إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ماذا عن حدود مسؤولية لجنة التحاليل المالية في الرقابة.. مرة أخرى مخاوف من التمويلات المشبوهة للجمعيات

 

تونس-الصباح

من جديد تتضمن تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد اتهامات لعدد من الجمعيات بتلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة وأيضا انتقادات ضمنية للجنة التحاليل المالية بعدم قيامها بواجب مراقبة وتتبع تلك الأموال المشبوهة.

مناسبة الحديث هذه المرة كانت عند استقبل رئيس الجمهورية يوم الاثنين الفارط، محافظ البنك المركزي فتحى زهير النوري الذي سلم رئيس الدولة التقرير السنوي للجنة الوطنية للتحاليل المالية حيث تضمن بلاغ رئاسة الجمهورية حول فحوى اللقاء أن " أحد الجمعيات تلقت إلى غاية يوم 28 من الشهر المنقضي مبلغ 9.579.908.300 دينارا وأخرى تلقت مبلغا يساوي 255.512.250 دينارا وفق عديد المؤيدات".

و شدّد رئيس الجمهورية بالمناسبة على ضرورة أن تقوم لجنة التحاليل المالية "بدورها كاملا خاصة وأن عديد الجمعيات تتلقى مبالغ خيالية من الخارج وتتولى تمويل عدد من الجهات التي تضخّ بدورها هذه الأموال لأغراض سياسية مفضوحة في خرق تام للقانون وفي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس".

انتقادات متواصلة

ليست هذه المرة الأولى التي يوجه فيها رئيس الجمهورية أصابع النقد واللوم للجنة التحاليل المالية معتبرا أنا مقصرة في واجبها في مراقبة تدفق الأموال المشبوهة من الخارج.

ففي وقت سابق وتحديدا في شهر سبتمبر من السنة الفارطة وخلال زيارة لمقر البنك المركزي اعتبر الرئيس، أن لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي لم تقم بدورها على الوجه المطلوب قائلا إن "التحويلات المالية التي وصلت إلى مدينة صفاقس عن طريق البريد التونسي فقط قد بلغت 33 مليارا من المليمات بين 1 جانفي و1 جوان الماضيين دون احتساب التحويلات التي تمر عبر البنوك، وكان من المفروض أن تقوم اللجنة بالبحث عن مصدر هذه الأموال".

ودعا حينها رئيس الجمهورية لجنة التحاليل المالية إلى تشديد "المراقبة على الأموال التي تتلقاها الجمعيات من جهات خارجية فضلا عن الأموال التي يتم ضخها من الخارج لفائدة أحزاب سياسية"، مضيفا "جمعيات في ظاهرها ما يسمى بالمجتمع المدني ويتم تمويلها من الخارج.. وفي الواقع هي امتداد لأحزاب سياسية وتقوم بتوجيه الأموال التي تضخ لها من الخارج لهذه الأحزاب".

كذلك في افريل الفارط وخلال لقائه مع محافظ البنك المركزي، فتحي زهير النوري، تعرض رئيس الجمهورية قيس سعيد مرة أخرى لموضوع التمويلات الخارجية المشبوهة مؤكدا على "ضرورة مضاعفة الجهود من قبل لجنة التحاليل المالية لوضع حد للتمويلات غير الشرعية التي تستفيد منها جهات اختارت الارتماء في أحضان من يسعى في الخارج إلى زعزعة الاستقرار في تونس".

وقبل ذلك في مارس الفارط كانت أيضا التمويلات الخارجية المشبوهة وتحميل المسؤولية للجنة التحاليل المالية في التصدي لهذه الممارسات،حاضرة في اجتماع ضم كلا من أحمد الحشاني، رئيس الحكومة السابق، وليلى جفال، وزيرة العدل، وسهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية، وفتحي زهير النوري، محافظ البنك المركزي، حيث دعا رئيس الجمهورية محافظ البنك المركزي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة في مستوى لجنة التحاليل المالية لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على الجمعيات من الخارج من دوائر مشبوهة. مضيفا أن "الشعب التونسي لا يقبل بأن يتدخل في شأنه أحد بأي شكل من الأشكال لا بصفة صريحة ولا تحت جنح الظلام".

مسؤوليات لجنة التحاليل المالية

في المقابل وفي كل مرة يطرح فيها موضوع التمويلات المشبوهة للجمعيات وتحميل المسؤولية للجنة التحاليل المالية يطرح فيها بالتوازي مدى قدرة هذه اللجنة على تأمين الرقابة المطلوبة لاسيما وأن مختصين في المجال أكدوا محدودية هذه الرقابة بمقتضى القانون. ووجود خلط لدى البعض بين جرائم الصرف وغسيل الأموال وأن اللجنة لا يخول لها القانون التحرك إلا أذا تم إشعارها بوجود شبهة.

وقد صرح سابقا بهذا الخصوص سمير البراهيمي، أول كاتب عام للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي قائلا في تصريح إذاعي إن "اللجنة لا تتحرك إلا عندما يصلها تصريح من المؤسسات المالية الناشطة في مجال المصارف أو البورصة أو التأمين أو المجالات غير المالية المعمول بها دوليا بشبهة غسل أموال أو تمويل إرهاب".

وأكد أيضا ممثلون عن البنك المركزي واللجنة التونسية للتحاليل المالية، في أفريل الفارط خلال مشاركتهم في جلسة عقدتها لجنة الحقوق والحريات للاستماع بخصوص مقترح قانون أساسي يتعلّق بتنظيم الجمعيات،أن "دور البنك المركزي في مراقبة نشاط الجمعيات يقتصر بالخصوص على تجميع المعطيات التي لها علاقة مباشرة بمهامه مبرزين أن الرقابة على تمويل الجمعيات لا تندرج ضمن صلاحيات البنك وأنه تبعا لذلك لا يمكن للحسابات المصرفية التابعة للجمعيات أن تكون خاضعة بالكامل لرقابته".

كما شدد ممثلو البنك المركزي على ضرورة "تفادي تشتيت الرقابة لضمان نجاعتها مقترحين التفريق بين الواجبات المحمولة على البنوك ودور البنك المركزي كسلطة رقابية وتعديلية وقيام الخبير المحاسب بدوره الأساسي في الرقابة في مرحلة أولى".

 وتجدر الإشارة إلى أنه تم إطلاق جملة من المبادرات لمراقبة التمويلات المشبوهة على غرار إطلاق لجنة التحاليل الماليّة التابعة للبنك المركزي في 2021 منصّة « حنبعل » المخصّصة لتبادل المعلومات بشكل حيني بهدف مراقبة تدفق الأوراق الماليّة الأجنبيّة في تونس .

وأشار حينها الكاتب العام للجنة التونسية للتحاليل المالية لطفي حشيشة إلى أن مشروع المنصّة سيسمح في إعطاء فكرة محدّدة بشأن القيمة الجمليّة للعملة الأجنبيّة المورّدة، والتّي لم يتم تسوية وضعيتها طبقا لإجراءات الصرف سارية المفعول.

يذكر انه تم إحداث اللجنة التونسية للتحاليل المالية بالقانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال الذي اسند لها إلى جانب صلاحياتها العامة في المجال، تلقي التصاريح حول العمليات والمعاملات المسترابة أو غير الاعتيادية وتحليلها والإعلام بمآلها وذلك مع إمكانية الإذن مؤقتا للمصرح بتجميد الأموال موضوع التصريح ووضعها بحساب انتظار.

م.ي

 

 

 

 

 

ماذا عن حدود مسؤولية لجنة التحاليل المالية في الرقابة..   مرة أخرى مخاوف من التمويلات المشبوهة للجمعيات

 

تونس-الصباح

من جديد تتضمن تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد اتهامات لعدد من الجمعيات بتلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة وأيضا انتقادات ضمنية للجنة التحاليل المالية بعدم قيامها بواجب مراقبة وتتبع تلك الأموال المشبوهة.

مناسبة الحديث هذه المرة كانت عند استقبل رئيس الجمهورية يوم الاثنين الفارط، محافظ البنك المركزي فتحى زهير النوري الذي سلم رئيس الدولة التقرير السنوي للجنة الوطنية للتحاليل المالية حيث تضمن بلاغ رئاسة الجمهورية حول فحوى اللقاء أن " أحد الجمعيات تلقت إلى غاية يوم 28 من الشهر المنقضي مبلغ 9.579.908.300 دينارا وأخرى تلقت مبلغا يساوي 255.512.250 دينارا وفق عديد المؤيدات".

و شدّد رئيس الجمهورية بالمناسبة على ضرورة أن تقوم لجنة التحاليل المالية "بدورها كاملا خاصة وأن عديد الجمعيات تتلقى مبالغ خيالية من الخارج وتتولى تمويل عدد من الجهات التي تضخّ بدورها هذه الأموال لأغراض سياسية مفضوحة في خرق تام للقانون وفي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس".

انتقادات متواصلة

ليست هذه المرة الأولى التي يوجه فيها رئيس الجمهورية أصابع النقد واللوم للجنة التحاليل المالية معتبرا أنا مقصرة في واجبها في مراقبة تدفق الأموال المشبوهة من الخارج.

ففي وقت سابق وتحديدا في شهر سبتمبر من السنة الفارطة وخلال زيارة لمقر البنك المركزي اعتبر الرئيس، أن لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي لم تقم بدورها على الوجه المطلوب قائلا إن "التحويلات المالية التي وصلت إلى مدينة صفاقس عن طريق البريد التونسي فقط قد بلغت 33 مليارا من المليمات بين 1 جانفي و1 جوان الماضيين دون احتساب التحويلات التي تمر عبر البنوك، وكان من المفروض أن تقوم اللجنة بالبحث عن مصدر هذه الأموال".

ودعا حينها رئيس الجمهورية لجنة التحاليل المالية إلى تشديد "المراقبة على الأموال التي تتلقاها الجمعيات من جهات خارجية فضلا عن الأموال التي يتم ضخها من الخارج لفائدة أحزاب سياسية"، مضيفا "جمعيات في ظاهرها ما يسمى بالمجتمع المدني ويتم تمويلها من الخارج.. وفي الواقع هي امتداد لأحزاب سياسية وتقوم بتوجيه الأموال التي تضخ لها من الخارج لهذه الأحزاب".

كذلك في افريل الفارط وخلال لقائه مع محافظ البنك المركزي، فتحي زهير النوري، تعرض رئيس الجمهورية قيس سعيد مرة أخرى لموضوع التمويلات الخارجية المشبوهة مؤكدا على "ضرورة مضاعفة الجهود من قبل لجنة التحاليل المالية لوضع حد للتمويلات غير الشرعية التي تستفيد منها جهات اختارت الارتماء في أحضان من يسعى في الخارج إلى زعزعة الاستقرار في تونس".

وقبل ذلك في مارس الفارط كانت أيضا التمويلات الخارجية المشبوهة وتحميل المسؤولية للجنة التحاليل المالية في التصدي لهذه الممارسات،حاضرة في اجتماع ضم كلا من أحمد الحشاني، رئيس الحكومة السابق، وليلى جفال، وزيرة العدل، وسهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية، وفتحي زهير النوري، محافظ البنك المركزي، حيث دعا رئيس الجمهورية محافظ البنك المركزي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة في مستوى لجنة التحاليل المالية لمراقبة مصادر الأموال التي تتدفق على الجمعيات من الخارج من دوائر مشبوهة. مضيفا أن "الشعب التونسي لا يقبل بأن يتدخل في شأنه أحد بأي شكل من الأشكال لا بصفة صريحة ولا تحت جنح الظلام".

مسؤوليات لجنة التحاليل المالية

في المقابل وفي كل مرة يطرح فيها موضوع التمويلات المشبوهة للجمعيات وتحميل المسؤولية للجنة التحاليل المالية يطرح فيها بالتوازي مدى قدرة هذه اللجنة على تأمين الرقابة المطلوبة لاسيما وأن مختصين في المجال أكدوا محدودية هذه الرقابة بمقتضى القانون. ووجود خلط لدى البعض بين جرائم الصرف وغسيل الأموال وأن اللجنة لا يخول لها القانون التحرك إلا أذا تم إشعارها بوجود شبهة.

وقد صرح سابقا بهذا الخصوص سمير البراهيمي، أول كاتب عام للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي قائلا في تصريح إذاعي إن "اللجنة لا تتحرك إلا عندما يصلها تصريح من المؤسسات المالية الناشطة في مجال المصارف أو البورصة أو التأمين أو المجالات غير المالية المعمول بها دوليا بشبهة غسل أموال أو تمويل إرهاب".

وأكد أيضا ممثلون عن البنك المركزي واللجنة التونسية للتحاليل المالية، في أفريل الفارط خلال مشاركتهم في جلسة عقدتها لجنة الحقوق والحريات للاستماع بخصوص مقترح قانون أساسي يتعلّق بتنظيم الجمعيات،أن "دور البنك المركزي في مراقبة نشاط الجمعيات يقتصر بالخصوص على تجميع المعطيات التي لها علاقة مباشرة بمهامه مبرزين أن الرقابة على تمويل الجمعيات لا تندرج ضمن صلاحيات البنك وأنه تبعا لذلك لا يمكن للحسابات المصرفية التابعة للجمعيات أن تكون خاضعة بالكامل لرقابته".

كما شدد ممثلو البنك المركزي على ضرورة "تفادي تشتيت الرقابة لضمان نجاعتها مقترحين التفريق بين الواجبات المحمولة على البنوك ودور البنك المركزي كسلطة رقابية وتعديلية وقيام الخبير المحاسب بدوره الأساسي في الرقابة في مرحلة أولى".

 وتجدر الإشارة إلى أنه تم إطلاق جملة من المبادرات لمراقبة التمويلات المشبوهة على غرار إطلاق لجنة التحاليل الماليّة التابعة للبنك المركزي في 2021 منصّة « حنبعل » المخصّصة لتبادل المعلومات بشكل حيني بهدف مراقبة تدفق الأوراق الماليّة الأجنبيّة في تونس .

وأشار حينها الكاتب العام للجنة التونسية للتحاليل المالية لطفي حشيشة إلى أن مشروع المنصّة سيسمح في إعطاء فكرة محدّدة بشأن القيمة الجمليّة للعملة الأجنبيّة المورّدة، والتّي لم يتم تسوية وضعيتها طبقا لإجراءات الصرف سارية المفعول.

يذكر انه تم إحداث اللجنة التونسية للتحاليل المالية بالقانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال الذي اسند لها إلى جانب صلاحياتها العامة في المجال، تلقي التصاريح حول العمليات والمعاملات المسترابة أو غير الاعتيادية وتحليلها والإعلام بمآلها وذلك مع إمكانية الإذن مؤقتا للمصرح بتجميد الأموال موضوع التصريح ووضعها بحساب انتظار.

م.ي