لا يمكن لعاقل أو منصف أو موضوعيّ في تحليله لأوضاع المؤسسات التربوية بجميع أصنافها ولظروف عمل المربّيات والمربيّن ألاّ يقول إنّ الحال لا يُحسد عليه. ومهما حاول بعضهم تغطية عين الشمس بآلاف الغرابيل، لن تجدي محاولاتهم نفعا ولن تغيّر شيئا من ظروف العودة المدرسية إن بقيت الأمور على ما هي عليه دون تدخلات سريعة على جميع المستويات: إصلاح البنى التّحتية للمؤسسات، تعزيز أسطول النقل، التخفيف من عدد التلاميذ في قاعات الدرس، التّقليص من عدد ساعات التدريس وتلبية الحدّ الأدنى من مطالب المدرّسين التي وقع الاتفاق عليها بمحاضر الجلسات.
وفي الوقت الذي كان فيه منظورو وزارة التربية ينتظرون تلبية مطالبهم لاسيّما منها انتداب المتعاقدين والنّواب سواء في التعليم الأساسي أو الثانوي وقد طال بهم عهد التّشتت وضياع الحقوق والضمانات والآمال والأحلام على امتداد فترات حكم الحكومات المتعاقبة، أصدرت وزارة الإشراف، ويا ليتها ما فعلت، منشورا أقلّ ما يقال عنه انه مرتجل يُشعل فتيل الخصام. فقد تجاوز منشور وزارة التربية حلّ الجلوس إلى طاولة الحوار وضرب الحقّ النقابي وحقّ التظاهر والاحتجاج. وهو لعمري أمر خطير وسابقة.
يأتي هذا المنشور بعد أن أفضت قرارات الهيئة الإداريّة الوطنيّة للتعليم الثانوي إلى الدّعوة إلى التظاهر والاحتجاج في مقرات الإدارات الجهوية للتعليم الثانوي في كل الولايات يُشفعان بتجمهر مركزيّ. وربّما يتقرّر إثر ذلك إعلان الإضراب العام بالمؤسسات التربوية. وإنّ مثل هذا التمشي فيه محاولة للاعتداء على حرية العمل النقابي الذي حقّقته الشغيلة ومعها نقابة التعليم الثانوي بعد عذابات ونضال بالنّفس والنّفيس. ومن البديهي أنّ الاعتداء على الحقّ النّقابي ومنع الاحتجاجات القانونيّة خطّ أحمر في جميع القطاعات. وإنّ إدارة الظهر لمنظوري وزارة التربية لن يجدي نفعا.
ولا شكّ في أنّ الهيئة الإداريّة الوطنيّة للتعليم الثانوي تدرك حجمها وحجم قواعدها الصّلبة والمتينة التي لا تقبل الإذعان والتراجع عن مطالبها المشروعة وقد نفد صبرها وبلغ منتهاه. ولا يخفى على أحد أنّ نقابة التعليم الثانوي كانت قاطرة النضالات قبل 1956 في معركة التحرر الوطني ولا تزال. وقد كان لها دور بارز في نجاح انتفاضة 17/12/2010 – 14/01/2011 لا ينكره إلاّ جاحد.
إنّ ما تنتهجه وزارة التربية، لا يمكن أن نصفه إلاّ بصبّ الزيت على النار لتتحول إلى لظى. ومع الأسف الشّديد، رأينا اندفاع السّيدة الوزيرة عندما أعلنت عن أنّ رئيس الدّولة "أمرها"، حسب قولها، بانتداب المعلّمين النّواب دفعة واحدة ثم صمتها وعدم إصدار أيّ نصّ قانونيّ يفعّل تصريحها في الغرض.. وهو ما قد يؤدّي إلى تصادم المربّيات والمربّين وإغلاق المؤسسات التربوية والإدارات الجهوية. !
وفي السّياق نفسه، فإنّ الذين يريدون الرّجوع إلى الوراء ويتربّصون بمسار 25 جويلية ويندّدون ، يبحثون عن أيّ توتر أو خصومة لاستغلالها لتسجيل نقاط ضدّ رئيس الجمهوريّة وتبخيس مساره لأنّهم فشلوا فشلا ذريعا في الإطاحة به لأنّه لا عمق شعبيّا لهم. وقد كانت استجابة الجماهير لنداءاتهم المتكرّرة هباء منثورا تذروه الرّياح. ولا علاقة، في رأينا، لحماسهم الفيّاض حول هذا الموضوع بالدّفاع عن النّضال النّقابي والانتصار لحقوق المربّيات والمربّين.
ستتزامن العودة المدرسيّة هذا العام مع موعد الانتخابات الرّئاسيّة. وهو حدث مفصلي ومحدّد لمستقبل تونس وأبنائها حاضرا ومستقبلا. وبذلك يكون اضطراب العودة المدرسيّة وعرقلة انطلاقها وتشنّج العلاقة بين المدرّسين والوزارة فرصة ذهبيّة تُقدّم على طبق لمن يسعون إلى العودة إلى الوراء.
مصدّق الشّريف
إدارة الظهر لمنظوري وزارة التربية لن يجدي نفعا
لا يمكن لعاقل أو منصف أو موضوعيّ في تحليله لأوضاع المؤسسات التربوية بجميع أصنافها ولظروف عمل المربّيات والمربيّن ألاّ يقول إنّ الحال لا يُحسد عليه. ومهما حاول بعضهم تغطية عين الشمس بآلاف الغرابيل، لن تجدي محاولاتهم نفعا ولن تغيّر شيئا من ظروف العودة المدرسية إن بقيت الأمور على ما هي عليه دون تدخلات سريعة على جميع المستويات: إصلاح البنى التّحتية للمؤسسات، تعزيز أسطول النقل، التخفيف من عدد التلاميذ في قاعات الدرس، التّقليص من عدد ساعات التدريس وتلبية الحدّ الأدنى من مطالب المدرّسين التي وقع الاتفاق عليها بمحاضر الجلسات.
وفي الوقت الذي كان فيه منظورو وزارة التربية ينتظرون تلبية مطالبهم لاسيّما منها انتداب المتعاقدين والنّواب سواء في التعليم الأساسي أو الثانوي وقد طال بهم عهد التّشتت وضياع الحقوق والضمانات والآمال والأحلام على امتداد فترات حكم الحكومات المتعاقبة، أصدرت وزارة الإشراف، ويا ليتها ما فعلت، منشورا أقلّ ما يقال عنه انه مرتجل يُشعل فتيل الخصام. فقد تجاوز منشور وزارة التربية حلّ الجلوس إلى طاولة الحوار وضرب الحقّ النقابي وحقّ التظاهر والاحتجاج. وهو لعمري أمر خطير وسابقة.
يأتي هذا المنشور بعد أن أفضت قرارات الهيئة الإداريّة الوطنيّة للتعليم الثانوي إلى الدّعوة إلى التظاهر والاحتجاج في مقرات الإدارات الجهوية للتعليم الثانوي في كل الولايات يُشفعان بتجمهر مركزيّ. وربّما يتقرّر إثر ذلك إعلان الإضراب العام بالمؤسسات التربوية. وإنّ مثل هذا التمشي فيه محاولة للاعتداء على حرية العمل النقابي الذي حقّقته الشغيلة ومعها نقابة التعليم الثانوي بعد عذابات ونضال بالنّفس والنّفيس. ومن البديهي أنّ الاعتداء على الحقّ النّقابي ومنع الاحتجاجات القانونيّة خطّ أحمر في جميع القطاعات. وإنّ إدارة الظهر لمنظوري وزارة التربية لن يجدي نفعا.
ولا شكّ في أنّ الهيئة الإداريّة الوطنيّة للتعليم الثانوي تدرك حجمها وحجم قواعدها الصّلبة والمتينة التي لا تقبل الإذعان والتراجع عن مطالبها المشروعة وقد نفد صبرها وبلغ منتهاه. ولا يخفى على أحد أنّ نقابة التعليم الثانوي كانت قاطرة النضالات قبل 1956 في معركة التحرر الوطني ولا تزال. وقد كان لها دور بارز في نجاح انتفاضة 17/12/2010 – 14/01/2011 لا ينكره إلاّ جاحد.
إنّ ما تنتهجه وزارة التربية، لا يمكن أن نصفه إلاّ بصبّ الزيت على النار لتتحول إلى لظى. ومع الأسف الشّديد، رأينا اندفاع السّيدة الوزيرة عندما أعلنت عن أنّ رئيس الدّولة "أمرها"، حسب قولها، بانتداب المعلّمين النّواب دفعة واحدة ثم صمتها وعدم إصدار أيّ نصّ قانونيّ يفعّل تصريحها في الغرض.. وهو ما قد يؤدّي إلى تصادم المربّيات والمربّين وإغلاق المؤسسات التربوية والإدارات الجهوية. !
وفي السّياق نفسه، فإنّ الذين يريدون الرّجوع إلى الوراء ويتربّصون بمسار 25 جويلية ويندّدون ، يبحثون عن أيّ توتر أو خصومة لاستغلالها لتسجيل نقاط ضدّ رئيس الجمهوريّة وتبخيس مساره لأنّهم فشلوا فشلا ذريعا في الإطاحة به لأنّه لا عمق شعبيّا لهم. وقد كانت استجابة الجماهير لنداءاتهم المتكرّرة هباء منثورا تذروه الرّياح. ولا علاقة، في رأينا، لحماسهم الفيّاض حول هذا الموضوع بالدّفاع عن النّضال النّقابي والانتصار لحقوق المربّيات والمربّين.
ستتزامن العودة المدرسيّة هذا العام مع موعد الانتخابات الرّئاسيّة. وهو حدث مفصلي ومحدّد لمستقبل تونس وأبنائها حاضرا ومستقبلا. وبذلك يكون اضطراب العودة المدرسيّة وعرقلة انطلاقها وتشنّج العلاقة بين المدرّسين والوزارة فرصة ذهبيّة تُقدّم على طبق لمن يسعون إلى العودة إلى الوراء.