إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية.. "إسرائيل الكبرى"

 

هل خطط رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لما يحصل اليوم في غزة وجنوب لبنان.. وهل كان 7 أكتوبر وما بعده مجرد خطة إسرائيلية لجرّ المقاومة إلى التصعيد وإعطاء العدو ذريعة، من أجل تنفيذ المخطط الذي أعلنه نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، المنعقدة في شهر سبتمبر من سنة 2023 والتي تمحورت حول آفاق وآثار التطبيع والسلام مع الدول العربية، ودوره في تغيير الشرق الأوسط؟؟

يبدو أن هذا المخطط تحول الى واقع وحقيقة، باعتبار أن خطة نتنياهو التوسعية تمكّن الكيان المحتل من السيطرة كليا على كامل الأراضي الفلسطينية وجزء كبير من لبنان وتغيير خارطة الشرق الأوسط مثلما أرادها الاحتلال منذ عقود والتي انطلقت باجتياح لبنان عامي 1978 و1982، وكذلك خلال حرب 1967 التي أدت إلى احتلال القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى احتلال سيناء المصرية والجولان السوري.

ما يُميز المخطط الحالي هو أنه يأتي في سياق متغيرات دولية وإقليمية تسعى إسرائيل إلى استغلالها لصالحها، مثل ضعف وتفكك بعض الدول العربية والإسلامية بعد عقود من الحروب الإقليمية والمواجهات الداخلية، خاصة منها تلك الحروب التي شاهدناها منذ ثمانينات القرن الماضي والتي استنزفت القدرات الاقتصادية والعسكرية للعالم العربي والإسلامي، خاصة في إيران، العراق، اليمن، ليبيا، سوريا، وحتى الجزائر. هذه الحروب، التي دُعمت بشكل مباشر أو غير مباشر من القوى الغربية، لم تكن سوى أدوات لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية وإضعاف أي قوة إقليمية قد تهدد مشروع "إسرائيل الكبرى".

فمنذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، تمّ تحييد مصر التي كانت تمثل القوة العسكرية الأكبر في العالم العربي عبر التزامات الحياد التي فرضتها الاتفاقية والتي فسحت المجال أمام إسرائيل للمضي قدما في مخططاتها التوسعية ليتحول الصراع العربي-الإسرائيلي من مواجهة مباشرة بين دول عربية وإسرائيل إلى نزاعات غير متكافئة بين إسرائيل وحركات مقاومة محلية، مثلما يحصل اليوم في لبنان وفلسطين واليمن.

كما ساهم توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993، في تحول غير مسبوق على الساحة الدولية، إذ تم "الاعتراف" بشرعية احتلال إسرائيل لفلسطين من قبل أطراف فلسطينية وكذلك عربية وإسلامية وحتى عالمية. ولم يكن ذلك سوى خطوة أخرى نحو تعزيز سيطرة الاحتلال على المنطقة، وتوريط قيادات فلسطينية وعربية في قمع قوى التحرر الوطني التي كانت تقود نضالا ضد الاحتلال.

اليوم، ونحن نرى ما يجري في غزة وجنوب لبنان، تتضح جليا بداية تنفيذ المخطط الذي تحدث عنه نتنياهو، ويتضح أن الاحتلال يسعى لإعادة رسم الخارطة السياسية والجغرافية للمنطقة بما يخدم مصالحه، مستغلا حالة الانقسام العربي والتراجع الاقتصادي والسياسي لدوله.

فبعد 7 أكتوبر أصبح كل شيء واضحا، وحتىّ التيار الإسرائيلي المساند لتسوية مع الفلسطينيين قد انتهى، ليحل محله تيار آخذ بالتعاظم يرى في الضفة الغربية أرضا إسرائيلية، ولا مكان للفلسطينيين في كامل الأراضي الفلسطينية. وهو ما يعني فرض فكرة أنه لا جغرافيا ولا مكان للفلسطينيين في أراضيهم الحالية.

وما يجري اليوم في غزة وحتى الضفة ولبنان من عمليات عسكرية إسرائيلية هو من أجل رسم وفرض واقع جديد وإحداث التغيير المدروس والمخطط له منذ سنوات من قبل مراكز البحث والتفكير اليمينية المتطرفة.. الخطة سائرة في الاتجاه الذي خطط له الصهاينة، والخنوع العربي والصمت الدولي يمثلان دافعا لنتنياهو وحكومته لمواصلة المهمة في إطار عملية شاملة هدفها ونتائجها التصفية والإحلال والتوسع.

سفيان رجب

 

 

 

هل خطط رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لما يحصل اليوم في غزة وجنوب لبنان.. وهل كان 7 أكتوبر وما بعده مجرد خطة إسرائيلية لجرّ المقاومة إلى التصعيد وإعطاء العدو ذريعة، من أجل تنفيذ المخطط الذي أعلنه نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، المنعقدة في شهر سبتمبر من سنة 2023 والتي تمحورت حول آفاق وآثار التطبيع والسلام مع الدول العربية، ودوره في تغيير الشرق الأوسط؟؟

يبدو أن هذا المخطط تحول الى واقع وحقيقة، باعتبار أن خطة نتنياهو التوسعية تمكّن الكيان المحتل من السيطرة كليا على كامل الأراضي الفلسطينية وجزء كبير من لبنان وتغيير خارطة الشرق الأوسط مثلما أرادها الاحتلال منذ عقود والتي انطلقت باجتياح لبنان عامي 1978 و1982، وكذلك خلال حرب 1967 التي أدت إلى احتلال القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى احتلال سيناء المصرية والجولان السوري.

ما يُميز المخطط الحالي هو أنه يأتي في سياق متغيرات دولية وإقليمية تسعى إسرائيل إلى استغلالها لصالحها، مثل ضعف وتفكك بعض الدول العربية والإسلامية بعد عقود من الحروب الإقليمية والمواجهات الداخلية، خاصة منها تلك الحروب التي شاهدناها منذ ثمانينات القرن الماضي والتي استنزفت القدرات الاقتصادية والعسكرية للعالم العربي والإسلامي، خاصة في إيران، العراق، اليمن، ليبيا، سوريا، وحتى الجزائر. هذه الحروب، التي دُعمت بشكل مباشر أو غير مباشر من القوى الغربية، لم تكن سوى أدوات لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية وإضعاف أي قوة إقليمية قد تهدد مشروع "إسرائيل الكبرى".

فمنذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، تمّ تحييد مصر التي كانت تمثل القوة العسكرية الأكبر في العالم العربي عبر التزامات الحياد التي فرضتها الاتفاقية والتي فسحت المجال أمام إسرائيل للمضي قدما في مخططاتها التوسعية ليتحول الصراع العربي-الإسرائيلي من مواجهة مباشرة بين دول عربية وإسرائيل إلى نزاعات غير متكافئة بين إسرائيل وحركات مقاومة محلية، مثلما يحصل اليوم في لبنان وفلسطين واليمن.

كما ساهم توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993، في تحول غير مسبوق على الساحة الدولية، إذ تم "الاعتراف" بشرعية احتلال إسرائيل لفلسطين من قبل أطراف فلسطينية وكذلك عربية وإسلامية وحتى عالمية. ولم يكن ذلك سوى خطوة أخرى نحو تعزيز سيطرة الاحتلال على المنطقة، وتوريط قيادات فلسطينية وعربية في قمع قوى التحرر الوطني التي كانت تقود نضالا ضد الاحتلال.

اليوم، ونحن نرى ما يجري في غزة وجنوب لبنان، تتضح جليا بداية تنفيذ المخطط الذي تحدث عنه نتنياهو، ويتضح أن الاحتلال يسعى لإعادة رسم الخارطة السياسية والجغرافية للمنطقة بما يخدم مصالحه، مستغلا حالة الانقسام العربي والتراجع الاقتصادي والسياسي لدوله.

فبعد 7 أكتوبر أصبح كل شيء واضحا، وحتىّ التيار الإسرائيلي المساند لتسوية مع الفلسطينيين قد انتهى، ليحل محله تيار آخذ بالتعاظم يرى في الضفة الغربية أرضا إسرائيلية، ولا مكان للفلسطينيين في كامل الأراضي الفلسطينية. وهو ما يعني فرض فكرة أنه لا جغرافيا ولا مكان للفلسطينيين في أراضيهم الحالية.

وما يجري اليوم في غزة وحتى الضفة ولبنان من عمليات عسكرية إسرائيلية هو من أجل رسم وفرض واقع جديد وإحداث التغيير المدروس والمخطط له منذ سنوات من قبل مراكز البحث والتفكير اليمينية المتطرفة.. الخطة سائرة في الاتجاه الذي خطط له الصهاينة، والخنوع العربي والصمت الدولي يمثلان دافعا لنتنياهو وحكومته لمواصلة المهمة في إطار عملية شاملة هدفها ونتائجها التصفية والإحلال والتوسع.

سفيان رجب