بعيدا عن استعدادات وزارة التربية الخاصة بالعودة المدرسة على مستوى توفر الكتب والكراس المدرسي وبقية الاستعدادات البيداغوجية وغيرها فإن جانبا آخر من حسن الاستعداد لعودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة بعد انتهاء العطلة الصيفية يشمل دون شك الحرص على توفير الحد الأدنى من ظروف مزاولة التلميذ لدراسته وتحصيل العلم دون منغصات تفاقمت للأسف في السنوات الأخيرة.
والإشارة إلى بقية الاستعدادات الأخرى، التي تشمل تفقد البنية التحتية للمدارس ومدى توفر مستلزمات التلاميذ والإطار التربوي من فضاء محترم للتدريس والدراسة، يعود بالأساس إلى ما أصبح يسجل على امتداد السنوات الفارطة من نقائص ومفاجآت غير سارة مع بداية كل عودة مدرسية تؤكد في كل مرة عمق أزمة المنظومة التعليمية في تونس من جهة وأيضا غياب الاستعداد الجيد من قبل سلطة الإشراف لتلافي بعض الإخلالات والنقائص وتوفير الحلول قبل انطلاق السنة الدراسية من جهة أخرى .
أعمال الصيانة
تجدر الإشارة إلى أن تقادم البنية التحتية للفضاءات التعليمية وغياب أعمال الصيانة والتجديد الضرورية أحد أبرز الإشكاليات والتحديات المطروحة حيث تتكرر في السنوات الأخيرة حوادث انهيار أسقف أو أسوار بعض المؤسسات التعليمية فخلال السنة الدراسية الفارطة تم في شهر ماي الماضي تسجيل سقوط جزء من سقف في المدرسة الابتدائية ذراع مريرة الكائنة بمعتمدية بوحجلة، وذلك أثناء تواجد التلاميذ بالقسم ومن حسن الحظ لم يسفر السقوط عن ضحايا.
تم أيضا خلال شهر أكتوبر الفارط تسجيل حادثة سقوط جزء من سقف إحدى قاعات التدريس بابتدائية حي الجمهورية بمعتمدية بوعرادة من ولاية سليانة مما تسبب في حالة من الهلع لدى التلاميذ والمربين دون تسجيل أضرار مادية، وفق ما أفاد به حينها المندوب الجهوي للتربية بسليانة، مما يطرح جملة من الأسئلة حول مدى حرص وزارة التربية على القيام بأعمال التفقد والصيانة والمتابعة اللازمة خلال العطلة الصيفية لتفادي تكرر مثل هذه الحوادث.
توفر ظروف ملائمة
طرح أيضا موضوع الاستعداد للعودة المدرسية من زاوية تفادي النقائص على مستوى توفر الحد الأدنى من الضروريات لحفظ كرامة التلاميذ والإطار التربوي ونشير هنا إلى ما كشفه تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تم نشره في أفريل الفارط من غياب المساواة في الخدمات العمومية بالمدارس التونسية بين مختلف الفئات، فضلا عن غياب المرافق الأساسية. فعديد المدارس الابتدائية العمومية تعاني من القدم واهتراء بناياتها، كما تنعدم فيها أبسط الحقوق كالحقّ في الماء الصالح للشرب والصرف الصحي.
وكلها عوامل تؤثر على نجاح الطفل دراسيا، وصحته النفسية والجسدية، وحقه في حياة كريمة.
وقد أشار تقرير المنتدى إلى أن 2722 مدرسة ابتدائية في تونس تعاني إشكاليات في التزود بالماء الصالح للشرب، من بينها 527 مدرسة غير مرتبطة تماما بشبكة مياه، أي بنسبة 12 بالمائة من إجمالي المدارس الابتدائية في البلاد.
وحسب التقرير، يوجد في ولاية سيدي بوزيد 117 مدرسة ابتدائية غير مرتبطة تماما بشبكة المياه، تليها القصرين بـ95 مدرسة، ثم القيروان بـ48 مدرسة ابتدائية.
كما يقدّر عدد المدارس الابتدائية التي تفتقر إلى وحدات صحية للسنة الدراسية 2022-2023 بـ128 مدرسة منها 74 مدرسة بولايات الوسط الغربي (القيروان والقصرين وسيدي بوزيد) أيّ بنسبة 58%، أضف إلى ذلك غياب وحدات صحية للمعلمين في 955 مدرسة جلها في المناطق الريفية، منها 219 مدرسة ابتدائية بنفس ولايات الوسط الغربي. هذا إضافة إلى تقادم وعدم نظافة هذه الوحدات إن وجدت.
وقد أدى تردي الخدمات والوحدات الصحية، وفق ما أورده تقرير المنتدى، إلى انتشار مرض الالتهاب الكبدي حيث تم تسجيل 81 حالة سنة 2022.
يذكر أن ميزانية وزارة التربية لسنة 2024 بلغت نحو 7.91 مليار دينار، أي قرابة 15 بالمائة من مشروع ميزانية الدولة، وهي الأعلى مقارنة ببقية الميزانيات المرصودة لباقي الوزارات. وتضمنت هذه الميزانية 654.5 مليون دينار كاعتمادات ذات صبغة تنموية من بينها عمليات التعهد بالصيانة للمباني والتجهيزات بالمؤسسات التربوية.
م.ي
تونس-الصباح
بعيدا عن استعدادات وزارة التربية الخاصة بالعودة المدرسة على مستوى توفر الكتب والكراس المدرسي وبقية الاستعدادات البيداغوجية وغيرها فإن جانبا آخر من حسن الاستعداد لعودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة بعد انتهاء العطلة الصيفية يشمل دون شك الحرص على توفير الحد الأدنى من ظروف مزاولة التلميذ لدراسته وتحصيل العلم دون منغصات تفاقمت للأسف في السنوات الأخيرة.
والإشارة إلى بقية الاستعدادات الأخرى، التي تشمل تفقد البنية التحتية للمدارس ومدى توفر مستلزمات التلاميذ والإطار التربوي من فضاء محترم للتدريس والدراسة، يعود بالأساس إلى ما أصبح يسجل على امتداد السنوات الفارطة من نقائص ومفاجآت غير سارة مع بداية كل عودة مدرسية تؤكد في كل مرة عمق أزمة المنظومة التعليمية في تونس من جهة وأيضا غياب الاستعداد الجيد من قبل سلطة الإشراف لتلافي بعض الإخلالات والنقائص وتوفير الحلول قبل انطلاق السنة الدراسية من جهة أخرى .
أعمال الصيانة
تجدر الإشارة إلى أن تقادم البنية التحتية للفضاءات التعليمية وغياب أعمال الصيانة والتجديد الضرورية أحد أبرز الإشكاليات والتحديات المطروحة حيث تتكرر في السنوات الأخيرة حوادث انهيار أسقف أو أسوار بعض المؤسسات التعليمية فخلال السنة الدراسية الفارطة تم في شهر ماي الماضي تسجيل سقوط جزء من سقف في المدرسة الابتدائية ذراع مريرة الكائنة بمعتمدية بوحجلة، وذلك أثناء تواجد التلاميذ بالقسم ومن حسن الحظ لم يسفر السقوط عن ضحايا.
تم أيضا خلال شهر أكتوبر الفارط تسجيل حادثة سقوط جزء من سقف إحدى قاعات التدريس بابتدائية حي الجمهورية بمعتمدية بوعرادة من ولاية سليانة مما تسبب في حالة من الهلع لدى التلاميذ والمربين دون تسجيل أضرار مادية، وفق ما أفاد به حينها المندوب الجهوي للتربية بسليانة، مما يطرح جملة من الأسئلة حول مدى حرص وزارة التربية على القيام بأعمال التفقد والصيانة والمتابعة اللازمة خلال العطلة الصيفية لتفادي تكرر مثل هذه الحوادث.
توفر ظروف ملائمة
طرح أيضا موضوع الاستعداد للعودة المدرسية من زاوية تفادي النقائص على مستوى توفر الحد الأدنى من الضروريات لحفظ كرامة التلاميذ والإطار التربوي ونشير هنا إلى ما كشفه تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تم نشره في أفريل الفارط من غياب المساواة في الخدمات العمومية بالمدارس التونسية بين مختلف الفئات، فضلا عن غياب المرافق الأساسية. فعديد المدارس الابتدائية العمومية تعاني من القدم واهتراء بناياتها، كما تنعدم فيها أبسط الحقوق كالحقّ في الماء الصالح للشرب والصرف الصحي.
وكلها عوامل تؤثر على نجاح الطفل دراسيا، وصحته النفسية والجسدية، وحقه في حياة كريمة.
وقد أشار تقرير المنتدى إلى أن 2722 مدرسة ابتدائية في تونس تعاني إشكاليات في التزود بالماء الصالح للشرب، من بينها 527 مدرسة غير مرتبطة تماما بشبكة مياه، أي بنسبة 12 بالمائة من إجمالي المدارس الابتدائية في البلاد.
وحسب التقرير، يوجد في ولاية سيدي بوزيد 117 مدرسة ابتدائية غير مرتبطة تماما بشبكة المياه، تليها القصرين بـ95 مدرسة، ثم القيروان بـ48 مدرسة ابتدائية.
كما يقدّر عدد المدارس الابتدائية التي تفتقر إلى وحدات صحية للسنة الدراسية 2022-2023 بـ128 مدرسة منها 74 مدرسة بولايات الوسط الغربي (القيروان والقصرين وسيدي بوزيد) أيّ بنسبة 58%، أضف إلى ذلك غياب وحدات صحية للمعلمين في 955 مدرسة جلها في المناطق الريفية، منها 219 مدرسة ابتدائية بنفس ولايات الوسط الغربي. هذا إضافة إلى تقادم وعدم نظافة هذه الوحدات إن وجدت.
وقد أدى تردي الخدمات والوحدات الصحية، وفق ما أورده تقرير المنتدى، إلى انتشار مرض الالتهاب الكبدي حيث تم تسجيل 81 حالة سنة 2022.
يذكر أن ميزانية وزارة التربية لسنة 2024 بلغت نحو 7.91 مليار دينار، أي قرابة 15 بالمائة من مشروع ميزانية الدولة، وهي الأعلى مقارنة ببقية الميزانيات المرصودة لباقي الوزارات. وتضمنت هذه الميزانية 654.5 مليون دينار كاعتمادات ذات صبغة تنموية من بينها عمليات التعهد بالصيانة للمباني والتجهيزات بالمؤسسات التربوية.