إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التجارة الخارجية التونسية تسجل تحسنا.. العجز التجاري يتراجع إلى 11.9 مليار دينار.. والصادرات تقفز الى 41 مليار دينار

تونس- الصباح

شهد العجز التجاري في تونس تراجعًا واضحًا، خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، حيث بلغ 11,924 مليون دينار تونسي، مقارنة بـ12,191 مليون دينار مع نهاية شهر أوت 2023 . هذا ما أعلنه المعهد الوطني للإحصاء في بيان رسمي صدر مؤخرا، حيث أشار إلى أن هذا التراجع يعد إشارة إيجابية على تحسن نسبي في ميزان التجارة الخارجية للبلاد.

بالتوازي مع تراجع العجز التجاري، شهد معدل التغطية تحسنًا ملحوظًا. فقد ارتفع بمقدار 0.8 نقطة مائوية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ليصل إلى 77.7٪. يُعزى هذا التحسن إلى الزيادة الطفيفة في حجم الصادرات مقابل الزيادة الضئيلة في الواردات، مما ساهم في تقليص الفجوة بين الإيرادات والنفقات التجارية.

أداء متباين للصادرات

في ما يتعلق بالصادرات، فقد سجلت زيادة بنسبة 2.1٪ خلال الفترة ما بين جانفي وأوت من عام 2024 . وبلغ إجمالي قيمة الصادرات 41,512 مليون دينار، مقارنة بـ40,639 مليون دينار في نفس الفترة من العام الماضي. إلا أن هذا النمو في الصادرات يُعد أقل بكثير مقارنة بنموها في نفس الفترة من عام 2022، حيث بلغت نسبة الزيادة حينها 10.1٪.

من أبرز العوامل التي ساهمت في تعزيز الصادرات التونسية هو قطاع الصناعات الغذائية الزراعية. فقد ارتفعت صادرات هذا القطاع بنسبة 33٪، مدفوعة بزيادة كبيرة في مبيعات زيت الزيتون 3818 مليون دينار، كما شهد قطاع الطاقة زيادة في صادراته بنسبة 20.7٪، فيما حافظ قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية على نمو طفيف بلغ 1٪.

تراجع في بعض القطاعات التصديرية

على الرغم من التحسن في بعض القطاعات، شهدت صادرات قطاعات أخرى تراجعًا ملحوظًا. فقد انخفضت صادرات قطاع التعدين والفسفاط والمشتقات بنسبة 29.6٪، وهو ما يعكس تحديات تواجهها هذه القطاعات التي تُعد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد التونسي. كما سجل قطاع المنسوجات والملابس والجلود انخفاضًا بنسبة 6.2٪، وهو ما يُظهر تأثير التغيرات في الطلب العالمي والمنافسة المتزايدة في هذه الأسواق.

الواردات تسجل زيادة طفيفة

على صعيد الواردات، شهدت الفترة نفسها زيادة بنسبة 1.1٪، حيث بلغت قيمة الواردات 53,436 مليون دينار، مقارنة بـ52,831 مليون دينار في نهاية أوت 2023 . ويُعد هذا النمو في الواردات انعكاسًا لتحسن الطلب المحلي على بعض السلع الاستهلاكية.

تُعزى الزيادة في الواردات بشكل أساسي إلى ارتفاع واردات منتجات الطاقة بنسبة 16.6٪، وهو ما يعد انعكاسًا لارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، بالإضافة إلى زيادة الواردات من السلع الرأسمالية بنسبة 2.5٪ والسلع الاستهلاكية بنسبة 4.7٪. في المقابل، شهدت واردات المواد الخام والمنتجات شبه المصنعة انخفاضًا بنسبة 5.5٪، مما قد يشير إلى تباطؤ في بعض الأنشطة الصناعية داخل البلاد.

العجز التجاري مع الشركاء التجاريين

يُظهر توزيع العجز التجاري التونسي حسب الدول أن تونس تواجه تحديات كبيرة في ميزانها التجاري مع بعض الدول. فقد سجلت البلاد عجزًا كبيرًا مع الصين، بلغ 5,588 مليون دينار، وهو أعلى عجز مسجل مع أي دولة. كما سجلت تونس عجزًا مع روسيا بلغ 4,032 مليون دينار، ومع الجزائر 2,525 مليون دينار، ومع تركيا 1,724 مليون دينار. كما سجل العجز التجاري مع أوكرانيا واليونان نسبًا مرتفعة.

في المقابل، حققت تونس فائضًا تجاريًا مع عدد من الدول. كان أبرزها مع فرنسا، حيث بلغ الفائض 3,513 مليون دينار، تلتها ألمانيا بفائض بلغ 1,479 مليون دينار، وإيطاليا بـ1,384 مليون دينار. كما سجلت تونس فائضًا مع دول الجوار، مثل ليبيا بـ1,422 مليون دينار، والمغرب بـ136.1 مليون دينار. يُظهر هذا التباين في الميزان التجاري أن تونس تعتمد بشكل كبير على بعض الأسواق لتصدير منتجاتها، في حين تعتمد على استيراد العديد من المواد الأساسية من دول أخرى.

من المهم الإشارة إلى أن العجز التجاري التونسي يتأثر بشكل كبير بالتغيرات في أسعار وكمية واردات الطاقة. فإذا ما تم استثناء قطاع الطاقة من الحسابات، ينخفض العجز التجاري إلى 4,418 مليون دينار فقط، وهو ما يعني أن جزءًا كبيرًا من العجز الكلي ناتج عن واردات الطاقة.

وبلغ عجز ميزان الطاقة وحده 7,505 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، مقارنة بـ6,513 مليون دينار في نفس الفترة من عام 2023. يعكس هذا الارتفاع في العجز الطاقي زيادة الاعتماد على واردات الطاقة في ظل التذبذب في أسعار النفط والغاز عالميًا.

تحديات اقتصادية

يبدو أن الاقتصاد التونسي يواجه تحديات متزايدة في تحسين ميزانه التجاري، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية التي تؤثر على أسعار المنتجات الأساسية مثل الطاقة والمواد الخام. ومع ذلك، فإن تحسن بعض القطاعات التصديرية مثل الصناعات الغذائية الزراعية والطاقة قد يكون مؤشرًا إيجابيًا على قدرة الاقتصاد التونسي على التكيف مع هذه التحديات.

على المدى المتوسط، قد تحتاج تونس إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز قطاعاتها الإنتاجية، سواء من خلال تحسين كفاءة الصناعات القائمة أو من خلال تنويع مصادر الدخل القومي عبر تشجيع الاستثمار في قطاعات جديدة. كما قد يكون من الضروري التركيز على تقليل الاعتماد على الواردات، خاصة في مجالات الطاقة، من خلال تعزيز استخدام الطاقات المتجددة وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة داخل البلاد.

وإجمالا، يُظهر تراجع العجز التجاري التونسي خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 بعض التحسن في أداء الاقتصاد التونسي، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق توازن تجاري مستدام، وهو ما يتطلب جهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية، سواء على مستوى الحكومة أو القطاع الخاص.

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التجارة الخارجية التونسية تسجل تحسنا..   العجز التجاري يتراجع إلى 11.9 مليار دينار..  والصادرات تقفز الى 41 مليار دينار

تونس- الصباح

شهد العجز التجاري في تونس تراجعًا واضحًا، خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، حيث بلغ 11,924 مليون دينار تونسي، مقارنة بـ12,191 مليون دينار مع نهاية شهر أوت 2023 . هذا ما أعلنه المعهد الوطني للإحصاء في بيان رسمي صدر مؤخرا، حيث أشار إلى أن هذا التراجع يعد إشارة إيجابية على تحسن نسبي في ميزان التجارة الخارجية للبلاد.

بالتوازي مع تراجع العجز التجاري، شهد معدل التغطية تحسنًا ملحوظًا. فقد ارتفع بمقدار 0.8 نقطة مائوية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ليصل إلى 77.7٪. يُعزى هذا التحسن إلى الزيادة الطفيفة في حجم الصادرات مقابل الزيادة الضئيلة في الواردات، مما ساهم في تقليص الفجوة بين الإيرادات والنفقات التجارية.

أداء متباين للصادرات

في ما يتعلق بالصادرات، فقد سجلت زيادة بنسبة 2.1٪ خلال الفترة ما بين جانفي وأوت من عام 2024 . وبلغ إجمالي قيمة الصادرات 41,512 مليون دينار، مقارنة بـ40,639 مليون دينار في نفس الفترة من العام الماضي. إلا أن هذا النمو في الصادرات يُعد أقل بكثير مقارنة بنموها في نفس الفترة من عام 2022، حيث بلغت نسبة الزيادة حينها 10.1٪.

من أبرز العوامل التي ساهمت في تعزيز الصادرات التونسية هو قطاع الصناعات الغذائية الزراعية. فقد ارتفعت صادرات هذا القطاع بنسبة 33٪، مدفوعة بزيادة كبيرة في مبيعات زيت الزيتون 3818 مليون دينار، كما شهد قطاع الطاقة زيادة في صادراته بنسبة 20.7٪، فيما حافظ قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية على نمو طفيف بلغ 1٪.

تراجع في بعض القطاعات التصديرية

على الرغم من التحسن في بعض القطاعات، شهدت صادرات قطاعات أخرى تراجعًا ملحوظًا. فقد انخفضت صادرات قطاع التعدين والفسفاط والمشتقات بنسبة 29.6٪، وهو ما يعكس تحديات تواجهها هذه القطاعات التي تُعد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد التونسي. كما سجل قطاع المنسوجات والملابس والجلود انخفاضًا بنسبة 6.2٪، وهو ما يُظهر تأثير التغيرات في الطلب العالمي والمنافسة المتزايدة في هذه الأسواق.

الواردات تسجل زيادة طفيفة

على صعيد الواردات، شهدت الفترة نفسها زيادة بنسبة 1.1٪، حيث بلغت قيمة الواردات 53,436 مليون دينار، مقارنة بـ52,831 مليون دينار في نهاية أوت 2023 . ويُعد هذا النمو في الواردات انعكاسًا لتحسن الطلب المحلي على بعض السلع الاستهلاكية.

تُعزى الزيادة في الواردات بشكل أساسي إلى ارتفاع واردات منتجات الطاقة بنسبة 16.6٪، وهو ما يعد انعكاسًا لارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، بالإضافة إلى زيادة الواردات من السلع الرأسمالية بنسبة 2.5٪ والسلع الاستهلاكية بنسبة 4.7٪. في المقابل، شهدت واردات المواد الخام والمنتجات شبه المصنعة انخفاضًا بنسبة 5.5٪، مما قد يشير إلى تباطؤ في بعض الأنشطة الصناعية داخل البلاد.

العجز التجاري مع الشركاء التجاريين

يُظهر توزيع العجز التجاري التونسي حسب الدول أن تونس تواجه تحديات كبيرة في ميزانها التجاري مع بعض الدول. فقد سجلت البلاد عجزًا كبيرًا مع الصين، بلغ 5,588 مليون دينار، وهو أعلى عجز مسجل مع أي دولة. كما سجلت تونس عجزًا مع روسيا بلغ 4,032 مليون دينار، ومع الجزائر 2,525 مليون دينار، ومع تركيا 1,724 مليون دينار. كما سجل العجز التجاري مع أوكرانيا واليونان نسبًا مرتفعة.

في المقابل، حققت تونس فائضًا تجاريًا مع عدد من الدول. كان أبرزها مع فرنسا، حيث بلغ الفائض 3,513 مليون دينار، تلتها ألمانيا بفائض بلغ 1,479 مليون دينار، وإيطاليا بـ1,384 مليون دينار. كما سجلت تونس فائضًا مع دول الجوار، مثل ليبيا بـ1,422 مليون دينار، والمغرب بـ136.1 مليون دينار. يُظهر هذا التباين في الميزان التجاري أن تونس تعتمد بشكل كبير على بعض الأسواق لتصدير منتجاتها، في حين تعتمد على استيراد العديد من المواد الأساسية من دول أخرى.

من المهم الإشارة إلى أن العجز التجاري التونسي يتأثر بشكل كبير بالتغيرات في أسعار وكمية واردات الطاقة. فإذا ما تم استثناء قطاع الطاقة من الحسابات، ينخفض العجز التجاري إلى 4,418 مليون دينار فقط، وهو ما يعني أن جزءًا كبيرًا من العجز الكلي ناتج عن واردات الطاقة.

وبلغ عجز ميزان الطاقة وحده 7,505 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، مقارنة بـ6,513 مليون دينار في نفس الفترة من عام 2023. يعكس هذا الارتفاع في العجز الطاقي زيادة الاعتماد على واردات الطاقة في ظل التذبذب في أسعار النفط والغاز عالميًا.

تحديات اقتصادية

يبدو أن الاقتصاد التونسي يواجه تحديات متزايدة في تحسين ميزانه التجاري، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية التي تؤثر على أسعار المنتجات الأساسية مثل الطاقة والمواد الخام. ومع ذلك، فإن تحسن بعض القطاعات التصديرية مثل الصناعات الغذائية الزراعية والطاقة قد يكون مؤشرًا إيجابيًا على قدرة الاقتصاد التونسي على التكيف مع هذه التحديات.

على المدى المتوسط، قد تحتاج تونس إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز قطاعاتها الإنتاجية، سواء من خلال تحسين كفاءة الصناعات القائمة أو من خلال تنويع مصادر الدخل القومي عبر تشجيع الاستثمار في قطاعات جديدة. كما قد يكون من الضروري التركيز على تقليل الاعتماد على الواردات، خاصة في مجالات الطاقة، من خلال تعزيز استخدام الطاقات المتجددة وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة داخل البلاد.

وإجمالا، يُظهر تراجع العجز التجاري التونسي خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 بعض التحسن في أداء الاقتصاد التونسي، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق توازن تجاري مستدام، وهو ما يتطلب جهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية، سواء على مستوى الحكومة أو القطاع الخاص.

سفيان المهداوي