- الفرق المختصة تشكو نقصا في الإمكانيات والتكوين..
تونس الصباح
قدمت أمس جمعية المرأة والمواطنة بالكاف دراسة تحت عنوان "حماية النساء ضحايا العنف بين النص والواقع"، بينت خلالها قصورا ومحدودية في مستوى إنفاذ مؤسسات الدولة لإجراء الحماية الموجهة للنساء ضحايا العنف الزوجي ونص عليها القانون عدد 58.
وقالت وفاء الوسلاتي مديرة مشروع حماية النساء والوقاية من جرائم تقتيل النساء في تونس بجمعية المرأة والمواطنة بالكاف، أن النساء ضحايا العنف موضوع الدراسة في تونس والكاف، رغم التكوين الذي تلقاه أعوان ورؤساء الوحدات المختصة في كيفية استقبال الضحايا وسماعهن وتلقي الشكاوى، تعاني المرأة المعنفة من سوء المعاملة الأمنية والتطبيع مع العنف الزوجي ومحاولات الصلح.
وبينت أن قطع مؤسسات الدولة المعنية، الصلة والتعاون مع طيف كبير من المجتمع المدني المعني بالتعهد بالنساء ضحايا العنف يجعل من الصعب التعرف على وجهة نظر المؤسسة الأمنية من حيث الإنجازات أو العراقيل والصعوبات، فضلا عن ركود أعمال التنسيقيات الجهوية والتضييق عليها على مستوى نشاطها من قبل وزارة المرأة وكذلك على مستوى حضور أعضائها.
وحسب الدراسة، ثلث الضحايا فقط، أي 11 من الـ 32 ضحية موضوع الدرس، تمتعوا بوسيلة أمنية على معنى الفصل 26 من القانون عدد 58 ( حماية ). وكان ذلك بنقل الضحية إلى المستشفى أو إلى مركز إيواء أو إبعاد المعتدي بإيقافه، أما في البقية فتكتفي الفرقة المختصة إلى نصح الضحية بعدم العودة للبيت والذهاب إلى مكان آمن أو الاكتفاء بتمكينها من تسخير.
وتم إجراء الدراسة الميدانية المذكورة، في مرکز التعهد بالنساء ضحايا العنف الراجعة لجمعية المرأة والمواطنة بالكاف "مركز منارة" ومركز الإنصات والتوجيه لجمعية النساء الديمقراطيات وخليتي الإنصات بجمعية أصوات نساء والجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي التي تدير كذلك مركز إيواء. وتم اختيار هذه الجمعيات بوصفها من بين أهم الجمعيات المتخصصة في مجال التعهد بالنساء ضحايا العنف.
وبلع إجمالي الحالات 32 حالة، (20 )حالة من مركز المنارة بالكاف الراجع لجمعية المرأة والمواطنة (4)حالات من مركز الإنصات والتوجيه للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات و(8) حالات من "جمعية تامس". وكان الهدف القيام بمقارنة بين الجهتين على مستوى الحماية القضائية والوقوف على الإشكالات المتعلقة بتطبيق القانون عدد 58 في جانبه المدني المتعلق بتدابير الحماية. حيث تم تجميع 25 قرار حماية صادرة عن مختلف المحاكم الابتدائية بتونس الكبرى و26 قرار حماية صادرة عن المحكمة الابتدائية بالكاف.
وانقسمت الدراسة إلى ثلاثة أجزاء يهتم الجزء الأول بالحماية الأمنية للضحايا، والجزء الثاني يتعلق بالحماية القضائية للضحايا، والقسم الثالث يستعرض شهادتين لعائلتين تم فيهما قتل امرأتين نتيجة غياب الحماية.
وشمل الاستجواب 20 ضحية عنف زوجي في الكاف و12 ضحية عنف زوجي في تونس الكبرى. وحسب إفادة ضحايا العنف الزوجي، فقد تعرضن إلى كافة أنواع العنف ما عدا العنف السياسي. ويعتبر العنف المادي والمعنوي هو العنف الأكثر تواترا في الجهتين طبقا للمستجوبات، ويقوم العنف الزوجي على وجود فكرة الهيمنة والسيطرة والتحكم وخوف الضحايا من المعنفين.
وتعرض أغلب الضحايا إلى عنف خطير، تمثل في تهديد بالقتل ومحاولات قتل مثلا فتح قارورة الغاز، محاولات خنق بالأيدي، ضرب بالساطور على مستوى الرأس تهديد بالحرق، محاولة ذبح، تعذيب..
كما بينت الدراسة أن الإبلاغ عن العنف أو التشكي لا يترتب عنه بالضرورة إنهاء العنف أو تقلص من حدته أو من وتيرته نتيجة الخوف الصادر عن الشكاية بل أن وتيرة العنف تزداد حدة لتتخذ أحيانا أشكالا مختلفة وتصاعدية كالتهديد بالقتل، وتهديد بالانتقام من الضحية والأبناء وعدم الإنفاق على الزوجة والأطفال وهي ردة فعل على التشكي يثبت بها المعتدي إحكام سيطرته على الضحية.
وتخلص الجمعيات المستجوبة في جهتي الدراسة الكاف وتونس، إلى أن الفرق المختصة تشكو من العديد من الهنات التي تؤثر على حماية الضحايا. إذ أن العديد من الفرق المختصة عرفت تغييرا على مستوى رؤسائها أو أعوانها مما أدى إلى التقليص في عدد الأعوان أو تواجد أعوان جدد دون تكوين على مستوى قانون عدد 58. كما أن هناك عددا محدودا من النساء ضمن الوحدات المختصة والسواد الأكبر منها يشكو ترديا في ظروف العمل، أين نجد فرقا دون رؤساء، وعدد الأعوان محدود وغير كاف، وظروف عمل صعبة نتيجة نقص الإمكانيات المادية، فضلا عن تغلغل للفكر الذكوري وعدم معرفة بديناميكية العنف الزوجي الأمر الذي جعلهم لا يعطون الأهمية اللازمة لبعض وقائع العنف..
وتشير وفاء الوسلاتي إلى أن كل هذه الأسباب تؤثر سلبا على قيام الفرق المختصة بالتزاماتها المحمولة عليها بمقتضى قانون58 وعلى كيفية التعامل مع النساء ضحايا العنف خاصة على مستوى الحماية وعلى جودة الأبحاث مما يؤدى إلى الإفلات من العقاب والاعتقاد بالتسامح مع أفعال العنف خاصة الزوجي.
وتعتبر الدراسة، أن العنف وخاصة الزوجي لا يزال يشكل خطرا كبيرا يواجه النساء والفتيات في حياتهن اليومية ويدفعون ثمن ذلك حياتهن نتيجة فك الرابطة الزوجية أو العلاقة الحميمية السابقة أو الحاضرة أو نتيجة تراكمية العنف المسلط عليهن من قبل الزوج خاصة.
وترى أن جهود الدولة قد أظهرت قصورا في المعالجة أو الحد من جرائم العنف الزوجي ومن بينها قتل النساء، وبالرغم من وجود قانون عدد 58 فلازالت الخدمات الطبية، والقانونية والاجتماعية والأمنية وخبرات مقدمي الخدمات والعاملين الحكوميين في هذا المجال تتسم بالضعف، بالإضافة إلى افتقار نظام الإحالة إلى منهجية مؤسساتية محكمة وفعالة.
ورغم أن المشرع قد كفل حماية النساء من العنف بتكريس آليات حماية على المستوى الأمني والقضائي إلا أن عدم تطبيق أو سوء تطبيق آليات الحماية تجعل النساء في خطر مستمر يمكن أن ينعكس على حقهن في الحياة وفي العيش الآمن.
كما لا تزال النساء يتعرضن إلى العنف والمخاطر لسوء تقدير هذه الجهات لهن وعدم اعتمادها معيار الموضوعية لذلك وعدم تكوينها على ذلك مما يؤدي على قتل النساء.
وبعد ست سنوات على دخول القانون58 حيز النفاذ مازل هناك إشكال على مستوى تأويله وتطبيقه من الجهات الأمنية والقضائية، وكل المدة المذكورة لم تكن كافية لاكتساب المعرفة الكاملة حول تطبيق القانون وتغيير سلوكيات من يطبقه وعقليته.
وتقتضي حماية النساء، حسب توصيات الدراسة، تطبيق آليات الحماية وتكوين القضاة والأمنيين تكوينا مستمرا ورسكلتهم في مجالات مختلفة من بينها أساسا خصوصية العنف الزوجي ودينامكيته وإستراتيجية المعنف وآثاره على نفسية الضحايا وسلوكياتهن وكيفية تقدير المخاطر. وعلى الوزارات المعنية بالحماية أن تثمن الخبرات المكتسبة وتنأى عن نقلة الكفاءات وإلزامها بتطبيق كل البروتوكولات التي تم إعدادها مع المراقبة والمساءلة.
ريم سوودي
- الفرق المختصة تشكو نقصا في الإمكانيات والتكوين..
تونس الصباح
قدمت أمس جمعية المرأة والمواطنة بالكاف دراسة تحت عنوان "حماية النساء ضحايا العنف بين النص والواقع"، بينت خلالها قصورا ومحدودية في مستوى إنفاذ مؤسسات الدولة لإجراء الحماية الموجهة للنساء ضحايا العنف الزوجي ونص عليها القانون عدد 58.
وقالت وفاء الوسلاتي مديرة مشروع حماية النساء والوقاية من جرائم تقتيل النساء في تونس بجمعية المرأة والمواطنة بالكاف، أن النساء ضحايا العنف موضوع الدراسة في تونس والكاف، رغم التكوين الذي تلقاه أعوان ورؤساء الوحدات المختصة في كيفية استقبال الضحايا وسماعهن وتلقي الشكاوى، تعاني المرأة المعنفة من سوء المعاملة الأمنية والتطبيع مع العنف الزوجي ومحاولات الصلح.
وبينت أن قطع مؤسسات الدولة المعنية، الصلة والتعاون مع طيف كبير من المجتمع المدني المعني بالتعهد بالنساء ضحايا العنف يجعل من الصعب التعرف على وجهة نظر المؤسسة الأمنية من حيث الإنجازات أو العراقيل والصعوبات، فضلا عن ركود أعمال التنسيقيات الجهوية والتضييق عليها على مستوى نشاطها من قبل وزارة المرأة وكذلك على مستوى حضور أعضائها.
وحسب الدراسة، ثلث الضحايا فقط، أي 11 من الـ 32 ضحية موضوع الدرس، تمتعوا بوسيلة أمنية على معنى الفصل 26 من القانون عدد 58 ( حماية ). وكان ذلك بنقل الضحية إلى المستشفى أو إلى مركز إيواء أو إبعاد المعتدي بإيقافه، أما في البقية فتكتفي الفرقة المختصة إلى نصح الضحية بعدم العودة للبيت والذهاب إلى مكان آمن أو الاكتفاء بتمكينها من تسخير.
وتم إجراء الدراسة الميدانية المذكورة، في مرکز التعهد بالنساء ضحايا العنف الراجعة لجمعية المرأة والمواطنة بالكاف "مركز منارة" ومركز الإنصات والتوجيه لجمعية النساء الديمقراطيات وخليتي الإنصات بجمعية أصوات نساء والجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي التي تدير كذلك مركز إيواء. وتم اختيار هذه الجمعيات بوصفها من بين أهم الجمعيات المتخصصة في مجال التعهد بالنساء ضحايا العنف.
وبلع إجمالي الحالات 32 حالة، (20 )حالة من مركز المنارة بالكاف الراجع لجمعية المرأة والمواطنة (4)حالات من مركز الإنصات والتوجيه للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات و(8) حالات من "جمعية تامس". وكان الهدف القيام بمقارنة بين الجهتين على مستوى الحماية القضائية والوقوف على الإشكالات المتعلقة بتطبيق القانون عدد 58 في جانبه المدني المتعلق بتدابير الحماية. حيث تم تجميع 25 قرار حماية صادرة عن مختلف المحاكم الابتدائية بتونس الكبرى و26 قرار حماية صادرة عن المحكمة الابتدائية بالكاف.
وانقسمت الدراسة إلى ثلاثة أجزاء يهتم الجزء الأول بالحماية الأمنية للضحايا، والجزء الثاني يتعلق بالحماية القضائية للضحايا، والقسم الثالث يستعرض شهادتين لعائلتين تم فيهما قتل امرأتين نتيجة غياب الحماية.
وشمل الاستجواب 20 ضحية عنف زوجي في الكاف و12 ضحية عنف زوجي في تونس الكبرى. وحسب إفادة ضحايا العنف الزوجي، فقد تعرضن إلى كافة أنواع العنف ما عدا العنف السياسي. ويعتبر العنف المادي والمعنوي هو العنف الأكثر تواترا في الجهتين طبقا للمستجوبات، ويقوم العنف الزوجي على وجود فكرة الهيمنة والسيطرة والتحكم وخوف الضحايا من المعنفين.
وتعرض أغلب الضحايا إلى عنف خطير، تمثل في تهديد بالقتل ومحاولات قتل مثلا فتح قارورة الغاز، محاولات خنق بالأيدي، ضرب بالساطور على مستوى الرأس تهديد بالحرق، محاولة ذبح، تعذيب..
كما بينت الدراسة أن الإبلاغ عن العنف أو التشكي لا يترتب عنه بالضرورة إنهاء العنف أو تقلص من حدته أو من وتيرته نتيجة الخوف الصادر عن الشكاية بل أن وتيرة العنف تزداد حدة لتتخذ أحيانا أشكالا مختلفة وتصاعدية كالتهديد بالقتل، وتهديد بالانتقام من الضحية والأبناء وعدم الإنفاق على الزوجة والأطفال وهي ردة فعل على التشكي يثبت بها المعتدي إحكام سيطرته على الضحية.
وتخلص الجمعيات المستجوبة في جهتي الدراسة الكاف وتونس، إلى أن الفرق المختصة تشكو من العديد من الهنات التي تؤثر على حماية الضحايا. إذ أن العديد من الفرق المختصة عرفت تغييرا على مستوى رؤسائها أو أعوانها مما أدى إلى التقليص في عدد الأعوان أو تواجد أعوان جدد دون تكوين على مستوى قانون عدد 58. كما أن هناك عددا محدودا من النساء ضمن الوحدات المختصة والسواد الأكبر منها يشكو ترديا في ظروف العمل، أين نجد فرقا دون رؤساء، وعدد الأعوان محدود وغير كاف، وظروف عمل صعبة نتيجة نقص الإمكانيات المادية، فضلا عن تغلغل للفكر الذكوري وعدم معرفة بديناميكية العنف الزوجي الأمر الذي جعلهم لا يعطون الأهمية اللازمة لبعض وقائع العنف..
وتشير وفاء الوسلاتي إلى أن كل هذه الأسباب تؤثر سلبا على قيام الفرق المختصة بالتزاماتها المحمولة عليها بمقتضى قانون58 وعلى كيفية التعامل مع النساء ضحايا العنف خاصة على مستوى الحماية وعلى جودة الأبحاث مما يؤدى إلى الإفلات من العقاب والاعتقاد بالتسامح مع أفعال العنف خاصة الزوجي.
وتعتبر الدراسة، أن العنف وخاصة الزوجي لا يزال يشكل خطرا كبيرا يواجه النساء والفتيات في حياتهن اليومية ويدفعون ثمن ذلك حياتهن نتيجة فك الرابطة الزوجية أو العلاقة الحميمية السابقة أو الحاضرة أو نتيجة تراكمية العنف المسلط عليهن من قبل الزوج خاصة.
وترى أن جهود الدولة قد أظهرت قصورا في المعالجة أو الحد من جرائم العنف الزوجي ومن بينها قتل النساء، وبالرغم من وجود قانون عدد 58 فلازالت الخدمات الطبية، والقانونية والاجتماعية والأمنية وخبرات مقدمي الخدمات والعاملين الحكوميين في هذا المجال تتسم بالضعف، بالإضافة إلى افتقار نظام الإحالة إلى منهجية مؤسساتية محكمة وفعالة.
ورغم أن المشرع قد كفل حماية النساء من العنف بتكريس آليات حماية على المستوى الأمني والقضائي إلا أن عدم تطبيق أو سوء تطبيق آليات الحماية تجعل النساء في خطر مستمر يمكن أن ينعكس على حقهن في الحياة وفي العيش الآمن.
كما لا تزال النساء يتعرضن إلى العنف والمخاطر لسوء تقدير هذه الجهات لهن وعدم اعتمادها معيار الموضوعية لذلك وعدم تكوينها على ذلك مما يؤدي على قتل النساء.
وبعد ست سنوات على دخول القانون58 حيز النفاذ مازل هناك إشكال على مستوى تأويله وتطبيقه من الجهات الأمنية والقضائية، وكل المدة المذكورة لم تكن كافية لاكتساب المعرفة الكاملة حول تطبيق القانون وتغيير سلوكيات من يطبقه وعقليته.
وتقتضي حماية النساء، حسب توصيات الدراسة، تطبيق آليات الحماية وتكوين القضاة والأمنيين تكوينا مستمرا ورسكلتهم في مجالات مختلفة من بينها أساسا خصوصية العنف الزوجي ودينامكيته وإستراتيجية المعنف وآثاره على نفسية الضحايا وسلوكياتهن وكيفية تقدير المخاطر. وعلى الوزارات المعنية بالحماية أن تثمن الخبرات المكتسبة وتنأى عن نقلة الكفاءات وإلزامها بتطبيق كل البروتوكولات التي تم إعدادها مع المراقبة والمساءلة.