مع اقتراب موعد العودة المدرسية والجامعية وعودة الحياة اليومية إلى نسقها العادي بعد العطلة الصيفية، يُطرح من جديد ملف النقل العمومي الذي بات هاجسا لآلاف التونسيين بخدماته المتدنية التي لا تلبّي حاجة آلاف التونسيين الذين لا يجدون من وسيلة للتنقّل إلا الحافلات وعربات المترو وكلاهما يشهد تقلّصا كبيرا في عدد السفرات اليومية بسبب الاعطاب وغياب الصيانة والخروج الاضطراري من الخدمة..
وملف النقل العمومي المطروح بإلحاح منذ سنوات بات اختبارا حقيقيا للحكومة اليوم خاصة مع إصرار رئيس الجمهورية على تدارك النقائص وإنقاذ قطاع النقل العمومي وتحسين خدماته وتجويدها بما يستجيب وتطلعات المواطنين خاصة في تونس الكبرى حيث يبلغ الاكتظاظ في وسائل النقل ذروته وحوّل حياة المواطنين إلى جحيم يومي ..
ووفق الإحصائيات الرسمية فقد تقلّص عدد الحافلات في ظرف 10 سنوات من 1175 إلى 350 سنة 2024 في تونس الكبرى، بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت عربات المترو والقطارات، وهذا العدد القليل جدا من الحافلات هو السبب المباشر في انهيار منظومة النقل العمومي وكان لا بد من حلول عاجلة ..
وقد أكدت رئاسة الحكومة عقب المجلس الوزاري الأخير أنه تم توفير الاعتمادات الضرورية لاقتناء 300 حافلة جديدة بشكل مستعجل وبكلفة تناهز 170 مليون دينار والترخيص لاقتناء 700 حافلة مستعملة، وفق بلاغ أول أمس لرئاسة الحكومة..
وبالنسبة للحافلات المستعملة، كانت وزيرة التجهيز قد أشارت منذ أسبوعين في جلسة برلمانية إلى أن هذه الحافلات سيتم اقتناؤها بعد انتهاء الألعاب الأولمبية بباريس، بما يُفهم منه أن المزوّد سيكون مرة أخرى مزوّدا فرنسيا حيث سبق وأن اقتنت تونس عشرات الحافلات المستعملة من الدولة الفرنسية .
تجديد الأسطول حاجة ملحة ..
في كل محطة نقل عمومي تتعالى أصوات المواطنين المتذمّرة من تردّي خدمات النقل العمومي الذي بات هاجسا يوميا لآلاف المواطنين الذين لا يملكون وسيلة تنقّل خاصة بالإضافة إلى الارتفاع المشط في أسعار النقل الخاص وخاصة التاكسيات بعد انتشار تطبيقات خدمات النقل مثل "البولت" وغيرها من التطبيقات والتي هناك إجماع اليوم على شطط أسعارها غير المبرّر والتي تستغّل حاجة المواطنين كما تستغل تهالك أسطول النقل العمومي وأزمته لتحقق أرباحا خيالية دون أن يكون هناك إطار تشريعي واضح لهذا النوع من خدمات النقل رغم كل الشبهات التي تحوم حولها !
رئيس الجمهورية قيس سعيد عند زيارته لمستودع "شركة نقل تونس" بباب سعدون في أواخر نوفمبر الماضي، عاين بشكل مباشر الوضع السيئ لعشرات الحافلات القديمة والمستعملة والتي تكدّست في أكوام من "الخردة" بما يدلّ بشكل واضح على الإهمال وسوء التصرّف والفساد الذي نخر شركة النقل على مدى سنوات وجعل أسطولها خارج الخدمة في أغلب الأوقات دون اكتراث لتشكّيات المواطنين ولا تذمّرهم المتواصل..
وعلى اثر تلك الزيارة الليلة لمستودع باب سعدون، وفي مارس الماضي وعلى إثر لقاء بوزيرة التجهيز والإسكان المكلفة بتسيير وزارة النقل سارة الزعفراني شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع بوضع إستراتيجية وطنية للنقل العمومي للخروج بهذا القطاع من الوضع الذي تردى فيه ..
وفي جويلية الماضي وخلال جلسة برلمانية أكدت وزيرة التجهيز والإسكان أن دفعة من الحافلات المستعملة ستصل إلى تونس بعد الألعاب الأولمبية وأن التجربة أثبتت نجاح هذه التجربة في دعم الأسطول، وأن خبراء الوزارة عند معاينة هذه الحافلات المستعملة وجدوها في وضعية جيدة لأنها تخضع إلى الصيانة الدورية وأن خيار توريد هذه الحافلات يعود إلى حاجة تونس التي تواجه مشكلا على مستوى توفير الحافلات، خاصة في ظلّ الوضعية التي تمر بها المالية العمومية اليوم، باعتبار أن كلفة توريد هذه الحافلات يكون أقل من الشراءات الجديدة ..
وزيرة التجهيز أشارت أيضا إلى أن الدولة لم تذهب في السابق نحو إرساء منظومة قوية للنقل العمومي، وقد أدى غياب الصيانة الكافية إلى تضرّر الأسطول، كما أكدت الوزيرة في ذات السياق أنّ الوزارة تعمل على إرساء مقاربة جديدة في قطاع النقل تراعي التقسيم الترابي للبلاد التونسية وحاجيات الأقاليم وأن هناك دراسات جدوى لإحداث شركات نقل جديدة.
ومنذ أشهر طويلة وملف النقل العمومي يحظى بمتابعة من أعلى مستوى في الدولة، وكل بلاغات رئاسة الجمهورية أظهرت حرص الرئيس على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذا الملف الشائك، في المقابل كان هناك بطء في تفاعل الحكومة مع هذا الملف وسرعة إيجاد الحلول فرضته وضعية المالية العمومية .
النقل كغيره من الخدمات الحياتية والقريبة من المواطن يتطلب وقفة حازمة من الدولة لأن النقل والتعليم والصحة مقياس نجاح الدولة في احترام حقوق مواطنيها واحترام إنسانيتهم وتوفير الحد الأدنى لهم من مستويات العيش اللائق.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
مع اقتراب موعد العودة المدرسية والجامعية وعودة الحياة اليومية إلى نسقها العادي بعد العطلة الصيفية، يُطرح من جديد ملف النقل العمومي الذي بات هاجسا لآلاف التونسيين بخدماته المتدنية التي لا تلبّي حاجة آلاف التونسيين الذين لا يجدون من وسيلة للتنقّل إلا الحافلات وعربات المترو وكلاهما يشهد تقلّصا كبيرا في عدد السفرات اليومية بسبب الاعطاب وغياب الصيانة والخروج الاضطراري من الخدمة..
وملف النقل العمومي المطروح بإلحاح منذ سنوات بات اختبارا حقيقيا للحكومة اليوم خاصة مع إصرار رئيس الجمهورية على تدارك النقائص وإنقاذ قطاع النقل العمومي وتحسين خدماته وتجويدها بما يستجيب وتطلعات المواطنين خاصة في تونس الكبرى حيث يبلغ الاكتظاظ في وسائل النقل ذروته وحوّل حياة المواطنين إلى جحيم يومي ..
ووفق الإحصائيات الرسمية فقد تقلّص عدد الحافلات في ظرف 10 سنوات من 1175 إلى 350 سنة 2024 في تونس الكبرى، بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت عربات المترو والقطارات، وهذا العدد القليل جدا من الحافلات هو السبب المباشر في انهيار منظومة النقل العمومي وكان لا بد من حلول عاجلة ..
وقد أكدت رئاسة الحكومة عقب المجلس الوزاري الأخير أنه تم توفير الاعتمادات الضرورية لاقتناء 300 حافلة جديدة بشكل مستعجل وبكلفة تناهز 170 مليون دينار والترخيص لاقتناء 700 حافلة مستعملة، وفق بلاغ أول أمس لرئاسة الحكومة..
وبالنسبة للحافلات المستعملة، كانت وزيرة التجهيز قد أشارت منذ أسبوعين في جلسة برلمانية إلى أن هذه الحافلات سيتم اقتناؤها بعد انتهاء الألعاب الأولمبية بباريس، بما يُفهم منه أن المزوّد سيكون مرة أخرى مزوّدا فرنسيا حيث سبق وأن اقتنت تونس عشرات الحافلات المستعملة من الدولة الفرنسية .
تجديد الأسطول حاجة ملحة ..
في كل محطة نقل عمومي تتعالى أصوات المواطنين المتذمّرة من تردّي خدمات النقل العمومي الذي بات هاجسا يوميا لآلاف المواطنين الذين لا يملكون وسيلة تنقّل خاصة بالإضافة إلى الارتفاع المشط في أسعار النقل الخاص وخاصة التاكسيات بعد انتشار تطبيقات خدمات النقل مثل "البولت" وغيرها من التطبيقات والتي هناك إجماع اليوم على شطط أسعارها غير المبرّر والتي تستغّل حاجة المواطنين كما تستغل تهالك أسطول النقل العمومي وأزمته لتحقق أرباحا خيالية دون أن يكون هناك إطار تشريعي واضح لهذا النوع من خدمات النقل رغم كل الشبهات التي تحوم حولها !
رئيس الجمهورية قيس سعيد عند زيارته لمستودع "شركة نقل تونس" بباب سعدون في أواخر نوفمبر الماضي، عاين بشكل مباشر الوضع السيئ لعشرات الحافلات القديمة والمستعملة والتي تكدّست في أكوام من "الخردة" بما يدلّ بشكل واضح على الإهمال وسوء التصرّف والفساد الذي نخر شركة النقل على مدى سنوات وجعل أسطولها خارج الخدمة في أغلب الأوقات دون اكتراث لتشكّيات المواطنين ولا تذمّرهم المتواصل..
وعلى اثر تلك الزيارة الليلة لمستودع باب سعدون، وفي مارس الماضي وعلى إثر لقاء بوزيرة التجهيز والإسكان المكلفة بتسيير وزارة النقل سارة الزعفراني شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع بوضع إستراتيجية وطنية للنقل العمومي للخروج بهذا القطاع من الوضع الذي تردى فيه ..
وفي جويلية الماضي وخلال جلسة برلمانية أكدت وزيرة التجهيز والإسكان أن دفعة من الحافلات المستعملة ستصل إلى تونس بعد الألعاب الأولمبية وأن التجربة أثبتت نجاح هذه التجربة في دعم الأسطول، وأن خبراء الوزارة عند معاينة هذه الحافلات المستعملة وجدوها في وضعية جيدة لأنها تخضع إلى الصيانة الدورية وأن خيار توريد هذه الحافلات يعود إلى حاجة تونس التي تواجه مشكلا على مستوى توفير الحافلات، خاصة في ظلّ الوضعية التي تمر بها المالية العمومية اليوم، باعتبار أن كلفة توريد هذه الحافلات يكون أقل من الشراءات الجديدة ..
وزيرة التجهيز أشارت أيضا إلى أن الدولة لم تذهب في السابق نحو إرساء منظومة قوية للنقل العمومي، وقد أدى غياب الصيانة الكافية إلى تضرّر الأسطول، كما أكدت الوزيرة في ذات السياق أنّ الوزارة تعمل على إرساء مقاربة جديدة في قطاع النقل تراعي التقسيم الترابي للبلاد التونسية وحاجيات الأقاليم وأن هناك دراسات جدوى لإحداث شركات نقل جديدة.
ومنذ أشهر طويلة وملف النقل العمومي يحظى بمتابعة من أعلى مستوى في الدولة، وكل بلاغات رئاسة الجمهورية أظهرت حرص الرئيس على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لهذا الملف الشائك، في المقابل كان هناك بطء في تفاعل الحكومة مع هذا الملف وسرعة إيجاد الحلول فرضته وضعية المالية العمومية .
النقل كغيره من الخدمات الحياتية والقريبة من المواطن يتطلب وقفة حازمة من الدولة لأن النقل والتعليم والصحة مقياس نجاح الدولة في احترام حقوق مواطنيها واحترام إنسانيتهم وتوفير الحد الأدنى لهم من مستويات العيش اللائق.