نجوى بن عرفة صاحبة صوت شهد له النقاد واهل الشأن الموسيقي بكونه صوت راق ورقراق فيما يتوفر عليه من خامات رقيقة ومخملية وأنيقة. صوت مكنها من نحت مسيرة تتميز بكونها حاملة لمشروع فني متكامل يقوم على الاختيارات المدروسة من أغان وألحان مع الانفتاح على الموسيقات العالمية. نجوى بن عرفة المتوجة على امتداد مسيرتها الفنية بأكثر من جائزة وطنية منها على سبيل الذكر لا الحصر جائزة أفضل آداء نسائي بمهرجان الأغنية التونسية "دورة 1997 "وجائزة أحسن أغنية"دورة 2003" لذات المهرجان تواصل اليوم العمل بجد واجتهاد على ذات الطريق في مسيرتها الموسيقية بأبعادها الإنسانية العميقة بعيدا عن الضجيج والضوضاء هنا وهناك. التقيناها فكان هذا الحديث:
*بماذا تحتفظ المطربة نجوى بن عرفة في ذاكرتها عن بدايات الرحلة مع الموسيقى والغناء؟ ينتهي الماضي وتبقى الذكريات والخيال والشوق والحنين ومن الذكريات التي لاتنسى ومن اجملها عندما كنت ادرس في الابتدائي وانا في سن السابعة اذ كانت معلماتي مغرمات بصوتي وأدائي وكن يمسكنني من يدي للتنقل بين القاعات حتى يكتشف صوتي وكنت حينها اردد اغنية محمد عبد الوهاب " القريب منك بعيد" كما اتذكر انتمائي الى فرقة مدينة تونس للموسيقى العربية التي قادها الاستاذ محمد القرفي والاعمال الجيدة الاوركسترالية والتي كانت فريدة من نوعها والتي كللت بالنجاحات، كذلك اثر دراستي بالمعهد العالي للموسيقى بتونس كان لنا لقاء مع الاستاذ محمد التريكي رحمه الله وبرمجة تكريم لحضرته وكنت الطالبة المدللة التي ستغني له اغنية" زعمة يصافي الدهر يا مشكايا "، وكانت المفاجأة ، حين استمع الي رقرقت عيناه وعانقني وكان منبهرا بأدائي وقد اقترح علي غناء اغنية لحنها للسيدة صليحة ولم يتم تنفيذها وكنت رفضت لآنها لم تكن في النوعية او النمط الخاص بي، وكم هي الذكريات التي تتزاحم في الوجدان الان وغدا.
*وافترقنا "قصيد غنائي لك كشفت عنه مؤخرا. هل في ذلك تأكيد على ان القصيد مازال له حضوره المتوهج في الأغنية اليوم؟ انا مولعة بالشعر،القصائد والموشحات استمد منهم ما يروق لي ويلهمني لأعبر على ما أكنه في داخلي من مشاعر، أحاسيس، عواطف، خيال، حب كما اتخيل حالة الكاتب او الشاعر، من معاناة، فرح او حزن من خلال كلماته وانسج منها جملا موسيقية متناسقة، متناغمة تعطيها معنى. أغلبية ألحاني بالفصحى او القريبة منها وهي اللغة الأجمل والأحب لي وستظل القصيدة روح اللغة العربية وعمودها الفقري مهما تغيرت المجتمعات وتلحين القصائد يساهم دوما في نشر ثقافة عربية قوامها الفكر والرقي والذوق السليم، وانا لا اراها عودة لزمن ذهب فالفن في كل حالاته يعكس المجتمعات بمختلف طياتها والمسالة تبقى مسالة نشأة وذوق والزمن نحن نجعله جميلا او تعيسا بما نحمله من ثقافات واصلاحات او سخافات وتفاهات بخصوص قصيد " وافترقنا " أقول انه غير معروف وغير متداول ويعود الى سنة 1998 وهو من تلحيني وتأليف الشاعرة هيام حماد وقد عملت على نفض الغبار عنه وتقديمه الى الجمهور العاشق للقصيد الغنائي وسعدت كثيرا بما حققه من نجاح. وفي البرنامج عديد الأغاني الأخرى التي سأكشف عنها تباعا.
*كيف تقرئين ظاهرة التوجه بكثافة الى ما يطلق عليه بـ" تهذيب" التراث في الأغنية اليوم؟ التراث او الموروث من الفن، ما توارثته الاجيال عبر الحقب الزمنية، هو ذاكرة جماعية انتقاها التاريخ وتداولتها الاجيال شفويا، له خصوصيته، مرجعيته، انتماؤه، هويته يجب الحفاظ عليه لضمان عدم ضياعه ، إحياؤه اذا هدد بالزوال ، قد لا يخلو من الاخطاء ولو ان التهذيب منهج قديم عرفه اسلافنا وطبقوه في مختلف فنون التراث فانا لا احبذ كلمة تهذيب وارى فيها نوعا من التعالي ومن يريد استغلال التراث فليستغله شريطة ان لا يشوهه. *علاقة نجوى بن عرفة منقطعة تماما مع المهرجانات الصيفية، اي سر وراء ذلك؟ المهرجانات الصيفية لم تعد معيارا او مقياسا تقاس به الاعمال الفنية او يقاس به الفنان. هذه المهرجانات فقدت اليوم رونقها وبهاءها، كم من الكفاءات لم تجد حظها في هذه التظاهرات وكل هذا يجب ان يراجع حفاظا على قيمة الفن والفنان حتى تبقى ثقافتنا راية ومنارة ورمزا لحضارتنا.
*هل قدمت ملفك الفني للمهرجانات الصيفية؟ نعم، قدمت ملفي الفني لاكثر من مهرجان صيفي لكن قوبلت بالصمت من المشرفين عليها. من جهتي أنا ارفض طرق الأبواب فلم أحاول معرفة سر هذا الصمت. *ما هي قراءتك للمشهد الموسيقي في تونس اليوم؟ بالرغم من انه هناك أعمال وتجارب فنية أكن لها كل احترام يبقى المشهد الموسيقي اليوم في تونس مصدر حيرة، فهو مخضرم لدرجة انه كما يقال اختلط الحابل بالنابل حتى صار يصعب التفريق بين ذا وذاك، وهذا حسب رأيي ناتج عن تقييم غير سليم ومفهوم غير صحيح للفن وما يتبعه ونحن نطمح إلى ان تكون الساحة الثقافية الفنية زاخرة بالأعمال النيرة المتنوعة حتى تكون مثالا يحتذى به واقتداء للأجيال المتتالية.
*إلى أي مدى يمكن القول ان نجوى بن عرفة حققت الكثير من أحلامها الفنية اليوم؟ إذا تحققت الأحلام فلا رغبة في العيش من مقولة دوستوفسكي " السر في وجود الانسان ليس في البقاء على قيد الحياة فقط بل في إيجاد شيء يعيش من اجله" وسنواصل مشوارنا الفني متمسكين بمبادئنا وكلنا حماس وامال والنجاح سنشيده بأنفسنا بإذن الله. *هذا يعني أن هناك أعمالا أخرى في الطريق؟ فعلا لدي " الصباح الجديد "وهو المشروع الثقافي الموسيقي الغنائي المسرحي المدعم من وزارة الثقافة وتم تقديمه في شهر افريل (العرض ما قبل الأول) وكان إلى جانبي الممثل القدير جمال المداني الذي جسد دور الشاعر التونسي المرحوم عبد الحميد خريف والحان نجوى بن عرفة. هذا العمل سيتجول عبر عديد المناطق داخل البلاد مع انطلاق الموسم الثقافي الجديد.
تونس-الصباح
حوار محسن بن احمد
نجوى بن عرفة صاحبة صوت شهد له النقاد واهل الشأن الموسيقي بكونه صوت راق ورقراق فيما يتوفر عليه من خامات رقيقة ومخملية وأنيقة. صوت مكنها من نحت مسيرة تتميز بكونها حاملة لمشروع فني متكامل يقوم على الاختيارات المدروسة من أغان وألحان مع الانفتاح على الموسيقات العالمية. نجوى بن عرفة المتوجة على امتداد مسيرتها الفنية بأكثر من جائزة وطنية منها على سبيل الذكر لا الحصر جائزة أفضل آداء نسائي بمهرجان الأغنية التونسية "دورة 1997 "وجائزة أحسن أغنية"دورة 2003" لذات المهرجان تواصل اليوم العمل بجد واجتهاد على ذات الطريق في مسيرتها الموسيقية بأبعادها الإنسانية العميقة بعيدا عن الضجيج والضوضاء هنا وهناك. التقيناها فكان هذا الحديث:
*بماذا تحتفظ المطربة نجوى بن عرفة في ذاكرتها عن بدايات الرحلة مع الموسيقى والغناء؟ ينتهي الماضي وتبقى الذكريات والخيال والشوق والحنين ومن الذكريات التي لاتنسى ومن اجملها عندما كنت ادرس في الابتدائي وانا في سن السابعة اذ كانت معلماتي مغرمات بصوتي وأدائي وكن يمسكنني من يدي للتنقل بين القاعات حتى يكتشف صوتي وكنت حينها اردد اغنية محمد عبد الوهاب " القريب منك بعيد" كما اتذكر انتمائي الى فرقة مدينة تونس للموسيقى العربية التي قادها الاستاذ محمد القرفي والاعمال الجيدة الاوركسترالية والتي كانت فريدة من نوعها والتي كللت بالنجاحات، كذلك اثر دراستي بالمعهد العالي للموسيقى بتونس كان لنا لقاء مع الاستاذ محمد التريكي رحمه الله وبرمجة تكريم لحضرته وكنت الطالبة المدللة التي ستغني له اغنية" زعمة يصافي الدهر يا مشكايا "، وكانت المفاجأة ، حين استمع الي رقرقت عيناه وعانقني وكان منبهرا بأدائي وقد اقترح علي غناء اغنية لحنها للسيدة صليحة ولم يتم تنفيذها وكنت رفضت لآنها لم تكن في النوعية او النمط الخاص بي، وكم هي الذكريات التي تتزاحم في الوجدان الان وغدا.
*وافترقنا "قصيد غنائي لك كشفت عنه مؤخرا. هل في ذلك تأكيد على ان القصيد مازال له حضوره المتوهج في الأغنية اليوم؟ انا مولعة بالشعر،القصائد والموشحات استمد منهم ما يروق لي ويلهمني لأعبر على ما أكنه في داخلي من مشاعر، أحاسيس، عواطف، خيال، حب كما اتخيل حالة الكاتب او الشاعر، من معاناة، فرح او حزن من خلال كلماته وانسج منها جملا موسيقية متناسقة، متناغمة تعطيها معنى. أغلبية ألحاني بالفصحى او القريبة منها وهي اللغة الأجمل والأحب لي وستظل القصيدة روح اللغة العربية وعمودها الفقري مهما تغيرت المجتمعات وتلحين القصائد يساهم دوما في نشر ثقافة عربية قوامها الفكر والرقي والذوق السليم، وانا لا اراها عودة لزمن ذهب فالفن في كل حالاته يعكس المجتمعات بمختلف طياتها والمسالة تبقى مسالة نشأة وذوق والزمن نحن نجعله جميلا او تعيسا بما نحمله من ثقافات واصلاحات او سخافات وتفاهات بخصوص قصيد " وافترقنا " أقول انه غير معروف وغير متداول ويعود الى سنة 1998 وهو من تلحيني وتأليف الشاعرة هيام حماد وقد عملت على نفض الغبار عنه وتقديمه الى الجمهور العاشق للقصيد الغنائي وسعدت كثيرا بما حققه من نجاح. وفي البرنامج عديد الأغاني الأخرى التي سأكشف عنها تباعا.
*كيف تقرئين ظاهرة التوجه بكثافة الى ما يطلق عليه بـ" تهذيب" التراث في الأغنية اليوم؟ التراث او الموروث من الفن، ما توارثته الاجيال عبر الحقب الزمنية، هو ذاكرة جماعية انتقاها التاريخ وتداولتها الاجيال شفويا، له خصوصيته، مرجعيته، انتماؤه، هويته يجب الحفاظ عليه لضمان عدم ضياعه ، إحياؤه اذا هدد بالزوال ، قد لا يخلو من الاخطاء ولو ان التهذيب منهج قديم عرفه اسلافنا وطبقوه في مختلف فنون التراث فانا لا احبذ كلمة تهذيب وارى فيها نوعا من التعالي ومن يريد استغلال التراث فليستغله شريطة ان لا يشوهه. *علاقة نجوى بن عرفة منقطعة تماما مع المهرجانات الصيفية، اي سر وراء ذلك؟ المهرجانات الصيفية لم تعد معيارا او مقياسا تقاس به الاعمال الفنية او يقاس به الفنان. هذه المهرجانات فقدت اليوم رونقها وبهاءها، كم من الكفاءات لم تجد حظها في هذه التظاهرات وكل هذا يجب ان يراجع حفاظا على قيمة الفن والفنان حتى تبقى ثقافتنا راية ومنارة ورمزا لحضارتنا.
*هل قدمت ملفك الفني للمهرجانات الصيفية؟ نعم، قدمت ملفي الفني لاكثر من مهرجان صيفي لكن قوبلت بالصمت من المشرفين عليها. من جهتي أنا ارفض طرق الأبواب فلم أحاول معرفة سر هذا الصمت. *ما هي قراءتك للمشهد الموسيقي في تونس اليوم؟ بالرغم من انه هناك أعمال وتجارب فنية أكن لها كل احترام يبقى المشهد الموسيقي اليوم في تونس مصدر حيرة، فهو مخضرم لدرجة انه كما يقال اختلط الحابل بالنابل حتى صار يصعب التفريق بين ذا وذاك، وهذا حسب رأيي ناتج عن تقييم غير سليم ومفهوم غير صحيح للفن وما يتبعه ونحن نطمح إلى ان تكون الساحة الثقافية الفنية زاخرة بالأعمال النيرة المتنوعة حتى تكون مثالا يحتذى به واقتداء للأجيال المتتالية.
*إلى أي مدى يمكن القول ان نجوى بن عرفة حققت الكثير من أحلامها الفنية اليوم؟ إذا تحققت الأحلام فلا رغبة في العيش من مقولة دوستوفسكي " السر في وجود الانسان ليس في البقاء على قيد الحياة فقط بل في إيجاد شيء يعيش من اجله" وسنواصل مشوارنا الفني متمسكين بمبادئنا وكلنا حماس وامال والنجاح سنشيده بأنفسنا بإذن الله. *هذا يعني أن هناك أعمالا أخرى في الطريق؟ فعلا لدي " الصباح الجديد "وهو المشروع الثقافي الموسيقي الغنائي المسرحي المدعم من وزارة الثقافة وتم تقديمه في شهر افريل (العرض ما قبل الأول) وكان إلى جانبي الممثل القدير جمال المداني الذي جسد دور الشاعر التونسي المرحوم عبد الحميد خريف والحان نجوى بن عرفة. هذا العمل سيتجول عبر عديد المناطق داخل البلاد مع انطلاق الموسم الثقافي الجديد.