إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بسبب التغيرات المناخية ومعضلة الشح المائي.. تغيير المنوال الفلاحي الحالي ضرورة حتمية

 

تونس-الصباح

تغير المناخ هو التحدي الرئيسي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والبلاد تونسية وهو ما يحتم تغيير الاستراتيجيات، للتأقلم مع هذه التغييرات، وخاصة الاستراتيجيات الفلاحية، بما يتماشى وكميات التساقطات، وهي استراتيجيات تقوم على أساس علمي وتقييم اتجاهات المناخ المستقبلية.

ففي السنوات الأخيرة انعكس تأثير تغير المناخ بشكل واضح على القطاع الفلاحي في بلادنا، الذي يمثل عموداً فقرياً حيث انتشرت العديد من الآفات والأمراض التي ضربت الأشجار المثمرة والخضر وحتى الزراعات الكبرى، كما أثرت التغيرات المناخية في الإنتاجية وذلك بسبب الشح المائي.

وفي هذا الصدد وخلال أول مجلس وزاري لرئيس الحكومة المعين كمال المدوري، عقد بتاريخ الجمعة 9 أوت 2024 بقصر الحكومة بالقصبة، خصّص للنظر في سبل ترشيد الموارد المائية وإجراءات وآليات تنميتها وتنويعها، حيث شدّد رئيس الحكومة على ضرورة التوظيف الأمثل للموارد المائية واستحثاث انجاز بقية المشاريع المبرمجة لتنمية الموارد المائية وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك إضافة الى ملاءمة سياسة تعبئة الموارد المائية مع التغيرات المناخية، مؤكدا على وجوب إعداد تصور لمراجعة المنوال الفلاحي لملاءمته مع التغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه.

مراجعة الخارطة الزراعية

حول ملاءمة المنوال الزراعي مع التغييرات المناخية تحدثت "الصباح" مع الخبير في السياسات الزراعية فوزي الزياني الذي أفادنا أن العالم يتغير بسرعة وخاصة فيما يخص السياسات الزراعية وذلك بما يتماشى والتغيرات المناخية، مبينا أن كل العالم أحس بخطورة الوضع إذ سارعت كل الدول إلى تنفيذ سياسات جديدة لضمان أمنها الغذائي بالنظر إلى الوضع الذي أصبح عليه العالم بسبب التغييرات حيث يتطلب ذلك فهم الآثار المترتبة على الخريطة الزراعية وكيفية تبدل موازين الطبيعة وتقلبات الطقس التي تؤثر على مواعيد الزراعة ومواسم الحصاد، لا سيما في ظل تكرر الفيضانات والزلازل مع تنامي الصراعات المسلحة والنزاعات الجيوسياسية وهو ما أثر في المبادلات التجارية في العالم، وفق قوله. واعتبر الزياني أن كل هذا يحتم على السلطات في بلادنا التوجه نحو اتخاذ خطوات عاجلة في اتجاه إرساء سياسات زراعية جديدة تتماشى والتقاليد الفلاحية في كل منطقة بما يتناسب وحجم التساقطات والتغيرات المناخية التي تشهدها الجهات.

وبين الخبير في السياسات الزراعية أنه تحسبا للتداعيات العالمية التي فرضتها التغيرات المناخية وتأثيرها على المجال الفلاحي وسلسلة التصدير العالمي يتوجب على الجهات الحكومية تغيير المنوال الفلاحي الحالي الذي أظهر إفلاسه بمنوال أكثر نجاعة ويؤمن احتياجاتنا الأساسية من المنتوجات الحياتية بالكامل عبر التعويل على الذات بما يقلص قدر المستطاع من التوريد.

رؤية شاملة لتوفير حاجياتنا من الماء

وشرح فوزي الزياني الخبير في السياسات الزراعية أن المطلوب بالتوازي مع رسم معالم المنوال الفلاحي الجديد وضع رؤية شاملة لتوفير الماء في كل مناطق البلاد بما يتماشى وحاجيات الزراعات في كل منطقة.

وأبرز أن كميات الأمطار التي تهطل في تونس تتراوح بين 35 و36 مليار متر مكعب، وبفعل التغيرات المناخية أصبحت هذه الكميات تنزل ليس في فصل الشتاء فقط بل تغيرت مواعيد نزولها، كما يمكن أن تكون التساقطات في أي فترة من السنة وبكميات كبيرة في وقت وجيز، كما أنه وبفعل التغيرات أصبحت تنزل في مناطق تعرف بضعف تساقطاتها على غرار ولايات الجنوب. وأشار فوزي الزياني إلى أن أهم خطوة تتمثل في العمل على تجميع أكبر كميات ممكنة من مياه الأمطار في السدود وخاصة في خزانات جوفية تحافظ قدر الإمكان على موارد الأمطار حتى لا تهدر في البحر.

وأكد محدثنا أن من بين المشاكل أيضا إحداث الجارة الجزائر لعدة سدود على الحدود مع تونس وهو ما حرم بلادنا من موارد هامة من الأمطار، وهذا يفرض على الحكومة التونسية التحرك من أجل الدفاع عن حقوقها حيث أن كميات مياه الأمطار التي كانت تصل الى وادي مجردة قطع أمامها الطريق وهو ما يفسر عدم توفر أي موارد بالوادي.

وأبرز الخبير أن طاقة استيعاب كل السدود في تونس بحجم 2.5 مليار متر مكعب، مؤكدا أن زيادة طاقة الاستيعاب سواء بالسدود أو الخزانات الجوفية مع تعزيز المياه الجوفية بـ2 مليار متر مكعب إضافية سيوفر حاجياتنا من الماء للشرب ولفائدة منظوماتنا الفلاحية.

واعتبر أن من أهم الإجراءات أيضا الاتجاه نحو استعمال المياه المعالجة في الزراعة التي حسب التقديرات قادرة على توفير حوالي 25% من حاجياتنا من الماء في تونس، وهو ما يفرض إحداث محطات معالجة المياه المستعملة في كل مناطق البلاد وتوجيهها نحو الاستعمال الفلاحي.

واعتبر أن صيانة السدود وقنوات مياه الشرب أكثر من مهم للحد من الهدر المائي الذي يصل إلى 32% وهي نسبة ضخمة في ظل ما تعانيه بلادنا من شح.

إيقاف إنتاج بعض الزراعات

وأبرز فوزي الزياني الخبير في السياسات الزراعية أن تونس تعتمد على زراعات تحتاج للكثير من الماء والتي تصدر إلى الخارج ما يعني أننا نصدر الماء على غرار إنتاج الدلاع والبطيخ وفراولة والطماطم، مؤكدا على وجوب الاقتصار فقط على زراعة حاجياتنا من هذه المنتجات كونها تستهلك كميات كبيرة من الماء.

زراعات إستراتيجية

وأبرز فوزي الزياني أن الوضع يحتم علينا التوجه نحو زراعة منتجات إستراتيجية وتحديدا زراعة الحبوب لتوفير المعجنات والخبز، والأعلاف لتوفير حاجياتنا من اللحوم والحليب والأجبان، وأيضا زراعة الخضر .

وشدد على وجوب محافظة كل منطقة من مناطق البلاد على زراعاتها التي تتماشى مع مناخها وتقاليدها مع تعزيز الزراعات الأساسية.

وكانت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري قد نظمت بتاريخ 11 ماي 2024 بمناسبة اليوم الوطني للفلاحة وإحياء الذكرى 60 للجلاء الزراعي ندوة تمحورت حول الرهانات الحالية والمستقبلية لتحقيق الأمن الغذائي في ظل التقلبات الإقليمية وارتفاع الأسعار العالمية وخاصة في ظلّ التغيرات المناخية وتداعياتها المتسارعة على جميع القطاعات خاصة منها القطاع الأبرز قطاع الفلاحة.

وفي هذا الصدد أبرز الخبير في التغيّرات المناخية عياض لبان خلال مداخلته أن "هناك العديد من التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي من بينها المتعلقة بالعائدات الزراعية للمحاصيل الإستراتيجية وهي الحبوب وأشجار الزياتين. فتُعتبر معدلات المحاصيل الإستراتيجية في تونس من أدنى المعدلات مقارنة ببلدان شمال البحر الأبيض المتوسط، ولكن المجال كبير جدّا لتحسين مردوديتها".

وأضاف المتحدث "أما التحديات الأخرى فهي متعلقة بالريّ فإنه من الصعب جدّا ريّ أكثر الأراضي نظرا لندرة المياه، ومتعلقة أيضا بمساحة الأراضي فمن الصعب أيضا الترفيع فيها وإذا ما تم التوجّه نحو هذا الخيار فإنه سيقع المساس من المراعي والغابات".

وقال "من التحديات أيضا مواجهة تدهور التربة والمياه والتنوع البيولوجي في تونس بالإضافة إلى الآثار المتوقعة من التغيرات المناخية".

وفي ذات السياق، أكّد الخبير في التغيّرات المناخية أنّ "هناك 94 بالمائة من المناطق في تونس مناخها يتراوح من شبه جاف إلى صحراوي، و92 بالمائة من المساحات المحروثة هي للزراعات المطرية و49 بالمائة من الأراضي معرّضة للتآكل. وبالتالي فإن هذه الأرقام تبرز أنّ هناك رهانات وتحديات كبيرة ولكن بالعمل يمكن تجاوزها".

وأوضح عياض لبان إنّ "قطاع الفلاحة من دوره تحقيق الأمن الغذائي ولكن له أيضا دور اجتماعي واقتصادي، وإجمالا لتحقيق الأمن الغذائي يجب أن ننتج أكثر وأفضل وبصفة أكثر مستدامة".

وقال اللبان إنّ "هناك أربعة محاور كبرى على غاية من الأهمية تضمنتها الإستراتيجية الوطنية للتهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية إلى غضون 2050 لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.

وتتمثل هذه النقاط في أنّ المناطق الريفية ستصبح مزدهرة، والتنمية ستقوم على أساس زراعة منتجة وإدارة مستدامة للموارد الطبيعية إلى جانب تحسين قدرة الصمود إزاء التغيرات المناخية وتكون المقاربة تشاركية وهي محاور جدّ هامة تُضاف إليها مؤشرات هامة من ذلك تهيئة 1،44 مليون هكتار جدد، وحجز ما يقارب 50 طنا من الكربون في التربة وتعبئة ما يقارب 8 آلاف مليون متر3 من المياه الخضراء".

من جهته، أكّد أستاذ تعليم عال بالمعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس علي المهيري في مداخلته أنّه "لابد من التحوّل من الفلاحة الحالية لأنها غير مستدامة ولا يمكن أن تدوم، كما لا يمكن من خلالها أن نحّقق المستقبل لتحسين الأمن الغذائي"، وبالتالي "لابد من التحول بها إلى فلاحة جديدة وصامدة ومستدامة، والمرور من الفلاحة الحالية إلى فلاحة المستقبل يكون عبر مسلك الانتقالات وعددها عشر منها الانتقال المناخي والانتقال الايكولوجي والانتقال الطاقي والانتقال المهني للفلاح وغيرها".

حنان قيراط

بسبب التغيرات المناخية ومعضلة الشح المائي.. تغيير المنوال الفلاحي الحالي ضرورة حتمية

 

تونس-الصباح

تغير المناخ هو التحدي الرئيسي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والبلاد تونسية وهو ما يحتم تغيير الاستراتيجيات، للتأقلم مع هذه التغييرات، وخاصة الاستراتيجيات الفلاحية، بما يتماشى وكميات التساقطات، وهي استراتيجيات تقوم على أساس علمي وتقييم اتجاهات المناخ المستقبلية.

ففي السنوات الأخيرة انعكس تأثير تغير المناخ بشكل واضح على القطاع الفلاحي في بلادنا، الذي يمثل عموداً فقرياً حيث انتشرت العديد من الآفات والأمراض التي ضربت الأشجار المثمرة والخضر وحتى الزراعات الكبرى، كما أثرت التغيرات المناخية في الإنتاجية وذلك بسبب الشح المائي.

وفي هذا الصدد وخلال أول مجلس وزاري لرئيس الحكومة المعين كمال المدوري، عقد بتاريخ الجمعة 9 أوت 2024 بقصر الحكومة بالقصبة، خصّص للنظر في سبل ترشيد الموارد المائية وإجراءات وآليات تنميتها وتنويعها، حيث شدّد رئيس الحكومة على ضرورة التوظيف الأمثل للموارد المائية واستحثاث انجاز بقية المشاريع المبرمجة لتنمية الموارد المائية وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك إضافة الى ملاءمة سياسة تعبئة الموارد المائية مع التغيرات المناخية، مؤكدا على وجوب إعداد تصور لمراجعة المنوال الفلاحي لملاءمته مع التغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه.

مراجعة الخارطة الزراعية

حول ملاءمة المنوال الزراعي مع التغييرات المناخية تحدثت "الصباح" مع الخبير في السياسات الزراعية فوزي الزياني الذي أفادنا أن العالم يتغير بسرعة وخاصة فيما يخص السياسات الزراعية وذلك بما يتماشى والتغيرات المناخية، مبينا أن كل العالم أحس بخطورة الوضع إذ سارعت كل الدول إلى تنفيذ سياسات جديدة لضمان أمنها الغذائي بالنظر إلى الوضع الذي أصبح عليه العالم بسبب التغييرات حيث يتطلب ذلك فهم الآثار المترتبة على الخريطة الزراعية وكيفية تبدل موازين الطبيعة وتقلبات الطقس التي تؤثر على مواعيد الزراعة ومواسم الحصاد، لا سيما في ظل تكرر الفيضانات والزلازل مع تنامي الصراعات المسلحة والنزاعات الجيوسياسية وهو ما أثر في المبادلات التجارية في العالم، وفق قوله. واعتبر الزياني أن كل هذا يحتم على السلطات في بلادنا التوجه نحو اتخاذ خطوات عاجلة في اتجاه إرساء سياسات زراعية جديدة تتماشى والتقاليد الفلاحية في كل منطقة بما يتناسب وحجم التساقطات والتغيرات المناخية التي تشهدها الجهات.

وبين الخبير في السياسات الزراعية أنه تحسبا للتداعيات العالمية التي فرضتها التغيرات المناخية وتأثيرها على المجال الفلاحي وسلسلة التصدير العالمي يتوجب على الجهات الحكومية تغيير المنوال الفلاحي الحالي الذي أظهر إفلاسه بمنوال أكثر نجاعة ويؤمن احتياجاتنا الأساسية من المنتوجات الحياتية بالكامل عبر التعويل على الذات بما يقلص قدر المستطاع من التوريد.

رؤية شاملة لتوفير حاجياتنا من الماء

وشرح فوزي الزياني الخبير في السياسات الزراعية أن المطلوب بالتوازي مع رسم معالم المنوال الفلاحي الجديد وضع رؤية شاملة لتوفير الماء في كل مناطق البلاد بما يتماشى وحاجيات الزراعات في كل منطقة.

وأبرز أن كميات الأمطار التي تهطل في تونس تتراوح بين 35 و36 مليار متر مكعب، وبفعل التغيرات المناخية أصبحت هذه الكميات تنزل ليس في فصل الشتاء فقط بل تغيرت مواعيد نزولها، كما يمكن أن تكون التساقطات في أي فترة من السنة وبكميات كبيرة في وقت وجيز، كما أنه وبفعل التغيرات أصبحت تنزل في مناطق تعرف بضعف تساقطاتها على غرار ولايات الجنوب. وأشار فوزي الزياني إلى أن أهم خطوة تتمثل في العمل على تجميع أكبر كميات ممكنة من مياه الأمطار في السدود وخاصة في خزانات جوفية تحافظ قدر الإمكان على موارد الأمطار حتى لا تهدر في البحر.

وأكد محدثنا أن من بين المشاكل أيضا إحداث الجارة الجزائر لعدة سدود على الحدود مع تونس وهو ما حرم بلادنا من موارد هامة من الأمطار، وهذا يفرض على الحكومة التونسية التحرك من أجل الدفاع عن حقوقها حيث أن كميات مياه الأمطار التي كانت تصل الى وادي مجردة قطع أمامها الطريق وهو ما يفسر عدم توفر أي موارد بالوادي.

وأبرز الخبير أن طاقة استيعاب كل السدود في تونس بحجم 2.5 مليار متر مكعب، مؤكدا أن زيادة طاقة الاستيعاب سواء بالسدود أو الخزانات الجوفية مع تعزيز المياه الجوفية بـ2 مليار متر مكعب إضافية سيوفر حاجياتنا من الماء للشرب ولفائدة منظوماتنا الفلاحية.

واعتبر أن من أهم الإجراءات أيضا الاتجاه نحو استعمال المياه المعالجة في الزراعة التي حسب التقديرات قادرة على توفير حوالي 25% من حاجياتنا من الماء في تونس، وهو ما يفرض إحداث محطات معالجة المياه المستعملة في كل مناطق البلاد وتوجيهها نحو الاستعمال الفلاحي.

واعتبر أن صيانة السدود وقنوات مياه الشرب أكثر من مهم للحد من الهدر المائي الذي يصل إلى 32% وهي نسبة ضخمة في ظل ما تعانيه بلادنا من شح.

إيقاف إنتاج بعض الزراعات

وأبرز فوزي الزياني الخبير في السياسات الزراعية أن تونس تعتمد على زراعات تحتاج للكثير من الماء والتي تصدر إلى الخارج ما يعني أننا نصدر الماء على غرار إنتاج الدلاع والبطيخ وفراولة والطماطم، مؤكدا على وجوب الاقتصار فقط على زراعة حاجياتنا من هذه المنتجات كونها تستهلك كميات كبيرة من الماء.

زراعات إستراتيجية

وأبرز فوزي الزياني أن الوضع يحتم علينا التوجه نحو زراعة منتجات إستراتيجية وتحديدا زراعة الحبوب لتوفير المعجنات والخبز، والأعلاف لتوفير حاجياتنا من اللحوم والحليب والأجبان، وأيضا زراعة الخضر .

وشدد على وجوب محافظة كل منطقة من مناطق البلاد على زراعاتها التي تتماشى مع مناخها وتقاليدها مع تعزيز الزراعات الأساسية.

وكانت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري قد نظمت بتاريخ 11 ماي 2024 بمناسبة اليوم الوطني للفلاحة وإحياء الذكرى 60 للجلاء الزراعي ندوة تمحورت حول الرهانات الحالية والمستقبلية لتحقيق الأمن الغذائي في ظل التقلبات الإقليمية وارتفاع الأسعار العالمية وخاصة في ظلّ التغيرات المناخية وتداعياتها المتسارعة على جميع القطاعات خاصة منها القطاع الأبرز قطاع الفلاحة.

وفي هذا الصدد أبرز الخبير في التغيّرات المناخية عياض لبان خلال مداخلته أن "هناك العديد من التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي من بينها المتعلقة بالعائدات الزراعية للمحاصيل الإستراتيجية وهي الحبوب وأشجار الزياتين. فتُعتبر معدلات المحاصيل الإستراتيجية في تونس من أدنى المعدلات مقارنة ببلدان شمال البحر الأبيض المتوسط، ولكن المجال كبير جدّا لتحسين مردوديتها".

وأضاف المتحدث "أما التحديات الأخرى فهي متعلقة بالريّ فإنه من الصعب جدّا ريّ أكثر الأراضي نظرا لندرة المياه، ومتعلقة أيضا بمساحة الأراضي فمن الصعب أيضا الترفيع فيها وإذا ما تم التوجّه نحو هذا الخيار فإنه سيقع المساس من المراعي والغابات".

وقال "من التحديات أيضا مواجهة تدهور التربة والمياه والتنوع البيولوجي في تونس بالإضافة إلى الآثار المتوقعة من التغيرات المناخية".

وفي ذات السياق، أكّد الخبير في التغيّرات المناخية أنّ "هناك 94 بالمائة من المناطق في تونس مناخها يتراوح من شبه جاف إلى صحراوي، و92 بالمائة من المساحات المحروثة هي للزراعات المطرية و49 بالمائة من الأراضي معرّضة للتآكل. وبالتالي فإن هذه الأرقام تبرز أنّ هناك رهانات وتحديات كبيرة ولكن بالعمل يمكن تجاوزها".

وأوضح عياض لبان إنّ "قطاع الفلاحة من دوره تحقيق الأمن الغذائي ولكن له أيضا دور اجتماعي واقتصادي، وإجمالا لتحقيق الأمن الغذائي يجب أن ننتج أكثر وأفضل وبصفة أكثر مستدامة".

وقال اللبان إنّ "هناك أربعة محاور كبرى على غاية من الأهمية تضمنتها الإستراتيجية الوطنية للتهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية إلى غضون 2050 لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.

وتتمثل هذه النقاط في أنّ المناطق الريفية ستصبح مزدهرة، والتنمية ستقوم على أساس زراعة منتجة وإدارة مستدامة للموارد الطبيعية إلى جانب تحسين قدرة الصمود إزاء التغيرات المناخية وتكون المقاربة تشاركية وهي محاور جدّ هامة تُضاف إليها مؤشرات هامة من ذلك تهيئة 1،44 مليون هكتار جدد، وحجز ما يقارب 50 طنا من الكربون في التربة وتعبئة ما يقارب 8 آلاف مليون متر3 من المياه الخضراء".

من جهته، أكّد أستاذ تعليم عال بالمعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس علي المهيري في مداخلته أنّه "لابد من التحوّل من الفلاحة الحالية لأنها غير مستدامة ولا يمكن أن تدوم، كما لا يمكن من خلالها أن نحّقق المستقبل لتحسين الأمن الغذائي"، وبالتالي "لابد من التحول بها إلى فلاحة جديدة وصامدة ومستدامة، والمرور من الفلاحة الحالية إلى فلاحة المستقبل يكون عبر مسلك الانتقالات وعددها عشر منها الانتقال المناخي والانتقال الايكولوجي والانتقال الطاقي والانتقال المهني للفلاح وغيرها".

حنان قيراط