إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التربية على وسائل الإعلام في تونس: المنطلقات والأهداف

 

 

عادة ما يرتبط الإعلام التربوي بالتغيرات التي تطرأ على نظم المعلومات التربوية وأساليب نشرها وبثها

منذر عافي

بين التربية والإعلام علاقات متينة ومتجذرة، فهما مترابطان في بناء المجتمع الأفضل والارتقاء بالإنسان. من هذا المنطلق، تسعى وزارة التربية في تونس إلى دعم المقاربات البيداغوجية المتجددة والمتطورة في هذا المجال الحيوي بهدف الاستفادة من وسائل الإعلام لدعم المشاريع التربوية. يمكننا الحديث حينئذ عن كفايات إعلامية واتصالية ترتبط بنمط اشتغال المنظومة التربوية في تونس. لكن كيف يمكن قياس هذه الكفايات في ميدان الإعلام التربوي؟

 دور الإعلام التربوي في تعزيز العملية التعليمية

تسعى وزارة التربية إلى جعل الإعلام وسيلة تربوية تعليمية متسعة الآفاق. وقد رافق هذا التوجه تعزيز مجالات التربية على وسائل الإعلام عبر بناء منظومة إعلام تربوية ذات كفاءة، تنبه الجميع إلى أهمية التعرف على المؤسسات التربوية وهياكل الوزارة المختلفة والتواصل معها ودعمها بالرأي والنصيحة والخبرة.

عادة ما يرتبط الإعلام التربوي بالتغيرات التي تطرأ على نظم المعلومات التربوية وأساليب نشرها وبثها. ولذلك، نجد أن مدارات اهتمام الإعلام التربوي تتقاطع مع مجالات اهتمام المؤسسات التربوية. حيث أن كل المعارف العلمية والمهنية والاجتماعية يمكن أن تكون موضوعًا للعملية التربوية والبحث التربوي، وبالتالي يمكن أن تكون مادة للتربية على وسائل الإعلام.

 أهمية الاتصال في عصر الرقميات

نعيش في عصر الرقميات الذي يقوم على الاتصال كإحدى أهم ركائزه. يتطلب الاتصال القدرة على صناعة المعلومات واستثمارها. ولعل أكثر المنظومات حاجة إلى الاتصال هي المنظومة التربوية نظرًا إلى أن دور المدرسة –من بين أدوارها المتعددة– يتمثل في إرسال الرسائل البيداغوجية والتقاط رسائل مجتمعية وثقافية وسياسية والتفاعل معها عبر الرموز والإشارات ذات الدلالات المتنوعة. ومن هنا نشأت حاجة المنظومة التربوية في تونس إلى الإعلام التربوي كمرتكز أساسي لشرح خيارات الإصلاح وتوضيح التوجهات والبرامج البيداغوجية، مما يساهم في إنجاحها وإغنائها والتفاعل معها أو تسليط الأضواء على النزاعات والإشكالات.

 تعزيز التكامل بين المدرسة والرأي العام

التكامل التربوي بين المدرسة والرأي العام لن يكون إلا عبر وسائل اتصال فعالة وقادرة على نقل وجهات نظر مختلف الشركاء وكسر الجمود الذي بدأ يسيطر على هذه العلاقة. فإذا لم تستطع المنظومة التربوية أن توصل رسائلها بالدقة والوضوح اللازمين، فإنها تكون حينئذ عرضة للتشويش. ومن شأن الاتصال التربوي أن يدعم أنشطة الحياة المدرسية المختلفة بالمشاركة فيها، وتقييمها، والكتابة عنها، مما يعطيها دفعًا كبيرًا، وينقلها إلى عامل أساسي في نجاح العملية التربوية ذاتها.

تطور مفهوم التربية على وسائل الإعلام

مع التطور التقني الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام، تمثّل في إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية من خلال تقنية البث الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية، تطور مفهوم التربية على وسائل الإعلام ليشمل المحتويات والمضامين التربوية لوسائل الإعلام ذات العلاقة بالأهداف العامة للمجتمع. وتعود هذه التحولات إلى ما عرفته التربية في حد ذاتها من تغيرات، حيث أصبحت أوسع مدىً، وأرقى، وأعقد، وأكثر تنوعًا، مما جعل التربية عملية شاملة ومستديمة.

 التحديات والفرص في الإعلام التربوي

 ساهم هذا المسار المتغير في جذب وسائل الإعلام على نطاق واسع والسعي إلى تطوير قدرتها على جذب مستقبل الرسالة الإعلامية، وبالتالي قدرتها على الاضطلاع بأدوار تربوية موازية ومناقضة في أحيان كثيرة لما تقوم به المؤسسة التربوية الرسمية. وأدى هذا الوضع إلى تسرب أنماط من السلوك السلبي، والاستعمالات المشوهة للتكنولوجيا والمادة الاتصالية، على غرار إدمان بعض الأطفال والشباب على الألعاب الإلكترونية ذات التأثير السلبي والبرامج المحرضة على العنف والكراهية والتطرف.

يمتد مفهوم الإعلام التربوي ليشمل المهام التربوية والمحتويات البيداغوجية لوسائط الإعلام. يتطلب هذا الأمر تحديد المعايير التي يمكن الاستناد إليها في إصدار الأحكام على هذه البرامج والمحتويات التي تبثها وتذيعها وتنشرها وسائل الإعلام، إلى جانب التزام القائمين على وسائل الإعلام والأجهزة الاتصالية بضوابط العمل التربوي بحرفية ومهنية.

 الانفتاح والتفاعل مع وسائل الإعلام

من الضروري أن تأخذ المنظومة التربوية بعدًا انفتاحيًا هدفه الإفادة من وسائل الإعلام من أجل التعريف بمكوناتها بعيدًا عن الدعاية والغوغائية والمزايدات الأيديولوجية. ومن هنا تأتي أهمية الإعلام التربوي في مساعدة المدرسة على إرسال المعلومات التربوية والتقاط الرسائل المجتمعية المتنوعة والتفاعل معها بوضوح ودقة.

  استراتيجيات الاتصال الفعّال في التربية

يفرض الواقع على المنظومة التربوية تحديد الشروط الناجعة للاتصال الفعّال، وتوفير الموارد المادية والبشرية والمضامين الواضحة لكي تكون رسائلها مفهومة من قبل المتلقين. إذا فهم المتلقون الرسائل الإعلامية التي تبثها وزارة التربية –وهي رسائل إيجابية في غالب الأحيان– فإنهم يدخلون في مرحلة المشاركة والتواصل مع المصدر أي مكونات المنظومة التربوية وأجهزتها التنفيذية.

 مستقبل التربية على وسائل الإعلام في تونس

لقد أدرك القائمون على المنظومة التربوية في تونس اليوم أنه لا يمكن تحقيق اتصال ناجع وفعّال عن طريق سياسات تربوية مجزأة ومرتبكة وذات منحى لا يخلو من الشعبوية. وفي هذا الإطار، ترمي الجهود المبذولة في وزارة التربية إلى جعل الإعلام التربوي مجالًا متسع الآفاق من خلال إعادة بناء منظومة اتصالية ذات كفاءة تنبه الجميع إلى أهمية التعرف على المؤسسات التربوية وهياكل الوزارة المختلفة والتواصل معها ودعمها بالرأي والتوجيه والخبرة.

تسعى التربية على وسائل الإعلام إلى خدمة المجتمع، ومناقشة قضاياه ومشكلاته المختلفة وتناولها بالتحليل والشرح والتفسير ونشر الوعي لدى الأفراد حول هذه القضايا والمشكلات، والعمل على حلها، وتكوين رأي عام حولها. وتقترن العملية الإعلامية في الميدان التربوي بالتمشي الاستراتيجي المتكامل الذي تتبعه المنظومة التربوية لتوفير التعليم للجميع، مواجهة صعوبات التعلم، توفير التغذية المتوازنة والنقل المدرسي، صيانة المؤسسات التربوية وحمايتها.

إذا نجحت المنظومة التربوية في توفير المعطيات الواضحة والمؤشرات الدقيقة وأحكمت التخطيط الاستراتيجي، فإنها تستطيع عندئذ تحقيق التوافق السياسي والاعتراف العام بأهمية برامج الإصلاح التي تنجزها. وضوح المادة الاتصالية في ميدان التربية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التجانس الاجتماعي في تحديد الأولويات بمنأى عن التجاذبات الحزبية والأيديولوجية.

من هذا المنطلق، بدأت وزارة التربية في تونس بصياغة إستراتيجية اتصالية تعتمد على الشفافية وسرعة تدفق المعلومات ووضوح الرسائل، مع التركيز على المشاريع التربوية ذات المردودية العالية التي يتفاعل معها المتلقي بنجاعة ووضوح. هذه الجهود المتواصلة تهدف إلى تحقيق التكامل بين التربية والإعلام، مما يسهم في بناء مجتمع أفضل يرتقي بالإنسان الارتقاء المنشود..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التربية على وسائل الإعلام في تونس: المنطلقات والأهداف

 

 

عادة ما يرتبط الإعلام التربوي بالتغيرات التي تطرأ على نظم المعلومات التربوية وأساليب نشرها وبثها

منذر عافي

بين التربية والإعلام علاقات متينة ومتجذرة، فهما مترابطان في بناء المجتمع الأفضل والارتقاء بالإنسان. من هذا المنطلق، تسعى وزارة التربية في تونس إلى دعم المقاربات البيداغوجية المتجددة والمتطورة في هذا المجال الحيوي بهدف الاستفادة من وسائل الإعلام لدعم المشاريع التربوية. يمكننا الحديث حينئذ عن كفايات إعلامية واتصالية ترتبط بنمط اشتغال المنظومة التربوية في تونس. لكن كيف يمكن قياس هذه الكفايات في ميدان الإعلام التربوي؟

 دور الإعلام التربوي في تعزيز العملية التعليمية

تسعى وزارة التربية إلى جعل الإعلام وسيلة تربوية تعليمية متسعة الآفاق. وقد رافق هذا التوجه تعزيز مجالات التربية على وسائل الإعلام عبر بناء منظومة إعلام تربوية ذات كفاءة، تنبه الجميع إلى أهمية التعرف على المؤسسات التربوية وهياكل الوزارة المختلفة والتواصل معها ودعمها بالرأي والنصيحة والخبرة.

عادة ما يرتبط الإعلام التربوي بالتغيرات التي تطرأ على نظم المعلومات التربوية وأساليب نشرها وبثها. ولذلك، نجد أن مدارات اهتمام الإعلام التربوي تتقاطع مع مجالات اهتمام المؤسسات التربوية. حيث أن كل المعارف العلمية والمهنية والاجتماعية يمكن أن تكون موضوعًا للعملية التربوية والبحث التربوي، وبالتالي يمكن أن تكون مادة للتربية على وسائل الإعلام.

 أهمية الاتصال في عصر الرقميات

نعيش في عصر الرقميات الذي يقوم على الاتصال كإحدى أهم ركائزه. يتطلب الاتصال القدرة على صناعة المعلومات واستثمارها. ولعل أكثر المنظومات حاجة إلى الاتصال هي المنظومة التربوية نظرًا إلى أن دور المدرسة –من بين أدوارها المتعددة– يتمثل في إرسال الرسائل البيداغوجية والتقاط رسائل مجتمعية وثقافية وسياسية والتفاعل معها عبر الرموز والإشارات ذات الدلالات المتنوعة. ومن هنا نشأت حاجة المنظومة التربوية في تونس إلى الإعلام التربوي كمرتكز أساسي لشرح خيارات الإصلاح وتوضيح التوجهات والبرامج البيداغوجية، مما يساهم في إنجاحها وإغنائها والتفاعل معها أو تسليط الأضواء على النزاعات والإشكالات.

 تعزيز التكامل بين المدرسة والرأي العام

التكامل التربوي بين المدرسة والرأي العام لن يكون إلا عبر وسائل اتصال فعالة وقادرة على نقل وجهات نظر مختلف الشركاء وكسر الجمود الذي بدأ يسيطر على هذه العلاقة. فإذا لم تستطع المنظومة التربوية أن توصل رسائلها بالدقة والوضوح اللازمين، فإنها تكون حينئذ عرضة للتشويش. ومن شأن الاتصال التربوي أن يدعم أنشطة الحياة المدرسية المختلفة بالمشاركة فيها، وتقييمها، والكتابة عنها، مما يعطيها دفعًا كبيرًا، وينقلها إلى عامل أساسي في نجاح العملية التربوية ذاتها.

تطور مفهوم التربية على وسائل الإعلام

مع التطور التقني الهائل الذي طرأ على وسائل الإعلام، تمثّل في إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية من خلال تقنية البث الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية، تطور مفهوم التربية على وسائل الإعلام ليشمل المحتويات والمضامين التربوية لوسائل الإعلام ذات العلاقة بالأهداف العامة للمجتمع. وتعود هذه التحولات إلى ما عرفته التربية في حد ذاتها من تغيرات، حيث أصبحت أوسع مدىً، وأرقى، وأعقد، وأكثر تنوعًا، مما جعل التربية عملية شاملة ومستديمة.

 التحديات والفرص في الإعلام التربوي

 ساهم هذا المسار المتغير في جذب وسائل الإعلام على نطاق واسع والسعي إلى تطوير قدرتها على جذب مستقبل الرسالة الإعلامية، وبالتالي قدرتها على الاضطلاع بأدوار تربوية موازية ومناقضة في أحيان كثيرة لما تقوم به المؤسسة التربوية الرسمية. وأدى هذا الوضع إلى تسرب أنماط من السلوك السلبي، والاستعمالات المشوهة للتكنولوجيا والمادة الاتصالية، على غرار إدمان بعض الأطفال والشباب على الألعاب الإلكترونية ذات التأثير السلبي والبرامج المحرضة على العنف والكراهية والتطرف.

يمتد مفهوم الإعلام التربوي ليشمل المهام التربوية والمحتويات البيداغوجية لوسائط الإعلام. يتطلب هذا الأمر تحديد المعايير التي يمكن الاستناد إليها في إصدار الأحكام على هذه البرامج والمحتويات التي تبثها وتذيعها وتنشرها وسائل الإعلام، إلى جانب التزام القائمين على وسائل الإعلام والأجهزة الاتصالية بضوابط العمل التربوي بحرفية ومهنية.

 الانفتاح والتفاعل مع وسائل الإعلام

من الضروري أن تأخذ المنظومة التربوية بعدًا انفتاحيًا هدفه الإفادة من وسائل الإعلام من أجل التعريف بمكوناتها بعيدًا عن الدعاية والغوغائية والمزايدات الأيديولوجية. ومن هنا تأتي أهمية الإعلام التربوي في مساعدة المدرسة على إرسال المعلومات التربوية والتقاط الرسائل المجتمعية المتنوعة والتفاعل معها بوضوح ودقة.

  استراتيجيات الاتصال الفعّال في التربية

يفرض الواقع على المنظومة التربوية تحديد الشروط الناجعة للاتصال الفعّال، وتوفير الموارد المادية والبشرية والمضامين الواضحة لكي تكون رسائلها مفهومة من قبل المتلقين. إذا فهم المتلقون الرسائل الإعلامية التي تبثها وزارة التربية –وهي رسائل إيجابية في غالب الأحيان– فإنهم يدخلون في مرحلة المشاركة والتواصل مع المصدر أي مكونات المنظومة التربوية وأجهزتها التنفيذية.

 مستقبل التربية على وسائل الإعلام في تونس

لقد أدرك القائمون على المنظومة التربوية في تونس اليوم أنه لا يمكن تحقيق اتصال ناجع وفعّال عن طريق سياسات تربوية مجزأة ومرتبكة وذات منحى لا يخلو من الشعبوية. وفي هذا الإطار، ترمي الجهود المبذولة في وزارة التربية إلى جعل الإعلام التربوي مجالًا متسع الآفاق من خلال إعادة بناء منظومة اتصالية ذات كفاءة تنبه الجميع إلى أهمية التعرف على المؤسسات التربوية وهياكل الوزارة المختلفة والتواصل معها ودعمها بالرأي والتوجيه والخبرة.

تسعى التربية على وسائل الإعلام إلى خدمة المجتمع، ومناقشة قضاياه ومشكلاته المختلفة وتناولها بالتحليل والشرح والتفسير ونشر الوعي لدى الأفراد حول هذه القضايا والمشكلات، والعمل على حلها، وتكوين رأي عام حولها. وتقترن العملية الإعلامية في الميدان التربوي بالتمشي الاستراتيجي المتكامل الذي تتبعه المنظومة التربوية لتوفير التعليم للجميع، مواجهة صعوبات التعلم، توفير التغذية المتوازنة والنقل المدرسي، صيانة المؤسسات التربوية وحمايتها.

إذا نجحت المنظومة التربوية في توفير المعطيات الواضحة والمؤشرات الدقيقة وأحكمت التخطيط الاستراتيجي، فإنها تستطيع عندئذ تحقيق التوافق السياسي والاعتراف العام بأهمية برامج الإصلاح التي تنجزها. وضوح المادة الاتصالية في ميدان التربية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التجانس الاجتماعي في تحديد الأولويات بمنأى عن التجاذبات الحزبية والأيديولوجية.

من هذا المنطلق، بدأت وزارة التربية في تونس بصياغة إستراتيجية اتصالية تعتمد على الشفافية وسرعة تدفق المعلومات ووضوح الرسائل، مع التركيز على المشاريع التربوية ذات المردودية العالية التي يتفاعل معها المتلقي بنجاعة ووضوح. هذه الجهود المتواصلة تهدف إلى تحقيق التكامل بين التربية والإعلام، مما يسهم في بناء مجتمع أفضل يرتقي بالإنسان الارتقاء المنشود..