من يظن أن العودة المدرسية كل يوم 15 سبتمبر من كل عام.. فهو مخطئ.. قد يكون هذا موعدها الرسمي المتعارف عليه منذ عهود، لكنها أضحت ومنذ سنوات في عٌرف عديد الأولياء تسجل حضورها منذ بداية شهر أوت من كل سنة.. هذا الشّهر الذي تحوّل الى محطة ماراطونية للاستعداد للعودة المدرسية من خلال تكثيف دروس الدعم والتدارك حتى أن البعض قد تمكّن أو أنهى مختلف المناهج والمهارات التعليمية قبل بداية الموسم الدراسي..
في هذا الخضم تعيش اليوم جل العائلات التونسية حالة استنفار شديدة. فالدروس الخصوصية قد انطلقت خاصة بالنسبة للتلاميذ الذين هم على موعد مع المناظرات أو الامتحانات الوطنية على غرار امتحان الباكالوريا.
والأمر لا ينسحب فقط على المترشحين لمختلف المناظرات أو تلاميذ الأقسام النهائية فتلاميذ المرحلة الابتدائية قد أكمل الكثير منهم البرنامج الدراسي في مادة ما خاصة في بعض المواد الرئيسية على غرار اللغة والرياضيات..
ولا نبالغ إذا ما قلنا إن بعض الأساتذة أو المعلمين لا سيما "ممن ذاع صيتهم" لا يمكن مطلقا الولوج إليهم.
هذه الوضعية قد تدفع الى طرح جملة من الأسئلة الملحة من قبيل: هل إن المرفق العمومي اليوم أضحى منفرا الى هذه الدرجة ولا يمكن التعويل إليه؟
تفاعلا مع هذا الطرح يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" أن الاستعداد للسنة الدراسية الجديدة قبل بدايتها يعتبر بمثابة "عادة قديمة متجددة".
وفي معرض حديثه عن هذا التّوجه الذي يتوخاه اليوم كثير من الأولياء أشار محدثنا الى أن فئة هامة من الأولياء فقدت اليوم ثقتها في المرفق العمومي وهو ما تعكسه مؤشرات التسرّب المدرسي. ليعتبر الزّهروني في هذا الخصوص أن الفرص التربوية للنجاح اليوم أضحت مٌتوفّرة إلا لمن له الإمكانيات المادية والقدرة على مجابهة متطلبات العودة المدرسية. ومن هذا المنطلق أضحت فئة هامة من التونسيين تستعدّ للعودة المدرسية حتى قبل انطلاقتها ضمانا لفرص أكثر للنجاح.
واعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ من جانب آخر أن بعض العوامل مثلت أرضية خصبة لتفاقم الظاهرة من ذلك بداية التهديد والتصعيد بين الطرف الاجتماعي وسلطة الإشراف قبل انطلاق السنة الدراسية.. هذا دون التغافل عن معضلة الشغورات والتي تشير بعض الأوساط الإعلامية الى أنها في حدود 7 آلاف شغور هذا بالتوازي مع سياسة الارتجال المعتمدة في إدارة الشأن التّربوي.
وكحلّ يراه محدثنا ناجعا لتجاوز المعضلة أورد الزهروني انه من الضروري إرساء المجلس الأعلى للتربية في أقرب الآجال إلى جانب أهمية بناء منهجية دراسية تقوم على تشريك جميع الأطراف حتى يتسنى إعادة الاعتبار للصرح العمومي وبناء مدرسة تونسية مجانية عمومية وعادلة مشيرا الى أن الحل الجوهري يكمن في إيجاد تصور لعملية الإصلاح.
من جانب آخر وفي نفس الإطار أورد البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح لـ"الصباح" أن فئة هامة من الأولياء تروم اليوم "الامتياز" و"التميّز" بما يعني أن الهاجس الأساسي هو الحصول على معدلات مرتفعة وكأن العدد المسند للتلميذ هو المقياس الأساسي للوقوف على مدى امتلاكه لمختلف المهارات الملقنة داخل القسم. وبالتالي فإنه من البديهي من وجهة نظر السديري الانطلاق في استعدادات مدرسية وفي خوض ماراطون الدروس الخصوصية حتى قبل بداية السنة الدراسية. ليعتبر محدثنا في هذا الخصوص أن هذه المعضلة لن تتراجع وتثيرها إلا في حال اعتماد إصلاح تربوي شامل يعيد للمدرسة العمومية بريقها وتوهجها.
تجدر الإشارة الى أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد اشرف أمس بقصر قرطاج على موكب الاحتفال بيوم العلم.
وشدّد في كلمة بالمناسبة على ضرورة إيجاد حلول شاملة لملف المعلمين والأساتذة النواب وحاملي شهائد الدكتوراه مشيرا الى أن أحد المعلمين النواب درّس ثلاث سنوات دون أن يتقاضى مليما واحدا إيمانا منه بنُبل الرسالة مضيفا أنّ الدولة التونسية لا تقبل بأيّ تهديد مهما كان مصدره، وأن المعلمين والأساتذة، أسمى وأرقى من أن يتخذوا التلاميذ والطلبة رهائن يُساومون بهم، حسب تعبيره..
منال حرزي
تونس-الصباح
من يظن أن العودة المدرسية كل يوم 15 سبتمبر من كل عام.. فهو مخطئ.. قد يكون هذا موعدها الرسمي المتعارف عليه منذ عهود، لكنها أضحت ومنذ سنوات في عٌرف عديد الأولياء تسجل حضورها منذ بداية شهر أوت من كل سنة.. هذا الشّهر الذي تحوّل الى محطة ماراطونية للاستعداد للعودة المدرسية من خلال تكثيف دروس الدعم والتدارك حتى أن البعض قد تمكّن أو أنهى مختلف المناهج والمهارات التعليمية قبل بداية الموسم الدراسي..
في هذا الخضم تعيش اليوم جل العائلات التونسية حالة استنفار شديدة. فالدروس الخصوصية قد انطلقت خاصة بالنسبة للتلاميذ الذين هم على موعد مع المناظرات أو الامتحانات الوطنية على غرار امتحان الباكالوريا.
والأمر لا ينسحب فقط على المترشحين لمختلف المناظرات أو تلاميذ الأقسام النهائية فتلاميذ المرحلة الابتدائية قد أكمل الكثير منهم البرنامج الدراسي في مادة ما خاصة في بعض المواد الرئيسية على غرار اللغة والرياضيات..
ولا نبالغ إذا ما قلنا إن بعض الأساتذة أو المعلمين لا سيما "ممن ذاع صيتهم" لا يمكن مطلقا الولوج إليهم.
هذه الوضعية قد تدفع الى طرح جملة من الأسئلة الملحة من قبيل: هل إن المرفق العمومي اليوم أضحى منفرا الى هذه الدرجة ولا يمكن التعويل إليه؟
تفاعلا مع هذا الطرح يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" أن الاستعداد للسنة الدراسية الجديدة قبل بدايتها يعتبر بمثابة "عادة قديمة متجددة".
وفي معرض حديثه عن هذا التّوجه الذي يتوخاه اليوم كثير من الأولياء أشار محدثنا الى أن فئة هامة من الأولياء فقدت اليوم ثقتها في المرفق العمومي وهو ما تعكسه مؤشرات التسرّب المدرسي. ليعتبر الزّهروني في هذا الخصوص أن الفرص التربوية للنجاح اليوم أضحت مٌتوفّرة إلا لمن له الإمكانيات المادية والقدرة على مجابهة متطلبات العودة المدرسية. ومن هذا المنطلق أضحت فئة هامة من التونسيين تستعدّ للعودة المدرسية حتى قبل انطلاقتها ضمانا لفرص أكثر للنجاح.
واعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ من جانب آخر أن بعض العوامل مثلت أرضية خصبة لتفاقم الظاهرة من ذلك بداية التهديد والتصعيد بين الطرف الاجتماعي وسلطة الإشراف قبل انطلاق السنة الدراسية.. هذا دون التغافل عن معضلة الشغورات والتي تشير بعض الأوساط الإعلامية الى أنها في حدود 7 آلاف شغور هذا بالتوازي مع سياسة الارتجال المعتمدة في إدارة الشأن التّربوي.
وكحلّ يراه محدثنا ناجعا لتجاوز المعضلة أورد الزهروني انه من الضروري إرساء المجلس الأعلى للتربية في أقرب الآجال إلى جانب أهمية بناء منهجية دراسية تقوم على تشريك جميع الأطراف حتى يتسنى إعادة الاعتبار للصرح العمومي وبناء مدرسة تونسية مجانية عمومية وعادلة مشيرا الى أن الحل الجوهري يكمن في إيجاد تصور لعملية الإصلاح.
من جانب آخر وفي نفس الإطار أورد البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح لـ"الصباح" أن فئة هامة من الأولياء تروم اليوم "الامتياز" و"التميّز" بما يعني أن الهاجس الأساسي هو الحصول على معدلات مرتفعة وكأن العدد المسند للتلميذ هو المقياس الأساسي للوقوف على مدى امتلاكه لمختلف المهارات الملقنة داخل القسم. وبالتالي فإنه من البديهي من وجهة نظر السديري الانطلاق في استعدادات مدرسية وفي خوض ماراطون الدروس الخصوصية حتى قبل بداية السنة الدراسية. ليعتبر محدثنا في هذا الخصوص أن هذه المعضلة لن تتراجع وتثيرها إلا في حال اعتماد إصلاح تربوي شامل يعيد للمدرسة العمومية بريقها وتوهجها.
تجدر الإشارة الى أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد اشرف أمس بقصر قرطاج على موكب الاحتفال بيوم العلم.
وشدّد في كلمة بالمناسبة على ضرورة إيجاد حلول شاملة لملف المعلمين والأساتذة النواب وحاملي شهائد الدكتوراه مشيرا الى أن أحد المعلمين النواب درّس ثلاث سنوات دون أن يتقاضى مليما واحدا إيمانا منه بنُبل الرسالة مضيفا أنّ الدولة التونسية لا تقبل بأيّ تهديد مهما كان مصدره، وأن المعلمين والأساتذة، أسمى وأرقى من أن يتخذوا التلاميذ والطلبة رهائن يُساومون بهم، حسب تعبيره..