إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشاعر الغنائي الحبيب المحنوش لـ"الصباح": مهرجان قرطاج أنصف مسيرتي.. وأفتقد صوت الراحل حسن الدهماني

 

حوار محسن بن احمد

يٌعد الحبيب المحنوش أحد أبرز شعراء الأغنية في تونس وعلى المستوى العربي ... مسيرة ثرية ومتنوعة امتدت على فترة تجاوزت الأربعين سنة، قدم فيها أكثر من ألف أغنية لجل الأصوات الغنائية التونسية ... أغنيات ذات مضامين إنسانية عميقة تمثل اليوم حجر الزاوية للمدونة الموسيقية التونسية.

الحبيب المحنوش سيكون واحدا من المكرمين الأربعة (إلى جانب كل الناصر صمود والشاذلي الحاجي ورضا الشمك) يوم 14 أوت 2024 ضمن فعاليات الدورة 58 لمهرجان قرطاج الدولي في سهرة موسيقية تونسية استثنائية " أنغام في الذاكرة 3"

 في هذا اللقاء توقف الحبيب المحنوش عند العديد من الذكريات التي لازالت راسخة في وجدانه مع مهرجان قرطاج الدولي ... رحلة انطلقت مند ثمانينات القرن الماضي ولازالت إلى اليوم أكثر القا وتألقا ... "أقول لقرطاج التي أنصفت مسيرتي : "شكرا".

*علاقة متينة تربطك بمهرجان قرطاج الدولي انطلقت مند ثمانينات القرن الماضي ... اليوم اختار هذا المهرجان الاحتفاء بك وتكريمك شاعرا، أي وقع لذلك على نفسك؟

أقول بكل صدق وصفاء شكرا لهيئة مهرجان قرطاج الدولي بإدارة الأستاذ كمال الفرجاني ومن خلاله وزارة الشؤون الثقافية التي فكرت في تكريمي بمعية زملاء إجلاء في المجال الموسيقى ... انه تكريم في الوقت المناسب بالنسبة لي وأنا فخور بهذه اللفتة في وقت عز فيه الوفاء.

*عديدة هي المحطات التي عشتها مع مهرجان قرطاج ماذا لو نتوقف عند البعض منها والتي لازالت راسخة في الذاكرة؟

فعلا ارتبطت مسيرتي الفنية والشعرية بمهرجان قرطاج الدولي بشكل متين منذ ثمانينات القرن الماضي ... لقد عرفت وعشت العديد من المحطات الاستثنائية الخالدة في الذاكرة ومن هذه المحطات التي لن أنساها في علاقتي بهذا الصرح الإبداعي العريق، سهرة الفنان عدنان الشواشي الأولى من نوعها على ركح مهرجان قرطاج في ثمانينات القرن الماضي إلى جانب العديد من الأسماء الفنية التونسية الأخرى على غرار لطفي بوشناق وصلاح مصباح وغيرهما كثير ... سهرة مثلت لي حدثا هاما على اعتبار أنها كانت بداية العلاقة مع الفنان عدنان الشواشي وأذكر انه في تلك السهرة قدم لأول مرة أغنيتين من تأليفي "يا ناس محلى السهر... في الليل تحت القمر " وصادف أن نزل المطر خفيفا في تلك السهرة فتجاوب معها عدنان الشواشي بتغيير معنى الأغنية " يا ناس محلى السهر ... في الليل تحت المطر " .. وهو ما أضفى موجة من الجمال تجاوب معها الجمهور بشكل لافت كما غنى في تلك السهرة "أبكي يا عين ".

توطدت علاقتي الفنية بالفنان الصديق عدنان الشواشي ليكون الموعد بعد أول لقاء معه مع سهرة فنية استثنائية في مسيرتي كشاعر غنائي من خلال عدنان الشواشي الذي كان على موعد مع جمهور مهرجان قرطاج لأول مرة بــ 14 أغنية ألفتها وتولى تلحينها واستحضر أيضا السهرة الفنية للفنانة منية البجاوي التي صعدت على ركح مهرجان قرطاج لأول مرة في سهرة خاصة بها قدمت خلالها لأول مرة أغنية "الحكاية" و"أحبابي أنا " في تلحين للمبدع عبد القادر العسلي و"همس الموج" ألحان عبد الكريم صحابو "وأذكر هنا أن أغنية " أحبابي أنا" قدمت بصدق علاقة منية البجاوي بأشقائها الذين احتضنتهم منية وناضلت من اجلهم بكل حب ودون حسابات مسبقة .

*لكن أغنية "الحكاية" رغم قيمتها الفنية لم يعد لها أثر؟

فعلا "الحكاية" التي لحنها عبد القادر العسلي وقدمتها لمرة وحيدة منية البجاوي على ركح مهرجان قرطاج سأنفض عنها الغبار لاحقا وستكون بصوت ابنتي يسرى المحنوش بإذن الله. ومن الذكريات الأخرى في علاقتي بمهرجان قرطاج الدولي استحضر السهرة الفنية التي قدمها بمفرده الفنان التونسي المقيم في الرباط بالمغرب الأقصى طارق جهاد وقدم فيها 13 أغنية من تأليفي.

ولا أنسي أيضا أن جل الفنانين التونسيين - إذا لم يكن كلهم - غنوا إنتاجي على ركح قرطاج على غرار صابر الرباعي، إلى جانب السهرات الاحتفالية الخاصة بالمناسبات الوطنية والتي قدمت فيها قراءات شعرية. اليوم تراني أراهن بصدق وايمان على ابنتي يسرى التي أقدم لها سنويا 7 نصوص غنائية لتأثيث مسيرتها وأنا فخور بابنتي التي تعد اليوم واحدة من أفضل الأصوات الغنائية في تونس وعلى المستوى العربي، والتي برزت بشكل لافت بأداء "شوفتوشي خديجة " التي حققت رواجا كبيرا.

*هذا الزخم الإبداعي الاستثنائي الذي برزت به ... ما مدى رضاك عنه اليوم؟ .. وهل حدث أن ندمت على نصوص منحتها لأصوات لم تكن في مستوى انتظاراتك؟

لا يمكن إلا أن أكون راضيا على ما كتبته ولحنته من نصوص غنائية وفي المقابل لا أنكر أنني ندمت بعد مراهنتي على أصوات لم تنجح في كسب الرهان والذين انتظرت منهم الكثير عبر أغنياتي، وتراني اليوم مجبرا على سحب هذه الأغاني وإعادة تقديمها مجانا بأصوات سأشرف بنفسي على انتقائها، وأشير من جهة أخرى أن في رصيدي مجموعة من النصوص ابحث اليوم عن الأصوات المناسبة، وحقيقة أجد نفسي محروما من صوت في حجم وقيمة الراحل حسن الدهماني رحمه الله والذي افتقده بشكل كبير ... إنه صوت قوي جبار "قدم 39 أغنية من تأليفي وتلحيني من مجموع 49 أغنية في رصيده ونجاحه معي لا يعني أنه لم ينجح مع غيري لكن علاقتنا الفنية كان لها نكهة خاصة".

*ارتفعت الأصوات هذه الأيام هنا وهناك منذرة بقرب اندثار الأغنية الوترية وهو ما سيكون له اثر سلبي على حضور الألحان والأغاني التونسية الأصيلة في المشهد الموسيقى... كيف تنظر كشاعر وملحن إلى هذه المسألة؟

انطلق في الإجابة على هذا السؤال من واقع أعيشه كل اليوم سواء كنت في المنزل أوفي السيارة... تراني أتجول قصدا عبر المحطات الإذاعية العديدة في بلادنا فاكتشف أنه باستثناء الإذاعة الوطنية فإن بقية الإذاعات الخاصة بدرجة أولى اتجهت وفتحت ذبذباتها لبث الإنتاج الشرقي أجد راغب علامة في هذه الإذاعة وفي محطة أخرى وردة وفي محطة ثالثة فنان شرقي كله نشاز وفي محطة رابعة "الراب" بمضامينه الرديئة وفي محطة رابعة أغنية بصوت غير صاحبها وفي محطة خامسة أغنية من التراث بطريقة مشوهة ... لا أثر في كل هذه المحطات للأغنية التونسية بخصوصياتها الفنية إلا ما ندر من هذه المحطات وبشكل برقي ... إن الساحة الغنائية التونسية تتوفر على أصوات كبيرة بإبداعها التونسي الأصيل تعمل وتكد وتجتهد بكل صدق فهل ترانا ننكر ما يعمل ويجتهد على تقديمه زياد غرسة، لطفي بوشناق، يسرى المحنوش، صابر الرباعي وغيرهم كثير إلا أن هذه الأعمال لا تلقى الاهتمام الكبير من الإذاعات الخاصة التي أرى أن اغلبها سبب ما تعانيه اليوم الأغنية التونسية من ضمور على مستوى الترويج والتعريف به. إنها معضلة أزلية لا بد من حل جذري لها حتى لا تبقى المحطات الإذاعية الخاصة "تضوي على البراني" شانها في ذلك شان أحد المهرجانات الصيفية التي صعد على ركحها صوت عربي قدم في السهرة الخاصة به 11 أغنية منها أغنية أعادها مرتين وأخرى أعادها 3 مرات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الشاعر الغنائي الحبيب المحنوش لـ"الصباح":  مهرجان قرطاج أنصف مسيرتي.. وأفتقد صوت الراحل حسن الدهماني

 

حوار محسن بن احمد

يٌعد الحبيب المحنوش أحد أبرز شعراء الأغنية في تونس وعلى المستوى العربي ... مسيرة ثرية ومتنوعة امتدت على فترة تجاوزت الأربعين سنة، قدم فيها أكثر من ألف أغنية لجل الأصوات الغنائية التونسية ... أغنيات ذات مضامين إنسانية عميقة تمثل اليوم حجر الزاوية للمدونة الموسيقية التونسية.

الحبيب المحنوش سيكون واحدا من المكرمين الأربعة (إلى جانب كل الناصر صمود والشاذلي الحاجي ورضا الشمك) يوم 14 أوت 2024 ضمن فعاليات الدورة 58 لمهرجان قرطاج الدولي في سهرة موسيقية تونسية استثنائية " أنغام في الذاكرة 3"

 في هذا اللقاء توقف الحبيب المحنوش عند العديد من الذكريات التي لازالت راسخة في وجدانه مع مهرجان قرطاج الدولي ... رحلة انطلقت مند ثمانينات القرن الماضي ولازالت إلى اليوم أكثر القا وتألقا ... "أقول لقرطاج التي أنصفت مسيرتي : "شكرا".

*علاقة متينة تربطك بمهرجان قرطاج الدولي انطلقت مند ثمانينات القرن الماضي ... اليوم اختار هذا المهرجان الاحتفاء بك وتكريمك شاعرا، أي وقع لذلك على نفسك؟

أقول بكل صدق وصفاء شكرا لهيئة مهرجان قرطاج الدولي بإدارة الأستاذ كمال الفرجاني ومن خلاله وزارة الشؤون الثقافية التي فكرت في تكريمي بمعية زملاء إجلاء في المجال الموسيقى ... انه تكريم في الوقت المناسب بالنسبة لي وأنا فخور بهذه اللفتة في وقت عز فيه الوفاء.

*عديدة هي المحطات التي عشتها مع مهرجان قرطاج ماذا لو نتوقف عند البعض منها والتي لازالت راسخة في الذاكرة؟

فعلا ارتبطت مسيرتي الفنية والشعرية بمهرجان قرطاج الدولي بشكل متين منذ ثمانينات القرن الماضي ... لقد عرفت وعشت العديد من المحطات الاستثنائية الخالدة في الذاكرة ومن هذه المحطات التي لن أنساها في علاقتي بهذا الصرح الإبداعي العريق، سهرة الفنان عدنان الشواشي الأولى من نوعها على ركح مهرجان قرطاج في ثمانينات القرن الماضي إلى جانب العديد من الأسماء الفنية التونسية الأخرى على غرار لطفي بوشناق وصلاح مصباح وغيرهما كثير ... سهرة مثلت لي حدثا هاما على اعتبار أنها كانت بداية العلاقة مع الفنان عدنان الشواشي وأذكر انه في تلك السهرة قدم لأول مرة أغنيتين من تأليفي "يا ناس محلى السهر... في الليل تحت القمر " وصادف أن نزل المطر خفيفا في تلك السهرة فتجاوب معها عدنان الشواشي بتغيير معنى الأغنية " يا ناس محلى السهر ... في الليل تحت المطر " .. وهو ما أضفى موجة من الجمال تجاوب معها الجمهور بشكل لافت كما غنى في تلك السهرة "أبكي يا عين ".

توطدت علاقتي الفنية بالفنان الصديق عدنان الشواشي ليكون الموعد بعد أول لقاء معه مع سهرة فنية استثنائية في مسيرتي كشاعر غنائي من خلال عدنان الشواشي الذي كان على موعد مع جمهور مهرجان قرطاج لأول مرة بــ 14 أغنية ألفتها وتولى تلحينها واستحضر أيضا السهرة الفنية للفنانة منية البجاوي التي صعدت على ركح مهرجان قرطاج لأول مرة في سهرة خاصة بها قدمت خلالها لأول مرة أغنية "الحكاية" و"أحبابي أنا " في تلحين للمبدع عبد القادر العسلي و"همس الموج" ألحان عبد الكريم صحابو "وأذكر هنا أن أغنية " أحبابي أنا" قدمت بصدق علاقة منية البجاوي بأشقائها الذين احتضنتهم منية وناضلت من اجلهم بكل حب ودون حسابات مسبقة .

*لكن أغنية "الحكاية" رغم قيمتها الفنية لم يعد لها أثر؟

فعلا "الحكاية" التي لحنها عبد القادر العسلي وقدمتها لمرة وحيدة منية البجاوي على ركح مهرجان قرطاج سأنفض عنها الغبار لاحقا وستكون بصوت ابنتي يسرى المحنوش بإذن الله. ومن الذكريات الأخرى في علاقتي بمهرجان قرطاج الدولي استحضر السهرة الفنية التي قدمها بمفرده الفنان التونسي المقيم في الرباط بالمغرب الأقصى طارق جهاد وقدم فيها 13 أغنية من تأليفي.

ولا أنسي أيضا أن جل الفنانين التونسيين - إذا لم يكن كلهم - غنوا إنتاجي على ركح قرطاج على غرار صابر الرباعي، إلى جانب السهرات الاحتفالية الخاصة بالمناسبات الوطنية والتي قدمت فيها قراءات شعرية. اليوم تراني أراهن بصدق وايمان على ابنتي يسرى التي أقدم لها سنويا 7 نصوص غنائية لتأثيث مسيرتها وأنا فخور بابنتي التي تعد اليوم واحدة من أفضل الأصوات الغنائية في تونس وعلى المستوى العربي، والتي برزت بشكل لافت بأداء "شوفتوشي خديجة " التي حققت رواجا كبيرا.

*هذا الزخم الإبداعي الاستثنائي الذي برزت به ... ما مدى رضاك عنه اليوم؟ .. وهل حدث أن ندمت على نصوص منحتها لأصوات لم تكن في مستوى انتظاراتك؟

لا يمكن إلا أن أكون راضيا على ما كتبته ولحنته من نصوص غنائية وفي المقابل لا أنكر أنني ندمت بعد مراهنتي على أصوات لم تنجح في كسب الرهان والذين انتظرت منهم الكثير عبر أغنياتي، وتراني اليوم مجبرا على سحب هذه الأغاني وإعادة تقديمها مجانا بأصوات سأشرف بنفسي على انتقائها، وأشير من جهة أخرى أن في رصيدي مجموعة من النصوص ابحث اليوم عن الأصوات المناسبة، وحقيقة أجد نفسي محروما من صوت في حجم وقيمة الراحل حسن الدهماني رحمه الله والذي افتقده بشكل كبير ... إنه صوت قوي جبار "قدم 39 أغنية من تأليفي وتلحيني من مجموع 49 أغنية في رصيده ونجاحه معي لا يعني أنه لم ينجح مع غيري لكن علاقتنا الفنية كان لها نكهة خاصة".

*ارتفعت الأصوات هذه الأيام هنا وهناك منذرة بقرب اندثار الأغنية الوترية وهو ما سيكون له اثر سلبي على حضور الألحان والأغاني التونسية الأصيلة في المشهد الموسيقى... كيف تنظر كشاعر وملحن إلى هذه المسألة؟

انطلق في الإجابة على هذا السؤال من واقع أعيشه كل اليوم سواء كنت في المنزل أوفي السيارة... تراني أتجول قصدا عبر المحطات الإذاعية العديدة في بلادنا فاكتشف أنه باستثناء الإذاعة الوطنية فإن بقية الإذاعات الخاصة بدرجة أولى اتجهت وفتحت ذبذباتها لبث الإنتاج الشرقي أجد راغب علامة في هذه الإذاعة وفي محطة أخرى وردة وفي محطة ثالثة فنان شرقي كله نشاز وفي محطة رابعة "الراب" بمضامينه الرديئة وفي محطة رابعة أغنية بصوت غير صاحبها وفي محطة خامسة أغنية من التراث بطريقة مشوهة ... لا أثر في كل هذه المحطات للأغنية التونسية بخصوصياتها الفنية إلا ما ندر من هذه المحطات وبشكل برقي ... إن الساحة الغنائية التونسية تتوفر على أصوات كبيرة بإبداعها التونسي الأصيل تعمل وتكد وتجتهد بكل صدق فهل ترانا ننكر ما يعمل ويجتهد على تقديمه زياد غرسة، لطفي بوشناق، يسرى المحنوش، صابر الرباعي وغيرهم كثير إلا أن هذه الأعمال لا تلقى الاهتمام الكبير من الإذاعات الخاصة التي أرى أن اغلبها سبب ما تعانيه اليوم الأغنية التونسية من ضمور على مستوى الترويج والتعريف به. إنها معضلة أزلية لا بد من حل جذري لها حتى لا تبقى المحطات الإذاعية الخاصة "تضوي على البراني" شانها في ذلك شان أحد المهرجانات الصيفية التي صعد على ركحها صوت عربي قدم في السهرة الخاصة به 11 أغنية منها أغنية أعادها مرتين وأخرى أعادها 3 مرات.