شهد قطاع السياحة في تونس خلال الفترة الأخيرة تحسنًا ملحوظًا، حيث تجاوزت إيرادات هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد التونسي حاجز 5 مليار دينار تونسي. هذا التطور يعكس انتعاشًا تدريجيًا بعد سنوات من التحديات الاقتصادية والأمنية والصحية التي أثرت سلبًا على السياحة في البلاد. وبلغت إيرادات السياحة التونسية الى غاية 10 سبتمبر الجاري أكثر من 5137 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بقيمة 345 مليون دينار عن نفس الفترة في السنة الماضية.
ولطالما كانت السياحة قطاعًا رئيسيًا في الاقتصاد التونسي، إلا أن تونس واجهت تحديات كبيرة بعد الثورة في عام 2011، حيث انخفضت أعداد السياح بشكل ملحوظ نتيجة المخاوف الأمنية والتوترات السياسية. على الرغم من ذلك، بدأت الأمور في التحسن تدريجيًا مع استعادة الاستقرار النسبي، مما ساهم في عودة السياح وارتفاع إيرادات القطاع.
وفقًا لآخر المعطيات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي التونسي، فإن إيرادات السياحة قد تجاوزت 5 مليار دينار مع بداية الشهر الجاري. هذا الرقم يمثل تحسنًا كبيرًا مقارنة بالسنوات السابقة التي شهدت انخفاضًا في الإيرادات نتيجة للأزمات الأمنية والصحية والاقتصادية التي مرت بها البلاد.
ويعود هذا الانتعاش إلى عدة عوامل، من بينها تحسن الوضع الأمني، حيث بعد سنوات من التوترات، تحسنت الأوضاع الأمنية في معظم المناطق السياحية الرئيسية، مما أعطى السائحين ثقة أكبر في زيارة تونس.
كما قامت الحكومة التونسية والقطاع الخاص بحملات ترويجية مكثفة داخل وخارج البلاد، منذ القضاء على جائحة كوفيد-19 في البلاد لاستعادة ثقة السياح العالميين، بالإضافة الى تنويع العروض السياحية، حيث لم تعد السياحة في تونس مقتصرة على الشواطئ فقط، بل شهدت تنوعًا كبيرًا في العروض السياحية التي تشمل السياحة الثقافية، والبيئية، والصحية، وحتى الرياضية، فضلا عن استعادة الأسواق التقليدية، بعد فترة من الانقطاع، حيث بدأت الأسواق التقليدية مثل السوق الأوروبية تستعيد نشاطها، إذ زاد عدد الوافدين من دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
انعكاسات على الميزانية العامة
وساهم ارتفاع إيرادات السياحة إلى أكثر من 5 مليار دينار في انعكاسات إيجابية كبيرة على الميزانية العامة للدولة، حيث زادات العائدات الضريبية، سواء من خلال الضرائب المباشرة (مثل الضرائب على الشركات السياحية) أو الضرائب غير المباشرة (مثل الضرائب على الخدمات والمنتجات المقدمة للسياح).
هذه العائدات تساعد في تعزيز الموارد المالية للحكومة، كما من شأنها أن تقليص العجز في الميزانية العامة، مما يسهم في تقليص الاعتماد على القروض الخارجية وتقليل الضغط على الدين العام.
ومع توفر موارد مالية إضافية، تستطيع الحكومة توجيه جزء من هذه الأموال للاستثمار في البنية التحتية السياحية مثل تطوير المطارات، وتحسين الطرق، وبناء فنادق جديدة، مما يساهم في تحسين تجربة السياح وزيادة فرص جذب المزيد منهم، علما وأن السياحة لا تعمل بمعزل عن بقية القطاعات، بل إنها تساهم في دعم قطاعات أخرى مثل النقل، والتجارة، والحرف اليدوية. وبالتالي، فإن زيادة إيرادات السياحة تساهم في زيادة نشاط هذه القطاعات أيضًا، مما يعود بالفائدة على الاقتصاد ككل.
تأثير على النشاط الاقتصادي
إن انتعاش القطاع السياحي يعزز بشكل كبير النمو الاقتصادي في تونس. يمكن تلخيص تأثير ارتفاع إيرادات السياحة على الاقتصاد في عديد النقاط، أهمها خلق فرص عمل، حيث تعد السياحة واحدة من أكبر القطاعات التي توفر فرص عمل في تونس. مع انتعاش القطاع وارتفاع الإيرادات، تم إنشاء العديد من الوظائف الجديدة في الفنادق، والمطاعم، ووكالات السفر، والنقل، مما يساعد في تخفيض نسبة البطالة، الى جانب تحفيز الاستثمارات، حيث أن ارتفاع إيرادات السياحة يجعل تونس وجهة جذابة للمستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب. هذا يشجع على إقامة مشاريع جديدة في القطاع، مثل بناء فنادق ومنتجعات جديدة، وتطوير المناطق السياحية.
كذلك يساعد ارتفاع عائدات السياحة في تحسين الميزان التجاري للبلاد، حيث تعتبر السياحة مصدرًا هامًا للعملة الصعبة. هذا يساهم في دعم سعر صرف الدينار التونسي وتقليل الضغط على الاحتياطات النقدية، فضلا عن تنمية المناطق الداخلية، حيث لا تقتصر السياحة في تونس على المدن الساحلية فقط، بل تشمل المناطق الداخلية أيضًا، مثل الجنوب التونسي والمناطق الجبلية. مع زيادة الإيرادات، يتم توجيه جزء من هذه الأموال لتنمية هذه المناطق وتحسين بنيتها التحتية، مما يساهم في تقليص الفوارق التنموية بين الجهات.
وشهدت تونس في العام 2023، زيادة ملحوظة في عدد الوافدين، حيث تجاوز عدد السياح 9 ملايين سائح مما يمثل ارتفاعا كبيرا مقارنة بالسنوات السابقة. تأتي هذه الزيادة نتيجة لتحسن الوضع الأمني والترويجي، بالإضافة إلى التسهيلات التي قدمتها الحكومة للسياح، مثل تسهيل إجراءات التأشيرات وتحسين الخدمات السياحية.
كما بلغ عدد زوار تونس خلال النصف الأول من سنة 2024 حاجز 4 ملايين سائح غير مقيم، مسجلا زيادة بنسبة 4.5 % مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023، وهذا الرقم يتجاوز العدد المسجل في سنة 2019، التي كانت تعتبر سنة مرجعية لقطاع السياحة في تونس.
كما أفادت بيانات البنك المركزي التونسي بأن عائدات النشاط السياحي خلال النصف الأول من سنة 2024 قد بلغت أكثر من 2.8 مليار دينار تونسي، مما يمثل ارتفاعًا بنسبة 6.6 % مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023. ويعكس هذا التحسن الأداء الجيد للقطاع السياحي على المستوى الوطني.
تشير هذه المؤشرات إلى الانتعاش المستمر لقطاع السياحة في تونس، الذي يُعد أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني. ومع تجاوز عدد الزوار 4 ملايين سائح وزيادة الإيرادات السياحية بأكثر من 6 %، يبدو أن تونس تسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها كوجهة سياحية رائدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة مع المبادرات التي تهدف لتحسين جودة الخدمات السياحية ودعم الصناعات التقليدية.
جنسيات السياح
فيما يتعلق بجنسيات السياح، فإن السوق الأوروبية لا تزال تعتبر السوق الرئيسية، حيث يمثل السياح القادمون من أوروبا نسبة كبيرة من إجمالي الوافدين. ومن أبرز الجنسيات الفرنسيون، حيث تأتي فرنسا في مقدمة الدول المصدرة للسياح إلى تونس، ويفضل الكثير من الفرنسيين زيارة تونس نظرًا للتقارب الثقافي واللغوي والجغرافي، كما شهد عدد السياح الألمان زيادة ملحوظة، خاصة مع عودة الثقة في الوجهة التونسية كوجهة سياحية آمنة ومثالية لقضاء العطل، كما تعد إيطاليا أيضًا من الأسواق التقليدية لتونس، حيث يزور العديد من الإيطاليين البلاد بفضل القرب الجغرافي والمناخ المعتدل. من ناحية أخرى، يمثل السياح القادمون من دول الجوار مثل الجزائر وليبيا نسبة كبيرة من الوافدين، حيث يزورون تونس لأغراض سياحية وتجارية وطبية.
إجمالا، يشكل ارتفاع إيرادات السياحة في تونس إلى أكثر من 5 مليار دينار فرصة ذهبية للبلاد لتعزيز ميزانيتها العامة وزيادة نشاطها الاقتصادي. هذا الانتعاش يعكس نجاح الجهود المبذولة من قبل الحكومة والقطاع الخاص في استعادة ثقة السياح وتحسين الخدمات المقدمة لهم. ومع استمرار تحسين الوضع الأمني والترويج السياحي، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي في السنوات القادمة، مما سيعزز من مكانة تونس كوجهة سياحية مميزة على مستوى العالم.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
شهد قطاع السياحة في تونس خلال الفترة الأخيرة تحسنًا ملحوظًا، حيث تجاوزت إيرادات هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد التونسي حاجز 5 مليار دينار تونسي. هذا التطور يعكس انتعاشًا تدريجيًا بعد سنوات من التحديات الاقتصادية والأمنية والصحية التي أثرت سلبًا على السياحة في البلاد. وبلغت إيرادات السياحة التونسية الى غاية 10 سبتمبر الجاري أكثر من 5137 مليون دينار مسجلة ارتفاعا بقيمة 345 مليون دينار عن نفس الفترة في السنة الماضية.
ولطالما كانت السياحة قطاعًا رئيسيًا في الاقتصاد التونسي، إلا أن تونس واجهت تحديات كبيرة بعد الثورة في عام 2011، حيث انخفضت أعداد السياح بشكل ملحوظ نتيجة المخاوف الأمنية والتوترات السياسية. على الرغم من ذلك، بدأت الأمور في التحسن تدريجيًا مع استعادة الاستقرار النسبي، مما ساهم في عودة السياح وارتفاع إيرادات القطاع.
وفقًا لآخر المعطيات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي التونسي، فإن إيرادات السياحة قد تجاوزت 5 مليار دينار مع بداية الشهر الجاري. هذا الرقم يمثل تحسنًا كبيرًا مقارنة بالسنوات السابقة التي شهدت انخفاضًا في الإيرادات نتيجة للأزمات الأمنية والصحية والاقتصادية التي مرت بها البلاد.
ويعود هذا الانتعاش إلى عدة عوامل، من بينها تحسن الوضع الأمني، حيث بعد سنوات من التوترات، تحسنت الأوضاع الأمنية في معظم المناطق السياحية الرئيسية، مما أعطى السائحين ثقة أكبر في زيارة تونس.
كما قامت الحكومة التونسية والقطاع الخاص بحملات ترويجية مكثفة داخل وخارج البلاد، منذ القضاء على جائحة كوفيد-19 في البلاد لاستعادة ثقة السياح العالميين، بالإضافة الى تنويع العروض السياحية، حيث لم تعد السياحة في تونس مقتصرة على الشواطئ فقط، بل شهدت تنوعًا كبيرًا في العروض السياحية التي تشمل السياحة الثقافية، والبيئية، والصحية، وحتى الرياضية، فضلا عن استعادة الأسواق التقليدية، بعد فترة من الانقطاع، حيث بدأت الأسواق التقليدية مثل السوق الأوروبية تستعيد نشاطها، إذ زاد عدد الوافدين من دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
انعكاسات على الميزانية العامة
وساهم ارتفاع إيرادات السياحة إلى أكثر من 5 مليار دينار في انعكاسات إيجابية كبيرة على الميزانية العامة للدولة، حيث زادات العائدات الضريبية، سواء من خلال الضرائب المباشرة (مثل الضرائب على الشركات السياحية) أو الضرائب غير المباشرة (مثل الضرائب على الخدمات والمنتجات المقدمة للسياح).
هذه العائدات تساعد في تعزيز الموارد المالية للحكومة، كما من شأنها أن تقليص العجز في الميزانية العامة، مما يسهم في تقليص الاعتماد على القروض الخارجية وتقليل الضغط على الدين العام.
ومع توفر موارد مالية إضافية، تستطيع الحكومة توجيه جزء من هذه الأموال للاستثمار في البنية التحتية السياحية مثل تطوير المطارات، وتحسين الطرق، وبناء فنادق جديدة، مما يساهم في تحسين تجربة السياح وزيادة فرص جذب المزيد منهم، علما وأن السياحة لا تعمل بمعزل عن بقية القطاعات، بل إنها تساهم في دعم قطاعات أخرى مثل النقل، والتجارة، والحرف اليدوية. وبالتالي، فإن زيادة إيرادات السياحة تساهم في زيادة نشاط هذه القطاعات أيضًا، مما يعود بالفائدة على الاقتصاد ككل.
تأثير على النشاط الاقتصادي
إن انتعاش القطاع السياحي يعزز بشكل كبير النمو الاقتصادي في تونس. يمكن تلخيص تأثير ارتفاع إيرادات السياحة على الاقتصاد في عديد النقاط، أهمها خلق فرص عمل، حيث تعد السياحة واحدة من أكبر القطاعات التي توفر فرص عمل في تونس. مع انتعاش القطاع وارتفاع الإيرادات، تم إنشاء العديد من الوظائف الجديدة في الفنادق، والمطاعم، ووكالات السفر، والنقل، مما يساعد في تخفيض نسبة البطالة، الى جانب تحفيز الاستثمارات، حيث أن ارتفاع إيرادات السياحة يجعل تونس وجهة جذابة للمستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب. هذا يشجع على إقامة مشاريع جديدة في القطاع، مثل بناء فنادق ومنتجعات جديدة، وتطوير المناطق السياحية.
كذلك يساعد ارتفاع عائدات السياحة في تحسين الميزان التجاري للبلاد، حيث تعتبر السياحة مصدرًا هامًا للعملة الصعبة. هذا يساهم في دعم سعر صرف الدينار التونسي وتقليل الضغط على الاحتياطات النقدية، فضلا عن تنمية المناطق الداخلية، حيث لا تقتصر السياحة في تونس على المدن الساحلية فقط، بل تشمل المناطق الداخلية أيضًا، مثل الجنوب التونسي والمناطق الجبلية. مع زيادة الإيرادات، يتم توجيه جزء من هذه الأموال لتنمية هذه المناطق وتحسين بنيتها التحتية، مما يساهم في تقليص الفوارق التنموية بين الجهات.
وشهدت تونس في العام 2023، زيادة ملحوظة في عدد الوافدين، حيث تجاوز عدد السياح 9 ملايين سائح مما يمثل ارتفاعا كبيرا مقارنة بالسنوات السابقة. تأتي هذه الزيادة نتيجة لتحسن الوضع الأمني والترويجي، بالإضافة إلى التسهيلات التي قدمتها الحكومة للسياح، مثل تسهيل إجراءات التأشيرات وتحسين الخدمات السياحية.
كما بلغ عدد زوار تونس خلال النصف الأول من سنة 2024 حاجز 4 ملايين سائح غير مقيم، مسجلا زيادة بنسبة 4.5 % مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023، وهذا الرقم يتجاوز العدد المسجل في سنة 2019، التي كانت تعتبر سنة مرجعية لقطاع السياحة في تونس.
كما أفادت بيانات البنك المركزي التونسي بأن عائدات النشاط السياحي خلال النصف الأول من سنة 2024 قد بلغت أكثر من 2.8 مليار دينار تونسي، مما يمثل ارتفاعًا بنسبة 6.6 % مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023. ويعكس هذا التحسن الأداء الجيد للقطاع السياحي على المستوى الوطني.
تشير هذه المؤشرات إلى الانتعاش المستمر لقطاع السياحة في تونس، الذي يُعد أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني. ومع تجاوز عدد الزوار 4 ملايين سائح وزيادة الإيرادات السياحية بأكثر من 6 %، يبدو أن تونس تسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانتها كوجهة سياحية رائدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة مع المبادرات التي تهدف لتحسين جودة الخدمات السياحية ودعم الصناعات التقليدية.
جنسيات السياح
فيما يتعلق بجنسيات السياح، فإن السوق الأوروبية لا تزال تعتبر السوق الرئيسية، حيث يمثل السياح القادمون من أوروبا نسبة كبيرة من إجمالي الوافدين. ومن أبرز الجنسيات الفرنسيون، حيث تأتي فرنسا في مقدمة الدول المصدرة للسياح إلى تونس، ويفضل الكثير من الفرنسيين زيارة تونس نظرًا للتقارب الثقافي واللغوي والجغرافي، كما شهد عدد السياح الألمان زيادة ملحوظة، خاصة مع عودة الثقة في الوجهة التونسية كوجهة سياحية آمنة ومثالية لقضاء العطل، كما تعد إيطاليا أيضًا من الأسواق التقليدية لتونس، حيث يزور العديد من الإيطاليين البلاد بفضل القرب الجغرافي والمناخ المعتدل. من ناحية أخرى، يمثل السياح القادمون من دول الجوار مثل الجزائر وليبيا نسبة كبيرة من الوافدين، حيث يزورون تونس لأغراض سياحية وتجارية وطبية.
إجمالا، يشكل ارتفاع إيرادات السياحة في تونس إلى أكثر من 5 مليار دينار فرصة ذهبية للبلاد لتعزيز ميزانيتها العامة وزيادة نشاطها الاقتصادي. هذا الانتعاش يعكس نجاح الجهود المبذولة من قبل الحكومة والقطاع الخاص في استعادة ثقة السياح وتحسين الخدمات المقدمة لهم. ومع استمرار تحسين الوضع الأمني والترويج السياحي، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي في السنوات القادمة، مما سيعزز من مكانة تونس كوجهة سياحية مميزة على مستوى العالم.