إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مقاربة إبداعية فنية في المعاهد.. رؤوف بن يغلان يواصل مشروعه "فنان في المدينة"

تونس- الصباح

نكاد نجزم أن المنظومة التربوية في خطر، خاصة إذا ما تواصل تجاهل مكامن الإصلاح من حيث البرمجة والترفيه والإبداع في مدارسنا ومعاهدنا، والحال أنّ الأمر يزداد سوءا يوما بعد يوما من حيث المستوى التعليمي وسلوكيات الناشئة..

وقد يغيب على الكثيرين ضرورة الفعل الثقافي في هذا المجال بل في كل المجالات، رغم ان تفعيله من شأنه أن يساهم في تدني كل مظاهر العنف والتعصب والانحراف ويهذب الذائقة الفردية التي بدورها ستؤسس لذوق جماعي يرقى إلى أن يحافظ على الأخلاقيات العامة ويضمن استقرار المجتمع..

وبما أن النشاط الثقافي في الوسط المدرسي تقريبا لا يتعدى بعض الحفلات آخر السنة، بعيدا عن تنمية موهبة الطفل ونحت شخصيته، ارتأى الفنان المثقف رؤوف بن يغلان من خلال مشروعه الحديث "فنان في المدينة" الذي تضمن العديد من دورات تكوين في فن الممثل للمسرح التفاعلي بمبادرة من منظمة إندا العالم العربي لفائدة مجموعة من الشباب والناشطين من المجتمع المدني..

الفنان رؤوف بن يغلان في دور المثقف العضوي، وإيمانا منه بضرورة التصور الثقافي وليس الأنشطة الثقافية، اختار أن يكون ميدانيا ويحاكي التلاميذ في العديد من المعاهد عن قرب من خلال المسرح التفاعلي وإثارة العديد من الٱفات التي تهدد الناشئة كما الأولياء على غرار المخدرات المتفشية في مجتمعنا والعديد من الفئات الأخرى.. ولعل أهمية فكرة المشروع تكمن في ذلك المراوحة بين التفكير والتعبير، ذلك أن صاحب تصور "فنان في المدينة" كان غالبا ما يسعى إلى التفاعل وعدم البقاء سلبيا إزاء الأحداث التي من شأنها أن تؤثر على واقعنا وسلكونا.. وما مسرحية "ارهابي غير ربع" إلا دليل على ذلك حيث قام الفنان رؤوف بن يغلان، قبل عرض المسرحية، بزيارة العديد من المناطق والحديث مع أقارب وسكان أحياء انتمى إليها من وجهت اليهم تهم الارهاب ومحاولة فهم سيكولوجية المتهمين ودوافع الانخراط في خلايا الارهاب رغم صغر سن اغلبهم.. ومن المنتظر أن يتوج يتبنى توجه بن يغلان هذه المرة انطلاقا من الوسط المدرسي وبتكثيف الدورات التكوينية والحوارات والتقنيات الفنية لفن الممثل، بمسرحية ثقافية تحت عنوان "اغورا" ..

 الفنان رؤوف بن يغلان اصر على مواصلة "الفعل الثقافي "من خلال مشروع "فنان في المدينة" حيث عمد إلى تحويل قاعات بمعاهد إلى ورشات فنية ليفجر طاقات المتكونين وشد انتباههم بمحاورة المكبوت فيهم واللاوعي الذي يلازمهم بأسلوب يجمع بين الجد والهزل، بعيدا عن القوالب الجاهزة وبرامج التعليم وإن تعلقت بالفنون مثل المسرح الذي يدرس على مستوى الٱليات والخصائص فحسب ولا يتعدى النظريات..

والفنان رؤوف بن يغلان وهو المختص في علم الاجتماع يدرك جيدا أن التلميذ يحتاج الى الترفيه عن النفس والشعور بانه سيد نفسه.. وفي حال غياب تلك الأساسيات من حيث الاتزان النفسي وادراك الأخلاقيات سينجر عن ذلك نوعا من التصعيد الذي سيفضي حتما الى العنف والانحراف بشتى أنواعهما..

وعملا بمهام المثقف العضوي الذي أسس مفهومه الايطالي انطونيو قرامشي ايمانا منه بأن المثقف له دور تاريخي من حيث تجديد الفكر، يواصل الفنان رؤوف بن يغلان حرصه على التأثير في الوسط المدرسي عبر طرحه الإبداعي لأنه على قناعة بأن الإصلاح بمختلف توجهاته لا بد أن يكون بإصلاح العمق، وان خطاب الفنان يختلف عن خطاب الادارات والمؤسسات.. لأن العالم الخاص بالتلميذ مازال محاصرا بالقوالب التعليمية الجاهزة واوهام مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لا بد من تمكينه من المعرفة الحرة من خلال المسرح التفاعلي ولم لا طرح افكار اخرى من شانها أن تحافظ على التوازن والثراء الفكري..

إن "فنانا في المدينة" لرؤوف بن يغلان يعد مقاربة إبداعية فنية بفضلها تكتسب المعرفة بعدا ٱخر.. ثم إن الطرح الابداعي لا يمكن الاستغناء عنه لانه ضمان للتوازن التربوي والتوازن الاجتماعي..فما احوجنا لمثل هكذا تصورات ومشاريع ثقافية خاصة وأن البلاد تعج بالكفاءات والنخب الفكرية القادرة على النهوض بالبلد على جميع المستويات..

وليد عبد اللاوي

 

 

مقاربة إبداعية فنية في المعاهد..    رؤوف بن يغلان يواصل مشروعه "فنان في المدينة"

تونس- الصباح

نكاد نجزم أن المنظومة التربوية في خطر، خاصة إذا ما تواصل تجاهل مكامن الإصلاح من حيث البرمجة والترفيه والإبداع في مدارسنا ومعاهدنا، والحال أنّ الأمر يزداد سوءا يوما بعد يوما من حيث المستوى التعليمي وسلوكيات الناشئة..

وقد يغيب على الكثيرين ضرورة الفعل الثقافي في هذا المجال بل في كل المجالات، رغم ان تفعيله من شأنه أن يساهم في تدني كل مظاهر العنف والتعصب والانحراف ويهذب الذائقة الفردية التي بدورها ستؤسس لذوق جماعي يرقى إلى أن يحافظ على الأخلاقيات العامة ويضمن استقرار المجتمع..

وبما أن النشاط الثقافي في الوسط المدرسي تقريبا لا يتعدى بعض الحفلات آخر السنة، بعيدا عن تنمية موهبة الطفل ونحت شخصيته، ارتأى الفنان المثقف رؤوف بن يغلان من خلال مشروعه الحديث "فنان في المدينة" الذي تضمن العديد من دورات تكوين في فن الممثل للمسرح التفاعلي بمبادرة من منظمة إندا العالم العربي لفائدة مجموعة من الشباب والناشطين من المجتمع المدني..

الفنان رؤوف بن يغلان في دور المثقف العضوي، وإيمانا منه بضرورة التصور الثقافي وليس الأنشطة الثقافية، اختار أن يكون ميدانيا ويحاكي التلاميذ في العديد من المعاهد عن قرب من خلال المسرح التفاعلي وإثارة العديد من الٱفات التي تهدد الناشئة كما الأولياء على غرار المخدرات المتفشية في مجتمعنا والعديد من الفئات الأخرى.. ولعل أهمية فكرة المشروع تكمن في ذلك المراوحة بين التفكير والتعبير، ذلك أن صاحب تصور "فنان في المدينة" كان غالبا ما يسعى إلى التفاعل وعدم البقاء سلبيا إزاء الأحداث التي من شأنها أن تؤثر على واقعنا وسلكونا.. وما مسرحية "ارهابي غير ربع" إلا دليل على ذلك حيث قام الفنان رؤوف بن يغلان، قبل عرض المسرحية، بزيارة العديد من المناطق والحديث مع أقارب وسكان أحياء انتمى إليها من وجهت اليهم تهم الارهاب ومحاولة فهم سيكولوجية المتهمين ودوافع الانخراط في خلايا الارهاب رغم صغر سن اغلبهم.. ومن المنتظر أن يتوج يتبنى توجه بن يغلان هذه المرة انطلاقا من الوسط المدرسي وبتكثيف الدورات التكوينية والحوارات والتقنيات الفنية لفن الممثل، بمسرحية ثقافية تحت عنوان "اغورا" ..

 الفنان رؤوف بن يغلان اصر على مواصلة "الفعل الثقافي "من خلال مشروع "فنان في المدينة" حيث عمد إلى تحويل قاعات بمعاهد إلى ورشات فنية ليفجر طاقات المتكونين وشد انتباههم بمحاورة المكبوت فيهم واللاوعي الذي يلازمهم بأسلوب يجمع بين الجد والهزل، بعيدا عن القوالب الجاهزة وبرامج التعليم وإن تعلقت بالفنون مثل المسرح الذي يدرس على مستوى الٱليات والخصائص فحسب ولا يتعدى النظريات..

والفنان رؤوف بن يغلان وهو المختص في علم الاجتماع يدرك جيدا أن التلميذ يحتاج الى الترفيه عن النفس والشعور بانه سيد نفسه.. وفي حال غياب تلك الأساسيات من حيث الاتزان النفسي وادراك الأخلاقيات سينجر عن ذلك نوعا من التصعيد الذي سيفضي حتما الى العنف والانحراف بشتى أنواعهما..

وعملا بمهام المثقف العضوي الذي أسس مفهومه الايطالي انطونيو قرامشي ايمانا منه بأن المثقف له دور تاريخي من حيث تجديد الفكر، يواصل الفنان رؤوف بن يغلان حرصه على التأثير في الوسط المدرسي عبر طرحه الإبداعي لأنه على قناعة بأن الإصلاح بمختلف توجهاته لا بد أن يكون بإصلاح العمق، وان خطاب الفنان يختلف عن خطاب الادارات والمؤسسات.. لأن العالم الخاص بالتلميذ مازال محاصرا بالقوالب التعليمية الجاهزة واوهام مواقع التواصل الاجتماعي، إذ لا بد من تمكينه من المعرفة الحرة من خلال المسرح التفاعلي ولم لا طرح افكار اخرى من شانها أن تحافظ على التوازن والثراء الفكري..

إن "فنانا في المدينة" لرؤوف بن يغلان يعد مقاربة إبداعية فنية بفضلها تكتسب المعرفة بعدا ٱخر.. ثم إن الطرح الابداعي لا يمكن الاستغناء عنه لانه ضمان للتوازن التربوي والتوازن الاجتماعي..فما احوجنا لمثل هكذا تصورات ومشاريع ثقافية خاصة وأن البلاد تعج بالكفاءات والنخب الفكرية القادرة على النهوض بالبلد على جميع المستويات..

وليد عبد اللاوي