إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل يكون المجلس الأعلى للتربية طريقا للإصلاح والقضاء عليها؟.. الدروس الخصوصية تكلف العائلات 3 مليار دينار سنويا..

 

تونس – الصباح

أقل من ثلاثة أسابيع تفصلنا عن العودة المدرسية، لكن هل ستأتي هذه العودة بالجديد في ما يخص الإصلاح التربوي الذي اعتبره أهل القطاع من بيداغوجيين ومختصين أولوية قصوى خاصة وأن تقريرا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، نشر خلال العام الجاري 2024، قد كشف عن تراجع مكتسبات التعلم لدى التلميذ التونسي، إذ أشار التقرير إلى افتقاد تلاميذ المدارس والإعداديات إلى مهارات القراءة والمهارات الأساسية المتعلقة بالرياضيات، ما من شأنه أن يعمق أزمة التعليم .

كل هذا أدى إلى تفاقم نزيف التسرب المدرسي حيث كشف ذات التقرير أن بين 60 و100 ألف تلميذ يغادرون سنويا مقاعد الدراسة وينقطعون نهائيا عن التعليم في مراحل مبكرة، مشيرا إلى أنّ 50 بالمائة من المنقطعين عن الدراسة، أي حوالي 30 ألف تلميذ، لا ينخرطون في أيّ منظومة للتكوين المهني ويعتبرون من العاطلين عن العمل.

وحول إصلاح المنظومة التربوية وقبل نهاية العام الدراسي المنقضي 2023/ 2024 كانت الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ قد وجهت مراسلة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد موضوعها "واقع المنظومة التونسيّة للتّربية والتّعليم وضرورة إنقاذها" حيث اعتبرت الجمعية، وفق تصريح سابق لرئيسها رضا الزهروني لـ"الصباح"، أنّ  الوضع في قطاع التربية أصبح خطيرًا مع مرور السنوات، وستكون له بالضرورة علاقة مباشرة بالأمن القومي وذلك بسبب التمادي في تقديم عروض تربوية هزيلة وهي عروض تتماشى وفق تعبيره "مع ما يمكن أن توفره العائلات الميسورة من استثمارات مالية وما سينتج عنه من فوارق اجتماعية وما سيتسبب فيه من مشاعر سلبية كالإحباط والنقمة واليأس والسلوكيات الخطيرة كالعنف والانحراف والجريمة والهجرة غير الشرعية".

وأكد رضا الزهروني في ذات التصريح أن الجمعية قدمت عبر مراسلتها بعض الحلول وهي حلول لها علاقة بالزمن وبالنسق المدرسي وبالبرامج وبإجبارية الامتحانات الوطنية وبتفعيل مسالك التكوين المهني وبتدعيم قدرات القراءة والكتابة والحساب وتدعيم مكانة اللغات ومراجعة أنظمة التقييم ومعايير الجودة وبالحوكمة على المستويات الميدانية والمحلية الجهوية والوطنية وبمراجعة خريطة المؤسسات المدرسية وبتسوية الملفات الحارقة كالحد من ظاهرة العنف أو المتعلقة بالموارد البشرية وإحكام حوكمة القطاع في كل المستويات.

وللوقوف على مدى تفاعل الجهات المعنية مع هذه المراسلة اتصلت "الصباح" برضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ الذي أفادنا أن هناك توجها جديا نحو إصلاح قطاع التربية والتعليم..

المجلس الأعلى للتربية أكبر ضمان للإصلاح

وشدد محدثنا على أن تأكيد الرئيس قيس سعيّد، لدى استقباله بقصر قرطاج  كمال المدوري رئيس الحكومة، على عرض مشروع النص المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم على مجلس الوزراء وعلى أهمية هذه المؤسسة الدستورية وتشديده على أن قطاع التربية والتعليم هو من القطاعات السيادية، خطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي، واعتبر مصدرنا أن المجلس الأعلى للتربية والتعليم المؤسسة الضامنة للإصلاح الحقيقي للمنظومة التربوية لأن الشأن التربوي شأن وطني وهو شأن المجتمع وعلى علاقة وثيقة بأمننا القومي، وأردف رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ قائلا إن حساسية القطاع تحتم إبعاد عملية الإصلاح عن الارتجال والقرارات والبرامج أحادية الجانب.

كما بين أن في تأكيد رئيس الجمهورية على إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم وضبط تركيبته ومهامه في أفضل الآجال خطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي، لا سيما وأنه قد أكد أيضا على أهمية المدرسة العمومية كمصعد اجتماعي.

خطوات الوزيرة لا علاقة لها بالنهوض بالمنظومة التربوية

في المقابل اعتبر رضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن البلاغات الصادرة عن وزارة التربية بعيدة كل البعد عن النهوض بالمنظومة التربوية وبدعم مكتسبات التلاميذ أو بترغيبهم في مواصلة التعلم والسعي نحو  تحسين نتائج المناظرات الوطنية لا سيما وأن الجمعية تقدر نسبة النجاح الحقيقية في الباكالوريا بـ20%  فقط، كما أشار إلى أنه كرئيس جمعية لم يلاحظ أي مساع في اتجاه وضع حد للدروس الخصوصية التي باتت سيفا مسلطا على الأولياء.. مشيرا إلى أن كل هذه القرارات من شأنها المساهمة في الحد من الانقطاع المبكر عن الدراسة.

وابرز الزهروني أن هذه البلاغات لم تكشف أيضا عن جهود الوزارة في النهوض بالبنية التحتية للمؤسسات وتزويدها بالماء الصالح للشرب استعدادا للعام الدراسي القادم.

مؤشرات سلبية للعودة المدرسية

وشدد الزهروني على أن قراءته كرئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ لجملة البلاغات التي تكشف عن توجهات وزارة التربية استعدادا للعودة المدرسية،" سلبية" لا سيما في ظل تواصل التجاذبات بين الوزارة ونقابات التعليم مؤكدا أن عدم الحسم النهائي في ما يتعلق بملف الأساتذة والمعلمين النواب ونقص الموارد البشرية والإطار التربوي يؤشر على تواصل الأزمة وتصعيد الأمور بين الوزارة والنقابات.

وبين أنه كمرب سابق، يعتبر أن الأمور لا تحل بهذه الطريقة إذ أن الوضع يتطلب استشراف المستقبل واستشراف الموارد البشرية الحقيقية لنهوض بالقطاع على اعتبار أن الإطار التربوي يعد العمود الفقري للعملية تربوية ونجاحها، مبرزا أن وضعية المربي يفترض أن تكون مستقرة ومعنوياته مرتفعة من أجل تقديم رسالته في أفضل الظروف وذلك عبر منحه كل الحقوق المادية حتى  يتسنى مطالبته بتحقيق الأهداف ومحاسبته عند ارتكابه لأية تجاوزات.

واعتبر أن سياسة لي الذراع بين وزارة التربية والنقابات وارتهان التلاميذ من شأنها أن تفاقم عدم الثقة في المنظومة التربوية العمومية وهذا من شأنه أن يدفع بالأولياء إلى الفرار نحو التعليم الخاص.

ولاحظ  محدثنا أنه ومن خلال بلاغات الوزارة لا وجود لأية خطوات جدية للنهوض بالمنظومة التربوية وإصلاحها كما أنها لم تقدم أي تعهدات للقضاء على الانقطاع المبكر عن التعليم أو الحد من ظاهرة العنف أو التقليص من كلفة الدروس الخصوصية على العائلات التونسية حيث بلغت خلال عام واحد 3 مليار دينار وهو ما تنتظر الجمعية من الوزارة تحقيقه.

ضعف المنظومة التربوية منطلقه المستوى الابتدائي

واعتبر أن الضعف الكبير في المنظومة التربوية منطلقه المرحلة الابتدائية، ما يعني أن البناء الحقيقي للمنظومة  يجب أن يكون من المستوى الابتدائي لان مستوى تلاميذ الابتدائي عموما شهد تدهورا إذ ينهي التلميذ هذه المرحلة بمكتسبات جد ضعيفة من حيث القراءة والكتابة والحساب.

واعتبر أن تخفيف وزارة التربية في البرامج والاقتصار في المستوى الابتدائي على المواد الأساسية مع إدراج مواد التنشئة الاجتماعية، كالمسرح والسينما والموسيقى وورشات الأخرى، لا يتوجب الانتظار إلى حين إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم مشيرا إلى أن نتائج هذه الإجراءات حينية وستكون ملموسة مع نهاية السنة الدراسية التي اقترح التمديد فيها من 33 أسبوعا إلى 36 أسبوعا ما سيمكن من التقليص في عدد ساعات الدراسة وفي عدد التلاميذ في القسم الواحد مع إضافة أقسام جديدة بنفس الإطار التربوي وهذا يعني التمديد في السنة الدراسية بـ3 أسابيع إضافية.

حنان قيراط

هل يكون المجلس الأعلى للتربية طريقا للإصلاح والقضاء عليها؟..   الدروس الخصوصية تكلف العائلات 3 مليار دينار سنويا..

 

تونس – الصباح

أقل من ثلاثة أسابيع تفصلنا عن العودة المدرسية، لكن هل ستأتي هذه العودة بالجديد في ما يخص الإصلاح التربوي الذي اعتبره أهل القطاع من بيداغوجيين ومختصين أولوية قصوى خاصة وأن تقريرا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، نشر خلال العام الجاري 2024، قد كشف عن تراجع مكتسبات التعلم لدى التلميذ التونسي، إذ أشار التقرير إلى افتقاد تلاميذ المدارس والإعداديات إلى مهارات القراءة والمهارات الأساسية المتعلقة بالرياضيات، ما من شأنه أن يعمق أزمة التعليم .

كل هذا أدى إلى تفاقم نزيف التسرب المدرسي حيث كشف ذات التقرير أن بين 60 و100 ألف تلميذ يغادرون سنويا مقاعد الدراسة وينقطعون نهائيا عن التعليم في مراحل مبكرة، مشيرا إلى أنّ 50 بالمائة من المنقطعين عن الدراسة، أي حوالي 30 ألف تلميذ، لا ينخرطون في أيّ منظومة للتكوين المهني ويعتبرون من العاطلين عن العمل.

وحول إصلاح المنظومة التربوية وقبل نهاية العام الدراسي المنقضي 2023/ 2024 كانت الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ قد وجهت مراسلة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد موضوعها "واقع المنظومة التونسيّة للتّربية والتّعليم وضرورة إنقاذها" حيث اعتبرت الجمعية، وفق تصريح سابق لرئيسها رضا الزهروني لـ"الصباح"، أنّ  الوضع في قطاع التربية أصبح خطيرًا مع مرور السنوات، وستكون له بالضرورة علاقة مباشرة بالأمن القومي وذلك بسبب التمادي في تقديم عروض تربوية هزيلة وهي عروض تتماشى وفق تعبيره "مع ما يمكن أن توفره العائلات الميسورة من استثمارات مالية وما سينتج عنه من فوارق اجتماعية وما سيتسبب فيه من مشاعر سلبية كالإحباط والنقمة واليأس والسلوكيات الخطيرة كالعنف والانحراف والجريمة والهجرة غير الشرعية".

وأكد رضا الزهروني في ذات التصريح أن الجمعية قدمت عبر مراسلتها بعض الحلول وهي حلول لها علاقة بالزمن وبالنسق المدرسي وبالبرامج وبإجبارية الامتحانات الوطنية وبتفعيل مسالك التكوين المهني وبتدعيم قدرات القراءة والكتابة والحساب وتدعيم مكانة اللغات ومراجعة أنظمة التقييم ومعايير الجودة وبالحوكمة على المستويات الميدانية والمحلية الجهوية والوطنية وبمراجعة خريطة المؤسسات المدرسية وبتسوية الملفات الحارقة كالحد من ظاهرة العنف أو المتعلقة بالموارد البشرية وإحكام حوكمة القطاع في كل المستويات.

وللوقوف على مدى تفاعل الجهات المعنية مع هذه المراسلة اتصلت "الصباح" برضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ الذي أفادنا أن هناك توجها جديا نحو إصلاح قطاع التربية والتعليم..

المجلس الأعلى للتربية أكبر ضمان للإصلاح

وشدد محدثنا على أن تأكيد الرئيس قيس سعيّد، لدى استقباله بقصر قرطاج  كمال المدوري رئيس الحكومة، على عرض مشروع النص المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم على مجلس الوزراء وعلى أهمية هذه المؤسسة الدستورية وتشديده على أن قطاع التربية والتعليم هو من القطاعات السيادية، خطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي، واعتبر مصدرنا أن المجلس الأعلى للتربية والتعليم المؤسسة الضامنة للإصلاح الحقيقي للمنظومة التربوية لأن الشأن التربوي شأن وطني وهو شأن المجتمع وعلى علاقة وثيقة بأمننا القومي، وأردف رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ قائلا إن حساسية القطاع تحتم إبعاد عملية الإصلاح عن الارتجال والقرارات والبرامج أحادية الجانب.

كما بين أن في تأكيد رئيس الجمهورية على إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم وضبط تركيبته ومهامه في أفضل الآجال خطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي، لا سيما وأنه قد أكد أيضا على أهمية المدرسة العمومية كمصعد اجتماعي.

خطوات الوزيرة لا علاقة لها بالنهوض بالمنظومة التربوية

في المقابل اعتبر رضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن البلاغات الصادرة عن وزارة التربية بعيدة كل البعد عن النهوض بالمنظومة التربوية وبدعم مكتسبات التلاميذ أو بترغيبهم في مواصلة التعلم والسعي نحو  تحسين نتائج المناظرات الوطنية لا سيما وأن الجمعية تقدر نسبة النجاح الحقيقية في الباكالوريا بـ20%  فقط، كما أشار إلى أنه كرئيس جمعية لم يلاحظ أي مساع في اتجاه وضع حد للدروس الخصوصية التي باتت سيفا مسلطا على الأولياء.. مشيرا إلى أن كل هذه القرارات من شأنها المساهمة في الحد من الانقطاع المبكر عن الدراسة.

وابرز الزهروني أن هذه البلاغات لم تكشف أيضا عن جهود الوزارة في النهوض بالبنية التحتية للمؤسسات وتزويدها بالماء الصالح للشرب استعدادا للعام الدراسي القادم.

مؤشرات سلبية للعودة المدرسية

وشدد الزهروني على أن قراءته كرئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ لجملة البلاغات التي تكشف عن توجهات وزارة التربية استعدادا للعودة المدرسية،" سلبية" لا سيما في ظل تواصل التجاذبات بين الوزارة ونقابات التعليم مؤكدا أن عدم الحسم النهائي في ما يتعلق بملف الأساتذة والمعلمين النواب ونقص الموارد البشرية والإطار التربوي يؤشر على تواصل الأزمة وتصعيد الأمور بين الوزارة والنقابات.

وبين أنه كمرب سابق، يعتبر أن الأمور لا تحل بهذه الطريقة إذ أن الوضع يتطلب استشراف المستقبل واستشراف الموارد البشرية الحقيقية لنهوض بالقطاع على اعتبار أن الإطار التربوي يعد العمود الفقري للعملية تربوية ونجاحها، مبرزا أن وضعية المربي يفترض أن تكون مستقرة ومعنوياته مرتفعة من أجل تقديم رسالته في أفضل الظروف وذلك عبر منحه كل الحقوق المادية حتى  يتسنى مطالبته بتحقيق الأهداف ومحاسبته عند ارتكابه لأية تجاوزات.

واعتبر أن سياسة لي الذراع بين وزارة التربية والنقابات وارتهان التلاميذ من شأنها أن تفاقم عدم الثقة في المنظومة التربوية العمومية وهذا من شأنه أن يدفع بالأولياء إلى الفرار نحو التعليم الخاص.

ولاحظ  محدثنا أنه ومن خلال بلاغات الوزارة لا وجود لأية خطوات جدية للنهوض بالمنظومة التربوية وإصلاحها كما أنها لم تقدم أي تعهدات للقضاء على الانقطاع المبكر عن التعليم أو الحد من ظاهرة العنف أو التقليص من كلفة الدروس الخصوصية على العائلات التونسية حيث بلغت خلال عام واحد 3 مليار دينار وهو ما تنتظر الجمعية من الوزارة تحقيقه.

ضعف المنظومة التربوية منطلقه المستوى الابتدائي

واعتبر أن الضعف الكبير في المنظومة التربوية منطلقه المرحلة الابتدائية، ما يعني أن البناء الحقيقي للمنظومة  يجب أن يكون من المستوى الابتدائي لان مستوى تلاميذ الابتدائي عموما شهد تدهورا إذ ينهي التلميذ هذه المرحلة بمكتسبات جد ضعيفة من حيث القراءة والكتابة والحساب.

واعتبر أن تخفيف وزارة التربية في البرامج والاقتصار في المستوى الابتدائي على المواد الأساسية مع إدراج مواد التنشئة الاجتماعية، كالمسرح والسينما والموسيقى وورشات الأخرى، لا يتوجب الانتظار إلى حين إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم مشيرا إلى أن نتائج هذه الإجراءات حينية وستكون ملموسة مع نهاية السنة الدراسية التي اقترح التمديد فيها من 33 أسبوعا إلى 36 أسبوعا ما سيمكن من التقليص في عدد ساعات الدراسة وفي عدد التلاميذ في القسم الواحد مع إضافة أقسام جديدة بنفس الإطار التربوي وهذا يعني التمديد في السنة الدراسية بـ3 أسابيع إضافية.

حنان قيراط