إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مواجهة الشح المائي أولوية الأولويات.. ترشيد استهلاك الماء يوفر لتونس 30 مليون متر مكعب سنويا !

 

تونس-الصباح

دفع النقص الواضح في الأمطار إلى الترفيع من درجة التحذيرات بشأن أزمة الشح المائي في ظل تراجع نسب امتلاء السدود وتزايد الحاجة إلى دعم المواطن لسياسات الاقتصاد في الماء والترفيع من درجة وعي التونسي بضرورة ترشيد استهلاك الماء والقطع مع بعض مظاهر التبذير وهدر المياه التي لم يعد مسموحا بها اليوم والبلاد على حافة العطش.

كشف مؤخرا مرصد الفلاحة في "نشرية اليقظة"، أن نسبة امتلاء السدود التونسية بلغت 24,1% فقط. في حين بلغت كميات الأمطار في كامل البلاد، 146,7 ملمترًا خلال الفترة من غرة سبتمبر 2023 إلى 18 أوت الجاري.

وبذلك تعتبر كميات الأمطار المسجلة ضعيفة نسبيًا إذ تراوح العجز بین 28% و52%، وفقًا لما ورد في نشرية مرصد الفلاحة.

رفع هذا الوضع من درجة تحذيرات المختصين في مجال المياه حيث أكد الخبير التونسي في المياه محمد صالح قلايد أن نسبة امتلاء السدود الآن في أدنى مستوياتها. مضيفا في تصريحات إعلامية "نعرف أن العديد من المدن وخاصة المدن الكبرى مثل العاصمة وولايات الساحل والوطن القبلي التي يعيش فيها نحو 7 ملايين ساكن تعتمد على المياه السطحية أي المياه المتأتية من السدود التي نسبة امتلائها في أدنى مستوياتها الآن وهذا يشكل حقيقة خطرا كبيرا ونأمل أن يرحمنا الله بالأمطار وتتحسن الأمور”، وفق تعبيره.

سلوك التبذير

في انتظار رحمة السماء بنزول الأمطار خلال الفترة القادمة وترقيع البعض من النقص المسجل في نسب امتلاء السدود يظل ترشيد الاستهلاك أبرز المحاور التي يعول عليها المختصون في المساهمة ولو نسبيا في تجاوز الأسوأ. لكن الملاحظ أن سلوك التونسي في علاقة باستهلاك المياه لا يبدو منسجما للأسف مع حساسية الظرف وعمق أزمة شح المياه التي تواجهها البلاد اليوم.

والمتأمل في علاقة المواطن مع استهلاك المياه يسجل تواصل مظاهر التبذير خلال أعمال التنظيف أو غسل السيارات في المنازل والاستحمام ولا تبدو المناهج التحسيسية التي يتم اللجوء إليها والتعويل عليها في تعديل سلوك التونسي في علاقته باستهلاك الماء ناجعة إلى حد الآن.

يقول بهذا الصدد المدير المركزي للاقتصاد في الماء بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الـ"صوناد" شوقي بن منصور، إنّ "الوضعية المائية في تونس حرجة جدّا، وان تبني المواطن سلوكا استهلاكيا مقتصدا في الماء قائما على اقتصاد زهاء 120 لترا يوميا يمكن أن يوفر 30 مليون متر مكعب سنويا".

مضيفا في تصريح مؤخرا أن "تبني المواطن لسلوك مقتصد في التعامل مع مياه الشرب يمكن أن يوفر ما بين 100 و120 لترا يوميا من المياه الصالحة للشرب على مستوى كل عائلة مما يمكن من تعبئة سد متوسط بالمياه".

ويؤكد بن منصور أن "الاستحمام يتصدر قائمة الأنشطة التي تتضمن تبذيرا للمياه مما يتطلب العودة الى استخدام الطرق التقليدية المقتصدة يليه غسل الأواني والملابس وغيرها".

مجهود التوعية والتحسيس

في مارس 2023 نص قرار لوزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي على حظر استعمال المياه الصالحة للشرب، والموزعة من قبل الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، في الأغراض الزراعية وري المساحات الخضراء أو تنظيف الشوارع والسيارات. كما نص القرار على اعتماد نظام حصص (تقسيط) للتزود بالماء الصالح للشرب وظل القرار ساري المفعول إلى اليوم.

ومع تفاقم أزمة شح المياه في السدود قد تتفاقم الوضعية أكثر في المقابل يظل المجهود التوعوي والتحسيسي وتشريك المواطن في مواجهة الأزمة محدودا للأسف ولن يكون إرسال إرسالية قصيرة عبر الهاتف الجوال للدعوة للاقتصاد في الماء بمفرده قادرا على تعديل سلوك التونسي. وربما تحتاج المسألة تفكيرا أعمق واستنباط وسائل تحسيس أكثر نجاعة وكثافة.

يذكر أن دراسة المياه في أفق 2050 التي تم إعدادها مؤخرا أشارت إلى أهمية التحسيس ووضع  خطة مستقبلية للتوعية على المدى البعيد.

من جهتها تفيد مصادر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أنها شرعت مؤخرا في تنفيذ حملة تحسيسية لاطلاع المواطن على الوضعية الحرجة التي تعاني من منظومة مياه الشرب جرّاء موجة الجفاف وانحباس الأمطار.

وتعول الشركة من خلال حملة إعلامية واسعة النطاق على تحسيس المواطن بضرورة إيلاء أهمية كبرى لموضوع الاقتصاد في المياه الصالحة للشرب وإحكام التصرف فيها.

لكن الواضح أن هذا المجهود بحاجة لدعم أكثر وأفكار توعوية أنجع للوصول إلى الأهداف المرسومة.

م.ي

مواجهة الشح المائي أولوية الأولويات..   ترشيد استهلاك الماء يوفر لتونس 30 مليون متر مكعب سنويا !

 

تونس-الصباح

دفع النقص الواضح في الأمطار إلى الترفيع من درجة التحذيرات بشأن أزمة الشح المائي في ظل تراجع نسب امتلاء السدود وتزايد الحاجة إلى دعم المواطن لسياسات الاقتصاد في الماء والترفيع من درجة وعي التونسي بضرورة ترشيد استهلاك الماء والقطع مع بعض مظاهر التبذير وهدر المياه التي لم يعد مسموحا بها اليوم والبلاد على حافة العطش.

كشف مؤخرا مرصد الفلاحة في "نشرية اليقظة"، أن نسبة امتلاء السدود التونسية بلغت 24,1% فقط. في حين بلغت كميات الأمطار في كامل البلاد، 146,7 ملمترًا خلال الفترة من غرة سبتمبر 2023 إلى 18 أوت الجاري.

وبذلك تعتبر كميات الأمطار المسجلة ضعيفة نسبيًا إذ تراوح العجز بین 28% و52%، وفقًا لما ورد في نشرية مرصد الفلاحة.

رفع هذا الوضع من درجة تحذيرات المختصين في مجال المياه حيث أكد الخبير التونسي في المياه محمد صالح قلايد أن نسبة امتلاء السدود الآن في أدنى مستوياتها. مضيفا في تصريحات إعلامية "نعرف أن العديد من المدن وخاصة المدن الكبرى مثل العاصمة وولايات الساحل والوطن القبلي التي يعيش فيها نحو 7 ملايين ساكن تعتمد على المياه السطحية أي المياه المتأتية من السدود التي نسبة امتلائها في أدنى مستوياتها الآن وهذا يشكل حقيقة خطرا كبيرا ونأمل أن يرحمنا الله بالأمطار وتتحسن الأمور”، وفق تعبيره.

سلوك التبذير

في انتظار رحمة السماء بنزول الأمطار خلال الفترة القادمة وترقيع البعض من النقص المسجل في نسب امتلاء السدود يظل ترشيد الاستهلاك أبرز المحاور التي يعول عليها المختصون في المساهمة ولو نسبيا في تجاوز الأسوأ. لكن الملاحظ أن سلوك التونسي في علاقة باستهلاك المياه لا يبدو منسجما للأسف مع حساسية الظرف وعمق أزمة شح المياه التي تواجهها البلاد اليوم.

والمتأمل في علاقة المواطن مع استهلاك المياه يسجل تواصل مظاهر التبذير خلال أعمال التنظيف أو غسل السيارات في المنازل والاستحمام ولا تبدو المناهج التحسيسية التي يتم اللجوء إليها والتعويل عليها في تعديل سلوك التونسي في علاقته باستهلاك الماء ناجعة إلى حد الآن.

يقول بهذا الصدد المدير المركزي للاقتصاد في الماء بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الـ"صوناد" شوقي بن منصور، إنّ "الوضعية المائية في تونس حرجة جدّا، وان تبني المواطن سلوكا استهلاكيا مقتصدا في الماء قائما على اقتصاد زهاء 120 لترا يوميا يمكن أن يوفر 30 مليون متر مكعب سنويا".

مضيفا في تصريح مؤخرا أن "تبني المواطن لسلوك مقتصد في التعامل مع مياه الشرب يمكن أن يوفر ما بين 100 و120 لترا يوميا من المياه الصالحة للشرب على مستوى كل عائلة مما يمكن من تعبئة سد متوسط بالمياه".

ويؤكد بن منصور أن "الاستحمام يتصدر قائمة الأنشطة التي تتضمن تبذيرا للمياه مما يتطلب العودة الى استخدام الطرق التقليدية المقتصدة يليه غسل الأواني والملابس وغيرها".

مجهود التوعية والتحسيس

في مارس 2023 نص قرار لوزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي على حظر استعمال المياه الصالحة للشرب، والموزعة من قبل الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، في الأغراض الزراعية وري المساحات الخضراء أو تنظيف الشوارع والسيارات. كما نص القرار على اعتماد نظام حصص (تقسيط) للتزود بالماء الصالح للشرب وظل القرار ساري المفعول إلى اليوم.

ومع تفاقم أزمة شح المياه في السدود قد تتفاقم الوضعية أكثر في المقابل يظل المجهود التوعوي والتحسيسي وتشريك المواطن في مواجهة الأزمة محدودا للأسف ولن يكون إرسال إرسالية قصيرة عبر الهاتف الجوال للدعوة للاقتصاد في الماء بمفرده قادرا على تعديل سلوك التونسي. وربما تحتاج المسألة تفكيرا أعمق واستنباط وسائل تحسيس أكثر نجاعة وكثافة.

يذكر أن دراسة المياه في أفق 2050 التي تم إعدادها مؤخرا أشارت إلى أهمية التحسيس ووضع  خطة مستقبلية للتوعية على المدى البعيد.

من جهتها تفيد مصادر الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أنها شرعت مؤخرا في تنفيذ حملة تحسيسية لاطلاع المواطن على الوضعية الحرجة التي تعاني من منظومة مياه الشرب جرّاء موجة الجفاف وانحباس الأمطار.

وتعول الشركة من خلال حملة إعلامية واسعة النطاق على تحسيس المواطن بضرورة إيلاء أهمية كبرى لموضوع الاقتصاد في المياه الصالحة للشرب وإحكام التصرف فيها.

لكن الواضح أن هذا المجهود بحاجة لدعم أكثر وأفكار توعوية أنجع للوصول إلى الأهداف المرسومة.

م.ي