إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. بين تأويل وتأويل قد تضيع الحقيقة

عادت من جديد حرب التأويلات للقوانين وللفصول القانونية، لتخلق حالة من الضبابية حول مدى صدقيّة هذا التأويل أو ذاك. وقد طفا المشكل على السطح بعد صدور أحكام المحكمة الإدارية حول الطعون التي تقدم بها أصحابها ضد قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي قبلت ثلاثة مطالب فقط للترشح للانتخابات الرئاسية المنتظرة في 6 أكتوبر القادم، وهي  لكل من  رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس "حركة عازمون"،  العياشي زمال ورئيس "حركة الشعب"، زهير المغزاوي، ورفضت بقية المطالب.

 وقد أقرت المحكمة الإدارية ببطلان قرار هيئة الانتخابات في ما يتعلق بملفات ترشح كل من المنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدايمي، غير أن هذه الأحكام التي يرى المتحدثون باسم القضاء الإداري أنها لا تقبل الطعن باعتبار علوية قرارات المحكمة الإدارية،  لم تجد طريقها نحو التطبيق. وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن إبقائها على المرشحين الثلاثة دون غيرهم، وعللت رفضها للامتثال لأحكام المحكمة الإدارية بمؤيدات قانونية تدعم موقفها وفق تأويلها.

لكن الأمور لم تحسم نهائيا على مستوى النقاش العام في البلاد، ووجدنا أنفسنا  في ظل بحر من التأويلات والقراءات القانونية المختلفة والمتناقضة أحيانا.  وانقسم رجال القانون بين مؤيد للمحكمة الإدارية  معتبرين أن أحكامها ينبغي التسليم بها، وبين مؤيد لقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات معتبرين أن حجتها القانونية قوية، وكل له مؤيداته وكل له ما يستند عليه بالقانون أيضا. وهكذا تاهت المسألة بين تأويل وتأويل حتى لتكاد تضيع الحقيقة في النهاية. وبين مؤيد ورافض ومندد ومحذر، يجد المواطن نفسه اليوم حائرا، أي موقف هو الأفضل وأي توجه هو الأسلم للبلاد؟ 

وطبعا كل هذا ليس بجديد، رغم أننا توقعنا أننا قد تجاوزنا كل هذه الأمور التي لا نعتقد أنها في صالح الديمقراطية في البلاد. فكم عانت تونس في السنوات الأخيرة من التأويلات القانونية التي تكاد لا تنتهي، ومن التجاذبات السياسية ومن الجدال الذي لا طائل منه. وكم استغرقنا من وقت في تأويل النصوص القانونية حتى تكاد تتحول الفضاءات إلى منابر لمناقشة القوانين وفصولها وكأننا في مناظرة قانونية ولسنا أمام مرحلة مفصلية في تاريخنا تتطلب يقظة، وخاصة عدم تضييع الوقت فيما لا ينفع.

الجدل القانوني الجاري اليوم وبهذا الشكل يصعب أن يكون علامة صحية لأن  كثرة التأويلات تضعف القوانين وتدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة الإنكارية من بينها مثلا: هل جعلت القوانين لتطبق أم لتكون موضوعا للتأويلات التي  لا تنتهي؟،  وما يثير الهواجس هو أن الـتأويلات  يحدث أن تعبر عن مواقف سياسية وأن النقاشات لا تدور دائما في أرضية قانونية صرفة، وهذا الخلط بين القانوني والسياسي ليس أمرا صحيا كذلك.

ونتمنى بطبيعة الحال على جميع الفاعلين في هذه المرحلة المهمة التي  تمر بها بلادنا أن يتحلوا بشيء من التجرد ما أمكن، لأن القضية في النهاية هي قضية وطن، وقضية ترسيخ الديمقراطية ووضع أسس التداول السلمي على الحكم في البلاد، على أمل أن نجد في النهاية أرضية للتفاهم تكون فيها تونس ومصلحتها ومستقبلها هي بوصلتنا الحقيقية.

وقد لا يفوتنا التذكير بأنه في مثل هذه المواقف نكتشف أهمية استكمال بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية ومن أبرزها المحكمة الدستورية التي كان من الممكن إن تجنبنا مزيدا من الوقت. وطبعا نقول ذلك، على افتراض أن قراراتها هي بدورها لن تكون موضوع جدل وتأويل.  

 حياة السايب

عادت من جديد حرب التأويلات للقوانين وللفصول القانونية، لتخلق حالة من الضبابية حول مدى صدقيّة هذا التأويل أو ذاك. وقد طفا المشكل على السطح بعد صدور أحكام المحكمة الإدارية حول الطعون التي تقدم بها أصحابها ضد قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي قبلت ثلاثة مطالب فقط للترشح للانتخابات الرئاسية المنتظرة في 6 أكتوبر القادم، وهي  لكل من  رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس "حركة عازمون"،  العياشي زمال ورئيس "حركة الشعب"، زهير المغزاوي، ورفضت بقية المطالب.

 وقد أقرت المحكمة الإدارية ببطلان قرار هيئة الانتخابات في ما يتعلق بملفات ترشح كل من المنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدايمي، غير أن هذه الأحكام التي يرى المتحدثون باسم القضاء الإداري أنها لا تقبل الطعن باعتبار علوية قرارات المحكمة الإدارية،  لم تجد طريقها نحو التطبيق. وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن إبقائها على المرشحين الثلاثة دون غيرهم، وعللت رفضها للامتثال لأحكام المحكمة الإدارية بمؤيدات قانونية تدعم موقفها وفق تأويلها.

لكن الأمور لم تحسم نهائيا على مستوى النقاش العام في البلاد، ووجدنا أنفسنا  في ظل بحر من التأويلات والقراءات القانونية المختلفة والمتناقضة أحيانا.  وانقسم رجال القانون بين مؤيد للمحكمة الإدارية  معتبرين أن أحكامها ينبغي التسليم بها، وبين مؤيد لقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات معتبرين أن حجتها القانونية قوية، وكل له مؤيداته وكل له ما يستند عليه بالقانون أيضا. وهكذا تاهت المسألة بين تأويل وتأويل حتى لتكاد تضيع الحقيقة في النهاية. وبين مؤيد ورافض ومندد ومحذر، يجد المواطن نفسه اليوم حائرا، أي موقف هو الأفضل وأي توجه هو الأسلم للبلاد؟ 

وطبعا كل هذا ليس بجديد، رغم أننا توقعنا أننا قد تجاوزنا كل هذه الأمور التي لا نعتقد أنها في صالح الديمقراطية في البلاد. فكم عانت تونس في السنوات الأخيرة من التأويلات القانونية التي تكاد لا تنتهي، ومن التجاذبات السياسية ومن الجدال الذي لا طائل منه. وكم استغرقنا من وقت في تأويل النصوص القانونية حتى تكاد تتحول الفضاءات إلى منابر لمناقشة القوانين وفصولها وكأننا في مناظرة قانونية ولسنا أمام مرحلة مفصلية في تاريخنا تتطلب يقظة، وخاصة عدم تضييع الوقت فيما لا ينفع.

الجدل القانوني الجاري اليوم وبهذا الشكل يصعب أن يكون علامة صحية لأن  كثرة التأويلات تضعف القوانين وتدفع إلى طرح الكثير من الأسئلة الإنكارية من بينها مثلا: هل جعلت القوانين لتطبق أم لتكون موضوعا للتأويلات التي  لا تنتهي؟،  وما يثير الهواجس هو أن الـتأويلات  يحدث أن تعبر عن مواقف سياسية وأن النقاشات لا تدور دائما في أرضية قانونية صرفة، وهذا الخلط بين القانوني والسياسي ليس أمرا صحيا كذلك.

ونتمنى بطبيعة الحال على جميع الفاعلين في هذه المرحلة المهمة التي  تمر بها بلادنا أن يتحلوا بشيء من التجرد ما أمكن، لأن القضية في النهاية هي قضية وطن، وقضية ترسيخ الديمقراطية ووضع أسس التداول السلمي على الحكم في البلاد، على أمل أن نجد في النهاية أرضية للتفاهم تكون فيها تونس ومصلحتها ومستقبلها هي بوصلتنا الحقيقية.

وقد لا يفوتنا التذكير بأنه في مثل هذه المواقف نكتشف أهمية استكمال بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية ومن أبرزها المحكمة الدستورية التي كان من الممكن إن تجنبنا مزيدا من الوقت. وطبعا نقول ذلك، على افتراض أن قراراتها هي بدورها لن تكون موضوع جدل وتأويل.  

 حياة السايب