*ثورة الزنج " تثير غضب الزعيم الحبيب بورقيبة بعد مشاهدتها في عرض خاص
*"على نخبك يا وطن" المسرحية التي انطلقت منها أغنية " باكتب اسمك يا بلادي" دورة 1979..
محسن بن احمد
عرف مهرجان قرطاج الدولي على امتداد مسيرته – وهو يحتفل هذه الصائفة بستينية التأسيس- عديد المحطات المسرحية الخالدة التي أضاءت ركحه ... محطات جعلت منه فضاء للابداع الراقي الحمال لقضايا الانسان بمختلف تفرعاتها ... محطات قدمت لنا روادا في الفن المسرحي تاليفا واخراجا وتمثيلا تونسيا وعربيا.. محطات نفتقدها اليوم أكثر من اي وقت مضى، بعد ان حاد هذا المهرجان الدولي العريق عن مساره الطبيعي بعد استباحته لكل من هب ودب.
كان حضور الفن الرابع ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي على امتداد اكثر من دورة له مشعا شامخا منتصرا لذائقة إبداعية تبحث عن الجمال والمعرفة والثقافة الجادة بعيدا عن الإثارة الرخيصة والاستسهال المقيت.
في هذه الورقة نتوقف عند مجموعة من الاعمال المسرحية التي احتفى بها مهرجان قرطاج والتي أضحت من العلامات البارزة الخالدة على امتداد مسيرته .
*1964 " مدرسة النساء " أول مسرحية على ركح قرطاج
شهد افتتاح اول دورة لمهرجان قرطاج الدولي في شهر جوان 1964 أول عرض مسرحي «مدرسة النساء» للفرقة البلدية للتمثيل بتونس في اقتباس لمحمد الزرقاطي وإخراج علي بن عياد.
عادت هذه المسرحية الى أحد النصوص الخالدة للكاتب الفرنسي الكبير موليار وقدمت درسا بليغا في التعاطي الدرامي الممتع مع النصوص الابداعية الكلاسيكية.
*1970 "أوديب" في افتتاح قرطاج
تم افتتاح دورة 1970 لمهرجان قرطاج الدولي بعرض مسرحية " اوديب " للمخرج الخالد علي بن عياد وتقديم فرقة بلدية تونس للتمثيل.
وتعد " اوديب" واحدة هي أحد أشهر المسرحيات من الأدب اليوناني القديم قام بتأليفها الكاتب اليوناني سوفوكليس، وتُعتبر من النوع التراجيدي وتم تمثيلها قبل حوالي 429 عام قبل الميلاد، وقد أشار إليها الفيلسوف اليوناني أرسطو في أعماله الشعرية تحت اسم (الطاغية أوديب) نظراً لبشاعة الشخصية في المسرحية.
" اوديب "، اكد من خلالها علي بن عياد انه رائد الاعمال المسرحية الكلاسيكية الضخمة
*1972 "ثورة الزنج" المنصف السويسي
احتضن مهرجان قرطاج الدولي في دورة 1972 عرضا لمسرحية " ثورة الزنج" للكاتب المسرحي الكبير عزالدين المدني وإخراج الراحل المنصف السويسي
تروي المسرحية احداث الثورة التي قام بها الزنج خلال الفترة العباسية مطالبين بالحرية والعدالة بعد تفشي ظاهرة الظلم والاستعباد .
ويطرح الكاتب من خلال هذا العمل إشكالية قيام الثورات وهل انها تنتهي وتتوقف مع التخلص من الاستعباد والحصول على الحرية .
والطريف ، أن هذا العمل لما تم عرضه على ركح المسرح الرئاسي بقصر قرطاج أثار غضب الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة الذي صب جام غضبه على كامل عناصر الفرقة ، كما كشف لنا عن ذلك الكاتب المسرحي عزالدين المدني.
*1979 "على نخبك يا وطن " خلدون المالح
التقى جمهور مهرجان قرطاج الدولي في دورة 1979 لأول مرة مع الممثل المسرحي والتلفزيوني الكبير دريد لحام من خلال العمل المسرحي " على نخبك يا وطن " للكاتب الخالد محمد الماغوط وإخراج خلدون المالح
هذه المسرحية التي تدخل في إطار المسرح القومي السياسي قدم خلالها لأول مرة دريد لحام بصوته " باكتب اسمك يا بلادي " وقد تغنى بها في خاتمة العرض لتصبح بعد ذلك واحدة من أشهر الأغاني الوطنية على المستوى العربي حيث غناها أكثر من صوت عربي وفي تونس سجلتها الفنانة نوال غشام بصوتها .
*1980 "الام كوراج " حمادي المزي
قدم في دورة 1980 المخرج المسرحي حمادي المزي عمله " الام كوراج " على ركح "مركز الفن الحي بالبلفيدير" الذي تم تخصيصه للعروض المسرحية ضمن برنامج الدورة 17 لمهرجان قرطاج الدولي في تلك الصائفة تحت اشراف وإدارة رجل الثقافة والمسرح محمد رجاء فرحات .
و" الام كوراج " او " الام شجاعة " هي واحدة من تسع مسرحيات ألفها "بريشت" لمقاومة صعود الفاشية والنازية. وقد أتم كتابتها في فترة تتجاوز الشهر بعد اجتياح بولونيا من قبل جيش هتلر في العام 1939 .
عمل المخرج حمادي المزي على اقتباسها وتونستها بشكل حرفي كبير جعلت منها أحد أبرز الاعمال الخالدة التي احتضنها مهرجان قرطاج الدولي، ومن الممثلين في هذا العمل نذكر فاطمة بن سعيدان والممثل والمخرج التلفزيوني الراحل شوقي الماجري.
*1984 "أنا الحادثة" المنجي بن إبراهيم
برز المسرح الوطني منذ تأسيسه سنة 1983 بغزارة انتاجه المسرحي وتنوع مضامينه لمخرجين افذاذ على غرار لمنصف السويسي والمنجى بن إبراهيم وعبد الغني بن طارة وكمال العلاوي وغيرهم كثير، بالاعتماد على نصوص منها ما هومؤلف ومنها ما هو مقتبس ومنها ما هو مترجم بإمضاء تونسيين وعرب وأجانب. ومن هذه الأعمال المسرحية على سبيل الذكر لا الحصر ... "من أين هذه البلية؟" و"أنا الحادثة" و"اسمع يا عبد السميع" و"منطق الطير" و"يا ثروة في خيالي" و"مدينة المقنعين" و"وكر النسور"
وكان لمسرحية " انا الحادثة " للمخرج المنجي بن إبراهيم حضور متوهج من خلال تأثيثها احدى سهرات مهرجان قرطاج دورة 1984..
*2007 "خمسون " الفاضل الجعايبي
كان جمهور الدورة 44 لمهرجان قرطاج الدولي " صيف 2007 " على موعد مع عرض مسرحية " خمسون" للمخرج الفاضل الجعايبي
وهي تؤرخ لخمسين عاما من استقلال تونس عن مستعمرتها السابقة فرنسا، وتنبش المسرحية في فترات زمنية مختلفة منذ الاستقلال سنة 1956 و تطرح عدة مسائل منها الطرق الضرورية لمعالجة زحف الفكر الاسلامي المتطرف.
وقدمت أحداث المسرحية التي صاغتها جليلة بكار قصة شابة تدعى أمل انقلبت حياتها رأسا على عقب بعد ان تحولت من الاشتراكية الى الفكر الاسلامي المتشدد لتجد نفسها متورطة في قضية تفجير قامت بها صديقتها "جودة" في معهد ثانوي.
والجدير بالذكر ان هذه المسرحية تم إصدارها في كتاب أيضا.
*2009 "مانفيستو على الدوعاجي " توفيق الجبالي
احتفاء واحياء لمائوية ميلاد الكاتب والشاعر التونسي الساخرعلي الدوعاجي"صيف2009" بادر المخرج المسرحي توفيق الجبالي اعتمادا على مؤلفات المحتفى به لإعداد عرض مسرحي تحية لروح علي الدوعاجي تحت عنوان " مانفيستو علي الدوعاجي " هذا العمل تم تقديمه في مهرجان الحمامات الدولي، ليحط الرحال بعد ذلك في مهرجان قرطاج من خلال سهرة كانت استثنائية على اعتبار المنحى النقدي الطريف الذي تميزت به كتابات علي الدوعاجي، كتابات نجح الممثل والمخرج توفيق الجبالي، بما يتوفر عليه من حرفية عالية، في توظيفها من خلال لوحات مترابطة ومتناسقة جمعت بين الهزل والجد بأسلوب ساخر محبب لكل النفوس.
*2017 "دراما عائشة والسلطان " محمد كوكة
كان الموعد في دورة 2017 لمهرجان قرطاج الدولي مع مسرحية " دراما عائشة والسلطان " نص الإعلامي المنصف بن مراد وإخراج محمد كوكة وقد شدت هذه المسرحية الانتباه بشكل لافت اعتبارا لجرأة الطرح .
تروي "دراما عائشة والسلطان " قصة ملحمية للسلطان " ناتالوس "الذي يريد فرض عقيدته الظلامية المدمرة على النساء والفلاسفة والشعراء والمبدعين الى ان يأتي يوم تتآمر فيه ضده عائشة التي تتحالف مع الشيطان لاسقاط عرش السلطان.
*2021 " كابوس اينشتاين " أنور الشعافي
انطلاقا واعتمادا على نص مسرحي لـ" الكينغ" "كمال العيادي " بعنوان " كابوس اينشتاين " أطلق المخرج أنور الشعافي العنان لخياله من خلال إعادة كتابة المسرحية ركحيا، واقتراح رؤية جمالية متجددة وغير مألوفة في المسرح التونسي. هذه المسرحية التقاها جمهور قرطاج الدولي " دورة 2021" اي منذ 3 سنوات مضت.
أكد أنور الشعافي من خلال هذا العمل على الوفاء الدائم للتجديد والتطوير وتكريس عنصر الدهشة في العملية الإبداعية المسرحية وهو الرافع للواء التمرد على السائد والمتعارف عليه، فالمسرح عنده كائن متحرك يرفض الاستكانة والتقوقع.