مع اقتراب العودة المدرسية لموسم 2024 /2025، وبعد بداية الحديث عن المجلس الأعلى للتربية، وصدور النص المنظم، ومسألة تسوية وضعية المدرسين النواب، بدأ الحديث أيضا عن مستلزمات العودة، من أدوات مدرسية وغيرها، التي يبدو أنها عرفت ارتفاعا ملحوظا، مقابل تدهور المقدرة الشرائية لأغلب العائلات، التي خرجت من موسم صيفي مرهق ماليا (حتى على مستوى فواتير الماء والكهرباء) إذ يكفي القول إن ثمن المحفظة الواحدة بين 100 و200 دينار، دون الحديث عن بقية المستلزمات.. مما يعني أن المواطن سيكون في مواجهة مصاريف ضخمة، تضاف إليها مصاريف الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يتزامن مع العودة المدرسية هذه السنة.
والمؤكد أنها ستكون عودة مرهقة لميزانيات العائلات وستزيد في حجم التداين الأسري.. وارتفاع حجم قروض الاستهلاك، مما يستدعي التدخل لعقلنة الأسعار ونسب ارتفاعها على الأقل.. فقد ارتفعت بطريقة ملفتة، ولسائل أن يسأل أين هياكل المراقبة والوزارات المعنية، وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟ فالمواطن أضحى يكتوي بلهيب الأسعار أينما ولى وجهه، في الأسواق والمكتبات وفي كل المتاجر.. وقد لا نبالغ إذا قلنا إن العودة المدرسية باتت تحتاج الى ميزانية عائلية ضخمة، وهذا ليس متاحا لجل العائلات.. فالتونسي يشكو على امتداد العام تدهورا في مقدرته الشرائية والتي تزيدها كثرة المناسبات والأعياد إنهاكا .
كما ينتظر أن تكون العودة المدرسية هذه السنة صعبة، بالنظر إلى آخر التطورات بين الطرف الاجتماعي ووزارة التربية والخلاف مع النقابات وما تقرر من تحركات احتجاجية للمدرسين في الأساسي والإعدادي والثانوي، نتيجة عدم استجابة الوزارة لعدة مطالب وخاصة نتيجة غياب الحوار وجلسات التفاوض .
ومن المؤكد أن انعدام الحوار يزيد من حدة الاحتقان ويؤجج الخلافات بين الطرف الاجتماعي وسلطة الإشراف، في كل القطاعات والمجالات، لكن في الوقت الذي كان يفترض أن تتقاطع وزارة التربية والنقابات في عديد المسائل التي تهم الإصلاح التربوي وتسوية وضعية المدرسين النواب والمتعاقدين.. والزمن المدرسي وعديد الملفات الأخرى إلا أن ما حدث هو العكس.. بل غاب الحوار ورفضت الأطراف الاجتماعية عدم التعامل معها كشريك في مثل هذه الملفات، كما استغربت التغييب رغم أنها أطراف فاعلة في المنظومة التربوية، وهي الأكثر دراية بعديد المسائل، مقارنة بغيرها، باعتبارها مباشرة للعمل التربوي ولها دراية كافية من خلال العمل الميداني.
في كل الأحوال يبقى الحوار والاستماع للآخرين أساس التكامل بين الأطراف المتداخلة، باعتبار أن التعليم والتربية قطاع سيادي وشأن يهم كل التونسيين بمختلف فئاتهم، وهو ما يفترض أن يكون ملف الإصلاح وغيره من المسائل ذات العلاقة، مفتوحة على الأطراف المعنية باختلاف مواقعها ومشاربها، لضمان التفاعل في ضبط أسس صلبة للإصلاح المطلوب.. مما يعني أنه لا مجال لمثل هذه الصراعات التي برزت في الفترة الأخيرة والحوار مطلوب في التعليم وبقية القطاعات.
من الأهمية بمكان تخفيف حدة الاحتقان على مستوى العائلات نتيجة الارتفاع غير المسبوق لأسعار مستلزمات العودة المدرسية.. وكذلك التخفيف من منسوب التوتر الذي يخيم على علاقات الفاعلين في قطاع التعليم مع الوزارة، حتى تكون على الأقل عودة هادئة ومنطلقا لسنة تكوينية ناجحة من أجل تحقيق نتائج باهرة، تمكن المتعلمين من صعود سلم العلم بثبات.
وفي كل الحالات لا يمكن تحقيق هذا (عقلنة الأسعار) (وكذاك جلوس الوزارة والطرف النقابي للتنسيق والعمل الثنائي) إلا بتشريك الأطراف المتداخلة، كل في مجاله، والبحث عن حلول جماعية قابلة للتطبيق ومجدية في الآن ذاته.. فالحوار وحده مزيل كل العقبات ومذيب للجليد، أما المكابرة فلا ينتظر منها غير مزيد اتساع الهوة لتصبح المشاكل مثل كرة الثلج.
عبد الوهاب الحاج علي
مع اقتراب العودة المدرسية لموسم 2024 /2025، وبعد بداية الحديث عن المجلس الأعلى للتربية، وصدور النص المنظم، ومسألة تسوية وضعية المدرسين النواب، بدأ الحديث أيضا عن مستلزمات العودة، من أدوات مدرسية وغيرها، التي يبدو أنها عرفت ارتفاعا ملحوظا، مقابل تدهور المقدرة الشرائية لأغلب العائلات، التي خرجت من موسم صيفي مرهق ماليا (حتى على مستوى فواتير الماء والكهرباء) إذ يكفي القول إن ثمن المحفظة الواحدة بين 100 و200 دينار، دون الحديث عن بقية المستلزمات.. مما يعني أن المواطن سيكون في مواجهة مصاريف ضخمة، تضاف إليها مصاريف الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يتزامن مع العودة المدرسية هذه السنة.
والمؤكد أنها ستكون عودة مرهقة لميزانيات العائلات وستزيد في حجم التداين الأسري.. وارتفاع حجم قروض الاستهلاك، مما يستدعي التدخل لعقلنة الأسعار ونسب ارتفاعها على الأقل.. فقد ارتفعت بطريقة ملفتة، ولسائل أن يسأل أين هياكل المراقبة والوزارات المعنية، وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟ فالمواطن أضحى يكتوي بلهيب الأسعار أينما ولى وجهه، في الأسواق والمكتبات وفي كل المتاجر.. وقد لا نبالغ إذا قلنا إن العودة المدرسية باتت تحتاج الى ميزانية عائلية ضخمة، وهذا ليس متاحا لجل العائلات.. فالتونسي يشكو على امتداد العام تدهورا في مقدرته الشرائية والتي تزيدها كثرة المناسبات والأعياد إنهاكا .
كما ينتظر أن تكون العودة المدرسية هذه السنة صعبة، بالنظر إلى آخر التطورات بين الطرف الاجتماعي ووزارة التربية والخلاف مع النقابات وما تقرر من تحركات احتجاجية للمدرسين في الأساسي والإعدادي والثانوي، نتيجة عدم استجابة الوزارة لعدة مطالب وخاصة نتيجة غياب الحوار وجلسات التفاوض .
ومن المؤكد أن انعدام الحوار يزيد من حدة الاحتقان ويؤجج الخلافات بين الطرف الاجتماعي وسلطة الإشراف، في كل القطاعات والمجالات، لكن في الوقت الذي كان يفترض أن تتقاطع وزارة التربية والنقابات في عديد المسائل التي تهم الإصلاح التربوي وتسوية وضعية المدرسين النواب والمتعاقدين.. والزمن المدرسي وعديد الملفات الأخرى إلا أن ما حدث هو العكس.. بل غاب الحوار ورفضت الأطراف الاجتماعية عدم التعامل معها كشريك في مثل هذه الملفات، كما استغربت التغييب رغم أنها أطراف فاعلة في المنظومة التربوية، وهي الأكثر دراية بعديد المسائل، مقارنة بغيرها، باعتبارها مباشرة للعمل التربوي ولها دراية كافية من خلال العمل الميداني.
في كل الأحوال يبقى الحوار والاستماع للآخرين أساس التكامل بين الأطراف المتداخلة، باعتبار أن التعليم والتربية قطاع سيادي وشأن يهم كل التونسيين بمختلف فئاتهم، وهو ما يفترض أن يكون ملف الإصلاح وغيره من المسائل ذات العلاقة، مفتوحة على الأطراف المعنية باختلاف مواقعها ومشاربها، لضمان التفاعل في ضبط أسس صلبة للإصلاح المطلوب.. مما يعني أنه لا مجال لمثل هذه الصراعات التي برزت في الفترة الأخيرة والحوار مطلوب في التعليم وبقية القطاعات.
من الأهمية بمكان تخفيف حدة الاحتقان على مستوى العائلات نتيجة الارتفاع غير المسبوق لأسعار مستلزمات العودة المدرسية.. وكذلك التخفيف من منسوب التوتر الذي يخيم على علاقات الفاعلين في قطاع التعليم مع الوزارة، حتى تكون على الأقل عودة هادئة ومنطلقا لسنة تكوينية ناجحة من أجل تحقيق نتائج باهرة، تمكن المتعلمين من صعود سلم العلم بثبات.
وفي كل الحالات لا يمكن تحقيق هذا (عقلنة الأسعار) (وكذاك جلوس الوزارة والطرف النقابي للتنسيق والعمل الثنائي) إلا بتشريك الأطراف المتداخلة، كل في مجاله، والبحث عن حلول جماعية قابلة للتطبيق ومجدية في الآن ذاته.. فالحوار وحده مزيل كل العقبات ومذيب للجليد، أما المكابرة فلا ينتظر منها غير مزيد اتساع الهوة لتصبح المشاكل مثل كرة الثلج.