إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. قوس النار من طهران إلى كييف

 

بقلم: نزار مقني

أخذت ميادين أهم صراعين عسكريين حاليين، على المستوى الدولي، تتشابك حتى بدأت تشكل قوسا من النار ينطلق من طهران وينتهي بلفيف (مدينة أقصى غرب أوكرانيا على حدود بولونيا).

ففي غمرة انتظار ردّ إيران والقوى المتحالفة معها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وقائد الجناح العسكري لحزب الله فؤاد شكر، طار الأمين العام لمجلس الأمن الروسي (ووزير الدفاع الأسبق) سيرغي شويغو –والذي يعتبر من المسؤولين الروس المقربين من الرئيس الروسي فلادمير بوتين- إلى طهران، حيث أجرى محادثات مع القيادة الإيرانية، فيما حط قائد القيادة المركزية الأمريكية مايكل كوريلا في مطار بن غوريون في تل أبيب لـ"الاطلاع على الاستعدادات الإسرائيلية" للتصدي لـ"الانتقام الإيراني".

وفيما لم يرشح أي شيء من الأخبار حول زيارة شويغو إلى طهران، إلا أن تسريبات غير مؤكدة أشارت إلى أن القيادة الإيرانية تسعى للحصول على طائرة "سوخوي سو 35" –المرادفة لطائرة أف 35 الأمريكية- وهو ما يؤشر إلى أن إيران قد تسعى إلى أن يكون ردها على الاغتيالين ردا شاملا عن طريق غارات جوية مباشرة من الطيران الحربي، وليس عن طريق أدوات الحرب اللانظامية من الجيل الخامس من الحروب أن المسيرات والصواريخ والقذائف الموجهة على شاكلة ما حصل في رد إيران على عملية استهداف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، في أفريل الماضي.

ووسط شيء من الشكوك حول حقيقة هذا المطلب الإيراني من روسيا، فإن موسكو قد تكون أمام ضغط إيراني لتزويدها بتكنولوجيا حديثة لرصد المقذوفات والطائرات الشبحية (على شاكلة أف 35)، كالرادارات الحديثة ومنظومات الدفاع الجوي الجديدة (كمنظومة اس 400 واس 500)، وهو ما قد توافق عليه روسيا خصوصا وأن بوتين لوح سابقا بأنه سيسلح "أعداء أمريكا" إذا ما منحت غريمها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طائرات آف 16 والمسيرات الحديثة، وهذا ما حصل فعلا بداية من هذا الأسبوع، تنفيذا لما أقرته قمة حلف الشمال الأطلسي الأخيرة بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

وقد لا يكون هذا السبب المباشر الوحيد الذي قد يدفع بوتين لمثل هذه الخطوة، بل كذلك في إطار الشراكة الإستراتيجية التي أصبحت تؤطر العلاقات بين موسكو وطهران، حيث مكنت هذه الأخيرة الجيش الروسي من أسراب متعددة من الطائرات الانقضاضية إيرانية الصنع (خصوصا من نوع شاهد 136)، وهو ما مكن سلاح الجو الروسي من تفوق نوعي على التحصينات الأوكرانية في عدة جبهات في الحرب الروسية في أوكرانيا.

أوكرانيا من جهتها يبدو أنها استفادت كذلك من الدعم الإسرائيلي في حربها ضد روسيا، وهو ما استفز الكرملين في بداية سنة 2023، وما قاد لفتح الباب أمام القفز بالعلاقات بين روسيا وإيران إلى المستوى الاستراتيجي، وما قد يشير إلى أن موسكو قد تذهب حتى لدعم حلفاء إيران في المنطقة مباشرة، ومنهم الحوثيون الذي يمثلون تهديدا مباشرا للولايات المتحدة (تهديد الطريق التجارية الكبرى) ولإسرائيل التي أحالت ميناءها في إيلات على عدم المباشرة والعطالة الدائمة.

والآن، والعالم ينتظر الرد الإيراني على الاغتيالين، فإن أي ضربة إيرانية "غير مدروسة العواقب" قد تؤدي لحريق شامل في الشرق الأوسط، وهو ما لا تريده أي من القوى الدولية، وهذا ما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحث إيران على "عدم استهداف المدنيين" خلال "ثأرها" والرد على الصفعة الإسرائيلية التي وجهتها لها بعد اغتيال هنية في قلب طهران.

 

 

 

 

بالبنط العريض..   قوس النار من طهران إلى كييف

 

بقلم: نزار مقني

أخذت ميادين أهم صراعين عسكريين حاليين، على المستوى الدولي، تتشابك حتى بدأت تشكل قوسا من النار ينطلق من طهران وينتهي بلفيف (مدينة أقصى غرب أوكرانيا على حدود بولونيا).

ففي غمرة انتظار ردّ إيران والقوى المتحالفة معها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وقائد الجناح العسكري لحزب الله فؤاد شكر، طار الأمين العام لمجلس الأمن الروسي (ووزير الدفاع الأسبق) سيرغي شويغو –والذي يعتبر من المسؤولين الروس المقربين من الرئيس الروسي فلادمير بوتين- إلى طهران، حيث أجرى محادثات مع القيادة الإيرانية، فيما حط قائد القيادة المركزية الأمريكية مايكل كوريلا في مطار بن غوريون في تل أبيب لـ"الاطلاع على الاستعدادات الإسرائيلية" للتصدي لـ"الانتقام الإيراني".

وفيما لم يرشح أي شيء من الأخبار حول زيارة شويغو إلى طهران، إلا أن تسريبات غير مؤكدة أشارت إلى أن القيادة الإيرانية تسعى للحصول على طائرة "سوخوي سو 35" –المرادفة لطائرة أف 35 الأمريكية- وهو ما يؤشر إلى أن إيران قد تسعى إلى أن يكون ردها على الاغتيالين ردا شاملا عن طريق غارات جوية مباشرة من الطيران الحربي، وليس عن طريق أدوات الحرب اللانظامية من الجيل الخامس من الحروب أن المسيرات والصواريخ والقذائف الموجهة على شاكلة ما حصل في رد إيران على عملية استهداف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، في أفريل الماضي.

ووسط شيء من الشكوك حول حقيقة هذا المطلب الإيراني من روسيا، فإن موسكو قد تكون أمام ضغط إيراني لتزويدها بتكنولوجيا حديثة لرصد المقذوفات والطائرات الشبحية (على شاكلة أف 35)، كالرادارات الحديثة ومنظومات الدفاع الجوي الجديدة (كمنظومة اس 400 واس 500)، وهو ما قد توافق عليه روسيا خصوصا وأن بوتين لوح سابقا بأنه سيسلح "أعداء أمريكا" إذا ما منحت غريمها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طائرات آف 16 والمسيرات الحديثة، وهذا ما حصل فعلا بداية من هذا الأسبوع، تنفيذا لما أقرته قمة حلف الشمال الأطلسي الأخيرة بالعاصمة الأمريكية واشنطن.

وقد لا يكون هذا السبب المباشر الوحيد الذي قد يدفع بوتين لمثل هذه الخطوة، بل كذلك في إطار الشراكة الإستراتيجية التي أصبحت تؤطر العلاقات بين موسكو وطهران، حيث مكنت هذه الأخيرة الجيش الروسي من أسراب متعددة من الطائرات الانقضاضية إيرانية الصنع (خصوصا من نوع شاهد 136)، وهو ما مكن سلاح الجو الروسي من تفوق نوعي على التحصينات الأوكرانية في عدة جبهات في الحرب الروسية في أوكرانيا.

أوكرانيا من جهتها يبدو أنها استفادت كذلك من الدعم الإسرائيلي في حربها ضد روسيا، وهو ما استفز الكرملين في بداية سنة 2023، وما قاد لفتح الباب أمام القفز بالعلاقات بين روسيا وإيران إلى المستوى الاستراتيجي، وما قد يشير إلى أن موسكو قد تذهب حتى لدعم حلفاء إيران في المنطقة مباشرة، ومنهم الحوثيون الذي يمثلون تهديدا مباشرا للولايات المتحدة (تهديد الطريق التجارية الكبرى) ولإسرائيل التي أحالت ميناءها في إيلات على عدم المباشرة والعطالة الدائمة.

والآن، والعالم ينتظر الرد الإيراني على الاغتيالين، فإن أي ضربة إيرانية "غير مدروسة العواقب" قد تؤدي لحريق شامل في الشرق الأوسط، وهو ما لا تريده أي من القوى الدولية، وهذا ما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحث إيران على "عدم استهداف المدنيين" خلال "ثأرها" والرد على الصفعة الإسرائيلية التي وجهتها لها بعد اغتيال هنية في قلب طهران.