إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العنف في الوسط المدرسي.. أية زاوية نظر ؟

أغلب الآراء تتعامل مع المنظومة التربوية على أساس تعريف مغلوط

بقلم: المازري طبقة باحث أكاديمي في علوم التربية

منتم لمخابر البحث في تونس وفرنسا (ليون)

تعتبر ظاهرة العنف في الوسط المدرسي من الظواهر الخطيرة التي تتطلب تدخل كل الأطراف المعنية بالشأن التربوي، وكذلك الأطراف المهتمة بالشأن الاجتماعي والسياسي، لأن العنف الذي يتحول إلى ثقافة مجتمعية يتبناها الطفل يجب التعامل معه كعدو يهدد كيان الدولة.

وربما ما يجعل هذا النوع من العنف معقدًا هو أنه يحمل صفة المدرسة وينتسب لها، إذ هي الفضاء الحاضن والضحية لمثل هذه الآفات وأيضًا المتهم الرئيسي في تشكل وانتشار هذه الآفة. المدرسة تمثل الفضاء الذي تتفاعل فيه كل مكونات المنظومة التربوية، وهي الفضاء الذي يتشكل فيه فعليًا المنتج الرئيسي للمنظومة وهو الطفل. حيث إن المدرسة هي "الخلية الأساسية في النسيج التربوي وهيكلا بيداغوجيا قائمًا بذاته، وهي تعمل على المحافظة على الذاكرة التربوية وتعريف الناشئة بها" (الفصل 6 من القانون التوجيهي لسنة 2002، الرائد الرسمي عدد 62 بتاريخ 30 جويلية 2002، ص 1915). وحدد القانون التوجيهي لسنة 2002 دور المدرسة بأنها تعمل في إطار وظيفتها التربوية بالتعاون مع الأولياء وفي تكامل مع الأسرة، على تربية الناشئة على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم وروح المسؤولية والمبادرة، وهذا بالأساس بتنمية الحس المدني وتنمية شخصية الفرد، وتنشئة التلميذ على احترام القيم الاجتماعية وقواعد العيش" (الفصل 8 من القانون التوجيهي سنة 2002).

ربما إذا قمنا بتحليل سطحي لهذين الفصلين من القانون التوجيهي لن نجد صعوبة في توجيه الاتهام إلى المدرسة بالأساس ثم إلى الأسرة كشريك في الجريمة، وهذا طبعًا منافٍ لأبسط قواعد التحليل السليم. وربما أيضًا أن هذا النوع من التحليل هو السبب في فشل كل محاولات التعامل مع آفة العنف في الوسط المدرسي. هنا يجب العودة بسرعة إلى مفهوم النظام أو المنظومة.

أغلب الآراء تتعامل مع المنظومة التربوية على أساس تعريف مغلوط، باعتبار المنظومة أو النظام عبارة عن مجموعة من القواعد والضوابط التي تسهر على حسن سير العملية التربوية. والأخطر أن هذا التعريف السطحي انتشر بين الناشئة، حيث أصبحوا يعتمدون عليه كلما ارتأوا الاحتجاج على وضع تربوي معين، وذلك بالتركيز على خرق القوانين والضوابط التي يتحدث عنها الجميع على أنها النظام التربوي. فما هو النظام إذن أو المنظومة؟

النظام (le système) في صورته المجردة هو تكوين منظم ومركب من عدة عناصر أو أجزاء تنتظم معًا في تكوين متناسق لتحقيق هدف أو أهداف محددة. يضم بداخله مجموعة من الأجزاء أو العناصر الثانوية التي ترتبط فيما بينها بعلاقات، ويقوم كل جزء بوظيفة تتكامل مع وظائف بقية العناصر. لذلك يعتبر العديد من الباحثين أن النظام هو شبكة من العلاقات بين أجزائه التي تعمل جماعيًا وفي تناسق وتقاسم للأدوار دون سلطة لأحدها على الأخرى بهدف تقديم المنتج الذي من أجله تم بناء النظام. كما يمكن للنظام أن يكون مغلقًا أو مفتوحًا يتفاعل عبر حدوده مكوناته الداخلية مع عناصر خارجية بهدف تجويد المنتج، وهذا هو النظام التربوي.

هذه اللمحة السريعة حول التعريف العلمي للنظام تبرز رؤيتنا لانتشار ظاهرة العنف في الوسط المدرسي كنتاج لخلل في النظام التربوي، وأن معالجة الخلل لا تكون بمعالجة النظام بأكمله أو اتهام أحد مكوناته الداخلية، لأن القاعدة تقول "الكل أكبر من مجموع عناصره" (Le tout est plus que la somme de ses parties). النظام كلي وغير قابل للجمع، وهذا يعني أن تقييم النظام يكون بتقييم عناصره منفردة وكذلك تقييم التفاعلات التي تربط أجزاءه ببعضها. الأغلبية يعتبرون أن الخلل في النظام التربوي، ولكن ليس بسبب التقصير الصادر عن المدرسة، أو الأسرة أو الإطار التربوي والإداري أو البرامج التربوية، بل يكمن الخلل في غياب التفاعل بين تلك الأجزاء المكونة للمنظومة.

العنف في الوسط المدرسي هو خلل واضح في المنتج الذي من أجله جُعل النظام التربوي، أي التلميذ. حيث نعتبر، ومن خلال استبيان أنجزناه سنة 2008 و2009 بالتعاون مع وحدة طب نفس الطفل بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير، أن العنف الصادر عن الطفل في محيط المدرسة، سواء داخلها أو خارجها، هو لغة جسدية وتواصلية يتبناها الطفل للتعبير عن وضع يعيشه سواء في مدرسته أو داخل عائلته. الحل بالأساس هو في التعامل مع العنف في الوسط المدرسي كالتعامل مع العنف من مصادر أخرى ولغايات أخرى. الحقيقة أن العنف الذي يصدر عن الطفل يحوله إلى ضحية قبل أن يكون المدان.

تعتبر المقاربة السلوكية (behaviorism) أن السلوك هو طريقة لجلب الانتباه، وخاصة إذا كان سلوكًا غير سليم، وأن قواعد علم نفس الطفل تعتبر أن الطفل يلجأ إلى سلوكيات غير مرغوب فيها عن غير وعي وفي أحيان أخرى عن وعي بهدف الاحتجاج على وضع ما أو بهدف جلب الاهتمام وأيضًا من أجل الانتفاضة على واقع لم يقدر على تغييره بنفسه. العقوبة، وهي أسهل الوسائل التي يعتمد عليها "الكبار"، تتحول في أغلب الأحيان إلى سلوك داعم (renforcement) للسلوك المراد تغييره.

القطيعة بين الطفل ومدرسته أصبحت أمرًا جليًا للجميع دون استثناء. ربما أن اثنين من الإصلاحات الثلاث التي أجريت على المنظومة التربوية في تونس (1959، 1991، و2002) كان من بين أهدافها إعادة الطفل إلى مدرسته، وبالأحرى إعادة المدرسة إلى الطفل. إذا اعتبرنا أن الفاعل الأساسي داخل المؤسسة التربوية هو إطار التدريس وإطار التأطير والمرافقة الذي عرف مؤخرًا انقطاع التواصل بينه وبين التلميذ، والذي يعتبره القانون التوجيهي لسنة 2002 محور العملية التربوية، وحيث إن الأسرة هي من العناصر الأساسية في النظام التربوي حسب التوجهات الجديدة منذ سنة 2002، فإننا نعتبر أن الخلل ليس في الطفل بقدر ما هو خلل في التعامل مع الطفل والإحاطة به. يعود ذلك مباشرة إلى انعدام التواصل معه أو على الأقل استعمال لغة يفهمها. لذا من الواجب علينا إعادة فهم الطفل وتجديد أساليبنا التواصلية والبيداغوجية لتتناسب مع تطور الطفل ونفسيته وحتى تكوينه المعرفي، الذي عرف تسارعًا مع التطور الإعلامي ووسائلها، والتي أبدع الطفل عمومًا، وفي تونس خصوصًا، في التعامل معها والإبداع فيها.

لن أجد أفضل من هذا المجال للحديث عن التكوين في وزارة التربية وفي النظام التربوي في تونس، حيث إن الخلل واضح من خلال نقص التكوين لدى إطار التدريس. لا أتحدث هنا عن التكوين الأكاديمي أو في العلوم محور البرامج التربوية، بل عن التكوين في المعارف المهنية الخاصة بالتعليم. عبر تلك المعارف، سيتمكن المعلم من التعامل مع التلميذ والإحاطة به والتدخل السريع والفعال مع الوضعيات التي ينتج عنها العنف في شكله الذي هو تعبير عن رفض وضع ما أو الاحتجاج أو لجلب الانتباه. التكوين المستمر أخذ في اعتى النظم التربوية منحى تمهينيًا لمهنة المربي، وأصبح محترفًا من خلال تطوير مردوديته وتجويد المنتج الذي يساهم في تكوينه بنسبة عالية. نظرتنا التي نؤمن بها تعتبر أن أفضل السبل لمعالجة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأخرى الإدارية والأمنية والاجتماعية، هو التكوين المستمر الذي يهدف إلى تمهين التعليم (professionnalisation de l'enseignement) بطريقة تجعل المربي المحترف قادرًا على التعامل مع كل الوضعيات التربوية والبيداغوجية وحتى النفسية التي يمر بها الطفل، وهو ما سيسرع في إعادة الطفل إلى حاضنته الأساسية وهي المدرسة.

ما عرضناه في هذا المقال الهدف منه هو إبراز رؤية علمية اعتمدت على قواعد بحثية وتجارب مقارنة من أجل تسليط الضوء على ما نعتقد أنه الحل الأمثل لمجابهة آفة العنف في الوسط المدرسي، ونحن على استعداد تام لبلورة هذه الرؤية في شراكة مع هياكل وزارة التربية والمنظمات الشريكة في الشأن التربوي.

 

 

 

العنف في الوسط المدرسي.. أية زاوية نظر ؟

أغلب الآراء تتعامل مع المنظومة التربوية على أساس تعريف مغلوط

بقلم: المازري طبقة باحث أكاديمي في علوم التربية

منتم لمخابر البحث في تونس وفرنسا (ليون)

تعتبر ظاهرة العنف في الوسط المدرسي من الظواهر الخطيرة التي تتطلب تدخل كل الأطراف المعنية بالشأن التربوي، وكذلك الأطراف المهتمة بالشأن الاجتماعي والسياسي، لأن العنف الذي يتحول إلى ثقافة مجتمعية يتبناها الطفل يجب التعامل معه كعدو يهدد كيان الدولة.

وربما ما يجعل هذا النوع من العنف معقدًا هو أنه يحمل صفة المدرسة وينتسب لها، إذ هي الفضاء الحاضن والضحية لمثل هذه الآفات وأيضًا المتهم الرئيسي في تشكل وانتشار هذه الآفة. المدرسة تمثل الفضاء الذي تتفاعل فيه كل مكونات المنظومة التربوية، وهي الفضاء الذي يتشكل فيه فعليًا المنتج الرئيسي للمنظومة وهو الطفل. حيث إن المدرسة هي "الخلية الأساسية في النسيج التربوي وهيكلا بيداغوجيا قائمًا بذاته، وهي تعمل على المحافظة على الذاكرة التربوية وتعريف الناشئة بها" (الفصل 6 من القانون التوجيهي لسنة 2002، الرائد الرسمي عدد 62 بتاريخ 30 جويلية 2002، ص 1915). وحدد القانون التوجيهي لسنة 2002 دور المدرسة بأنها تعمل في إطار وظيفتها التربوية بالتعاون مع الأولياء وفي تكامل مع الأسرة، على تربية الناشئة على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم وروح المسؤولية والمبادرة، وهذا بالأساس بتنمية الحس المدني وتنمية شخصية الفرد، وتنشئة التلميذ على احترام القيم الاجتماعية وقواعد العيش" (الفصل 8 من القانون التوجيهي سنة 2002).

ربما إذا قمنا بتحليل سطحي لهذين الفصلين من القانون التوجيهي لن نجد صعوبة في توجيه الاتهام إلى المدرسة بالأساس ثم إلى الأسرة كشريك في الجريمة، وهذا طبعًا منافٍ لأبسط قواعد التحليل السليم. وربما أيضًا أن هذا النوع من التحليل هو السبب في فشل كل محاولات التعامل مع آفة العنف في الوسط المدرسي. هنا يجب العودة بسرعة إلى مفهوم النظام أو المنظومة.

أغلب الآراء تتعامل مع المنظومة التربوية على أساس تعريف مغلوط، باعتبار المنظومة أو النظام عبارة عن مجموعة من القواعد والضوابط التي تسهر على حسن سير العملية التربوية. والأخطر أن هذا التعريف السطحي انتشر بين الناشئة، حيث أصبحوا يعتمدون عليه كلما ارتأوا الاحتجاج على وضع تربوي معين، وذلك بالتركيز على خرق القوانين والضوابط التي يتحدث عنها الجميع على أنها النظام التربوي. فما هو النظام إذن أو المنظومة؟

النظام (le système) في صورته المجردة هو تكوين منظم ومركب من عدة عناصر أو أجزاء تنتظم معًا في تكوين متناسق لتحقيق هدف أو أهداف محددة. يضم بداخله مجموعة من الأجزاء أو العناصر الثانوية التي ترتبط فيما بينها بعلاقات، ويقوم كل جزء بوظيفة تتكامل مع وظائف بقية العناصر. لذلك يعتبر العديد من الباحثين أن النظام هو شبكة من العلاقات بين أجزائه التي تعمل جماعيًا وفي تناسق وتقاسم للأدوار دون سلطة لأحدها على الأخرى بهدف تقديم المنتج الذي من أجله تم بناء النظام. كما يمكن للنظام أن يكون مغلقًا أو مفتوحًا يتفاعل عبر حدوده مكوناته الداخلية مع عناصر خارجية بهدف تجويد المنتج، وهذا هو النظام التربوي.

هذه اللمحة السريعة حول التعريف العلمي للنظام تبرز رؤيتنا لانتشار ظاهرة العنف في الوسط المدرسي كنتاج لخلل في النظام التربوي، وأن معالجة الخلل لا تكون بمعالجة النظام بأكمله أو اتهام أحد مكوناته الداخلية، لأن القاعدة تقول "الكل أكبر من مجموع عناصره" (Le tout est plus que la somme de ses parties). النظام كلي وغير قابل للجمع، وهذا يعني أن تقييم النظام يكون بتقييم عناصره منفردة وكذلك تقييم التفاعلات التي تربط أجزاءه ببعضها. الأغلبية يعتبرون أن الخلل في النظام التربوي، ولكن ليس بسبب التقصير الصادر عن المدرسة، أو الأسرة أو الإطار التربوي والإداري أو البرامج التربوية، بل يكمن الخلل في غياب التفاعل بين تلك الأجزاء المكونة للمنظومة.

العنف في الوسط المدرسي هو خلل واضح في المنتج الذي من أجله جُعل النظام التربوي، أي التلميذ. حيث نعتبر، ومن خلال استبيان أنجزناه سنة 2008 و2009 بالتعاون مع وحدة طب نفس الطفل بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير، أن العنف الصادر عن الطفل في محيط المدرسة، سواء داخلها أو خارجها، هو لغة جسدية وتواصلية يتبناها الطفل للتعبير عن وضع يعيشه سواء في مدرسته أو داخل عائلته. الحل بالأساس هو في التعامل مع العنف في الوسط المدرسي كالتعامل مع العنف من مصادر أخرى ولغايات أخرى. الحقيقة أن العنف الذي يصدر عن الطفل يحوله إلى ضحية قبل أن يكون المدان.

تعتبر المقاربة السلوكية (behaviorism) أن السلوك هو طريقة لجلب الانتباه، وخاصة إذا كان سلوكًا غير سليم، وأن قواعد علم نفس الطفل تعتبر أن الطفل يلجأ إلى سلوكيات غير مرغوب فيها عن غير وعي وفي أحيان أخرى عن وعي بهدف الاحتجاج على وضع ما أو بهدف جلب الاهتمام وأيضًا من أجل الانتفاضة على واقع لم يقدر على تغييره بنفسه. العقوبة، وهي أسهل الوسائل التي يعتمد عليها "الكبار"، تتحول في أغلب الأحيان إلى سلوك داعم (renforcement) للسلوك المراد تغييره.

القطيعة بين الطفل ومدرسته أصبحت أمرًا جليًا للجميع دون استثناء. ربما أن اثنين من الإصلاحات الثلاث التي أجريت على المنظومة التربوية في تونس (1959، 1991، و2002) كان من بين أهدافها إعادة الطفل إلى مدرسته، وبالأحرى إعادة المدرسة إلى الطفل. إذا اعتبرنا أن الفاعل الأساسي داخل المؤسسة التربوية هو إطار التدريس وإطار التأطير والمرافقة الذي عرف مؤخرًا انقطاع التواصل بينه وبين التلميذ، والذي يعتبره القانون التوجيهي لسنة 2002 محور العملية التربوية، وحيث إن الأسرة هي من العناصر الأساسية في النظام التربوي حسب التوجهات الجديدة منذ سنة 2002، فإننا نعتبر أن الخلل ليس في الطفل بقدر ما هو خلل في التعامل مع الطفل والإحاطة به. يعود ذلك مباشرة إلى انعدام التواصل معه أو على الأقل استعمال لغة يفهمها. لذا من الواجب علينا إعادة فهم الطفل وتجديد أساليبنا التواصلية والبيداغوجية لتتناسب مع تطور الطفل ونفسيته وحتى تكوينه المعرفي، الذي عرف تسارعًا مع التطور الإعلامي ووسائلها، والتي أبدع الطفل عمومًا، وفي تونس خصوصًا، في التعامل معها والإبداع فيها.

لن أجد أفضل من هذا المجال للحديث عن التكوين في وزارة التربية وفي النظام التربوي في تونس، حيث إن الخلل واضح من خلال نقص التكوين لدى إطار التدريس. لا أتحدث هنا عن التكوين الأكاديمي أو في العلوم محور البرامج التربوية، بل عن التكوين في المعارف المهنية الخاصة بالتعليم. عبر تلك المعارف، سيتمكن المعلم من التعامل مع التلميذ والإحاطة به والتدخل السريع والفعال مع الوضعيات التي ينتج عنها العنف في شكله الذي هو تعبير عن رفض وضع ما أو الاحتجاج أو لجلب الانتباه. التكوين المستمر أخذ في اعتى النظم التربوية منحى تمهينيًا لمهنة المربي، وأصبح محترفًا من خلال تطوير مردوديته وتجويد المنتج الذي يساهم في تكوينه بنسبة عالية. نظرتنا التي نؤمن بها تعتبر أن أفضل السبل لمعالجة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الأخرى الإدارية والأمنية والاجتماعية، هو التكوين المستمر الذي يهدف إلى تمهين التعليم (professionnalisation de l'enseignement) بطريقة تجعل المربي المحترف قادرًا على التعامل مع كل الوضعيات التربوية والبيداغوجية وحتى النفسية التي يمر بها الطفل، وهو ما سيسرع في إعادة الطفل إلى حاضنته الأساسية وهي المدرسة.

ما عرضناه في هذا المقال الهدف منه هو إبراز رؤية علمية اعتمدت على قواعد بحثية وتجارب مقارنة من أجل تسليط الضوء على ما نعتقد أنه الحل الأمثل لمجابهة آفة العنف في الوسط المدرسي، ونحن على استعداد تام لبلورة هذه الرؤية في شراكة مع هياكل وزارة التربية والمنظمات الشريكة في الشأن التربوي.