كشفت الانتخابات الرئاسية تونس2024 التي انطلقت مراحلها الأولى، عن وضع مشهد سياسي وحزبي ومدني "متحرك" وغير مستقر، في تونس بعد ثلاث سنوات من قرارات 25 جويلية الرئاسية التي غيرت الوضع والمنظومة والمشهد العام في تونس. وكان لها تأثير كبير على واقع هذه المكونات السياسية والمدنية. وبينت المراحل الأولى من مسار انتخابات 6 أكتوبر المقبل الواقع المتشظي وحالة التشتت والانقسام لهذه المكونات، تكتلات كانت أم أفرادا. وأكدت مرة أخرى أن جل مكونات هذه الطبقة من مختلف التوجهات والتيارات لم تستطع بعد إيجاد السبل وامتلاك الأدوات الكفيلة لضمان قدرتها على إعادة التموضع والموقع في المشهد العام والخروج من دائرة شبه الغياب والعجز التي تتخبط فيها وذلك بعد أن اختار أغلبها الدخول في جبهات وتحالفات تحددت بناء على الموقف من مسار 25 جويلية الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ ثلاث سنوات تقريبا. لتجد هذه القوى والجبهات والتحالفات اليوم نفسها مهددة بالانقسام والتلاشي والتشظي من جديد بسبب الانتخابات الرئاسية.
فرغم المحاولات والمبادرات العديدة والمتواترة لتكوين تحالفات وجبهات والقيام بمراجعات والمراهنة على آليات جديدة منها التقاطعات بهدف تقريب وجهات النظر لتشكيل قوى وازنة قادرة على فرض نسقها على أكثر من صعيد، إلا أنه يبدو أن تلك الجبهات والتحالفات لم تكن على القدر المطلوب من الانسجام والتناغم ولم تكن مبنية على أسس صلبة ومتماسكة على نحو تخول لمكوناتها الحزبية والسياسية والمدنية التعاطي مع الوضع وخوض ومواجهة مستجدات الواقع مع ضمان المحافظة على تأييد ودعم أكبر عدد ممكن من القواعد الشعبية والمحافظة في نفس الوقت على نفس التوجه والموقف والبرامج، لكن سريعا ما اصطدمت هذه الجبهات والتحالفات والقوى باستحقاق انتخابي، رغم التحركات والقراءات والمواقف الأولية منه إلا أنها سريعا ما عادت إلى وضعها الأول حيث الانقسامات والتوجهات والرؤى المختلفة الذي ترجمته عنه بعدم قدرة أغلبها على تقديم مرشح لها لهذه الانتخابات من ناحية وعدم الاتفاق حول مشروع أو مبادرة أو مرشح إلى حد الآن، وهو يؤكد الانقسام الموجود الذي تحرص على جعله غير معلن نظرا لتواصل لمحاولات "اللملمة" والمحافظة على شكل هذه القوى والتجمعات وذلك نظرا لأهميتها بالنسبة لأغلب الأجسام الحزبية والمدنية التي تراهن عليها كبوابة لعودتها للمشهد السياسي والبقاء في دائرة مناشطه.
فمنذ إصدار رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 2 جويلية الماضي لأمر رئاسي يدعو الناخبين إلى صناديق الاقتراع يوم 6 أكتوبر القادم، ثم إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في اليوم الموالي عن الروزنامة الخاصة بها، تغيرت المعطيات والأوضاع بالنسبة لأغلب مكونات الطبقة السياسية ونخبها والناشطين في المجتمع المدني لاسيما الجمعيات والمنظمات التي تتعلق أنشطتها وأعمالها بما هو مدني سياسي وحقوقي وانساني.
فمنتدى القوى الديمقراطية الذي يتكون من أحزاب وجمعيات مدنية ومستقلين، سبق أن أعلن في عديد المناسبات أنه بصدد التحضير لهذه الانتخابات وأعلنت هذه القوى التي تتقاطع عند معارضة المسار الذي يقوده قيس سعيد، منذ أشهر قليلة أنها بصدد إعداد تصور إصلاحي بديل سيتم تقديمه كبرنامج انتخابي متكامل انكب على إعداده أكاديميون وخبراء في مجالات اقتصادية مختلفة واجتماعية ودستورية وقانونية وفكرية وسياسية. وأكدت أنها ستراهن على هذا البرنامج في الانتخابات الرئاسية المقبلة لقلب موازين اللعبة السياسية. وهو تقريبا ما عملت على التسويق له وانكبت على العمل عليه عدة قوى و"تحالفات" سياسية ومدنية أخرى على غرار تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية التي تتركب من أحزاب "العمال" و"القطب" و"التيار الديمقراطي" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الجمهوري". خاصة أن هذه الأحزاب تتقاطع مع قوى أخرى مثل "منتدى القوى الديمقراطية" التي تشمل أيضا أحزابا وجمعيات ومنظمات مدنية على غرار "الحزب الاشتراكي" و"آفاق تونس" و"المسار الديمقراطي الاجتماعي" و"الحزب الاجتماعي التحرري" و"ائتلاف صمود" و"جمعية المرأة والريادة" و"المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة"، وغيرها.
هذا بالنسبة للقوى المعارضة للمسار، لكن كان قرار الدعوة لتنظيم الانتخابات وتحديد خارطة طريقها الزمنية والدستورية والتنظيمية كفيل بتأكيد أن هذه التحالفات غير جديدة وغير ذات جدوى وغير قادرة على توحيد صفوف "الحلفاء" الجدد. وذلك بعد أن أعلن حمة الهمامي أمين "حزب العمال" أن حزبه سيقاطع الانتخابات الرئاسية وأنه سيقدم برنامجا لمعارضتها. فيما اختارت بقية مكونات هذا التحالف إصدار بيانات منفردة حملت موقف كل جهة سياسية من هذه الانتخابات. فمنها من عبر عن انخراطه فيها بشكل أو بآخر والبعض الآخر دعا منتسبيه إلى دعم من له "نفس" ديمقراطي والبعض الآخر ترك حرية الاختيار والمشاركة لمنتسبيه وقواعده. فيما تراجع "منتدى القوى الديمقراطية" عما قاله وعمل على الترويج له منذ مدة حول المبادرة الإصلاحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية البديلة.
إذ أكد منصف الشريقي، أمين عام "الحزب الاشتراكي" لـ"الصباح"، حول هذه المسألة أن اختلاف وجهات النظر والقراءات ومواقف القوى المكونة لهذا المنتدى الموسع في توجهه الأخير، من العوامل التي أدت إلى التخلي عن تقديم المشروع البديل أو ما اصطلح على تسميته في مرحلة لاحقة بـ"الميثاق" إلى مرشح للانتخابات الرئاسية ودعمه، خاصة أن موقف كل حزب أو جهة طرف في هذه الجبهة مختلف عن الآخرين.
أما في صف القوى الداعمة للمسار فسبق أن أعلن عبيد البريكي أمين عام "حركة تونس" إلى الأمام وبعض قيادات حزبية أخرى في "حركة الشعب" و"التيار الديمقراطي" و"الوطد" أن هناك مساعي لتكوين جبهة لدعم مسار 25 جويلية. لكن وبدخول الزمن الانتخابي تغيرت المواقف بعد أن أعلن زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب عن ترشحه رسميا لهذه الانتخابات. والأمر نفسه بالنسبة لمنجي الرحوي، أمين عام أحد شقوق "الوطد الموحد"، فيما أعلن زهير حمدي أمين عام "التيار الشعبي" عن دعم قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية القادمة. ليكون الموقف من هذه الانتخابات محددا لمدى تماسك هذه الجبهات باعتبار أن بعضها انتهى في المهد أي قبل أن تنشأ وتبدأ.
وهو نفس الموقف لكل من أمين عام "حزب التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري ومبروك بن محمود، أمين عام "مسار 25 جويلية" الذي سبق أن أكده الثنائي لـ"الصباح" باعتبار أن الحزب الأول اختار عدم الدخول في أي تحالف أو جبهة فيما ينتمي المسار الذي يقوده بن مبروك إلى جبهة تتكون من أحزاب وجمعيات داعمة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية.
وهو ما يحدد أن جل هذه الجبهات والقوى هي مجرد تحالفات مبنية على أهداف وليست تحالفات سياسية مثلما يروج لذلك.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
كشفت الانتخابات الرئاسية تونس2024 التي انطلقت مراحلها الأولى، عن وضع مشهد سياسي وحزبي ومدني "متحرك" وغير مستقر، في تونس بعد ثلاث سنوات من قرارات 25 جويلية الرئاسية التي غيرت الوضع والمنظومة والمشهد العام في تونس. وكان لها تأثير كبير على واقع هذه المكونات السياسية والمدنية. وبينت المراحل الأولى من مسار انتخابات 6 أكتوبر المقبل الواقع المتشظي وحالة التشتت والانقسام لهذه المكونات، تكتلات كانت أم أفرادا. وأكدت مرة أخرى أن جل مكونات هذه الطبقة من مختلف التوجهات والتيارات لم تستطع بعد إيجاد السبل وامتلاك الأدوات الكفيلة لضمان قدرتها على إعادة التموضع والموقع في المشهد العام والخروج من دائرة شبه الغياب والعجز التي تتخبط فيها وذلك بعد أن اختار أغلبها الدخول في جبهات وتحالفات تحددت بناء على الموقف من مسار 25 جويلية الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ ثلاث سنوات تقريبا. لتجد هذه القوى والجبهات والتحالفات اليوم نفسها مهددة بالانقسام والتلاشي والتشظي من جديد بسبب الانتخابات الرئاسية.
فرغم المحاولات والمبادرات العديدة والمتواترة لتكوين تحالفات وجبهات والقيام بمراجعات والمراهنة على آليات جديدة منها التقاطعات بهدف تقريب وجهات النظر لتشكيل قوى وازنة قادرة على فرض نسقها على أكثر من صعيد، إلا أنه يبدو أن تلك الجبهات والتحالفات لم تكن على القدر المطلوب من الانسجام والتناغم ولم تكن مبنية على أسس صلبة ومتماسكة على نحو تخول لمكوناتها الحزبية والسياسية والمدنية التعاطي مع الوضع وخوض ومواجهة مستجدات الواقع مع ضمان المحافظة على تأييد ودعم أكبر عدد ممكن من القواعد الشعبية والمحافظة في نفس الوقت على نفس التوجه والموقف والبرامج، لكن سريعا ما اصطدمت هذه الجبهات والتحالفات والقوى باستحقاق انتخابي، رغم التحركات والقراءات والمواقف الأولية منه إلا أنها سريعا ما عادت إلى وضعها الأول حيث الانقسامات والتوجهات والرؤى المختلفة الذي ترجمته عنه بعدم قدرة أغلبها على تقديم مرشح لها لهذه الانتخابات من ناحية وعدم الاتفاق حول مشروع أو مبادرة أو مرشح إلى حد الآن، وهو يؤكد الانقسام الموجود الذي تحرص على جعله غير معلن نظرا لتواصل لمحاولات "اللملمة" والمحافظة على شكل هذه القوى والتجمعات وذلك نظرا لأهميتها بالنسبة لأغلب الأجسام الحزبية والمدنية التي تراهن عليها كبوابة لعودتها للمشهد السياسي والبقاء في دائرة مناشطه.
فمنذ إصدار رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 2 جويلية الماضي لأمر رئاسي يدعو الناخبين إلى صناديق الاقتراع يوم 6 أكتوبر القادم، ثم إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في اليوم الموالي عن الروزنامة الخاصة بها، تغيرت المعطيات والأوضاع بالنسبة لأغلب مكونات الطبقة السياسية ونخبها والناشطين في المجتمع المدني لاسيما الجمعيات والمنظمات التي تتعلق أنشطتها وأعمالها بما هو مدني سياسي وحقوقي وانساني.
فمنتدى القوى الديمقراطية الذي يتكون من أحزاب وجمعيات مدنية ومستقلين، سبق أن أعلن في عديد المناسبات أنه بصدد التحضير لهذه الانتخابات وأعلنت هذه القوى التي تتقاطع عند معارضة المسار الذي يقوده قيس سعيد، منذ أشهر قليلة أنها بصدد إعداد تصور إصلاحي بديل سيتم تقديمه كبرنامج انتخابي متكامل انكب على إعداده أكاديميون وخبراء في مجالات اقتصادية مختلفة واجتماعية ودستورية وقانونية وفكرية وسياسية. وأكدت أنها ستراهن على هذا البرنامج في الانتخابات الرئاسية المقبلة لقلب موازين اللعبة السياسية. وهو تقريبا ما عملت على التسويق له وانكبت على العمل عليه عدة قوى و"تحالفات" سياسية ومدنية أخرى على غرار تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية التي تتركب من أحزاب "العمال" و"القطب" و"التيار الديمقراطي" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الجمهوري". خاصة أن هذه الأحزاب تتقاطع مع قوى أخرى مثل "منتدى القوى الديمقراطية" التي تشمل أيضا أحزابا وجمعيات ومنظمات مدنية على غرار "الحزب الاشتراكي" و"آفاق تونس" و"المسار الديمقراطي الاجتماعي" و"الحزب الاجتماعي التحرري" و"ائتلاف صمود" و"جمعية المرأة والريادة" و"المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة"، وغيرها.
هذا بالنسبة للقوى المعارضة للمسار، لكن كان قرار الدعوة لتنظيم الانتخابات وتحديد خارطة طريقها الزمنية والدستورية والتنظيمية كفيل بتأكيد أن هذه التحالفات غير جديدة وغير ذات جدوى وغير قادرة على توحيد صفوف "الحلفاء" الجدد. وذلك بعد أن أعلن حمة الهمامي أمين "حزب العمال" أن حزبه سيقاطع الانتخابات الرئاسية وأنه سيقدم برنامجا لمعارضتها. فيما اختارت بقية مكونات هذا التحالف إصدار بيانات منفردة حملت موقف كل جهة سياسية من هذه الانتخابات. فمنها من عبر عن انخراطه فيها بشكل أو بآخر والبعض الآخر دعا منتسبيه إلى دعم من له "نفس" ديمقراطي والبعض الآخر ترك حرية الاختيار والمشاركة لمنتسبيه وقواعده. فيما تراجع "منتدى القوى الديمقراطية" عما قاله وعمل على الترويج له منذ مدة حول المبادرة الإصلاحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية البديلة.
إذ أكد منصف الشريقي، أمين عام "الحزب الاشتراكي" لـ"الصباح"، حول هذه المسألة أن اختلاف وجهات النظر والقراءات ومواقف القوى المكونة لهذا المنتدى الموسع في توجهه الأخير، من العوامل التي أدت إلى التخلي عن تقديم المشروع البديل أو ما اصطلح على تسميته في مرحلة لاحقة بـ"الميثاق" إلى مرشح للانتخابات الرئاسية ودعمه، خاصة أن موقف كل حزب أو جهة طرف في هذه الجبهة مختلف عن الآخرين.
أما في صف القوى الداعمة للمسار فسبق أن أعلن عبيد البريكي أمين عام "حركة تونس" إلى الأمام وبعض قيادات حزبية أخرى في "حركة الشعب" و"التيار الديمقراطي" و"الوطد" أن هناك مساعي لتكوين جبهة لدعم مسار 25 جويلية. لكن وبدخول الزمن الانتخابي تغيرت المواقف بعد أن أعلن زهير المغزاوي، أمين عام حركة الشعب عن ترشحه رسميا لهذه الانتخابات. والأمر نفسه بالنسبة لمنجي الرحوي، أمين عام أحد شقوق "الوطد الموحد"، فيما أعلن زهير حمدي أمين عام "التيار الشعبي" عن دعم قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية القادمة. ليكون الموقف من هذه الانتخابات محددا لمدى تماسك هذه الجبهات باعتبار أن بعضها انتهى في المهد أي قبل أن تنشأ وتبدأ.
وهو نفس الموقف لكل من أمين عام "حزب التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري ومبروك بن محمود، أمين عام "مسار 25 جويلية" الذي سبق أن أكده الثنائي لـ"الصباح" باعتبار أن الحزب الأول اختار عدم الدخول في أي تحالف أو جبهة فيما ينتمي المسار الذي يقوده بن مبروك إلى جبهة تتكون من أحزاب وجمعيات داعمة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية.
وهو ما يحدد أن جل هذه الجبهات والقوى هي مجرد تحالفات مبنية على أهداف وليست تحالفات سياسية مثلما يروج لذلك.