توترات منطلقها رفض جامعة الثانوي لمنشور جديد للوزارة.. "معركة حقيقية" بين الطرف النقابي وسلطة الإشراف أم محاولة لخلق أزمة مفتعلة للضغط قبل العودة المدرسية؟
جولة جديدة من الخلافات بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي انطلقت منذ أيام على خلفية رفض الطرف الاجتماعي ما جاء في منشور أصدرته الوزارة والذي رأت جامعة التعليم الثانوي أن فيه "توسيعا لصلاحيات المتفقدين على حساب مهام الأساتذة".
وعبرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي، في بيان لها، عن رفضها للمنشور الصادر كما دعت الوزارة إلى سحبه واصفة، إياه بكونه "يجمع مختلف الصلاحيات البيداغوجية والإدارية ويمنحها إلى المتفقدين بما قد يشكل سطوا واضحا على مهام مختلف الأسلاك والفاعلين كما حددتها القوانين والمناشير المنظمة للمجال التربوي".
وحذرت الجامعة، من أن اعتماد هذا المنشور قد يسبب "تداخلا وإرباكا وتعطلا وتنازعا للصلاحيات ويفضي إلى تعطيل العملية التربوية وإعاقة العودة المدرسية، مستنكرة عدم إشراكها في إعداد الصيغة البيداغوجية والإدارية لهذا المنشور.
واعتبرت أن العمل وجوبا برأي المتفقدين بالنسبة إلى تعيين المنتدبين الجدد والمدرسين الوافدين على المندوبيات الجهوية للتربية في إطار العمل الدوري والتعيين بالمؤسسات داخل المركز الواحد بعد نقلة المدرس إليه في إطار أي نوع من أنواع النقل، "يعد غلوا وتضخيما لدور المتفقد البيداغوجي وعبثا بحركة النقل الجهوية يفرغها من مضامينها الاجتماعية والإنسانية ويلغي عمل اللجنة المخول لها قانونا إجراء حركة النقل داخل الجهة والمتكونة من الطرف الإداري والطرف الاجتماعي، وينسف كل عمل تشاركي عماده السلم الاجتماعية".
وقد يبدو في الظاهر أن الاختلاف أو الخلاف حول المنشور المذكور سبب توتر العلاقة بين الوزارة والجامعة، لكن المتابع لمواقف الطرفين والتصريحات المتداولة إعلاميا يؤكد أن الإشكال يتجاوز حدود المنشور حيث أن الطرف النقابي ممثلا في الجامعة العامة للتعليم الثانوي اتخذ منهج "إثارة بعض الملفات" في محاولة لاستعادة مكانتها في المشهد.
الأمر الذي يطرح سؤالا هل أن ما يجري يمكن أن يتنزل ضمن وجود معركة حقيقية بين الطرفين أم هي محاولة لخلق أزمة مفتعلة للضغط على الوزيرة قبل العودة المدرسية؟
إعادة الدور المحوري للمؤسسة التربوية..
منذ قدوم وزيرة التربية سلوى العباسي والذي مضى على تعيينها أشهر قليلة كان لها عدة جولات وتحركات أرادت من خلالها توجيه رسائل تتلخص حول ضرورة إعادة الدور المحوري للمؤسسة التربوية التي لا يخفى على احد ما عاشته المدرسة العمومية من انهيار للمنظومة التعليمية.
في المقابل يتواصل الضغط النقابي على الوزيرة بخصوص "تحريك" بعض الملفات التي كانت في السابق تمثل حرجا كبيرا بالنسبة لكل الوزراء الذين مروا بالوزارة، لكن يبدو أن هذه المرة المسألة مختلفة حيث تحاول سلوى العباسي أن تجد لنفسها مخرجا بأي شكل من الأشكال وآخرها حديثها عن لقائها مع رئيس الدولة حول ملف "النواب".
من وجهة نظر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم فانه عند الحديث عن ملف المدرسين النواب، لا بدّ أن نذكّر أوّلا بأنّنا أمام حالة صارخة من حالات غياب الحوكمة وترك الحبل على الغارب في إدارة الشّأن التّربويّ، وتحديدا في إدارة الموارد البشريّة، وهي حالة وُجدت قبل 2011 في ما يُعرف بوضعيّات المدرّسين من صنف (MACA) وتفاقمت على نحو كارثيّ إثر ذلك التّاريخ، في ظلّ العبث الممنهج الذي طال أسس مدرسة الجمهوريّة خلال العشريّة السوداء، ولا بدّ هنا على كلّ جهة أن تتحمّل مسؤوليّاتها وأن تعترف بأنّ أصل الإشكال إنّما يكمن في سعي عديد الأطراف خلال تلك الفترة إلى الالتفاف على مبدأ التّناظر في الالتحاق بالوظيفة العموميّة، وفتح الأبواب على مصراعيها لتجاوزات لا حصر لها كانت من نتائجها المباشرة الإساءة للمربّي وللمنظومة التّربويّة على حدّ سواء.
وعلى صعيد آخر، قال قاسم في حديثه لـ"الصباح" إن التّقليص من عدد ساعات العمل الأسبوعي للمربّين على نحو لا نظير له في دول العالم قد خلق بجرّة قلم حاجة مصطنعة إلى آلاف المدرّسين الإضافيّين الذين لم يكن بإمكان وزارة التّربية أن توفّرهم إلاّ عبر أشكال متعدّدة من التّشغيل الهشّ، وهنا أيضا لا بدّ من التّذكير بأنّ الطّرف النّقابيّ يتحمّل المسؤوليّة كاملة في هذا القرار الكارثيّ الذي فرضه على مسؤولين خانوا الأمانة وفضّلوا مصالحهم الشّخصيّة على مصلحة المنظومة التّربويّة التي أؤتمنوا عليها، فصرنا أمام آليّة موازية للانتداب تحوم حولها عديد نقاط الاستفهام بسبب الغياب المطلق للشّفافيّة في عمليّات إسناد النّيابات.
وحسب محدثنا فإن مبادرة وزارة التّربية، بمعالجة هذا الملفّ قصد وضع حدّ لمعاناة شريحة هامّة من المدرّسين هي مبادرة إيجابيّة للغاية، أمّا احتجاجات الطّرف النّقابيّ فإنّها غير منطقيّة بالمرّة لأنّها تتحمّل القسط الأكبر من مسؤوليّة هذه المأساة الإنسانيّة والمهزلة التي امتدّت على عقدين من الزّمن على الأقل، وبدل الاحتجاج الذي لا يدلّ على استيعاب للتّغييرات التي تشهدها السّاحة الوطنيّة فإنّنا ندعو هذا الطّرف إلى القيام بالمراجعات اللاّزمة والاعتراف بالأخطاء الكارثيّة التي ارتكبها عدد من ممثّليه، والتي كانت وبالا على مدرسة الجمهوريّة حيث لم تخدم سوى مصالح هؤلاء الممثّلين ومصالح الجهات الدّاعمة لهم.
لقد آن الأوان ليعود كلّ طرف إلى حجمه الحقيقيّ وأن يمارس دوره الرّئيسيّ بعيدا على منطق البلطجة والتّغوّل وعن التّهديدات الخرقاء التي لم يعد لها أيّ تأثير، خاصّة بعد أن اكتشفت القواعد زيف الشّعارات وكذب المزايدات، ورأت كيف تتمّ المتاجرة بقضاياها ومطالبها العادلة حتى يحصّل بعض السّماسرة على منافع شخصيّة لهم أو يضمنوا ما يتوهّمون أنه إفلات من المساءلة على حجم ما ألحقوه من ضرر بمنظومتنا التّربويّة، ألا ساء ما يزرون، والكلام له.
وفي هذا الإطار تحدثت وزيرة التربية، عن صدور أمر ينظم انتداب المتعاقدين كافة، إما دفعة واحدة أو على دفعات، سيقطع مع سنوات التهميش والظلم والمماطلة، وهو مكسب تاريخي لاسترداد حقوقهم.
وحسب الوزيرة، سيتمّ انتداب المتعاقدين من شتى الأسلاك، على دفعات، كما ستصدر قاعدة البيانات الموحدة الخاصة بهم في منتصف شهر أوت.
وبخصوص ملف الأساتذة النواب، قالت الوزيرة إنّ عددهم يبلغ حوالي 19 ألفا، 8 آلاف منهم يندرجون ضمن مشروع الأمر الترتيبي، وسيتم انتداب كل الأساتذة النواب بشرط احترام الأولوية.
ملف الأساتذة النواب.. هيئة إدارية قطاعية قريبا
في المقابل أكد كاتب عام جامعة التعليم الثانوي محمد الصافي إن أي طرف سيتدخل لتسوية ملف "مزمن" مثل ملف الأساتذة النواب مرحب به على أن يكون ذلك ضمن مرسوم يحدد طريقة الانتداب إما دفعة واحدة أو على دفعات مع تسقيف زمني حتى يتم تأمين حقوقهم والقطع مع التشغيل الهش.
وأورد محمد الصافي في حديثه "الصباح" "بأنه على وزيرة التربية أن لا تزايد بقولها إن ملف الأساتذة النواب ليس من مهام الجامعة العامة للتعليم الثانوي والحال إنها نسيت أن الجامعة قد تبنت هذا الملف منذ 2007 وما بعده واللوائح المهنية الصادرة عن مؤتمرات الجامعة لم تخلو من المطالبة بالقطع مع التشغيل الهش".
واعتبر كاتب عام جامعة التعليم الثانوي إن "عمق الخلاف بين الوزارة والطرف الاجتماعي هو رفض وزيرة التربية التشاركية والحوار والتفرد بالرأي"، على حد قوله.
وحسب الصافي فان الحديث عن تعثر العودة المدرسية يعود بالأساس إلى عدد الشغورات الذي سيصل إلى 7 آلاف شغور مما سيؤدي إلي كثافة داخل الأقسام وهذا يتعارض مع تجويد العملية التربوية، مضيفا أنه بخصوص الأشكال النضالية التي سيتم اتخاذها فهذا يعود للهيئة الإدارية القطاعية التي ستعقد في 12 أوت الحالي فهي المخول لها اتخاذ القرارات وأشكال الرد على تعنت الوزارة وتنصلها من الاتفاقات.
كما اعتبر كاتب عام جامعة التعليم الثانوي، "إن وزيرة التربية قد التفت على محضر الجلسة الممضى في 25 افريل 2024 والذي تضمن جملة من النقاط أولها ملف الأساتذة النواب حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة تتولى وضع المعايير والمقاييس لتحيين قاعدة البيانات المتعلقة بالأساتذة النواب إما من 2008 إلى 2016 أو قاعدة بيانات من 2008 إلى 2024 على أن تلتزم الوزارة بانتداب الدفعة الرابعة والتي تقدر بألف أستاذ نائب مع مفتتح السنة الدراسية 2024 - 2025".
وذكر محمد الصافي بأنه تم الاتفاق على تسوية وضعية 39 نائبا من الذين تبقوا من دفعة 2022 وبالنسبة للنقطة المتعلقة بملف المتعاقدين لئن التزمت الوزارة بإصدار قائمة المنتدبين بشكل نهائي فإنها أعرضت عن تسوية بعض الوضعيات مما اضطر هؤلاء إلى العمل في الخليج بالتنسيق مع الوكالة التونسية للتعاون الفني.
وحسب محدثنا، فإن وزارة التربية لم تحدد موعد بخصوص محادثات النظار والمديرين وفق اتفاق 8 جويلية 2011، كما أنها تلوح بتغيير الاتفاق، بالإضافة إلى أن قرار مضاعفة منحة الاستمرار بالنسبة إلى النظار والمديرين المقدرة بـ 900 دينار في السنة لم يفعل إلى الآن.
جهاد الكلبوسي
تونس - الصباح
جولة جديدة من الخلافات بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي انطلقت منذ أيام على خلفية رفض الطرف الاجتماعي ما جاء في منشور أصدرته الوزارة والذي رأت جامعة التعليم الثانوي أن فيه "توسيعا لصلاحيات المتفقدين على حساب مهام الأساتذة".
وعبرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي، في بيان لها، عن رفضها للمنشور الصادر كما دعت الوزارة إلى سحبه واصفة، إياه بكونه "يجمع مختلف الصلاحيات البيداغوجية والإدارية ويمنحها إلى المتفقدين بما قد يشكل سطوا واضحا على مهام مختلف الأسلاك والفاعلين كما حددتها القوانين والمناشير المنظمة للمجال التربوي".
وحذرت الجامعة، من أن اعتماد هذا المنشور قد يسبب "تداخلا وإرباكا وتعطلا وتنازعا للصلاحيات ويفضي إلى تعطيل العملية التربوية وإعاقة العودة المدرسية، مستنكرة عدم إشراكها في إعداد الصيغة البيداغوجية والإدارية لهذا المنشور.
واعتبرت أن العمل وجوبا برأي المتفقدين بالنسبة إلى تعيين المنتدبين الجدد والمدرسين الوافدين على المندوبيات الجهوية للتربية في إطار العمل الدوري والتعيين بالمؤسسات داخل المركز الواحد بعد نقلة المدرس إليه في إطار أي نوع من أنواع النقل، "يعد غلوا وتضخيما لدور المتفقد البيداغوجي وعبثا بحركة النقل الجهوية يفرغها من مضامينها الاجتماعية والإنسانية ويلغي عمل اللجنة المخول لها قانونا إجراء حركة النقل داخل الجهة والمتكونة من الطرف الإداري والطرف الاجتماعي، وينسف كل عمل تشاركي عماده السلم الاجتماعية".
وقد يبدو في الظاهر أن الاختلاف أو الخلاف حول المنشور المذكور سبب توتر العلاقة بين الوزارة والجامعة، لكن المتابع لمواقف الطرفين والتصريحات المتداولة إعلاميا يؤكد أن الإشكال يتجاوز حدود المنشور حيث أن الطرف النقابي ممثلا في الجامعة العامة للتعليم الثانوي اتخذ منهج "إثارة بعض الملفات" في محاولة لاستعادة مكانتها في المشهد.
الأمر الذي يطرح سؤالا هل أن ما يجري يمكن أن يتنزل ضمن وجود معركة حقيقية بين الطرفين أم هي محاولة لخلق أزمة مفتعلة للضغط على الوزيرة قبل العودة المدرسية؟
إعادة الدور المحوري للمؤسسة التربوية..
منذ قدوم وزيرة التربية سلوى العباسي والذي مضى على تعيينها أشهر قليلة كان لها عدة جولات وتحركات أرادت من خلالها توجيه رسائل تتلخص حول ضرورة إعادة الدور المحوري للمؤسسة التربوية التي لا يخفى على احد ما عاشته المدرسة العمومية من انهيار للمنظومة التعليمية.
في المقابل يتواصل الضغط النقابي على الوزيرة بخصوص "تحريك" بعض الملفات التي كانت في السابق تمثل حرجا كبيرا بالنسبة لكل الوزراء الذين مروا بالوزارة، لكن يبدو أن هذه المرة المسألة مختلفة حيث تحاول سلوى العباسي أن تجد لنفسها مخرجا بأي شكل من الأشكال وآخرها حديثها عن لقائها مع رئيس الدولة حول ملف "النواب".
من وجهة نظر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم فانه عند الحديث عن ملف المدرسين النواب، لا بدّ أن نذكّر أوّلا بأنّنا أمام حالة صارخة من حالات غياب الحوكمة وترك الحبل على الغارب في إدارة الشّأن التّربويّ، وتحديدا في إدارة الموارد البشريّة، وهي حالة وُجدت قبل 2011 في ما يُعرف بوضعيّات المدرّسين من صنف (MACA) وتفاقمت على نحو كارثيّ إثر ذلك التّاريخ، في ظلّ العبث الممنهج الذي طال أسس مدرسة الجمهوريّة خلال العشريّة السوداء، ولا بدّ هنا على كلّ جهة أن تتحمّل مسؤوليّاتها وأن تعترف بأنّ أصل الإشكال إنّما يكمن في سعي عديد الأطراف خلال تلك الفترة إلى الالتفاف على مبدأ التّناظر في الالتحاق بالوظيفة العموميّة، وفتح الأبواب على مصراعيها لتجاوزات لا حصر لها كانت من نتائجها المباشرة الإساءة للمربّي وللمنظومة التّربويّة على حدّ سواء.
وعلى صعيد آخر، قال قاسم في حديثه لـ"الصباح" إن التّقليص من عدد ساعات العمل الأسبوعي للمربّين على نحو لا نظير له في دول العالم قد خلق بجرّة قلم حاجة مصطنعة إلى آلاف المدرّسين الإضافيّين الذين لم يكن بإمكان وزارة التّربية أن توفّرهم إلاّ عبر أشكال متعدّدة من التّشغيل الهشّ، وهنا أيضا لا بدّ من التّذكير بأنّ الطّرف النّقابيّ يتحمّل المسؤوليّة كاملة في هذا القرار الكارثيّ الذي فرضه على مسؤولين خانوا الأمانة وفضّلوا مصالحهم الشّخصيّة على مصلحة المنظومة التّربويّة التي أؤتمنوا عليها، فصرنا أمام آليّة موازية للانتداب تحوم حولها عديد نقاط الاستفهام بسبب الغياب المطلق للشّفافيّة في عمليّات إسناد النّيابات.
وحسب محدثنا فإن مبادرة وزارة التّربية، بمعالجة هذا الملفّ قصد وضع حدّ لمعاناة شريحة هامّة من المدرّسين هي مبادرة إيجابيّة للغاية، أمّا احتجاجات الطّرف النّقابيّ فإنّها غير منطقيّة بالمرّة لأنّها تتحمّل القسط الأكبر من مسؤوليّة هذه المأساة الإنسانيّة والمهزلة التي امتدّت على عقدين من الزّمن على الأقل، وبدل الاحتجاج الذي لا يدلّ على استيعاب للتّغييرات التي تشهدها السّاحة الوطنيّة فإنّنا ندعو هذا الطّرف إلى القيام بالمراجعات اللاّزمة والاعتراف بالأخطاء الكارثيّة التي ارتكبها عدد من ممثّليه، والتي كانت وبالا على مدرسة الجمهوريّة حيث لم تخدم سوى مصالح هؤلاء الممثّلين ومصالح الجهات الدّاعمة لهم.
لقد آن الأوان ليعود كلّ طرف إلى حجمه الحقيقيّ وأن يمارس دوره الرّئيسيّ بعيدا على منطق البلطجة والتّغوّل وعن التّهديدات الخرقاء التي لم يعد لها أيّ تأثير، خاصّة بعد أن اكتشفت القواعد زيف الشّعارات وكذب المزايدات، ورأت كيف تتمّ المتاجرة بقضاياها ومطالبها العادلة حتى يحصّل بعض السّماسرة على منافع شخصيّة لهم أو يضمنوا ما يتوهّمون أنه إفلات من المساءلة على حجم ما ألحقوه من ضرر بمنظومتنا التّربويّة، ألا ساء ما يزرون، والكلام له.
وفي هذا الإطار تحدثت وزيرة التربية، عن صدور أمر ينظم انتداب المتعاقدين كافة، إما دفعة واحدة أو على دفعات، سيقطع مع سنوات التهميش والظلم والمماطلة، وهو مكسب تاريخي لاسترداد حقوقهم.
وحسب الوزيرة، سيتمّ انتداب المتعاقدين من شتى الأسلاك، على دفعات، كما ستصدر قاعدة البيانات الموحدة الخاصة بهم في منتصف شهر أوت.
وبخصوص ملف الأساتذة النواب، قالت الوزيرة إنّ عددهم يبلغ حوالي 19 ألفا، 8 آلاف منهم يندرجون ضمن مشروع الأمر الترتيبي، وسيتم انتداب كل الأساتذة النواب بشرط احترام الأولوية.
ملف الأساتذة النواب.. هيئة إدارية قطاعية قريبا
في المقابل أكد كاتب عام جامعة التعليم الثانوي محمد الصافي إن أي طرف سيتدخل لتسوية ملف "مزمن" مثل ملف الأساتذة النواب مرحب به على أن يكون ذلك ضمن مرسوم يحدد طريقة الانتداب إما دفعة واحدة أو على دفعات مع تسقيف زمني حتى يتم تأمين حقوقهم والقطع مع التشغيل الهش.
وأورد محمد الصافي في حديثه "الصباح" "بأنه على وزيرة التربية أن لا تزايد بقولها إن ملف الأساتذة النواب ليس من مهام الجامعة العامة للتعليم الثانوي والحال إنها نسيت أن الجامعة قد تبنت هذا الملف منذ 2007 وما بعده واللوائح المهنية الصادرة عن مؤتمرات الجامعة لم تخلو من المطالبة بالقطع مع التشغيل الهش".
واعتبر كاتب عام جامعة التعليم الثانوي إن "عمق الخلاف بين الوزارة والطرف الاجتماعي هو رفض وزيرة التربية التشاركية والحوار والتفرد بالرأي"، على حد قوله.
وحسب الصافي فان الحديث عن تعثر العودة المدرسية يعود بالأساس إلى عدد الشغورات الذي سيصل إلى 7 آلاف شغور مما سيؤدي إلي كثافة داخل الأقسام وهذا يتعارض مع تجويد العملية التربوية، مضيفا أنه بخصوص الأشكال النضالية التي سيتم اتخاذها فهذا يعود للهيئة الإدارية القطاعية التي ستعقد في 12 أوت الحالي فهي المخول لها اتخاذ القرارات وأشكال الرد على تعنت الوزارة وتنصلها من الاتفاقات.
كما اعتبر كاتب عام جامعة التعليم الثانوي، "إن وزيرة التربية قد التفت على محضر الجلسة الممضى في 25 افريل 2024 والذي تضمن جملة من النقاط أولها ملف الأساتذة النواب حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة تتولى وضع المعايير والمقاييس لتحيين قاعدة البيانات المتعلقة بالأساتذة النواب إما من 2008 إلى 2016 أو قاعدة بيانات من 2008 إلى 2024 على أن تلتزم الوزارة بانتداب الدفعة الرابعة والتي تقدر بألف أستاذ نائب مع مفتتح السنة الدراسية 2024 - 2025".
وذكر محمد الصافي بأنه تم الاتفاق على تسوية وضعية 39 نائبا من الذين تبقوا من دفعة 2022 وبالنسبة للنقطة المتعلقة بملف المتعاقدين لئن التزمت الوزارة بإصدار قائمة المنتدبين بشكل نهائي فإنها أعرضت عن تسوية بعض الوضعيات مما اضطر هؤلاء إلى العمل في الخليج بالتنسيق مع الوكالة التونسية للتعاون الفني.
وحسب محدثنا، فإن وزارة التربية لم تحدد موعد بخصوص محادثات النظار والمديرين وفق اتفاق 8 جويلية 2011، كما أنها تلوح بتغيير الاتفاق، بالإضافة إلى أن قرار مضاعفة منحة الاستمرار بالنسبة إلى النظار والمديرين المقدرة بـ 900 دينار في السنة لم يفعل إلى الآن.