل القوانين المعمول بها في إطار الهجرة والمهاجرين بشكل عام في منحى أكثر تشددا وتضييقا.

ويشار أيضا الى أن نفس القانون الإيطالي الجديد ينص على أن كل من يشغل منزلا أو عقارا بالقوة دون صفة قانونية أو عقد كراء ومن يدعمه يتعرض إلي السّجن لمدة سبع سنوات. نفس القانون يمنع المهاجرين الذين لم يتحصلوا بعد على تصاريح إقامة بإيطاليا من اقتناء شريحة هاتف جوّال.

منظومة تعزيز "الهشاشة"

بدوره اعتبر رمضان بن عمر، الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية ولاجتماعية في حديثه عن المسألة لـ"الصباح"، هذا القانون الجديد بالعنصري والمعادي للحريات وحقوق الإنسان بما من شأنه أن يساهم في مزيد التضييق على المهاجرين بشكل عام والتونسيين بشكل خاص بما يعزز القوانين المعتمدة في هذه الفترة في إيطاليا وغيرها من البلدان الأوروبية في علاقة بالمهاجرين بما يهدد كل المهاجرين ويساهم في هشاشة الوضعيات. وأضاف قائلا: "في الحقيقة المهاجر التونسي كسائر المهاجرين الآخرين أصبح في وضعية جد هشة وصعبة جراء تواتر القوانين التمييزية في الفضاء الأوروبي. وكل من يتم وسمه بالتطرف والإرهاب أو يرتكب مخالفة قانونية من المهاجرين النظاميين يصبح معرضا ليكون في وضعية هشة وغير نظامية. في المقابل ساهم تخاذل حكومات بلدان جنوب حوض البحر البيض المتوسط وتعاونها مع حكومات البلدان الأوروبية بما في ذلك إيطاليا في مسألة الترحيل، في تأزيم وضعية المهاجرين وحرمانهم من حقوقهم وتهديد مصالحهم وعائلاتهم".

ويرى رمضان من عمر أنه على بلدان جنوب المتوسط التحرك بدورها ومراجعة اتفاقاتها مع بلدان الاتحاد الأوروبي في علاقة بوضعية المهاجرين خاصة أن البلدان التي تم توقيع اتفاقيات ترحيل للمهاجرين معها هي كل من ألمانيا وفرنسا إيطاليا وبلجيكا وسويسرا، وفق ما أكده محدثنا.

كما أن مذكرة التفاهم بشأن الهجرة النظامية التي أمضتها بلادنا في جويلية 2023 تحت عنوان "شراكة شاملة" تضمنت في فصولها ما يخول لهذه البلدان اتخاذ تدابير الترحيل بقدر ما تضمنته من مزايا ضمان هجرة نظامية وعقود عمل في إطار الحاجة لتشغيل اليد العاملة في مجالات فلاحية وأعمال موسمية أو مهن صغرى.

وبين بن عمر أن إيطاليا بموجب تلك الاتفاقيات ترحل سنويا ما بين 2000 و2500 تونسي، في ظل وجود تقارير حول انتهاكات وممارسات لا إنسانية تجاه المهاجرين التونسيين الذين يتم ترحيلهم.

مسار مستعجل

كما اعتبر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن شروع السلطات الإيطالية في تفعيل القوانين الجديدة وفق "المسار المستعجل" الذي اختارته إنما الهدف منه هو سرعة الحسم في مسألة الفرز والترحيل للمهاجرين لتكون العملية في ظرف أسبوع أو أقل من ذلك، رغم ما يرافق العملية من مضايقات وممارسات عنصرية.

وأفاد رمضان بن عمر أنه منذ بداية السنة الجارية إلى الآن تم تسجيل ثماني رحلات ترحيل لتونسيين من ألمانيا فيما يتضاعف عدد الرحلات بالنسبة لإيطاليا.

في المقابل انتقد محدثنا سياسة الدولة في عدم اتخاذها أي إجراء سياسي أو قنصلي للدفاع عن المهاجرين التونسيين على اعتبار انتظاراتهم من الدولة أولا وما يشكلونه من قوة دعم للاقتصاد الوطني من ناحية أخرى. الأمر الذي يجعل كل المهاجرين في وضعية هشة. وأضاف قائلا: "أغلب البلدان الأوروبية لجأت في السنوات الأخيرة إلى تعديل قوانينها تجاه المهاجرين وفق توجه يجعل كل المهاجرين مهددين بأن يكونوا في وضعية هشة. وكل ما يروج له من هذه البلدان حول حلول واتفاقات تشغيل وغيرها تبقى مجرد عناوين فضفاضة تتنافى مع ما هو موجود أو معمول به على أرض الواقع".

وأضاف: "عديدة هي الاتفاقيات التي أبرمتها بلادنا مع بلدان أوروبية والتي تم الترويج لها في إطار البديل للهجرة غير النظامية سواء مع إيطاليا أو فرنسا أو مالطا في 2017، ولكن للأسف أنها كلها ظلت مجرد مسارات بيروقراطية لم تفعل على أرض الواقع في المقابل يكون إقبال هذه البلدان على استقطاب الكفاءات التونسية من أطباء ومهندسين بالأساس دون قيود أو شروط".

من جانبه انتقد مجدي الكرباعي الناشط بالمجتمع المدني، في تصريحات إعلامية هذا القانون ووصفه "بالعنصري والفاشي". في المقابل دعا حكومات البلدان العربية التي وقعت اتفاقيات هجرة مع إيطاليا للتنديد بهذا القانون الذي يضر بالمهاجرين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد مصادقة البرلمان الإيطالي على مشروع قانون جديد .. توجه أوروبي نحو التضييق والتشديد على المهاجرين

 

تونس – الصباح

أثارت مصادقة البرلمان الإيطالي على مشروع قانون جديد يتضمن فصولا جديدة تنص على تسليط عقوبات جديدة على المهاجرين، حفيظة عدة أوساط وهياكل تنشط في مجال الحقوق والحريات في تونس وفي عدة بلدان أخرى مغاربية وعربية وأوروبية وإيطالية. يأتي ذلك في الوقت الذي تطالب فيه هذه الجهات بضرورة مراجعة المنظومات المعتمدة الخاصة بالمهاجرين سواء في إطار الهجرة النظامية أو غير النظامية لاسيما في الفضاء الأوروبي والمطالبة بمراعاة حقوق هذه الفئة وتسيير عمليات تنقلهم واندماجهم دوليا بما يحد من الوضعيات الهشة والإنسانية. وقد اعتبرت عدة منظمات حقوقية وأحزاب معارضة في إيطاليا أن هذا القانون "قمع الحريات"، باعتبار أنه تضمن فصولا تشدد التضييق على المهاجرين وتكبل حرياتهم من بينها الحكم بالسجن لـ20 عاما ضد كل من يقوم بأعمال شغب أو مقاومة أو تحرك داخل مراكز الحجز والترحيل والسجون.

ورغم تأكيد عديد البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية أو عن المنظمة الدولية للهجرة تراجع عدد المهاجرين غير النظاميين القادمين إلى إيطاليا من تونس سواء تعلق الأمر بمهاجرين تونسيين أو غيرهم من البلدان العربية وإفريقيا جنوب الصحراء منذ دخول العام الجاري إلى غاية هذه المرحلة مقارنة بما كان عليه الوضع في العام الماضي أو السنوات التي سبقته، إلا أن عدة بلدان أوروبية ما انفكت تشدد إجراءاتها وتعدل القوانين المعمول بها في إطار الهجرة والمهاجرين بشكل عام في منحى أكثر تشددا وتضييقا.

ويشار أيضا الى أن نفس القانون الإيطالي الجديد ينص على أن كل من يشغل منزلا أو عقارا بالقوة دون صفة قانونية أو عقد كراء ومن يدعمه يتعرض إلي السّجن لمدة سبع سنوات. نفس القانون يمنع المهاجرين الذين لم يتحصلوا بعد على تصاريح إقامة بإيطاليا من اقتناء شريحة هاتف جوّال.

منظومة تعزيز "الهشاشة"

بدوره اعتبر رمضان بن عمر، الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية ولاجتماعية في حديثه عن المسألة لـ"الصباح"، هذا القانون الجديد بالعنصري والمعادي للحريات وحقوق الإنسان بما من شأنه أن يساهم في مزيد التضييق على المهاجرين بشكل عام والتونسيين بشكل خاص بما يعزز القوانين المعتمدة في هذه الفترة في إيطاليا وغيرها من البلدان الأوروبية في علاقة بالمهاجرين بما يهدد كل المهاجرين ويساهم في هشاشة الوضعيات. وأضاف قائلا: "في الحقيقة المهاجر التونسي كسائر المهاجرين الآخرين أصبح في وضعية جد هشة وصعبة جراء تواتر القوانين التمييزية في الفضاء الأوروبي. وكل من يتم وسمه بالتطرف والإرهاب أو يرتكب مخالفة قانونية من المهاجرين النظاميين يصبح معرضا ليكون في وضعية هشة وغير نظامية. في المقابل ساهم تخاذل حكومات بلدان جنوب حوض البحر البيض المتوسط وتعاونها مع حكومات البلدان الأوروبية بما في ذلك إيطاليا في مسألة الترحيل، في تأزيم وضعية المهاجرين وحرمانهم من حقوقهم وتهديد مصالحهم وعائلاتهم".

ويرى رمضان من عمر أنه على بلدان جنوب المتوسط التحرك بدورها ومراجعة اتفاقاتها مع بلدان الاتحاد الأوروبي في علاقة بوضعية المهاجرين خاصة أن البلدان التي تم توقيع اتفاقيات ترحيل للمهاجرين معها هي كل من ألمانيا وفرنسا إيطاليا وبلجيكا وسويسرا، وفق ما أكده محدثنا.

كما أن مذكرة التفاهم بشأن الهجرة النظامية التي أمضتها بلادنا في جويلية 2023 تحت عنوان "شراكة شاملة" تضمنت في فصولها ما يخول لهذه البلدان اتخاذ تدابير الترحيل بقدر ما تضمنته من مزايا ضمان هجرة نظامية وعقود عمل في إطار الحاجة لتشغيل اليد العاملة في مجالات فلاحية وأعمال موسمية أو مهن صغرى.

وبين بن عمر أن إيطاليا بموجب تلك الاتفاقيات ترحل سنويا ما بين 2000 و2500 تونسي، في ظل وجود تقارير حول انتهاكات وممارسات لا إنسانية تجاه المهاجرين التونسيين الذين يتم ترحيلهم.

مسار مستعجل

كما اعتبر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن شروع السلطات الإيطالية في تفعيل القوانين الجديدة وفق "المسار المستعجل" الذي اختارته إنما الهدف منه هو سرعة الحسم في مسألة الفرز والترحيل للمهاجرين لتكون العملية في ظرف أسبوع أو أقل من ذلك، رغم ما يرافق العملية من مضايقات وممارسات عنصرية.

وأفاد رمضان بن عمر أنه منذ بداية السنة الجارية إلى الآن تم تسجيل ثماني رحلات ترحيل لتونسيين من ألمانيا فيما يتضاعف عدد الرحلات بالنسبة لإيطاليا.

في المقابل انتقد محدثنا سياسة الدولة في عدم اتخاذها أي إجراء سياسي أو قنصلي للدفاع عن المهاجرين التونسيين على اعتبار انتظاراتهم من الدولة أولا وما يشكلونه من قوة دعم للاقتصاد الوطني من ناحية أخرى. الأمر الذي يجعل كل المهاجرين في وضعية هشة. وأضاف قائلا: "أغلب البلدان الأوروبية لجأت في السنوات الأخيرة إلى تعديل قوانينها تجاه المهاجرين وفق توجه يجعل كل المهاجرين مهددين بأن يكونوا في وضعية هشة. وكل ما يروج له من هذه البلدان حول حلول واتفاقات تشغيل وغيرها تبقى مجرد عناوين فضفاضة تتنافى مع ما هو موجود أو معمول به على أرض الواقع".

وأضاف: "عديدة هي الاتفاقيات التي أبرمتها بلادنا مع بلدان أوروبية والتي تم الترويج لها في إطار البديل للهجرة غير النظامية سواء مع إيطاليا أو فرنسا أو مالطا في 2017، ولكن للأسف أنها كلها ظلت مجرد مسارات بيروقراطية لم تفعل على أرض الواقع في المقابل يكون إقبال هذه البلدان على استقطاب الكفاءات التونسية من أطباء ومهندسين بالأساس دون قيود أو شروط".

من جانبه انتقد مجدي الكرباعي الناشط بالمجتمع المدني، في تصريحات إعلامية هذا القانون ووصفه "بالعنصري والفاشي". في المقابل دعا حكومات البلدان العربية التي وقعت اتفاقيات هجرة مع إيطاليا للتنديد بهذا القانون الذي يضر بالمهاجرين.