سقطت أقنعة الكذب والتزوير والتضليل الإعلامي الذي قامت عليه إسرائيل
بقلم الصحراوي قمعون
صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة
تؤثر الأحداث الدائرة في أي بلد أو أية منطقة من العالم على التعامل الإعلامي مع المستجدات، حيث ينقل الإعلام في حالة الحروب والكوارث مجريات المعارك كما هي في ذلك البلد أو ذاك وتطفو فيها او تختفي أشياء وأشياء.
وتتكرر في ذلك النقل الإخباري الإجباري أسماء الشخصيات والزعامات وكذلك الأمكنة في المدن التي تعيش الأحداث . وتصبح تلك الأمكنة سواء في أقاليم أو مدن أو قرى أو أرياف، مادة إخبارية تتكرر ويتعرف من خلالها المتلقي كقارئ أو مستمع أو مشاهد أو مبحر في الشبكة العنكبوتية على أسماء مدن وقرى كانت في السابق مغمورة ومجهولة بفضل السكينة والسلام التي كانت تعيشه بعيدا عن المعارك.
وفي الأشهر الأخيرة من حرب غزة المتواصلة يوميا منذ قرابة العام من جانب إسرائيل على سكان القطاع حد الإبادة الجماعية، تعمل أجهزة الدعاية العسكرية الإسرائيلية في كل لحظة على فرض الرقابة على مجريات سير المعارك مع الفلسطينيين، لتظهر وكأنها هي المنتصرة،في محاولة لإخفاء الهزيمة الإستراتيجية التي منيت بها هناك، وهي التي تملك رابع أقوى جيش في العالم، مني بهزيمة نكراء في مواجهة تكتيكية مع ميليشيا حزبية وهي حركة حماس للمقاومة الفلسطينية .
قيم فضفاضة للحرية والديمقراطية الغربية
وقد تأكّد زيف الشعارات خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة على المباشر الإعلامي أمام أنظار العالم والقوى الكبرى، المصابة بداء العجز عن الانتصاب مدافعة عن القيم الكونية، كما تفعل في مناطق أخرى. وقد وقف الرأي العام العالمي إلى اليوم متضامنا مع الشعب الفلسطيني في وقفة عز إنسانية لا تعرف هزيمة الإرادة.وأصبح جمهور النظارة والمتابعين مكْلومًا وقلوبهم منفطرة من صور القتلى والجرحى والمشوهين من الأطفال والنساء والحوامل، وكأن الصور قادمة من كوكب أخر همجي غير كوكب الأرض الذي يدعي الإنسانية وخاصة إنسانية القوى المهيمنة للغرب الصناعي المسيحي صاحب عصر الأنوار المزعومة في ممالك أوروبا وأمريكا الجديدة ،عنوان الحرية والديمقراطية الفضفاضة.
لقد أصبحت الأحداث الملتهبة ترمي يوميا المشاهد بشهب صور مرهقة لنفسه المتهالكة، وقد تربى الجميع في هذا العصر على قيم عصر النهضة الأوروبية ومبادئ حقوق الإنسان، فإذا هو يشاهد يوميا وكل لحظة تلك المبادئ تداس من جحافل المستوطنين والجنود الإسرائيليين المسنودين بالمرتزقة والقناصة من مختلف بلدان الغرب " مقاتلو الحرية" كما تصفهم الصحافة الغربية.
وفي هذه الحرب أصبحت معروفة مدن وقرى غزة مثل مدن ومخيمات جباليا ودير البلح وخان يونس وبيت لاهيا وبيت حانون ومخيم الشاطئ والزهراء والمغراقة وجحر الديك والنصيرات والبريج والزوايدا والقرارة وعبسان وشوكة الصوفي. كلها أصبحت معروفة لدي القاصي والداني ومتابعي الشأن الغزاوي من العرب وفي سائر البلدان. وأصبحت تتردد يوميا بعشرات ومئات المرات في الأخبار، حاملة معها يوميا العشرات والمئات من القتلى الفلسطينيين ومزيد تدمير المستشفيات التي هي أيضا لم تسلم من القصف وما تبقى من البنايات السكنية التي سويت بالأرض بالقنابل الإسرائيلية والأمريكية الأوروبية، تماما كما سوى الأوروبيون مدن أوروبا بالأرض في الحرب العالمية الثانية،إسوة بالأجداد الرومان الذين سوّوْا مدينة قرطاج بالأرض وذرّوا عليها الملح وصاح القائد الروماني كاتون، "دَلنْداكَرطاقو أسْتْ" (يجب تدمير قرطاج). وها هو خليفته الإسرائيلي ناتنياهو يصرح بكل عنجهية أمام الكونغرس الأمريكي الذي استقبله كفاتح لغزة:" دلندا غزّة أسْت"وسط تصفيق نواب الشعب الأمريكي، تشجيعا وإكبارا لما اقترفه من مجازر دموية في غزة تجعله شبيها بمصاص الدماء " نوسْفيراتُو"في الأسطورة المسيحية كشيطان رجيم. وقد نشرت له كبريات الصحف العالمية المتزلفة صورة للذكرى وهو جالس على أريكة إلى جانب قرينته سارة إيفا براون.
وفي نفس السياق الدراماتيكي أصبحت بدورها مدن وقرى الضفة الغربية لفلسطين تتكرر مآسيها في مدنها المتداولة في بحر الدم والاغتيال والاقتحامات وهي رام الله وطولكرم وجينين وقلقيلية والقدس وشيخ جراح والخليل ونابلس والبيرة وبيت لحم وأريحا وطوباس وسلفيت . وقد أصبحت وهي المسالمة حد الخنوع مع العدو الإسرائيلي، تأخذ حصتها ووجبتها اليومية من القتل والدماء دون أن يحرك العالم الغربي ساكنا، وهو الذي أقام تلك السلطة الفلسطينية كهدية مسمومة للشعب الفلسطيني عام 1994 بضمانة القوى الكبرى.
سقوط أقنعة الكذب الإسرائيلية
لقد سقطت أقنعة الكذب والتزوير والتضليل الإعلامي الإسرائيلي الذي قامت عليه إسرائيل بأسطورة المحرقة اليهودية (هولوكوست) في الحرب العالمية الثانية. وانقلبت الصورة لدى الرأي العام العالمي الذي شاهد صمودا تاريخيا لشعب محاصر يودع فيه الفلسطينيون أبناءهم وأهاليهم القتلى بكل صبر وجلد وتصميم على مقاومة العدو حتى الرمق الأخير. فهذا "شعب الجبارين "، كما كان يكرر الزعيم ياسر عرفات، هيهات منه الذلة والهزيمة الموعودة عبثا. وقد تلاقت معه والى جانبه قوى الأغلبية والأقلية لأمة الإسلام، في إجماع منقطع النظير على النصرة وشد الأزر ولو بأضعف الإيمان وهو الكلام والتعبير الإعلامي.
لقد جاءت حرب غزة الأخيرة لتضع إسرائيل في العراء والفراغ التضليلي البروباغاندي بعد أن تغيرت جوهريا قواعد الاشتباك في الحرب العسكرية الموجهة عن بعد، وأصبحت الصواريخ قصيرة المدى والطائرات دون طيار تمطر العدو المتفوق سابقا بطيرانه الحربي الأطلسي وطياريه من المستوي العالي . وأصبحت تسقط، كما في قصة "طير أبابيل"حجارة اللهب من سجيل على أبرهة الإسرائيلي صاحب الشفة الملتوية والنظرة الماكرة. ولم تنفع شبكة القبة الحديدية الدفاعية او منظومة باتريوت الأمريكية في التصدي للصواريخ والمسيرات التي تطلقها قوات حزب الله من لبنان أو مسيرات الحوثيين في اليمن على مشارف باب المندب ، ممر التجارة العالمية.
لطالما أخفت إسرائيل هزائمها وآخرها تلك التي في غزة والأخرى في الجليل الأعلى لشمال إسرائيل الذي يتلقى يوميا سيلا من الصواريخ المزلزلة للكيان الإسرائيلي إلى درجة ان مدن الجليل الأعلى ومستوطنات إسرائيل هناك أصبحت خاوية على عروشها بعد أن هجرها السكان المستوطنون خوفا على أرواحهم وهم المدجّجون بالأسلحة. ولكن لا حماية من صواريخ "سجيل" القاتلة لمستوطنين عدوانيين لا عقيدة لديهم غير افتكاك الأراضي وقتل الفلسطينيين . لقد هجر سكان المدن والمنشآت الاسرائيلة المدنية والعسكرية في شمال الجليل هربا من القصف المستمر بكثافة من المسيرات الإيرانية والصينية والروسية الصنع . وبعضها من صنع حزب الله وحماس في مستودعات ومصانع تحت الأرض .
الهزيمة الثانية في الجليل الأعلى
لقد حاولت إسرائيل التعتيم علي الهزيمة الثانية في الجليل ووقفت الى جانبها في المجهود التضليلي كل الصحافة الغربية الأورو أمريكية بتعتيم اكبر وهي صاحبة الريادة في ذلك منذ قرون الاستعمار المخلوع . ولكن الصور المتجولة عبر الميديا الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي والتي ينشرها الإسرائيليون الناقمون على استمرار الحرب الخاسرة لمنازلهم التي هجروها الى مدن الجنوب، كشفت المحظور وعرّت الهزيمة الإسرائيلية الواسعة . وزاد إعلام المقاومة الفلسطينية واللبنانية في تعرية الفضيحة الإسرائيلية القائمة على التضليل والتجويق الإعلامي حد الكذب وبث الأخبار المفبركة من فئة الفايك نيوز.
في هذه المعركة أصبحت أيضا أسماء المدن والقرى والمستوطنات الإسرائيلية متداولة ولكن بصيغة "الهرم المقلوب" كما يدرس في الصحافة عن الأخبار النَّكْبويّة والنَّكْسويّة الإسرائيلية التي كانت تروجها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن العرب ومواجهاتهم الخاسرة منذ أول إطلاق رصاصة يكونون فيها مهزومين. هكذا أصبح الكثير من المتابعين من المواطنين العرب لسير المعارك ترن في آذانهم أسماء مدن وقرى إسرائيل الخالية من السكان وهي تتعرض للقصف اليومي من المقاومة دون القدرة على التصدي لها من جانب الدفاعات الإسرائيلية. انها مدن حيفا وعسقلان وأشدول والجليل الأعلى ويَرْكا وكفر يركا وعكّا وخَرفيش ويانوح والبْقيعة . وبعض المحللين والكرونيكرْ الإسرائيليين يدافعون عن هزيمة إسرائيل بالقول ان روسيا القوة العظمى نراها عاجزة أمام أوكرانيا الضعيفة.
وقال لي أحد المتيّمين بحب المقاومة ووالده كان مقاوما بالسلاح للاستعمار الفرنسي في مدينة اكودة التونسية،أنه لا ينام يوميا الا بعد أن يكون قد استوفى متابعة أخبار المعارك العسكرية والسياسية من كل الفضائيات والإذاعات مع التركيز على ما حل بالمدن والقرى الإسرائيلية والمنشآت العسكرية المتقدمة لإسرائيل هناك من قصف وتدمير،أنزلت من خلاله المقاومة الرعب في قلوب المستوطنين المسلحين. ولكن الخوف والجبن يغلب عليهم فيتركون كل ما استولوا عليه وكل ما بنوه من مستوطنات الشمال هروبا الى مدن الداخل، المرحلة الأولى للهروب الى الخارج وترك الأرض إلى أصحابها، كما جرى للمستوطنين في الجزائر وفي جنوب إفريقيا " وعدة دول تخلصت سلما أو حربا من الاستعمار والاحتلال.
سقطت أقنعة الكذب والتزوير والتضليل الإعلامي الذي قامت عليه إسرائيل
بقلم الصحراوي قمعون
صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة
تؤثر الأحداث الدائرة في أي بلد أو أية منطقة من العالم على التعامل الإعلامي مع المستجدات، حيث ينقل الإعلام في حالة الحروب والكوارث مجريات المعارك كما هي في ذلك البلد أو ذاك وتطفو فيها او تختفي أشياء وأشياء.
وتتكرر في ذلك النقل الإخباري الإجباري أسماء الشخصيات والزعامات وكذلك الأمكنة في المدن التي تعيش الأحداث . وتصبح تلك الأمكنة سواء في أقاليم أو مدن أو قرى أو أرياف، مادة إخبارية تتكرر ويتعرف من خلالها المتلقي كقارئ أو مستمع أو مشاهد أو مبحر في الشبكة العنكبوتية على أسماء مدن وقرى كانت في السابق مغمورة ومجهولة بفضل السكينة والسلام التي كانت تعيشه بعيدا عن المعارك.
وفي الأشهر الأخيرة من حرب غزة المتواصلة يوميا منذ قرابة العام من جانب إسرائيل على سكان القطاع حد الإبادة الجماعية، تعمل أجهزة الدعاية العسكرية الإسرائيلية في كل لحظة على فرض الرقابة على مجريات سير المعارك مع الفلسطينيين، لتظهر وكأنها هي المنتصرة،في محاولة لإخفاء الهزيمة الإستراتيجية التي منيت بها هناك، وهي التي تملك رابع أقوى جيش في العالم، مني بهزيمة نكراء في مواجهة تكتيكية مع ميليشيا حزبية وهي حركة حماس للمقاومة الفلسطينية .
قيم فضفاضة للحرية والديمقراطية الغربية
وقد تأكّد زيف الشعارات خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة على المباشر الإعلامي أمام أنظار العالم والقوى الكبرى، المصابة بداء العجز عن الانتصاب مدافعة عن القيم الكونية، كما تفعل في مناطق أخرى. وقد وقف الرأي العام العالمي إلى اليوم متضامنا مع الشعب الفلسطيني في وقفة عز إنسانية لا تعرف هزيمة الإرادة.وأصبح جمهور النظارة والمتابعين مكْلومًا وقلوبهم منفطرة من صور القتلى والجرحى والمشوهين من الأطفال والنساء والحوامل، وكأن الصور قادمة من كوكب أخر همجي غير كوكب الأرض الذي يدعي الإنسانية وخاصة إنسانية القوى المهيمنة للغرب الصناعي المسيحي صاحب عصر الأنوار المزعومة في ممالك أوروبا وأمريكا الجديدة ،عنوان الحرية والديمقراطية الفضفاضة.
لقد أصبحت الأحداث الملتهبة ترمي يوميا المشاهد بشهب صور مرهقة لنفسه المتهالكة، وقد تربى الجميع في هذا العصر على قيم عصر النهضة الأوروبية ومبادئ حقوق الإنسان، فإذا هو يشاهد يوميا وكل لحظة تلك المبادئ تداس من جحافل المستوطنين والجنود الإسرائيليين المسنودين بالمرتزقة والقناصة من مختلف بلدان الغرب " مقاتلو الحرية" كما تصفهم الصحافة الغربية.
وفي هذه الحرب أصبحت معروفة مدن وقرى غزة مثل مدن ومخيمات جباليا ودير البلح وخان يونس وبيت لاهيا وبيت حانون ومخيم الشاطئ والزهراء والمغراقة وجحر الديك والنصيرات والبريج والزوايدا والقرارة وعبسان وشوكة الصوفي. كلها أصبحت معروفة لدي القاصي والداني ومتابعي الشأن الغزاوي من العرب وفي سائر البلدان. وأصبحت تتردد يوميا بعشرات ومئات المرات في الأخبار، حاملة معها يوميا العشرات والمئات من القتلى الفلسطينيين ومزيد تدمير المستشفيات التي هي أيضا لم تسلم من القصف وما تبقى من البنايات السكنية التي سويت بالأرض بالقنابل الإسرائيلية والأمريكية الأوروبية، تماما كما سوى الأوروبيون مدن أوروبا بالأرض في الحرب العالمية الثانية،إسوة بالأجداد الرومان الذين سوّوْا مدينة قرطاج بالأرض وذرّوا عليها الملح وصاح القائد الروماني كاتون، "دَلنْداكَرطاقو أسْتْ" (يجب تدمير قرطاج). وها هو خليفته الإسرائيلي ناتنياهو يصرح بكل عنجهية أمام الكونغرس الأمريكي الذي استقبله كفاتح لغزة:" دلندا غزّة أسْت"وسط تصفيق نواب الشعب الأمريكي، تشجيعا وإكبارا لما اقترفه من مجازر دموية في غزة تجعله شبيها بمصاص الدماء " نوسْفيراتُو"في الأسطورة المسيحية كشيطان رجيم. وقد نشرت له كبريات الصحف العالمية المتزلفة صورة للذكرى وهو جالس على أريكة إلى جانب قرينته سارة إيفا براون.
وفي نفس السياق الدراماتيكي أصبحت بدورها مدن وقرى الضفة الغربية لفلسطين تتكرر مآسيها في مدنها المتداولة في بحر الدم والاغتيال والاقتحامات وهي رام الله وطولكرم وجينين وقلقيلية والقدس وشيخ جراح والخليل ونابلس والبيرة وبيت لحم وأريحا وطوباس وسلفيت . وقد أصبحت وهي المسالمة حد الخنوع مع العدو الإسرائيلي، تأخذ حصتها ووجبتها اليومية من القتل والدماء دون أن يحرك العالم الغربي ساكنا، وهو الذي أقام تلك السلطة الفلسطينية كهدية مسمومة للشعب الفلسطيني عام 1994 بضمانة القوى الكبرى.
سقوط أقنعة الكذب الإسرائيلية
لقد سقطت أقنعة الكذب والتزوير والتضليل الإعلامي الإسرائيلي الذي قامت عليه إسرائيل بأسطورة المحرقة اليهودية (هولوكوست) في الحرب العالمية الثانية. وانقلبت الصورة لدى الرأي العام العالمي الذي شاهد صمودا تاريخيا لشعب محاصر يودع فيه الفلسطينيون أبناءهم وأهاليهم القتلى بكل صبر وجلد وتصميم على مقاومة العدو حتى الرمق الأخير. فهذا "شعب الجبارين "، كما كان يكرر الزعيم ياسر عرفات، هيهات منه الذلة والهزيمة الموعودة عبثا. وقد تلاقت معه والى جانبه قوى الأغلبية والأقلية لأمة الإسلام، في إجماع منقطع النظير على النصرة وشد الأزر ولو بأضعف الإيمان وهو الكلام والتعبير الإعلامي.
لقد جاءت حرب غزة الأخيرة لتضع إسرائيل في العراء والفراغ التضليلي البروباغاندي بعد أن تغيرت جوهريا قواعد الاشتباك في الحرب العسكرية الموجهة عن بعد، وأصبحت الصواريخ قصيرة المدى والطائرات دون طيار تمطر العدو المتفوق سابقا بطيرانه الحربي الأطلسي وطياريه من المستوي العالي . وأصبحت تسقط، كما في قصة "طير أبابيل"حجارة اللهب من سجيل على أبرهة الإسرائيلي صاحب الشفة الملتوية والنظرة الماكرة. ولم تنفع شبكة القبة الحديدية الدفاعية او منظومة باتريوت الأمريكية في التصدي للصواريخ والمسيرات التي تطلقها قوات حزب الله من لبنان أو مسيرات الحوثيين في اليمن على مشارف باب المندب ، ممر التجارة العالمية.
لطالما أخفت إسرائيل هزائمها وآخرها تلك التي في غزة والأخرى في الجليل الأعلى لشمال إسرائيل الذي يتلقى يوميا سيلا من الصواريخ المزلزلة للكيان الإسرائيلي إلى درجة ان مدن الجليل الأعلى ومستوطنات إسرائيل هناك أصبحت خاوية على عروشها بعد أن هجرها السكان المستوطنون خوفا على أرواحهم وهم المدجّجون بالأسلحة. ولكن لا حماية من صواريخ "سجيل" القاتلة لمستوطنين عدوانيين لا عقيدة لديهم غير افتكاك الأراضي وقتل الفلسطينيين . لقد هجر سكان المدن والمنشآت الاسرائيلة المدنية والعسكرية في شمال الجليل هربا من القصف المستمر بكثافة من المسيرات الإيرانية والصينية والروسية الصنع . وبعضها من صنع حزب الله وحماس في مستودعات ومصانع تحت الأرض .
الهزيمة الثانية في الجليل الأعلى
لقد حاولت إسرائيل التعتيم علي الهزيمة الثانية في الجليل ووقفت الى جانبها في المجهود التضليلي كل الصحافة الغربية الأورو أمريكية بتعتيم اكبر وهي صاحبة الريادة في ذلك منذ قرون الاستعمار المخلوع . ولكن الصور المتجولة عبر الميديا الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي والتي ينشرها الإسرائيليون الناقمون على استمرار الحرب الخاسرة لمنازلهم التي هجروها الى مدن الجنوب، كشفت المحظور وعرّت الهزيمة الإسرائيلية الواسعة . وزاد إعلام المقاومة الفلسطينية واللبنانية في تعرية الفضيحة الإسرائيلية القائمة على التضليل والتجويق الإعلامي حد الكذب وبث الأخبار المفبركة من فئة الفايك نيوز.
في هذه المعركة أصبحت أيضا أسماء المدن والقرى والمستوطنات الإسرائيلية متداولة ولكن بصيغة "الهرم المقلوب" كما يدرس في الصحافة عن الأخبار النَّكْبويّة والنَّكْسويّة الإسرائيلية التي كانت تروجها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن العرب ومواجهاتهم الخاسرة منذ أول إطلاق رصاصة يكونون فيها مهزومين. هكذا أصبح الكثير من المتابعين من المواطنين العرب لسير المعارك ترن في آذانهم أسماء مدن وقرى إسرائيل الخالية من السكان وهي تتعرض للقصف اليومي من المقاومة دون القدرة على التصدي لها من جانب الدفاعات الإسرائيلية. انها مدن حيفا وعسقلان وأشدول والجليل الأعلى ويَرْكا وكفر يركا وعكّا وخَرفيش ويانوح والبْقيعة . وبعض المحللين والكرونيكرْ الإسرائيليين يدافعون عن هزيمة إسرائيل بالقول ان روسيا القوة العظمى نراها عاجزة أمام أوكرانيا الضعيفة.
وقال لي أحد المتيّمين بحب المقاومة ووالده كان مقاوما بالسلاح للاستعمار الفرنسي في مدينة اكودة التونسية،أنه لا ينام يوميا الا بعد أن يكون قد استوفى متابعة أخبار المعارك العسكرية والسياسية من كل الفضائيات والإذاعات مع التركيز على ما حل بالمدن والقرى الإسرائيلية والمنشآت العسكرية المتقدمة لإسرائيل هناك من قصف وتدمير،أنزلت من خلاله المقاومة الرعب في قلوب المستوطنين المسلحين. ولكن الخوف والجبن يغلب عليهم فيتركون كل ما استولوا عليه وكل ما بنوه من مستوطنات الشمال هروبا الى مدن الداخل، المرحلة الأولى للهروب الى الخارج وترك الأرض إلى أصحابها، كما جرى للمستوطنين في الجزائر وفي جنوب إفريقيا " وعدة دول تخلصت سلما أو حربا من الاستعمار والاحتلال.