إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. "البطة العرجاء" ومفاوضات "الفرصة الأخيرة"

 

بقلم: نزار مقني

يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد "وضعت" كل بيضها في سلة هذه الجولة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل.

فمع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة ولقائه -"في المقام الأول"- برؤساء الاحتلال، حيث أشعل الضوء الأحمر حول "الفرصة الأخيرة للمفاوضات" قبل توسع الحرب لتشمل كل الشرق الأوسط، ومع "التزاحم" الذي بدأ في سماء العاصمة المصرية القاهرة بين طائرات وفود الوسطاء وطائرة الوفد الأمني الإسرائيلي، للجلوس وبحث فرصة الوضع الأخير، والاتصالات شبه اليومية بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يبدو أن بايدن يبحث عن "الدخول للتاريخ كرجل سلام"، لا "كبطة عرجاء" ستخرج عاجلا أم آجلا من البيت الأبيض دون تحقيق تقدم ملحوظ في نسق السياسات الخارجية أو الداخلية خلال فترة ولايته (لفظ البطة العرجاء يطلق حسب الإعلام الأمريكي على الرئيس الأمريكي الذي سيغادر البيت الأبيض عاجلا أم آجلا في الانتخابات الرئاسية التي تلي ولايته).

ولكن يبدو أن الدخول إلى التاريخ لن يكون سهلا بالنسبة لبايدن، فنتنياهو مازال مصرا على شروطه التي طرحها في الجولتين الأخيرتين والمتعلقتين بوجوب وجود قوات إسرائيلية على الأقل في محوري نتساريم (وسط قطاع غزة) وفيلادلفيا/صلاح الدين (على الحدود بين القطاع ومصر) وهذا المطلب تقف دونه المقاومة الفلسطينية التي تشترط انسحابا لجيش الاحتلال من القطاع ووقف دائم لإطلاق النار.

ووسط هذا التخبط بين الطرفين وعدم سد الهوة بينهما، لا يبدو أن جولة القاهرة في المفاوضات حول إنهاء الحرب في غزة ستكون سهلة بين الطرفين، فجسر الهوة بينهما يحتاج إلى من يسلط ضغطا عل نتنياهو الذي دائما ما يضيف شروطا جديدة على نص المقترح الأصلي الذي تقدم به بايدن في ماي الماضي، والذي تم تعديله وفق شروط إسرائيلية وافقت عليها "حماس" في 2 جويلية الماضي.

وبالتالي فإن جر نتنياهو للموافقة على "المقترح الأمريكي" قد يحتاج الى ضغط ميداني جديد، يبدو أنه أتى من خلال تنفيذ عملية تفجير سيارة في تل أبيب وهو ما قد يزيد من حالة "التثوير" للجبهة الداخلية الإسرائيلية ويدفع للموافقة والبحث عن مساومات سياسية تبقيه في السلطة إذا ما انسحب وزراء اليمين الديني من حكومته حال موافقته على "المقترح الأمريكي".

ويبدو أن الأخبار التي تأتي من واشنطن، قد لا تبدو سعيدة بالنسبة لنتنياهو الذي يبدو أنه يريد ربح الوقت وإبقاء زاوية لمواصلة الحرب في المستقبل، على أمل دخول المرشح الجمهوري دونالد ترامب للبيت الأبيض ثانية بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما يبدو غير محسوم مع وجود تذبذب كبير في استطلاعات الرأي الأخيرة والتي منح آخرها المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية كامالا هاريس التقدم على حسابه، مقابل صعود ترامب في استطلاعات أخرى.

هذا التذبذب تسبب في "خلط أوراق" حسابات نتنياهو السياسية، فهو لا يريد الانطلاق في مغامرة توسيع الحرب في الشرق الأوسط (والتي عدتها بعض أوساطه الأمنية فرصة تاريخية)، دون ضمانات أمريكية قد لا تكون متوفرة إذا ما استمر الديمقراطيون في البيت الأبيض، بينما ربما تطرح على الطاولة إذا ما كان ترامب –الحالم بتوسيع رقعة الكيا- وراء المكتب البيضاوي.

وبين هذا الخيار و"فرصة اللحظة الأخيرة" (كما قالها بلينكن) قد لا تتكرر مستقبلا، مما سيشكل معضلة جيوسياسية مع لعبة شد الأعصاب التي أصبحت تمثل قاعدة من  قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط، في وقت تصر إيران وحلفاؤها على "الانتقام" لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، خصوصا وأن هذا "الانتقام" قد يمثل أولى اختبارات الرئيس الإيراني الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان وهو في السلطة في صراعه مع المحافظين الأصوليين المطالبين بضرب إسرائيل.

بالبنط العريض..   "البطة العرجاء" ومفاوضات "الفرصة الأخيرة"

 

بقلم: نزار مقني

يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد "وضعت" كل بيضها في سلة هذه الجولة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل.

فمع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة ولقائه -"في المقام الأول"- برؤساء الاحتلال، حيث أشعل الضوء الأحمر حول "الفرصة الأخيرة للمفاوضات" قبل توسع الحرب لتشمل كل الشرق الأوسط، ومع "التزاحم" الذي بدأ في سماء العاصمة المصرية القاهرة بين طائرات وفود الوسطاء وطائرة الوفد الأمني الإسرائيلي، للجلوس وبحث فرصة الوضع الأخير، والاتصالات شبه اليومية بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يبدو أن بايدن يبحث عن "الدخول للتاريخ كرجل سلام"، لا "كبطة عرجاء" ستخرج عاجلا أم آجلا من البيت الأبيض دون تحقيق تقدم ملحوظ في نسق السياسات الخارجية أو الداخلية خلال فترة ولايته (لفظ البطة العرجاء يطلق حسب الإعلام الأمريكي على الرئيس الأمريكي الذي سيغادر البيت الأبيض عاجلا أم آجلا في الانتخابات الرئاسية التي تلي ولايته).

ولكن يبدو أن الدخول إلى التاريخ لن يكون سهلا بالنسبة لبايدن، فنتنياهو مازال مصرا على شروطه التي طرحها في الجولتين الأخيرتين والمتعلقتين بوجوب وجود قوات إسرائيلية على الأقل في محوري نتساريم (وسط قطاع غزة) وفيلادلفيا/صلاح الدين (على الحدود بين القطاع ومصر) وهذا المطلب تقف دونه المقاومة الفلسطينية التي تشترط انسحابا لجيش الاحتلال من القطاع ووقف دائم لإطلاق النار.

ووسط هذا التخبط بين الطرفين وعدم سد الهوة بينهما، لا يبدو أن جولة القاهرة في المفاوضات حول إنهاء الحرب في غزة ستكون سهلة بين الطرفين، فجسر الهوة بينهما يحتاج إلى من يسلط ضغطا عل نتنياهو الذي دائما ما يضيف شروطا جديدة على نص المقترح الأصلي الذي تقدم به بايدن في ماي الماضي، والذي تم تعديله وفق شروط إسرائيلية وافقت عليها "حماس" في 2 جويلية الماضي.

وبالتالي فإن جر نتنياهو للموافقة على "المقترح الأمريكي" قد يحتاج الى ضغط ميداني جديد، يبدو أنه أتى من خلال تنفيذ عملية تفجير سيارة في تل أبيب وهو ما قد يزيد من حالة "التثوير" للجبهة الداخلية الإسرائيلية ويدفع للموافقة والبحث عن مساومات سياسية تبقيه في السلطة إذا ما انسحب وزراء اليمين الديني من حكومته حال موافقته على "المقترح الأمريكي".

ويبدو أن الأخبار التي تأتي من واشنطن، قد لا تبدو سعيدة بالنسبة لنتنياهو الذي يبدو أنه يريد ربح الوقت وإبقاء زاوية لمواصلة الحرب في المستقبل، على أمل دخول المرشح الجمهوري دونالد ترامب للبيت الأبيض ثانية بعد الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو ما يبدو غير محسوم مع وجود تذبذب كبير في استطلاعات الرأي الأخيرة والتي منح آخرها المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية كامالا هاريس التقدم على حسابه، مقابل صعود ترامب في استطلاعات أخرى.

هذا التذبذب تسبب في "خلط أوراق" حسابات نتنياهو السياسية، فهو لا يريد الانطلاق في مغامرة توسيع الحرب في الشرق الأوسط (والتي عدتها بعض أوساطه الأمنية فرصة تاريخية)، دون ضمانات أمريكية قد لا تكون متوفرة إذا ما استمر الديمقراطيون في البيت الأبيض، بينما ربما تطرح على الطاولة إذا ما كان ترامب –الحالم بتوسيع رقعة الكيا- وراء المكتب البيضاوي.

وبين هذا الخيار و"فرصة اللحظة الأخيرة" (كما قالها بلينكن) قد لا تتكرر مستقبلا، مما سيشكل معضلة جيوسياسية مع لعبة شد الأعصاب التي أصبحت تمثل قاعدة من  قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط، في وقت تصر إيران وحلفاؤها على "الانتقام" لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، خصوصا وأن هذا "الانتقام" قد يمثل أولى اختبارات الرئيس الإيراني الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان وهو في السلطة في صراعه مع المحافظين الأصوليين المطالبين بضرب إسرائيل.