مرة أخرى تتجدد حالة الاحتقان، وأحداث الفوضى، ومشاهد الكر والفر، بين المهاجرين الأفارقة غير النظاميين وأهالي جبنيانة، لتعيدنا حالة الغليان إلى مربع "الصفر"، بما يطرح عديد الاستفهامات، حول هذه القنبلة الموقوتة، التي سبق التحذير من تداعياتها الكارثية، لاسيما بعد التطورات المتسارعة والمتلاحقة، التي تعيش على وقعها الجهة.
ويبدو أن المشاحنات والمواجهات، والتحركات الاحتجاجية، أصبحت "الخبز اليومي" لأهالي المنطقة، في ظل حالة التوتر والغليان، بعد أن وجدوا أنفسهم، عرضة لـ"البراكاجات" والسرقات والاعتداءات الهمجية، التي يقترفها يوميا أفارقة جنوب الصحراء غير النظاميين، بل أنهم أقدموا لأول مرة، على غلق طريق "عرب الغرق" بجبنيانة، على خلفية ما اعتبروه التعامل الأمني، وهي سابقة خطيرة في تحركاتهم، تؤشر على "تمدد" تجاوزاتهم الخطيرة، التي باتت تحتاج إلى قرارات حاسمة، حتى لا تتدحرج "كرة النار".
ومن البديهي أن اعتداءات ومضايقات المهاجرين غير النظاميين من أفارقة جنوب الصحراء، التي حولت حياة متساكني جبنيانة والعامرة إلى جحيم، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فما أن خفت ضجيجهم، وهفتت أصواتهم، بعد مصادمات صفاقس "السوداء"، في جويلية 2023، حتى اهتزت منطقة الحمايزية من معتمدية العامرة، على ممارسات أشنع وأفظع، بعد أن هاجموا دورية أمنية واعتدوا على عدد من أعوان الحرس الوطني، مع إضرام النار في سيارتهم الأمنية، في مشاهد صادمة، وصور قاتمة، لم نتعود عليها.
السلطات التونسية كان تعاطيها مع هذا الملف الشائك، واضحا منذ البداية، رغم الضغوطات الداخلية والخارجية، من خلال مقاربة تنبني على أن الأمن القومي خط أحمر، والتعامل مع المهاجرين غير النظاميين من أفارقة جنوب الصحراء وفق المبادئ القانونية، مع مراعاة الجوانب الإنسانية.
وهذا الموقف الواضح والصريح، من ملف المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، شدد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد مجددا، خلال استقباله الجمعة الماضي بقصر قرطاج، ليون كاسو أدوم، وزير الشؤون الخارجية والاندماج الإفريقي والإيفواريين بالخارج، مؤكدا مرة أخرى أن تونس التي تعتز بانتمائها الإفريقي، ترحّب بالأشقاء الأفارقة، وتحرص على معاملتهم معاملة إنسانية، ولكنها لن تسمح بأن يوجد أشخاص خارج القانون في تونس.
وموقف تونس من مسألة الهجرة غير النظامية ثابت، وسبق للرئيس قيس سعيد أن أكد في عديد المناسبات، إن تونس ترفض أن تكون أرض توطين، أو نقطة عبور للراغبين في الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي، عبر البحر الأبيض المتوسط.
ورغم الضغوطات والمزايدات ومختلف أشكال المقايضات، فقد شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وتوافقية، في مجال الهجرة غير النظامية، لوضع حدّ لهذه الظاهرة، والقضاء على أسبابها العميقة، والتصدي للشبكات الإجرامية التي تقف وراءها، وتتاجر بالبشر وبأعضاء البشر.
وإذا كانت تونس تراهن على العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين نحو بلدان الانطلاق، لاسيما بعد عودة 2500 مهاجر غير نظامي، في ماي 2024، فإن هذا النسق لن يكون كافيا لحل ملف آلاف العالقين، لاسيما أن بلادنا شهدت على مدى الأشهر الماضية، تصاعدا مطردا في تدفق المهاجرين غير النظاميين، نحو أراضيها، طامحين إلى العبور نحو أوروبا، وهو ما سبب أزمة متفاقمة، ومخاوف من الأسوأ، ونعني تداعياتها ومخاطرها، التي تزداد يوما بعد آخر.
صحيح إن الوضع الحالي يفرض على تونس المزيد من تعزيز التنسيق المشترك على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف، لاسيما ضمن الفضاءات المغاربية والإفريقية والأورومتوسطية، وصحيح أيضا أن هذا الوضع يقتضي مراعاة الجوانب الإنسانية، لكن التجاوزات الخطيرة، والاعتداءات الهمجية التي يقترفها يوميا، مئات العالقين من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، تتطلب قرارات حاسمة، وفق ما يستوجبه القانون.
ومهما كانت المؤاخذات والضغوطات فإن تونس مطالبة بمواصلة التعاطي مع هذا الملف الشائك، في مختلف الاتجاهات، ووفق نفس الخيارات والتوجهات.
محمد صالح الربعاوي
مرة أخرى تتجدد حالة الاحتقان، وأحداث الفوضى، ومشاهد الكر والفر، بين المهاجرين الأفارقة غير النظاميين وأهالي جبنيانة، لتعيدنا حالة الغليان إلى مربع "الصفر"، بما يطرح عديد الاستفهامات، حول هذه القنبلة الموقوتة، التي سبق التحذير من تداعياتها الكارثية، لاسيما بعد التطورات المتسارعة والمتلاحقة، التي تعيش على وقعها الجهة.
ويبدو أن المشاحنات والمواجهات، والتحركات الاحتجاجية، أصبحت "الخبز اليومي" لأهالي المنطقة، في ظل حالة التوتر والغليان، بعد أن وجدوا أنفسهم، عرضة لـ"البراكاجات" والسرقات والاعتداءات الهمجية، التي يقترفها يوميا أفارقة جنوب الصحراء غير النظاميين، بل أنهم أقدموا لأول مرة، على غلق طريق "عرب الغرق" بجبنيانة، على خلفية ما اعتبروه التعامل الأمني، وهي سابقة خطيرة في تحركاتهم، تؤشر على "تمدد" تجاوزاتهم الخطيرة، التي باتت تحتاج إلى قرارات حاسمة، حتى لا تتدحرج "كرة النار".
ومن البديهي أن اعتداءات ومضايقات المهاجرين غير النظاميين من أفارقة جنوب الصحراء، التي حولت حياة متساكني جبنيانة والعامرة إلى جحيم، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فما أن خفت ضجيجهم، وهفتت أصواتهم، بعد مصادمات صفاقس "السوداء"، في جويلية 2023، حتى اهتزت منطقة الحمايزية من معتمدية العامرة، على ممارسات أشنع وأفظع، بعد أن هاجموا دورية أمنية واعتدوا على عدد من أعوان الحرس الوطني، مع إضرام النار في سيارتهم الأمنية، في مشاهد صادمة، وصور قاتمة، لم نتعود عليها.
السلطات التونسية كان تعاطيها مع هذا الملف الشائك، واضحا منذ البداية، رغم الضغوطات الداخلية والخارجية، من خلال مقاربة تنبني على أن الأمن القومي خط أحمر، والتعامل مع المهاجرين غير النظاميين من أفارقة جنوب الصحراء وفق المبادئ القانونية، مع مراعاة الجوانب الإنسانية.
وهذا الموقف الواضح والصريح، من ملف المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، شدد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد مجددا، خلال استقباله الجمعة الماضي بقصر قرطاج، ليون كاسو أدوم، وزير الشؤون الخارجية والاندماج الإفريقي والإيفواريين بالخارج، مؤكدا مرة أخرى أن تونس التي تعتز بانتمائها الإفريقي، ترحّب بالأشقاء الأفارقة، وتحرص على معاملتهم معاملة إنسانية، ولكنها لن تسمح بأن يوجد أشخاص خارج القانون في تونس.
وموقف تونس من مسألة الهجرة غير النظامية ثابت، وسبق للرئيس قيس سعيد أن أكد في عديد المناسبات، إن تونس ترفض أن تكون أرض توطين، أو نقطة عبور للراغبين في الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي، عبر البحر الأبيض المتوسط.
ورغم الضغوطات والمزايدات ومختلف أشكال المقايضات، فقد شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وتوافقية، في مجال الهجرة غير النظامية، لوضع حدّ لهذه الظاهرة، والقضاء على أسبابها العميقة، والتصدي للشبكات الإجرامية التي تقف وراءها، وتتاجر بالبشر وبأعضاء البشر.
وإذا كانت تونس تراهن على العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين نحو بلدان الانطلاق، لاسيما بعد عودة 2500 مهاجر غير نظامي، في ماي 2024، فإن هذا النسق لن يكون كافيا لحل ملف آلاف العالقين، لاسيما أن بلادنا شهدت على مدى الأشهر الماضية، تصاعدا مطردا في تدفق المهاجرين غير النظاميين، نحو أراضيها، طامحين إلى العبور نحو أوروبا، وهو ما سبب أزمة متفاقمة، ومخاوف من الأسوأ، ونعني تداعياتها ومخاطرها، التي تزداد يوما بعد آخر.
صحيح إن الوضع الحالي يفرض على تونس المزيد من تعزيز التنسيق المشترك على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف، لاسيما ضمن الفضاءات المغاربية والإفريقية والأورومتوسطية، وصحيح أيضا أن هذا الوضع يقتضي مراعاة الجوانب الإنسانية، لكن التجاوزات الخطيرة، والاعتداءات الهمجية التي يقترفها يوميا، مئات العالقين من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، تتطلب قرارات حاسمة، وفق ما يستوجبه القانون.
ومهما كانت المؤاخذات والضغوطات فإن تونس مطالبة بمواصلة التعاطي مع هذا الملف الشائك، في مختلف الاتجاهات، ووفق نفس الخيارات والتوجهات.