لا يمكن فهم التصعيد الأخير في الضفة الغربية دون ربطه بمفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وبالرد الإيراني المنتظر على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، وخاصة برد حزب الله الأحد الماضي على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر.
فهذا التصعيد، الذي وإن أتى في إطار ما يشهده قطاع غزة من تصعيد في الاشتباكات بين فصائل المقاومة والاحتلال منذ أشهر، إلا أنه يأتي في وقت مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تعلق آمالا واسعة على نجاح مقترحها الأخير في وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة والذي بلغت جولات التفاوض عليه 3 جولات (جولتان في الدوحة وجولة في القاهرة)، تلك الآمال التي اصطدمت بشروط إسرائيلية صعبة تتعلق خاصة بـ"ضرورة" وجود قوات إسرائيلية في محوري نتساريم وفيلادلفيا في قطاع غزة، وهو ما ترفضه "حماس"، وتصر على انسحاب كامل لجيش الاحتلال من أي مساحة في غزة، قبل انطلاق عملية تبادل الأسرى.
هنا لا يمكن قراءة المشهد إلا من خلال، أن واشنطن تسعى لبذل ضغوطات جديدة على "حماس" لترضخ للضغوط الأمريكية خصوصا وأن "ضغطها" على الحكومة اليمينية الإسرائيلية ورئيس حكمتها بنيامين نتنياهو لم يأت أكله، بل على العكس زادت من تعسير مهمة المفاوضين في جولتي الدوحة والقاهرة، بل وتسببت في تغيير موقع مصر من موقع "الوساطة" إلى موقع "المفاوض" خاصة فيما يتعلق بالحضور العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا بما يعترض اتفاقية كامب ديفيد للسلام وملحقاتها.
من هنا يمكن فهم "صمت" الإدارة الأمريكية على عملية "مخيمات صيفية" الإسرائيلية في مدن الضفة الغربية، فهذه العملية التي تخنق الضفة الغربية، يمكن أن تشكل ضغطا ميدانيا جديدا على "حماس" ومن ورائها فصائل المقاومة، للرضوخ والموافقة على صيغة المقترح الأمريكي والتي تنص صراحة على تبادل تسليم الأسرى لكن دون إيقاف للحرب أو إدخال مساعدات إنسانية لغزة.
وبعيدا على مفاوضات غزة، فالعدوان الإسرائيلي على الضفة، يأتي في وقت ينتظر فيه العالم "الرد" الإيراني على مقتل هنية في طهران، والذي يبدو أنه دخل باب المزايدات "الإيرانية" والمقايضات السياسية خصوصا وأن إستراتيجية الرئيس الإصلاحي الإيراني مسعود بزشكيان تمر عبر فتح أبواب الحوار مع "الآخر" من أجل إطلاق مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي لسنة 2015، وهذا قد لا يكون ممكنا إلا إذا ما اختارت طهران طريق "الرد الناعم" على اغتيال هنية، لا "رد خشن" قد يشعل المنطقة ويذهب بها إلى "نقطة اللاعودة"، وهي النقطة التي يبدو أن اليمين الإسرائيلي الديني يريد الوصول إليها عبر إشعال حطب التصعيد في الضفة وخصوصا تغيير الوضع في القدس الشرقية من خلال التهديدات المتتالية لأحزاب اليمين الدني الصهيوني بإنشاء كنيس في المسجد الأقصى، فيما يذهب البعض الآخر إلى ضرورة "هدم الأقصى" وإقامة الهيكل، وهو ما قد يؤدي إلى إشعال "حرب دينية"، تحتاجها هذه الأحزاب إرضاء لسردياتها اليمثولوجية.
بقلم: نزار مقني
لا يمكن فهم التصعيد الأخير في الضفة الغربية دون ربطه بمفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وبالرد الإيراني المنتظر على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، وخاصة برد حزب الله الأحد الماضي على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر.
فهذا التصعيد، الذي وإن أتى في إطار ما يشهده قطاع غزة من تصعيد في الاشتباكات بين فصائل المقاومة والاحتلال منذ أشهر، إلا أنه يأتي في وقت مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تعلق آمالا واسعة على نجاح مقترحها الأخير في وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة والذي بلغت جولات التفاوض عليه 3 جولات (جولتان في الدوحة وجولة في القاهرة)، تلك الآمال التي اصطدمت بشروط إسرائيلية صعبة تتعلق خاصة بـ"ضرورة" وجود قوات إسرائيلية في محوري نتساريم وفيلادلفيا في قطاع غزة، وهو ما ترفضه "حماس"، وتصر على انسحاب كامل لجيش الاحتلال من أي مساحة في غزة، قبل انطلاق عملية تبادل الأسرى.
هنا لا يمكن قراءة المشهد إلا من خلال، أن واشنطن تسعى لبذل ضغوطات جديدة على "حماس" لترضخ للضغوط الأمريكية خصوصا وأن "ضغطها" على الحكومة اليمينية الإسرائيلية ورئيس حكمتها بنيامين نتنياهو لم يأت أكله، بل على العكس زادت من تعسير مهمة المفاوضين في جولتي الدوحة والقاهرة، بل وتسببت في تغيير موقع مصر من موقع "الوساطة" إلى موقع "المفاوض" خاصة فيما يتعلق بالحضور العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا بما يعترض اتفاقية كامب ديفيد للسلام وملحقاتها.
من هنا يمكن فهم "صمت" الإدارة الأمريكية على عملية "مخيمات صيفية" الإسرائيلية في مدن الضفة الغربية، فهذه العملية التي تخنق الضفة الغربية، يمكن أن تشكل ضغطا ميدانيا جديدا على "حماس" ومن ورائها فصائل المقاومة، للرضوخ والموافقة على صيغة المقترح الأمريكي والتي تنص صراحة على تبادل تسليم الأسرى لكن دون إيقاف للحرب أو إدخال مساعدات إنسانية لغزة.
وبعيدا على مفاوضات غزة، فالعدوان الإسرائيلي على الضفة، يأتي في وقت ينتظر فيه العالم "الرد" الإيراني على مقتل هنية في طهران، والذي يبدو أنه دخل باب المزايدات "الإيرانية" والمقايضات السياسية خصوصا وأن إستراتيجية الرئيس الإصلاحي الإيراني مسعود بزشكيان تمر عبر فتح أبواب الحوار مع "الآخر" من أجل إطلاق مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي لسنة 2015، وهذا قد لا يكون ممكنا إلا إذا ما اختارت طهران طريق "الرد الناعم" على اغتيال هنية، لا "رد خشن" قد يشعل المنطقة ويذهب بها إلى "نقطة اللاعودة"، وهي النقطة التي يبدو أن اليمين الإسرائيلي الديني يريد الوصول إليها عبر إشعال حطب التصعيد في الضفة وخصوصا تغيير الوضع في القدس الشرقية من خلال التهديدات المتتالية لأحزاب اليمين الدني الصهيوني بإنشاء كنيس في المسجد الأقصى، فيما يذهب البعض الآخر إلى ضرورة "هدم الأقصى" وإقامة الهيكل، وهو ما قد يؤدي إلى إشعال "حرب دينية"، تحتاجها هذه الأحزاب إرضاء لسردياتها اليمثولوجية.