إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مخرجات المجلس الوزاري حول ملف الماء في تونس لا تكفي

 كميات كبيرة يتم هدرها وتذهب في الطبيعة نتيجة تهرؤ شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه

 في أول ظهور سياسي له وأول لقاء جمعه بفريقه الحكومي بعد تعيينه على رأس الحكومة خلفا للسيد أحمد الحشاني ، خيّر السيد كمال المدوري رئيس الحكومة الجديد أن يكون مخصصا للنظر في ملف حارق وموضوع أتعب للكثير من أبناء الشعب وأن يعقد أول مجلس وزاري له للنظر في موضوع الانقطاعات المتكررة للماء في الكثير من الجهات وخاصة المناطق الداخلية مما اضطر المتضررين إلى الخروج في حركات احتجاجية غاضبة للمطالبة بالحق في الماء كحق من حقوق الإنسان الطبيعية والعادية.

في هذا الاجتماع الوزاري استمع رئيس الحكومة إلى عرض قدمه وزير الفلاحة عن الوضع المائي في البلاد وعن المشاكل التي تعاني منها المنظومة المائية في بلادنا وعن الأسباب الكامنة وراء كثرة الانقطاعات والتي أثرت بقوة على حياة السكان ومعيشتهم في هذا الظرف المناخي الذي يشهد ارتفاعا كبيرا لدرجات الحرارة حيث تم التأكيد على توعية المواطن بضرورة الاستعمال الأمثل للموارد المائية والمحافظة على كمية الماء المتوفرة والتي لا تفي بالحاجة ولا يمكن أن تلبي طلبات الجميع بصفة اعتيادية ومتواصلة بعد أن عرفت البلاد نقصا كبيرا في كمية المياه المخزنة في السدود والبحيرات في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات في العوامل المناخية التي تمر بها بلادنا والكثير من البلدان حيث تعيش البلاد على وقع حالة من الجفاف وقلة التساقطات للسنة الرابعة على التوالي كما تم التطرق إلى ضرورة الإسراع في انجاز ما تبقى من المشاريع المبرمجة لتنمية الموارد المائية وتجنب حالات التعطيل التي يشهدها هذا النوع من المشاريع وفي هذا السياق تمت الإشارة إلى موضوع الاعتمادات المالية حيث تم التأكيد على ضرورة توفير الأموال اللازمة باعتبار أن انجاز المشاريع الضخمة والحيوية للشعب وفي مدتها المحددة لها تبقى في الأخير رهين توفر الأموال اللازمة إذ من دون اعتمادات مالية يتعثر الإنجاز ويتعطل في الزمن إن لم نقل يتوقف لذلك كان عنصر الأموال المرصودة مسألة مبدئية وأساسية.

كما تم التطرق الى مسألة الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها الشبكة المائية والتدمير المتعمد الذي يحصل لقنوات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وكذلك إلى ما يقوم به بعض المواطنين من تحويل وجهة القناة الناقلة للماء الصالح للشراب للاستعمال اليومي إلى الاستعمال الفلاحي وهي كلها أفعال مجرمة بالقانون لكونها تمثل اعتداء على الملك العمومي المائي وتتسبب في استنزاف الموارد المائية من خلال اللجوء إلى طرق استغلال غير قانونية في هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد وفي سياق مرتبط بالحديث عن ضرورة التصدي لكل اعتداء على المنظومة المائية سواء بتعمد تدميرها أو تحويل وجهتها وتوظيفها في الاستعمال الفلاحي غير المرخص فيه، تمت الإشارة إلى ضرورة التفكير في وضع سياسة ناجعة وفاعلة وقادرة على مواجهة التغيرات المناخية وتسمح بإعادة التوازن المائي واستعادة المنظومة المائية لوضعها الطبيعي.

وقد اسفر هذا الاجتماع الوزاري الهام حول ملف الماء وما تعرفه منظومته من صعوبات ومشاكل أثرت سلبا في حياة المواطن نتيجة كثرة الانقطاعات التي تعرفها بعض الجهات على جملة من القرارات:

       أولا - تفعيل مراجعة مشروع مجلة المياه نحو تجريم الاعتداءات على الملك العمومي المائي.

       ثانيا - سحب الامتيازات والحوافز المسندة لتركيز السخانات الشمسية على تركيز خزانات المياه الفردية.

       ثالثا - فض الإشكال القائم على مستوى محطة التحلية بسوسة مع المجمّع المكلف بإنجاز المشروع.

      رابعا - إعداد لوحة قيادة للمشاريع والإسراع باستكمال انجاز المشاريع في طور التنفيذ وفق روزنامة محددة مع توفير التمويلات اللازمة لاستكمال إنجاز محطات التحلية المبرمجة.

       خامسا - اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدي لعمليات استنزاف الموارد المائية بصفة غير شرعية.

سادسا - إعداد تصور لمراجعة المنوال الفلاحي لملاءمته مع التغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه.

ما يمكن قوله حول هذا اللقاء الذي جمع السيد كمال المدوري رئيس الحكومة مع فريقه الحكومي للنظر فيما يمكن فعله عاجلا وآجلا في موضوع الماء المعضلة التي بقيت دون حل أنه رغم أهمية الحديث الذي دار في هذا المجلس وإيجابية الخطاب الذي قدم والتشخيص الذي تم عرضه وكذلك المخرجات التي انتهى إليها والمتمثلة في جملة من القرارات على أهميتها تبقى في نظرنا ناقصة ولا تحل مشكل الماء من جذوره حيث لم نر حديثا عن أكبر مشكلة تعترض منظومتنا المائية والتي تتسبب في هدر مالا يقل عن 40 % من الماء الذي يتم نقله عبر الشبكة للاستعمال المنزلي حيث أثبتت دراسة حديثة أنجزها البنك الدولي على الوضع المائي في بلادنا أن كميات كبيرة يتم هدرها وتذهب في الطبيعة نتيجة تهرؤ شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والتي تحتاج إلى إصلاحات وإعادة تركيز وهي كميات لو يتم استيعابها سريعا من المؤكد أنها سوف تمكن من تحسين الوضع المائي أمام مصاعب التغيرات المناخية وهذا يعني أنه في تقدرينا فإن من أولوية الأوليات اليوم هو وضع الاعتمادات المالية اللازمة للقيام بالصيانة اللازمة للشبكة الحالية والقيام بما يتوجب القيام به من إصلاحات عاجلة حتى نسترجع النسق العادي للتزود بالماء ونحسب أنه لو يتم وضع برنامج عاجل للتدخل وإصلاح الشبكة المائية وتعهدها بالصيانة اللازمة فإننا سوف نقلل كثيرا من أزمة التقطعات المتكررة للماء وسوف تكون الدولة قادرة على توفير الحد الأدنى من حاجيات الأفراد من ماء الحنفية .

المسألة الثانية التي نراها لم تذكر في هذا الاجتماع ونقدر أن لها أهميتها في هذا النقاش حول أزمة الماء هي موضوع السدود التي ذكر تقرير البنك الدولي أن الكثير منها غير صالح لاستيعاب كميات الأمطار التي تنزل نتيجة كثرة الأوحال العالقة بها حيث أوصى التقرير إلى ضرورة القيام بعمليات الجهر اللازمة التي تمكن من استيعاب كميات إضافية من التساقطات لا يمكن توظيفها واستعمالها لفائدة الأفراد وللاستعمال العائلي ونحسب أنه على خلاف ما يذهب إليه البعض من أن بناء سدود جديدة أفضل من جهر القديمة أن الدولة أوكلت عملية جهر هذه السدود إلى البعض من عمال الحضائر ورصدت لهم أجورا للقيام بهذا العمل لكن مع كل أسف فإن هؤلاء الأشخاص لا يقومون بهذا العمل ولا يؤدون ما هو محمول عليهم وليس هناك مراقبة على أعمالهم لذلك كان الحل الأسهل هو الذهاب إلى خيار بناء سدود جديدة بأموال إضافية والحال أن السدود القديمة قادرة على استيعاب نزول الأمطار فقط تحتاج إلى من يتعهد بصيانتها وجهرها.

المسألة الثالثة التي تعرض لها البنك الدولي في تقريره حول الوضع المائي ببلادنا إلى جانب ضرورة تحسين جودة ماء حنفية المنزل وربط المناطق والجهات والأحياء الواقعة قرب الأودية الكبيرة مثل قرى ومعتمديات الشمال الغربي بالشبكة المائية الانتباه إلى العدد الكبير من شركات تعليب المياه مقارنة بعدد السكان إذ يرى التقرير أنه من غير المعقول أن يكون بلد في مثل تونس يقع في منطقة ضعيفة التساقطات ويعرف حالة من الشح المائي وتراجعا في منسوب تعبئة سدودها وفي نفس الوقت تمنح الدولة رخصا لشركات خاصة باستخراج الماء من باطن الأرض وتعليبه وبيعه للمواطن وهي عملية فيها استنزاف كبير للمائدة المائية التي هي ملك لكافة التونسيين والتونسيات ويجب أن تعود إلى الشعب لا إلى منفعة خاصة لبعض الأفراد الذين يستثمرون في هذا الميدان وهذا يعني أنه في الوقت الذي نروج فيه أن بلادنا شحيحة مائيا وفقيرة من حيث المياه الجوفية وتعرف صعوبات في تزويد السكان من ماء عذب في حنفية المنازل نجد تزايدا في عدد الشركات التي تنشط في تعليب المياه. فهذا وضع لا يستقيم فإذا كانت البلاد فقيرة مائيا فانه من المفروض أن لا يتعدى من يعمل في قطاع الماء المعلب بعض الشركات لا غير وهذا دليل على أن هناك خللا ما وهناك مشكل يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر ويحتاج إلى ترشيد وحوكمة في هذا القطاع خاصة وأن تقرير البنك الدولي قد أكد على أن الشعب التونسي بمقدوره أن يستغني عن شراء الماء المعلب لو يتم إيصال الماء إلى المنازل بمواصفات معينة وبجودة مطلوبة وهكذا يتم تحسين المقدرة الشرائية للمواطن الذي يخصص جزءا من مرتبه لشراء الماء المعلب .

يبقى الحل المستقبلي لحل مشكل الماء في تونس نهائيا هو الإسراع في برنامج تحلية ماء البحر كما فعلت الكثير من الدول الأوروبية وهو البرنامج الذي يعرف تعثرات كثيرة منها ما يعود إلى توفير الاعتمادات المالية كونه يحتاج إلى ميزانية كبيرة ومنها ما يعود إلى المقاومة التي تبديها الجهات المعطلة للمشروع والتي تعمل في قطاع الطاقة التقليدية من نفط وغاز ولا يساعدها ويضرها ويتعارض مع مصالحها أن تتحول تونس نحو الطاقات البديلة وهذه معركة أخرى على الدولة ان نخوضها حتى تتخلص من توابع الاستعمار القديم .

هذه بعض الملاحظات نحسب انها مفيدة ومهمة قد يستمع إليها المسؤول السياسي .

نوفل سلامة

 

 

 

مخرجات المجلس الوزاري حول ملف الماء في تونس لا تكفي

 كميات كبيرة يتم هدرها وتذهب في الطبيعة نتيجة تهرؤ شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه

 في أول ظهور سياسي له وأول لقاء جمعه بفريقه الحكومي بعد تعيينه على رأس الحكومة خلفا للسيد أحمد الحشاني ، خيّر السيد كمال المدوري رئيس الحكومة الجديد أن يكون مخصصا للنظر في ملف حارق وموضوع أتعب للكثير من أبناء الشعب وأن يعقد أول مجلس وزاري له للنظر في موضوع الانقطاعات المتكررة للماء في الكثير من الجهات وخاصة المناطق الداخلية مما اضطر المتضررين إلى الخروج في حركات احتجاجية غاضبة للمطالبة بالحق في الماء كحق من حقوق الإنسان الطبيعية والعادية.

في هذا الاجتماع الوزاري استمع رئيس الحكومة إلى عرض قدمه وزير الفلاحة عن الوضع المائي في البلاد وعن المشاكل التي تعاني منها المنظومة المائية في بلادنا وعن الأسباب الكامنة وراء كثرة الانقطاعات والتي أثرت بقوة على حياة السكان ومعيشتهم في هذا الظرف المناخي الذي يشهد ارتفاعا كبيرا لدرجات الحرارة حيث تم التأكيد على توعية المواطن بضرورة الاستعمال الأمثل للموارد المائية والمحافظة على كمية الماء المتوفرة والتي لا تفي بالحاجة ولا يمكن أن تلبي طلبات الجميع بصفة اعتيادية ومتواصلة بعد أن عرفت البلاد نقصا كبيرا في كمية المياه المخزنة في السدود والبحيرات في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات في العوامل المناخية التي تمر بها بلادنا والكثير من البلدان حيث تعيش البلاد على وقع حالة من الجفاف وقلة التساقطات للسنة الرابعة على التوالي كما تم التطرق إلى ضرورة الإسراع في انجاز ما تبقى من المشاريع المبرمجة لتنمية الموارد المائية وتجنب حالات التعطيل التي يشهدها هذا النوع من المشاريع وفي هذا السياق تمت الإشارة إلى موضوع الاعتمادات المالية حيث تم التأكيد على ضرورة توفير الأموال اللازمة باعتبار أن انجاز المشاريع الضخمة والحيوية للشعب وفي مدتها المحددة لها تبقى في الأخير رهين توفر الأموال اللازمة إذ من دون اعتمادات مالية يتعثر الإنجاز ويتعطل في الزمن إن لم نقل يتوقف لذلك كان عنصر الأموال المرصودة مسألة مبدئية وأساسية.

كما تم التطرق الى مسألة الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها الشبكة المائية والتدمير المتعمد الذي يحصل لقنوات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وكذلك إلى ما يقوم به بعض المواطنين من تحويل وجهة القناة الناقلة للماء الصالح للشراب للاستعمال اليومي إلى الاستعمال الفلاحي وهي كلها أفعال مجرمة بالقانون لكونها تمثل اعتداء على الملك العمومي المائي وتتسبب في استنزاف الموارد المائية من خلال اللجوء إلى طرق استغلال غير قانونية في هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد وفي سياق مرتبط بالحديث عن ضرورة التصدي لكل اعتداء على المنظومة المائية سواء بتعمد تدميرها أو تحويل وجهتها وتوظيفها في الاستعمال الفلاحي غير المرخص فيه، تمت الإشارة إلى ضرورة التفكير في وضع سياسة ناجعة وفاعلة وقادرة على مواجهة التغيرات المناخية وتسمح بإعادة التوازن المائي واستعادة المنظومة المائية لوضعها الطبيعي.

وقد اسفر هذا الاجتماع الوزاري الهام حول ملف الماء وما تعرفه منظومته من صعوبات ومشاكل أثرت سلبا في حياة المواطن نتيجة كثرة الانقطاعات التي تعرفها بعض الجهات على جملة من القرارات:

       أولا - تفعيل مراجعة مشروع مجلة المياه نحو تجريم الاعتداءات على الملك العمومي المائي.

       ثانيا - سحب الامتيازات والحوافز المسندة لتركيز السخانات الشمسية على تركيز خزانات المياه الفردية.

       ثالثا - فض الإشكال القائم على مستوى محطة التحلية بسوسة مع المجمّع المكلف بإنجاز المشروع.

      رابعا - إعداد لوحة قيادة للمشاريع والإسراع باستكمال انجاز المشاريع في طور التنفيذ وفق روزنامة محددة مع توفير التمويلات اللازمة لاستكمال إنجاز محطات التحلية المبرمجة.

       خامسا - اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدي لعمليات استنزاف الموارد المائية بصفة غير شرعية.

سادسا - إعداد تصور لمراجعة المنوال الفلاحي لملاءمته مع التغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه.

ما يمكن قوله حول هذا اللقاء الذي جمع السيد كمال المدوري رئيس الحكومة مع فريقه الحكومي للنظر فيما يمكن فعله عاجلا وآجلا في موضوع الماء المعضلة التي بقيت دون حل أنه رغم أهمية الحديث الذي دار في هذا المجلس وإيجابية الخطاب الذي قدم والتشخيص الذي تم عرضه وكذلك المخرجات التي انتهى إليها والمتمثلة في جملة من القرارات على أهميتها تبقى في نظرنا ناقصة ولا تحل مشكل الماء من جذوره حيث لم نر حديثا عن أكبر مشكلة تعترض منظومتنا المائية والتي تتسبب في هدر مالا يقل عن 40 % من الماء الذي يتم نقله عبر الشبكة للاستعمال المنزلي حيث أثبتت دراسة حديثة أنجزها البنك الدولي على الوضع المائي في بلادنا أن كميات كبيرة يتم هدرها وتذهب في الطبيعة نتيجة تهرؤ شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والتي تحتاج إلى إصلاحات وإعادة تركيز وهي كميات لو يتم استيعابها سريعا من المؤكد أنها سوف تمكن من تحسين الوضع المائي أمام مصاعب التغيرات المناخية وهذا يعني أنه في تقدرينا فإن من أولوية الأوليات اليوم هو وضع الاعتمادات المالية اللازمة للقيام بالصيانة اللازمة للشبكة الحالية والقيام بما يتوجب القيام به من إصلاحات عاجلة حتى نسترجع النسق العادي للتزود بالماء ونحسب أنه لو يتم وضع برنامج عاجل للتدخل وإصلاح الشبكة المائية وتعهدها بالصيانة اللازمة فإننا سوف نقلل كثيرا من أزمة التقطعات المتكررة للماء وسوف تكون الدولة قادرة على توفير الحد الأدنى من حاجيات الأفراد من ماء الحنفية .

المسألة الثانية التي نراها لم تذكر في هذا الاجتماع ونقدر أن لها أهميتها في هذا النقاش حول أزمة الماء هي موضوع السدود التي ذكر تقرير البنك الدولي أن الكثير منها غير صالح لاستيعاب كميات الأمطار التي تنزل نتيجة كثرة الأوحال العالقة بها حيث أوصى التقرير إلى ضرورة القيام بعمليات الجهر اللازمة التي تمكن من استيعاب كميات إضافية من التساقطات لا يمكن توظيفها واستعمالها لفائدة الأفراد وللاستعمال العائلي ونحسب أنه على خلاف ما يذهب إليه البعض من أن بناء سدود جديدة أفضل من جهر القديمة أن الدولة أوكلت عملية جهر هذه السدود إلى البعض من عمال الحضائر ورصدت لهم أجورا للقيام بهذا العمل لكن مع كل أسف فإن هؤلاء الأشخاص لا يقومون بهذا العمل ولا يؤدون ما هو محمول عليهم وليس هناك مراقبة على أعمالهم لذلك كان الحل الأسهل هو الذهاب إلى خيار بناء سدود جديدة بأموال إضافية والحال أن السدود القديمة قادرة على استيعاب نزول الأمطار فقط تحتاج إلى من يتعهد بصيانتها وجهرها.

المسألة الثالثة التي تعرض لها البنك الدولي في تقريره حول الوضع المائي ببلادنا إلى جانب ضرورة تحسين جودة ماء حنفية المنزل وربط المناطق والجهات والأحياء الواقعة قرب الأودية الكبيرة مثل قرى ومعتمديات الشمال الغربي بالشبكة المائية الانتباه إلى العدد الكبير من شركات تعليب المياه مقارنة بعدد السكان إذ يرى التقرير أنه من غير المعقول أن يكون بلد في مثل تونس يقع في منطقة ضعيفة التساقطات ويعرف حالة من الشح المائي وتراجعا في منسوب تعبئة سدودها وفي نفس الوقت تمنح الدولة رخصا لشركات خاصة باستخراج الماء من باطن الأرض وتعليبه وبيعه للمواطن وهي عملية فيها استنزاف كبير للمائدة المائية التي هي ملك لكافة التونسيين والتونسيات ويجب أن تعود إلى الشعب لا إلى منفعة خاصة لبعض الأفراد الذين يستثمرون في هذا الميدان وهذا يعني أنه في الوقت الذي نروج فيه أن بلادنا شحيحة مائيا وفقيرة من حيث المياه الجوفية وتعرف صعوبات في تزويد السكان من ماء عذب في حنفية المنازل نجد تزايدا في عدد الشركات التي تنشط في تعليب المياه. فهذا وضع لا يستقيم فإذا كانت البلاد فقيرة مائيا فانه من المفروض أن لا يتعدى من يعمل في قطاع الماء المعلب بعض الشركات لا غير وهذا دليل على أن هناك خللا ما وهناك مشكل يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر ويحتاج إلى ترشيد وحوكمة في هذا القطاع خاصة وأن تقرير البنك الدولي قد أكد على أن الشعب التونسي بمقدوره أن يستغني عن شراء الماء المعلب لو يتم إيصال الماء إلى المنازل بمواصفات معينة وبجودة مطلوبة وهكذا يتم تحسين المقدرة الشرائية للمواطن الذي يخصص جزءا من مرتبه لشراء الماء المعلب .

يبقى الحل المستقبلي لحل مشكل الماء في تونس نهائيا هو الإسراع في برنامج تحلية ماء البحر كما فعلت الكثير من الدول الأوروبية وهو البرنامج الذي يعرف تعثرات كثيرة منها ما يعود إلى توفير الاعتمادات المالية كونه يحتاج إلى ميزانية كبيرة ومنها ما يعود إلى المقاومة التي تبديها الجهات المعطلة للمشروع والتي تعمل في قطاع الطاقة التقليدية من نفط وغاز ولا يساعدها ويضرها ويتعارض مع مصالحها أن تتحول تونس نحو الطاقات البديلة وهذه معركة أخرى على الدولة ان نخوضها حتى تتخلص من توابع الاستعمار القديم .

هذه بعض الملاحظات نحسب انها مفيدة ومهمة قد يستمع إليها المسؤول السياسي .

نوفل سلامة