إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من وحي اللحظة.. على الطريقة المعروفة..

 

 لم يرق لبعضهم أن يضع المسلمون هذه الأيام خلافاتهم بين قوسين وان يتركوا جانبا عوامل التفرقة ولو كان ذلك إلى حين. لم يتحملوا أن يروهم متقاربين، ولو كان الحزن هو الذي رفع الحواجز بينهم والمصاب الجلل هو الذي قرب المسافات.. هم يدركون أن قوة الأمم في وحدتها ويدركون أن العرب والمسلمين ماداموا متفرقين فإنه لا خطر يأتي منهم، لذلك ارتفعت الأصوات هذه الأيام، تذكر بالفوارق بين المذاهب الإسلامية وبالملل والنحل، وانتصبت محاكم التفتيش لتشكك في النوايا. فكيف لشيعي من منظورهم أن يبكي سنيّا وكيف تقبل صلاته؟؟ وقس على ذلك من الأسئلة التي يراد منها تقليب المواجع والتأليب على الطريقة المعروفة التي كانت تستعملها بعض الأقوام في الزمن الغابر، اذ كلما سكنت الناس وهدأت النفوس وأعيدت السيوف إلى أغمادها، يأتي من يقلب الوجع ويجيّش الأحاسيس ويؤلب ويستفز العصبيات، فترى الناس تعود إلى سيوفها وترى الحرب تندلع من جديد وبضراوة أكبر.

 

وهذا ما نعيشه تقريبا هذه الأيام مع احترام فوارق التوقيت. والهدف هو تغذية مشاعر الكراهية والنقمة كي تستمر المشاحنات وكي يظل المسلمون على فرقة وعلى خصام دائم.

 

نقول ذلك بعد ما لاحظنا حالة الفزع التي عاشها بعضهم وهم يرون كيف انتفت الفوارق بين الشيعة والسنة للحظة، وكيف صلى الآلاف من أهل الشيعة لأجل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة حماس، الذي طالته يد الغدر في العاصمة الإيرانية طهران، وهو من أهل السنة.

 

 وقد يبدو ذلك أمرا عاديا بالنسبة لمن لا يعرف العداوات المتوارثة بين أتباع المذهبين وكيف تراكمت على امتداد القرون عوامل التفرقة بين أبناء الدين الواحد وكيف ترسخت مشاعر السخط والكراهية بين الطرفين وكيف سادت البغضاء ووصلت إلى حد التكفير الذي هو من المفروض وإذا ما استندنا إلى جوهر العقيدة الإسلامية، ممنوع. لكن هذا هو الواقع الذي ورثه أبناء المسلمين، بل لعل الأحكام المسبقة قد زادت وتوسعت الهوة وورث أبناء القرن الواحد والعشرين ثقافة تغذيها الأحكام المسبقة والشكوك والريبة. لذلك ولهذه الأسباب، فإن ما حصل مع رحيل إسماعيل هنية يعتبر أمرا جللا، خاصة في ظل تنامي الشكوك حول "مآرب " ايران في السنوات الأخيرة ومع استفحال مشاكل الشرق الأوسط، وتوسع دائرة تدخلاتها في عدد من الدول العربية وأساسا بسوريا ولبنان واليمن، إلى درجة جعلت بعض الملاحظين يتساءلون حول حقيقة مساندتها للقضايا العربية والاسلامية وأولها القضية الفلسطينية.

 

مات إسماعيل هنية الذي استهدفه الكيان الصهيوني في إيران، فبكاه الشيعي والسني واصطفوا لصلاة الوداع بالآلاف، وهو أمر جلل فعلا ولا يعود ذلك لأن إسماعيل هنية قتل في إيران وتعتبر أخلاقيا مسؤولة عن حياته لأنه في ضيافتها، وإنما لأنه يؤكد انه يمكن أن تشهد المنطقة رجلا يجمع ولا يفرق وكان ذلك الرجل هو إسماعيل هنية ولو دفع حياته ثمنا لذلك، ولأنه يجمع ولا يفرق فقد حظي الرجل بمراسم تشييع مهيبة في كل من ايران وفي قطر، دولة الاستقبال. وفي ذلك رمزية كبرى وهو كفيل بأن يثير الرعب في القلوب، وإلا كيف نفسر تلك الحملة المسعورة التي تدعو أهل السنة إلى التشكيك في صدق مشاعر المسلمين الشيعة ورفض صلاتهم على روحه.

 

ندرك من جهتنا أن الأمر ليس بهذه السهولة وأن هناك هوة واسعة بين أبناء الأمة العربية والإسلامية وأن كم الأحقاد المتوارثة، لا يمكن تجاوزها ببساطة، لكن ندرك أيضا انه لا سبيل للخلاص ونحن فرادى ومتفرقون. لننظر كيف يسعى العدو الصهيوني إلى بناء حلف كبير من حوله يتكون من الدول الداعمة له والتي تتكون أساسا من البلدان ذات الإرث الثقافي اليهودي المسيحي. هم على الأقل يتحسبون ليوم يظنونه آتيا لا محالة ولا نراه للأسف كذلك.

 

 حياة السايب

 

 

 

 لم يرق لبعضهم أن يضع المسلمون هذه الأيام خلافاتهم بين قوسين وان يتركوا جانبا عوامل التفرقة ولو كان ذلك إلى حين. لم يتحملوا أن يروهم متقاربين، ولو كان الحزن هو الذي رفع الحواجز بينهم والمصاب الجلل هو الذي قرب المسافات.. هم يدركون أن قوة الأمم في وحدتها ويدركون أن العرب والمسلمين ماداموا متفرقين فإنه لا خطر يأتي منهم، لذلك ارتفعت الأصوات هذه الأيام، تذكر بالفوارق بين المذاهب الإسلامية وبالملل والنحل، وانتصبت محاكم التفتيش لتشكك في النوايا. فكيف لشيعي من منظورهم أن يبكي سنيّا وكيف تقبل صلاته؟؟ وقس على ذلك من الأسئلة التي يراد منها تقليب المواجع والتأليب على الطريقة المعروفة التي كانت تستعملها بعض الأقوام في الزمن الغابر، اذ كلما سكنت الناس وهدأت النفوس وأعيدت السيوف إلى أغمادها، يأتي من يقلب الوجع ويجيّش الأحاسيس ويؤلب ويستفز العصبيات، فترى الناس تعود إلى سيوفها وترى الحرب تندلع من جديد وبضراوة أكبر.

 

وهذا ما نعيشه تقريبا هذه الأيام مع احترام فوارق التوقيت. والهدف هو تغذية مشاعر الكراهية والنقمة كي تستمر المشاحنات وكي يظل المسلمون على فرقة وعلى خصام دائم.

 

نقول ذلك بعد ما لاحظنا حالة الفزع التي عاشها بعضهم وهم يرون كيف انتفت الفوارق بين الشيعة والسنة للحظة، وكيف صلى الآلاف من أهل الشيعة لأجل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة حماس، الذي طالته يد الغدر في العاصمة الإيرانية طهران، وهو من أهل السنة.

 

 وقد يبدو ذلك أمرا عاديا بالنسبة لمن لا يعرف العداوات المتوارثة بين أتباع المذهبين وكيف تراكمت على امتداد القرون عوامل التفرقة بين أبناء الدين الواحد وكيف ترسخت مشاعر السخط والكراهية بين الطرفين وكيف سادت البغضاء ووصلت إلى حد التكفير الذي هو من المفروض وإذا ما استندنا إلى جوهر العقيدة الإسلامية، ممنوع. لكن هذا هو الواقع الذي ورثه أبناء المسلمين، بل لعل الأحكام المسبقة قد زادت وتوسعت الهوة وورث أبناء القرن الواحد والعشرين ثقافة تغذيها الأحكام المسبقة والشكوك والريبة. لذلك ولهذه الأسباب، فإن ما حصل مع رحيل إسماعيل هنية يعتبر أمرا جللا، خاصة في ظل تنامي الشكوك حول "مآرب " ايران في السنوات الأخيرة ومع استفحال مشاكل الشرق الأوسط، وتوسع دائرة تدخلاتها في عدد من الدول العربية وأساسا بسوريا ولبنان واليمن، إلى درجة جعلت بعض الملاحظين يتساءلون حول حقيقة مساندتها للقضايا العربية والاسلامية وأولها القضية الفلسطينية.

 

مات إسماعيل هنية الذي استهدفه الكيان الصهيوني في إيران، فبكاه الشيعي والسني واصطفوا لصلاة الوداع بالآلاف، وهو أمر جلل فعلا ولا يعود ذلك لأن إسماعيل هنية قتل في إيران وتعتبر أخلاقيا مسؤولة عن حياته لأنه في ضيافتها، وإنما لأنه يؤكد انه يمكن أن تشهد المنطقة رجلا يجمع ولا يفرق وكان ذلك الرجل هو إسماعيل هنية ولو دفع حياته ثمنا لذلك، ولأنه يجمع ولا يفرق فقد حظي الرجل بمراسم تشييع مهيبة في كل من ايران وفي قطر، دولة الاستقبال. وفي ذلك رمزية كبرى وهو كفيل بأن يثير الرعب في القلوب، وإلا كيف نفسر تلك الحملة المسعورة التي تدعو أهل السنة إلى التشكيك في صدق مشاعر المسلمين الشيعة ورفض صلاتهم على روحه.

 

ندرك من جهتنا أن الأمر ليس بهذه السهولة وأن هناك هوة واسعة بين أبناء الأمة العربية والإسلامية وأن كم الأحقاد المتوارثة، لا يمكن تجاوزها ببساطة، لكن ندرك أيضا انه لا سبيل للخلاص ونحن فرادى ومتفرقون. لننظر كيف يسعى العدو الصهيوني إلى بناء حلف كبير من حوله يتكون من الدول الداعمة له والتي تتكون أساسا من البلدان ذات الإرث الثقافي اليهودي المسيحي. هم على الأقل يتحسبون ليوم يظنونه آتيا لا محالة ولا نراه للأسف كذلك.

 

 حياة السايب