تتعالى مجددا صيحات الفزع فيما يتعلق بأزمة الشح المائي في تونس وتداعياتها لا سيما أن الأرقام وتوقعات الخبراء في هذا المجال "صادمة".. خاصة أن مخزون السدود - بتاريخ 2 أوت الجاري- قد بلغ 606 مليون متر مكعب أي بنسبة امتلاء لا تتجاوز 25.8 بالمائة مسجلا بذلك نقصا بـ21 بالمائة مقارنة بسنة 2023 بعد أن كان المخزون في حدود 764 مليون متر مكعب: فأي حٌلول يمكن اعتمادها على المدى القريب والمتوسط للتخفيف من حدة المعضلة؟
تفاعلا مع الطرح سالف الذكر كشف الخبير في الموارد المائيّة والتنمية حٌسين الرحيلي في تصريح لـ"الصباح" أنّ كمّيات مياه السدود المتوفّرة حاليّا والتي تُقدّر بـ580 مليون م³ أي ما يعادل 25,6 بالمائة تكفي فقط لمدّة تقدر بـ75 يوما لمياه الشرب موضحا أن عملية ضخ المياه من السدود التي تعيش حالة شح مائي تعتبر تقنيا عملية مٌعقدة جدا.
وتعقيبا على جلسة العمل الوزارية الأخيرة حول المياه التي أقرت جملة من القرارات تتلخص أساسا في تفعيل مراجعة مشروع مجلة المياه نحو تجريم الاعتداءات على الملك العمومي المائي واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدي لعمليات استنزاف الموارد المائية بصفة غير شرعية, أورد محدثنا أنها تبقى إجراءات بيروقراطية تتعلق أساسا بمجلة المياه مشيرا الى أن القضية المياه هي قضية إستراتيجية وعميقة خاصة وأننا بلغنا مرحلة الشح المائي مشيرا الى انه كان من الأجدر بمجلة المياه وبعد 12 عاما أن تعبر حقيقة عن واقعنا وأن تنظر من جديد في استعمالات المياه لا سيما وان معالجة ازمة الماء لا تكون مطلقا عبر الإجراءات التقنية. وأشار في هذا الخصوص الى ان الوضع يقتضي سن إجراءات على المدى المتوسط نظرا لارتباط الماء بالتنمية خاصة وانه وعلى مدار اكثر من 30 سنة لم يتم القيام باستثمارات كبيرة في مجال المياه كما انه لا وجود لسياسات واضحة لاستغلال المياه المعالجة هذا مع ضرورة إعادة النظر في ثقافة استهلاك المياه تندرج في اطار التكيف مع التغيرات المناخية. ليخلص مٌحدثنا الى القول بأن الوضع يقتضي تبنّي حوار شامل يقوم على احترام خصوصية كل جهة وتنوعها المناخي .
من جهة أخرى وفي نفس الإطار نشير الى أن الخبيرة والمستشارة في الموارد وًالسياسات المائية روضة القفراج تطرقت أمس في معرض تصريحاتها الإعلامية الى المجلس الوزاري الأخير الذي أقر جملة من الإجراءات لترشيد الموارد المائية.
وأوردت الخبيرة في هذا الإطار أن القرارات الصادرة عن هذا المجلس الوزاري كلها جيّدة لكنها لا تحل الوضع حاليا، لأن البلاد تعيش وضعا مائيا استثنائيا".
وتعرضت قفراج في معرض تصريحاتها إلى المقرر الذي أصدره وزير الفلاحة بتاريخ 29 مارس 2023 والذي أعلن فيه اعتماد نظام الحصص ومنع عدة استعمالات وانتهى بتاريخ 29 سبتمبر من نفس السنة على أن يقع التمديد فيه إلى إشعار آخر.
ولفتت في ذات السياق “ما جدوى هذا المقرر، في حين أنه لم تقر الحكومة خلال المجلس الوزاري بالوضع المائي لتونس كما أنها لم تعلن بأن تونس في حالة شح مائي وجفاف..”
وشددت الخبيرة، قائلة “يجب إصدار أمرا لإعلان حالة الجفاف في تونس.. حتى يتمكن صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية من صرف التعويضات للفلاحة حتى لا يتم الاعتداء على المنشآت المائية..”
وخلصت الخبيرة في المياه إلى أن الموارد المائية الموجودة حاليا ضعيفة ويجب تقسيطها إلى حين نزول أمطار وعلى الدولة أن توفر موارد أخرى داعية في نفس الوقت المواطنين إلى ترشيد استهلاك المياه.
في المقابل ورغم دقة وخصوصية الوضع إلا أن البعض يستبشر خيرا "بغسالة النوادر" علها تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه على اعتبار أن كميات الأمطار المرتقبة من شانها ان تحدث الفارق وأن يتم تجاوز لو نسبيا المؤشرات الخطيرة في علاقة بأزمة الشح المائي..
وفي هذا الخصوص نفى محدثنا الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي الأمر نفيا قطعيا مشيرا الى ان قدرة غسالة النوادر على تحسين إيرادات السدود تبقى محدودة للغاية لان هذه الأمطار تتبخر بمجرد وصولها الى الأرض نظرا لارتفاع درجات حرارة التربة. وفسر في هذا الخصوص أن هذه الأمطار تكون متوقعة خلال الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر أوت ورغم أنها عادة ما تكون بكميات كبيرة إلا أن غالبيتها تمتصها الأرض مشيرا الى أن هذه الأمطار لها تأثير فلاحي لكنها تظل غير ناجعة على مستوى السدود كما أنها لا تعتبر مصدرا لتغذية الموارد المائية.
منال حرزي
حسين الرحيلي: مواجهة أزمة المياه لا تحل تقنيا
تونس-الصباح
تتعالى مجددا صيحات الفزع فيما يتعلق بأزمة الشح المائي في تونس وتداعياتها لا سيما أن الأرقام وتوقعات الخبراء في هذا المجال "صادمة".. خاصة أن مخزون السدود - بتاريخ 2 أوت الجاري- قد بلغ 606 مليون متر مكعب أي بنسبة امتلاء لا تتجاوز 25.8 بالمائة مسجلا بذلك نقصا بـ21 بالمائة مقارنة بسنة 2023 بعد أن كان المخزون في حدود 764 مليون متر مكعب: فأي حٌلول يمكن اعتمادها على المدى القريب والمتوسط للتخفيف من حدة المعضلة؟
تفاعلا مع الطرح سالف الذكر كشف الخبير في الموارد المائيّة والتنمية حٌسين الرحيلي في تصريح لـ"الصباح" أنّ كمّيات مياه السدود المتوفّرة حاليّا والتي تُقدّر بـ580 مليون م³ أي ما يعادل 25,6 بالمائة تكفي فقط لمدّة تقدر بـ75 يوما لمياه الشرب موضحا أن عملية ضخ المياه من السدود التي تعيش حالة شح مائي تعتبر تقنيا عملية مٌعقدة جدا.
وتعقيبا على جلسة العمل الوزارية الأخيرة حول المياه التي أقرت جملة من القرارات تتلخص أساسا في تفعيل مراجعة مشروع مجلة المياه نحو تجريم الاعتداءات على الملك العمومي المائي واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدي لعمليات استنزاف الموارد المائية بصفة غير شرعية, أورد محدثنا أنها تبقى إجراءات بيروقراطية تتعلق أساسا بمجلة المياه مشيرا الى أن القضية المياه هي قضية إستراتيجية وعميقة خاصة وأننا بلغنا مرحلة الشح المائي مشيرا الى انه كان من الأجدر بمجلة المياه وبعد 12 عاما أن تعبر حقيقة عن واقعنا وأن تنظر من جديد في استعمالات المياه لا سيما وان معالجة ازمة الماء لا تكون مطلقا عبر الإجراءات التقنية. وأشار في هذا الخصوص الى ان الوضع يقتضي سن إجراءات على المدى المتوسط نظرا لارتباط الماء بالتنمية خاصة وانه وعلى مدار اكثر من 30 سنة لم يتم القيام باستثمارات كبيرة في مجال المياه كما انه لا وجود لسياسات واضحة لاستغلال المياه المعالجة هذا مع ضرورة إعادة النظر في ثقافة استهلاك المياه تندرج في اطار التكيف مع التغيرات المناخية. ليخلص مٌحدثنا الى القول بأن الوضع يقتضي تبنّي حوار شامل يقوم على احترام خصوصية كل جهة وتنوعها المناخي .
من جهة أخرى وفي نفس الإطار نشير الى أن الخبيرة والمستشارة في الموارد وًالسياسات المائية روضة القفراج تطرقت أمس في معرض تصريحاتها الإعلامية الى المجلس الوزاري الأخير الذي أقر جملة من الإجراءات لترشيد الموارد المائية.
وأوردت الخبيرة في هذا الإطار أن القرارات الصادرة عن هذا المجلس الوزاري كلها جيّدة لكنها لا تحل الوضع حاليا، لأن البلاد تعيش وضعا مائيا استثنائيا".
وتعرضت قفراج في معرض تصريحاتها إلى المقرر الذي أصدره وزير الفلاحة بتاريخ 29 مارس 2023 والذي أعلن فيه اعتماد نظام الحصص ومنع عدة استعمالات وانتهى بتاريخ 29 سبتمبر من نفس السنة على أن يقع التمديد فيه إلى إشعار آخر.
ولفتت في ذات السياق “ما جدوى هذا المقرر، في حين أنه لم تقر الحكومة خلال المجلس الوزاري بالوضع المائي لتونس كما أنها لم تعلن بأن تونس في حالة شح مائي وجفاف..”
وشددت الخبيرة، قائلة “يجب إصدار أمرا لإعلان حالة الجفاف في تونس.. حتى يتمكن صندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية من صرف التعويضات للفلاحة حتى لا يتم الاعتداء على المنشآت المائية..”
وخلصت الخبيرة في المياه إلى أن الموارد المائية الموجودة حاليا ضعيفة ويجب تقسيطها إلى حين نزول أمطار وعلى الدولة أن توفر موارد أخرى داعية في نفس الوقت المواطنين إلى ترشيد استهلاك المياه.
في المقابل ورغم دقة وخصوصية الوضع إلا أن البعض يستبشر خيرا "بغسالة النوادر" علها تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه على اعتبار أن كميات الأمطار المرتقبة من شانها ان تحدث الفارق وأن يتم تجاوز لو نسبيا المؤشرات الخطيرة في علاقة بأزمة الشح المائي..
وفي هذا الخصوص نفى محدثنا الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي الأمر نفيا قطعيا مشيرا الى ان قدرة غسالة النوادر على تحسين إيرادات السدود تبقى محدودة للغاية لان هذه الأمطار تتبخر بمجرد وصولها الى الأرض نظرا لارتفاع درجات حرارة التربة. وفسر في هذا الخصوص أن هذه الأمطار تكون متوقعة خلال الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر أوت ورغم أنها عادة ما تكون بكميات كبيرة إلا أن غالبيتها تمتصها الأرض مشيرا الى أن هذه الأمطار لها تأثير فلاحي لكنها تظل غير ناجعة على مستوى السدود كما أنها لا تعتبر مصدرا لتغذية الموارد المائية.