إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الفنان سفيان الزايدي لـ"الصباح": حان الوقت لتقديم عرض خاص بي على ركح قرطاج وهو حق مشروع

 

حوار محسن بن احمد

مثًل الى عهد غير بعيد أحد العناصر الغنائية البارزة في فرقة الرشيدية التي نهل منها خصوصيات الأغنية في تونس فحفظ المالوف والإيقاعات والطبوع.

هو الفنان سفيان الزايدي الذي اختار بعد رحلة استثنائية في رحاب الرشيدية الانطلاق في الأفق الرحب لتأثيث مسيرة فنية خاصة به من خلال انتاجات حافظ فيها على الخصوصية الموسيقية التونسية.

سفيان الزايدي اليوم هو أحد أبرز الأصوات التي تتقن الطبوع التونسية بحرفية عالية وبإتقان محبب للنفوس ومعه كان هذا اللقاء.

*كيف تقدم مشاركتك في "أنغام في الذاكرة 3 " ؟

لا أخفى سرا إذا قلت أنني كنت مترددا في المشاركة.

*ماذا وراء هذا التردد؟

كنت في حقيقة الأمر انتظر دعوتي لتقديم عرض موسيقى خاص بي، واعتقد انه من حقي أن يكون لي عرض خاص على اعتبار أنني لست غريبا عن هذا الركح الذي صعدت عليه أكثر من مرة.

*طموحك الأكبر تقديم عرض خاص لك على مسرح قرطاج؟

أتمنى ان أكون على ركح قرطاج في حفل خاص بي وهذا حلمي الذي أسعى إلى تحقيقه فقد حان الوقت لذلك ... املك رصيدا فنيا تونسيا أصيلا متنوعا  يخول لي تحقيق ما أصبو اليه.

وقد قبلت المشاركة في " انغام في الذاكرة 3 " احتراما وتقديرا لرواد قدموا للأغنية التونسية الكثير على غرار الشاذلي الحاجي والحبيب المحنوش ومن محاسن الصدف انه في تلك السهرة كرمت الملحن الأستاذ الناصر صمود من خلال تقديم احدث اغنية لي تولى هو تلحينها.

"انغام في الذاكرة 3" التي شهدت أيضا مشاركة الصديقة رحاب الصغير والعازف رضا الشمك.. اعتبرها سهرة الاحتفاء بالأغنية التونسية وتكريمها انتصارا للهوية الإبداعية التونسية.

*ما هي قراءتك اليوم لهذه العودة الى أغنيات الثمانينات والتسعينات التونسية؟

حامت حول عرض " أنغام في الذاكرة 3" موجات إيجابية من خلال استحضار الأغنية التونسية في أبهى تجلياتها وخصوصياتها وهو ما نفتقده اليوم بشكل لافت وكبير، لكن في المقابل تبقى " أنغام في الذاكرة " على هامش المهرجان للتكريم فقط في فترة محددة في الوقت الذي فتحت فيه القنوات الإذاعية والتلفزيونية أبوابها لكل من هب ودب.

*سفيان الزايدي والرشيدية ماذا بقي في الذاكرة من هذه العلاقة؟

تربطني بالرشيدية علاقة متينة انطلقت منذ2003 مرددا في المجموعة الصوتية حتى 2006 تحت اشراف المايسترو الراحل عبد الحميد بنعلجية ومع تولي الفنان زياد غرسة الاشراف على مقاليد الرشيدية طيلة الفترة من 2006 الى 2010 أصبحت مطربا قارا في كل حفلات هذا الصرح الفني العريق. 

ومع ثورة 2011 عرفت الرشيدية ركودا تزامنا مع ابعاد الفنان زياد غرسة عنها وتعيين الموسيقي نبيل زميط على راسها فكان ان تم تكليفي بالإشراف على المجموعة الصوتية، وهنا دخلت مرحلة الاشراف والتسيير في الفرقة وما يتطلب ذلك من مسؤولية واعداد وابتكار وبحث.

وبداية من 2013 حتى 2020 وجدت نفسي في مواجهة عراقيل عديدة مع الهيئة المديرة منها الاختلاف الواضح في وجهات النظر حول عديد المسائل التي تتعلق بالسير الطبيعي للفرقة ونشاطها على مستوى البرامج والحفلات الشهرية والمشاركة في المهرجانات الصيفية، إلى جانب المشاكل المالية وما حز في نفسي أن الرشيدية لم تعد موجودة بالشكل الكبير والفاعل، زد على ذلك إنني قمت بإحضار شريك اعلامي حيث تم إعداد وتقديم عرض فني تونسي عنوانه " دار مقام " اشرف على إخراجه الممثل معز التومي وكانت غايتنا انقاذ ما تبقى من هذا الصرح الفني الخالد على مستوى الحضور والإشهار والتواصل والمشاركة في العروض الكبرى وسعينا في ذات الوقت على إيلاء المجموعة الصوتية الاهتمام الكبير من خلال تقديمها على العازفين في السهرة اعتبارا لكونها تعد الركيزة الأساسية لعروض الرشيدية  من خلال ما تقدمه من وصلات مالوف كما سعينا في هذا إلى استضافة أسماء فنية كبيرة على غرار المطرب لطفي بوشناق إلى جانب تشريك الأصوات الغنائية للرشيدية في الأداء الفردي لروائع الاغنية التونسية.

كسب عرض " دار مقام " الرهان الذي قطع مع الأسلوب التقليدي للعروض المتعارف عليها في الرشيدية، وقد كان لعبد الستار عمامو حضوره الفاعل من خلال مما قدمه من لمحات تاريخية بأسلوب روائي سردي جمع بين الامتاع والإقناع وكان ذلك في سهرة 9 فيفري 2020.

وكانت المفاجأة أن هذا النجاح لم يلق رضا المشرفين على الرشيدية لاعتبارات خاصة بهم منها أنهم يريدون أن تكون عروض الرشيدية في مقرها وليس في المسرح البلدي كما تم بالنسبة لعرض " دار مقام".

ثم كانت المفاجأة التي لم أكن أتوقعها والمتمثلة في ابعادي عن الرشيدية.

*هذا يعني أن مغادرتك الرشيدية كانت بقرار من المشرفين عليها؟

لا أخفى سرا إذا قلت انه تم الاتصال بشخص "احتفظ باسمه " واقترحوا عليه الإشراف على المجموعة الصوتية والطريف أن هذا الشخص اتصل بي وأعلمني بمقترح الرشيدية لتعويضي على رأس المجموعة الصوتية بها.. كان من المفروض ان يتم اعلامي بهذا القرار وان يكون حفل تسليم وتسلم المهام.

لم يستجب هذا الشخص للمقترح وقد أعلمهم بانه سيتصل بي لاستجلاء الأمر وهو ما تم فعلا وهنا كان قراري بمغادرة هذا الصرح.

*اليوم مرت تسعون سنة على تأسيس هذا الصرح الفني التونسي الأصيل الذي يغلب على وضعه اليوم الغموض؟

انتهت الرشيدية، ويؤلمني هذا على اعتبار انها كانت صرحا فنيا وثقافيا رائدا منذ 1934.. صرح كان وراء تأسيسه رواد خالدون في التأليف والغناء والتوثيق الموسيقي، ومؤلم جدا اليوم الوضع الذي تتخبط فيه الرشيدية وهي في الذكرى الـ 90 لتأسيسها.

هذا الصرح قدم لنا على امتداد مسيرته روائع موسيقية تونسية أصيلة من مالوف وطبوع والحان تجسد العمق الثقافي والحضاري لبلادنا. ثم القرار الصادم والصادر عن وزارة الثقافة والمتمثل في بعث " بيت المالوف " بمدينة الثقافة. قرار كان عبارة عن  إعلان  لنهاية الرشيدية والغريب أن " بيت المالوف " لم نشهد له أي نشاط أبداعي فني منذ قرار إنشائه.

*في كلامك إحساس بالألم على الوضع الحالي للرشيدية؟

نعم إحساس بالألم والحسرة على ما وصلت إليه الرشيدية من وضع مترد، وهذا إحساس طبيعي على اعتبار إنني العنقود الأخير من جيل متمكن من كل قواعد المالوف على مستوى الأداء والإلقاء والتلقين والحفظ.

على امتداد رحلتي مع الرشيدية عشت مراحل الإبداع الحقيقي للرشيدية تحت إشراف وتأطير أسماء عمالقة في الموسيقى والمألوف التونسي مع الراحلين الطاهر غرسة وعبد الحميد بنعلجية ثم الفنان زياد غرسة.

*لكن هناك أنماط موسيقية أسست لذائقة فنية جديدة لا تستسيغ المالوف اليوم؟

اختلف معك بخصوص النمط الموسيقى الذي لا يمكن تغييره وهناك الثقافة العلمية والطرق الحديثة في التعاطي مع هذا النمط أو ذاك النمط التونسي لا يمكن التغاضي عنه بل أننا نعمل ونجتهد على التجديد فيه من داخله دون المساس بجوهره وخصوصياته ... التجديد يكون في التوزيع الموسيقى واستعمال آلات موسيقية أكثر تطورا.

التطور والتجديد في الموسيقى اليوم لم يعد مقتصرا على الآلات الكهربائية والألحان فقط، بل انه أصبح يشمل الصوت المؤدي لهذا الإنتاج الجديد على مستوى التسجيل والبث الذي علينا أن نفكر بجدية في تقديمه للمتلقي بالاعتماد على أحدث التقنيات المتطورة والعمل على توظيف الآلات الوترية التونسية، وبذلك نكسب رهان المحافظة على الهوية التونسية والانفتاح على التقنيات الحديثة تسجيلا وأداء وتوزيعا وارى في أعمال محمد علي كمون وزياد الزواري خير مثال على كسب هذا الرهان الفني التونسي الأصيل والمتطور.

*هل يمكن القول انك عشت الإحباط الفني؟

نعم عندما لا تجد من يهتم بك ويولي اهتماما كبيرا بما تعده من إنتاج فني رغم قيمته الإبداعية زد على ذلك غياب الرشيدية في التظاهرات والسهرات الفنية الكبرى والمهرجانات الصيفية..  كانت الرشيدية إلى وقت غير بعيد ركنا أساسيا في سهرات مهرجان قرطاج الدولي، واليوم تعيش التهميش وقد كان الراحل صالح المهدي حريصا على تواجد الرشيدية في قرطاج والمهرجانات الصيفية الأخرى  وان تكون سفيرة الثقافة التونسية الأصيلة على المستوى العربي وحتى العالمي. وأقول انه رغم حالة الإحباط هذه فإنني أعيش التفاؤل لإيماني بان هناك نور في أخر النفق. 

الفنان سفيان الزايدي لـ"الصباح":   حان الوقت لتقديم عرض خاص بي على ركح قرطاج  وهو حق مشروع

 

حوار محسن بن احمد

مثًل الى عهد غير بعيد أحد العناصر الغنائية البارزة في فرقة الرشيدية التي نهل منها خصوصيات الأغنية في تونس فحفظ المالوف والإيقاعات والطبوع.

هو الفنان سفيان الزايدي الذي اختار بعد رحلة استثنائية في رحاب الرشيدية الانطلاق في الأفق الرحب لتأثيث مسيرة فنية خاصة به من خلال انتاجات حافظ فيها على الخصوصية الموسيقية التونسية.

سفيان الزايدي اليوم هو أحد أبرز الأصوات التي تتقن الطبوع التونسية بحرفية عالية وبإتقان محبب للنفوس ومعه كان هذا اللقاء.

*كيف تقدم مشاركتك في "أنغام في الذاكرة 3 " ؟

لا أخفى سرا إذا قلت أنني كنت مترددا في المشاركة.

*ماذا وراء هذا التردد؟

كنت في حقيقة الأمر انتظر دعوتي لتقديم عرض موسيقى خاص بي، واعتقد انه من حقي أن يكون لي عرض خاص على اعتبار أنني لست غريبا عن هذا الركح الذي صعدت عليه أكثر من مرة.

*طموحك الأكبر تقديم عرض خاص لك على مسرح قرطاج؟

أتمنى ان أكون على ركح قرطاج في حفل خاص بي وهذا حلمي الذي أسعى إلى تحقيقه فقد حان الوقت لذلك ... املك رصيدا فنيا تونسيا أصيلا متنوعا  يخول لي تحقيق ما أصبو اليه.

وقد قبلت المشاركة في " انغام في الذاكرة 3 " احتراما وتقديرا لرواد قدموا للأغنية التونسية الكثير على غرار الشاذلي الحاجي والحبيب المحنوش ومن محاسن الصدف انه في تلك السهرة كرمت الملحن الأستاذ الناصر صمود من خلال تقديم احدث اغنية لي تولى هو تلحينها.

"انغام في الذاكرة 3" التي شهدت أيضا مشاركة الصديقة رحاب الصغير والعازف رضا الشمك.. اعتبرها سهرة الاحتفاء بالأغنية التونسية وتكريمها انتصارا للهوية الإبداعية التونسية.

*ما هي قراءتك اليوم لهذه العودة الى أغنيات الثمانينات والتسعينات التونسية؟

حامت حول عرض " أنغام في الذاكرة 3" موجات إيجابية من خلال استحضار الأغنية التونسية في أبهى تجلياتها وخصوصياتها وهو ما نفتقده اليوم بشكل لافت وكبير، لكن في المقابل تبقى " أنغام في الذاكرة " على هامش المهرجان للتكريم فقط في فترة محددة في الوقت الذي فتحت فيه القنوات الإذاعية والتلفزيونية أبوابها لكل من هب ودب.

*سفيان الزايدي والرشيدية ماذا بقي في الذاكرة من هذه العلاقة؟

تربطني بالرشيدية علاقة متينة انطلقت منذ2003 مرددا في المجموعة الصوتية حتى 2006 تحت اشراف المايسترو الراحل عبد الحميد بنعلجية ومع تولي الفنان زياد غرسة الاشراف على مقاليد الرشيدية طيلة الفترة من 2006 الى 2010 أصبحت مطربا قارا في كل حفلات هذا الصرح الفني العريق. 

ومع ثورة 2011 عرفت الرشيدية ركودا تزامنا مع ابعاد الفنان زياد غرسة عنها وتعيين الموسيقي نبيل زميط على راسها فكان ان تم تكليفي بالإشراف على المجموعة الصوتية، وهنا دخلت مرحلة الاشراف والتسيير في الفرقة وما يتطلب ذلك من مسؤولية واعداد وابتكار وبحث.

وبداية من 2013 حتى 2020 وجدت نفسي في مواجهة عراقيل عديدة مع الهيئة المديرة منها الاختلاف الواضح في وجهات النظر حول عديد المسائل التي تتعلق بالسير الطبيعي للفرقة ونشاطها على مستوى البرامج والحفلات الشهرية والمشاركة في المهرجانات الصيفية، إلى جانب المشاكل المالية وما حز في نفسي أن الرشيدية لم تعد موجودة بالشكل الكبير والفاعل، زد على ذلك إنني قمت بإحضار شريك اعلامي حيث تم إعداد وتقديم عرض فني تونسي عنوانه " دار مقام " اشرف على إخراجه الممثل معز التومي وكانت غايتنا انقاذ ما تبقى من هذا الصرح الفني الخالد على مستوى الحضور والإشهار والتواصل والمشاركة في العروض الكبرى وسعينا في ذات الوقت على إيلاء المجموعة الصوتية الاهتمام الكبير من خلال تقديمها على العازفين في السهرة اعتبارا لكونها تعد الركيزة الأساسية لعروض الرشيدية  من خلال ما تقدمه من وصلات مالوف كما سعينا في هذا إلى استضافة أسماء فنية كبيرة على غرار المطرب لطفي بوشناق إلى جانب تشريك الأصوات الغنائية للرشيدية في الأداء الفردي لروائع الاغنية التونسية.

كسب عرض " دار مقام " الرهان الذي قطع مع الأسلوب التقليدي للعروض المتعارف عليها في الرشيدية، وقد كان لعبد الستار عمامو حضوره الفاعل من خلال مما قدمه من لمحات تاريخية بأسلوب روائي سردي جمع بين الامتاع والإقناع وكان ذلك في سهرة 9 فيفري 2020.

وكانت المفاجأة أن هذا النجاح لم يلق رضا المشرفين على الرشيدية لاعتبارات خاصة بهم منها أنهم يريدون أن تكون عروض الرشيدية في مقرها وليس في المسرح البلدي كما تم بالنسبة لعرض " دار مقام".

ثم كانت المفاجأة التي لم أكن أتوقعها والمتمثلة في ابعادي عن الرشيدية.

*هذا يعني أن مغادرتك الرشيدية كانت بقرار من المشرفين عليها؟

لا أخفى سرا إذا قلت انه تم الاتصال بشخص "احتفظ باسمه " واقترحوا عليه الإشراف على المجموعة الصوتية والطريف أن هذا الشخص اتصل بي وأعلمني بمقترح الرشيدية لتعويضي على رأس المجموعة الصوتية بها.. كان من المفروض ان يتم اعلامي بهذا القرار وان يكون حفل تسليم وتسلم المهام.

لم يستجب هذا الشخص للمقترح وقد أعلمهم بانه سيتصل بي لاستجلاء الأمر وهو ما تم فعلا وهنا كان قراري بمغادرة هذا الصرح.

*اليوم مرت تسعون سنة على تأسيس هذا الصرح الفني التونسي الأصيل الذي يغلب على وضعه اليوم الغموض؟

انتهت الرشيدية، ويؤلمني هذا على اعتبار انها كانت صرحا فنيا وثقافيا رائدا منذ 1934.. صرح كان وراء تأسيسه رواد خالدون في التأليف والغناء والتوثيق الموسيقي، ومؤلم جدا اليوم الوضع الذي تتخبط فيه الرشيدية وهي في الذكرى الـ 90 لتأسيسها.

هذا الصرح قدم لنا على امتداد مسيرته روائع موسيقية تونسية أصيلة من مالوف وطبوع والحان تجسد العمق الثقافي والحضاري لبلادنا. ثم القرار الصادم والصادر عن وزارة الثقافة والمتمثل في بعث " بيت المالوف " بمدينة الثقافة. قرار كان عبارة عن  إعلان  لنهاية الرشيدية والغريب أن " بيت المالوف " لم نشهد له أي نشاط أبداعي فني منذ قرار إنشائه.

*في كلامك إحساس بالألم على الوضع الحالي للرشيدية؟

نعم إحساس بالألم والحسرة على ما وصلت إليه الرشيدية من وضع مترد، وهذا إحساس طبيعي على اعتبار إنني العنقود الأخير من جيل متمكن من كل قواعد المالوف على مستوى الأداء والإلقاء والتلقين والحفظ.

على امتداد رحلتي مع الرشيدية عشت مراحل الإبداع الحقيقي للرشيدية تحت إشراف وتأطير أسماء عمالقة في الموسيقى والمألوف التونسي مع الراحلين الطاهر غرسة وعبد الحميد بنعلجية ثم الفنان زياد غرسة.

*لكن هناك أنماط موسيقية أسست لذائقة فنية جديدة لا تستسيغ المالوف اليوم؟

اختلف معك بخصوص النمط الموسيقى الذي لا يمكن تغييره وهناك الثقافة العلمية والطرق الحديثة في التعاطي مع هذا النمط أو ذاك النمط التونسي لا يمكن التغاضي عنه بل أننا نعمل ونجتهد على التجديد فيه من داخله دون المساس بجوهره وخصوصياته ... التجديد يكون في التوزيع الموسيقى واستعمال آلات موسيقية أكثر تطورا.

التطور والتجديد في الموسيقى اليوم لم يعد مقتصرا على الآلات الكهربائية والألحان فقط، بل انه أصبح يشمل الصوت المؤدي لهذا الإنتاج الجديد على مستوى التسجيل والبث الذي علينا أن نفكر بجدية في تقديمه للمتلقي بالاعتماد على أحدث التقنيات المتطورة والعمل على توظيف الآلات الوترية التونسية، وبذلك نكسب رهان المحافظة على الهوية التونسية والانفتاح على التقنيات الحديثة تسجيلا وأداء وتوزيعا وارى في أعمال محمد علي كمون وزياد الزواري خير مثال على كسب هذا الرهان الفني التونسي الأصيل والمتطور.

*هل يمكن القول انك عشت الإحباط الفني؟

نعم عندما لا تجد من يهتم بك ويولي اهتماما كبيرا بما تعده من إنتاج فني رغم قيمته الإبداعية زد على ذلك غياب الرشيدية في التظاهرات والسهرات الفنية الكبرى والمهرجانات الصيفية..  كانت الرشيدية إلى وقت غير بعيد ركنا أساسيا في سهرات مهرجان قرطاج الدولي، واليوم تعيش التهميش وقد كان الراحل صالح المهدي حريصا على تواجد الرشيدية في قرطاج والمهرجانات الصيفية الأخرى  وان تكون سفيرة الثقافة التونسية الأصيلة على المستوى العربي وحتى العالمي. وأقول انه رغم حالة الإحباط هذه فإنني أعيش التفاؤل لإيماني بان هناك نور في أخر النفق.