إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في نقاش مشروع القانون المتعلق بتنقيح المجلة التجارية.. نواب طالبوا بإلغاء العقوبات السجنية في جرائم الشيك دون رصيد بصفة نهائية

 

تونس- الصباح

ناقش مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو بحضور وزيرة العدل ليلى جفال مشروع القانون المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها. وقبل تلاوة تقرير لجنة التشريع العام الوارد في 78 صفحة من قبل مقرر اللجنة النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة ظافر الصغيري والنائبة غير المنتمية على كتل بسمة الهمامي، استعرض رئيس اللجنة والنائب عن كتلة الخط الوطني السيادي ياسر القوراري أهم النقاط التي تضمنها المشروع في صيغته المعدلة المعروضة على أنظار الجلسة العامة وهي كالآتي:

ـ إقرار مجانية المنصة الرقمية الموحدة الخاصة بمعاملات الشيك، ووجوبية انخراط البنوك فيها، ودخول هذه المنصة حيز النفاذ في أجل ستة أشهر، وسداد البنوك التي لم تنخرط في المنصة لمبالغ الشيكات التي يقل مبلغها عن خمسة آلاف دينار، معاقبة البنوك التي لا تنخرط في المنصة بخطايا مالية تخصم من أرباحها وفي صورة العود يتضاعف مبلغ الخطية.

ـ تحميل البنوك مسؤولية، تحديد الملاءة المالية للحرفاء قبل تسليم صيغ شيكات لتجنب إصدار شيكات دون رصيد، وتسقيف الشيكات حسب الملاءمة المالية لكل حريف.

ـ رفع التجريم عن المبالغ المضمنة بالشيكات التي تقل قيمتها عن خمسة آلاف دينار والتي تمثل 83 بالمائة من حالات الشيك دون رصيد.

ـ إلزام البنوك بتخصيص 8 بالمائة من أرباحها السنوية لفائدة الأفراد والمؤسسات الصغرى والمتوسطة تسند في شكل قروض شرف أي قروض دون ضمانات ودون فوائض، وبالنظر إلى حجم الأرباح التي حققتها البنوك سنة 2022 سيتم تخصيص نحو مائة مليون دينار للغرض، مع التنصيص على وجوبية صرف هذا الاعتماد سنويا وهو مكسب ثوري حسب وصف القوراري.

ـ إقرار النزول بالعقوبة السجنية المنصوص عليها بالفصل 411 من خمس سنوات إلى سنتين مع اعتماد ضم العقوبات، واعتماد صيغ تخفيف منها .

ـ إقرار إثارة التتبعات من قبل المستفيد.

ـ إقرار التخلي عن الإشعارات البنكية وإعلامات عدول التنفيذ والاقتصار على الإعلام الإلكتروني عبر المنصة الرقمية.

ـ تسوية وضعيات المشمولين بجرائم الشيك دون رصيد من خلال وضع آليات تسوية بما يتيح لجميع المعنيين بالشيك دون رصيد الاستفادة من الصلح.

ـ توسيع مدة الاستفادة من فرصة التسوية من سنتين إلى ثلاث سنوات مع إضافة فترة إمهال بسنة إضافية.

ـ بالنسبة إلى من تجاوز سنهم 60 سيتم الاكتفاء بالمدة التي قضوها بالسجن مع حفظ حقوق الدائنين.

ـ تجريم الإقراض باستعمال الشيك وإقرار عقوبة مشددة تتمثل في السجن لخمس سنوات.

ـ تعديل الفصل 732 من المجلة التجارية في اتجاه إقرار الغلق الآلي للحسابات المالية الجارية المهجورة بعد ستة أشهر من آخر عملية تشابك.

كما أشار رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري إلى أن فكرة تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية ظهرت منذ سنوات لكنها لم تر النور، حيث فشل المجلس النيابي السابق في إيصالها إلى الجلسة العامة، ولكن المجلس الحالي منذ مباشرته لمهامه أدرجه ضمن أولوياته، وفي هذا الصدد تولت اللجنة بعد تنصيبها عقد سلسلة من الجلسات لدراسة مقترح تعديل الفصل المذكور انطلاقا من ورقة بيضاء واستمعت إلى جميع الأطراف، وتم التوصل إلى جملة من التوصيات يمكن تلخيصها في إرساء المنصة الكترونية وتسقيف الشيكات وإثارة الدعوى من طرف المستفيد والمسؤولية المصرفية وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتخفيف الأعباء على المتضررين وتسوية الوضعيات السابقة في إطار إصلاح يقوم على مقاربة اجتماعية واقتصادية.

وبين القوراري أن تلك المخرجات التي تم التوصل إليها من خلال النقاشات التي دارت صلب لجنة التشريع العام تجاوزت الفصل 411 إلى تقديم مقاربة شاملة لمعالجة أحكام الشيك، وقد تعهدت وزارة العدل بأخذها بعين الاعتبار عند صياغة مشروع القانون. ولاحظ رئيس اللجنة أن هذا المشروع تعطل كثيرا قبل وصوله إلى مجلس نواب الشعب، حيث ورد في صيغة أولى لم تحظ بقبول النواب أو بقبول رئيس الجمهورية، ثم وردت النسخة الثانية من المشروع وهي متممة للنسخة الأولى، وتلوت اللجنة ضم المشروعين في نص واحد.

وقال إنه بذلك تم استرجاع المشروع التوافقي في حدوده الدنيا، وانطلقت أعمال اللجنة منذ ورود مشروع القانون الثاني عليها بصفة مسترسلة وعملت طيلة 12 يوما بمعدل عشر ساعات وتم في بعض الأحيان رفع الجلسة على الساعة الثانية أو الثالثة فجرا، وكانت اللجنة تراهن على تمريره على الجلسة العامة قبل نهاية الدورة النيابية وعلى توسيع دائرة النقاش والاستشارة وإتاحة الفرصة لجميع النواب من داخل اللجنة وخارجها للإدلاء بتصوراتهم وتقديم مقترحاتهم، وأكد أن اللجنة استمعت إلى جميع الآراء اقتناعا منها بأنه لا بد من تقريب وجهات النظر بين النواب من ناحية وبين النواب وجهة المبادرة من ناحية أخرى وغايتها في ذلك هي المصلحة الوطنية الفضلى وحماية حقوق جميع الأطراف.

وذكر أنه يعتقد أن اللجنة نجحت في ضمان حد أدنى من التوافق المطلوب وقد تجسد ذلك من خلال تصويت بإجماع أعضائها الذين يمثلون جميع الكتل وغير المنتمين على جميع فصول المشروع وعلى المشروع برمته.

وخلال النقاش العام لمشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها طالب أغلب النواب بحذف العقوبة السجنية بصفة نهائية من الأحكام الواردة في المجلة التجارية المتعلقة بالشيك، ونبه العديد منهم إلى ضرورة احترام المواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس والتي تستوجب من المشرع ملاءمة النصوص القانونية الجاري بها العمل مع تلك الاتفاقيات ومنها بالخصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة ومعاهدة فيانا وفسروا أن الذمة المالية هي التي تضمن خلاص الدين وليس الجسد وبالتالي فإن العقوبة بالسجن لن تحل المشكل ولن تمكن من خلاص الشيكات.

أنصاف الحلول

النائب غير المنتمي إلى كتل شكري البحري أشار إلى أن مشروع القانون ملأ الدنيا وشغل الناس لأن هذا القانون ينتظره الجميع ويحلمون به أفرادا كانوا أو مجموعات أو عائلات أو مؤسسات، وذكر أنه كان يريد من هذا القانون أن يمثل ثورة تشريعية لفائدة شعب عانى من قوانين قديمة بالية وصادمة. وأضاف أنه بعد انتظار طويل لهذا المشروع يخشى الجميع ضياع فرصة البناء والقطع مع الماضي. ووصف مشروع القانون بأنه فرصة للإصلاح لكنه لا يريد أن تكون هذه الفرصة مهدورة لذلك لا بد من تلافي النقائص الموجودة فيه. ولاحظ البحري أن المشروع أفرغ من محتواه ومن أبرز السلبيات حسب رأيه المحافظة على التجريم والعقوبات السجنية وذكر أنه كان من الأفضل التخلي عن التجريم لأن العقوبة السجنية ليست حلا، ولأنها أثبتت عدم جدواها في الحد من الجريمة وأبرز دليل على ذلك أن عدد الملفات المنشورة لدى المحاكم سنة 2019 بلغ أقل من مائة ألف لكن العدد خلال سنة 2023 تجاوز 200 ألف ملف.

وأضاف أنه لا بد من ملاءمة القانون مع الاتفاقيات الدولية التي أمضت عليها تونس والقاضية بمنع العقوبة السالبة للحرية من أجل معاملات تعاقدية. وأشار إلى أن مشروع القانون في واد وخطاب رئيس الجمهورية في واد آخر وطالب بإطلاق سراح مساجين الشيكات دون رصيد. واعتبر الإجراءات المتبعة غير واقعية ودعا إلى تبسيطها ومنح المزيد من التسهيلات وذكر أن المشروع جاء لفائدة المهربين واللوبيات المالية والمتمعشين والعصابات، ولمقاومتها لا بد من إجراءات عملية واستثنائية وأهمها التنصيص على الفاتورة كمؤيد أساسي للشيك وضمان حق الدولة من خلال الحد من التهرب الجبائي والتجارة الموازية. وفسر أنه يجب التنصيص على قرينة مالية تجارية لكل المعاملات بالشيك وتساءل لماذا التردد والخوف من الفاتورة وذكر أن المشروع عبارة عن أنصاف حلول لا تجدي نفعا واستفسر عن سبب اعتماد سياسة المرحلية والبحث عن حلول وقتية وتساءل لماذا لم يقع الإنصات إلى الناس والشعور بمعاناتهم وخلص على أنه تم بلوغ حالة انفصام وانفصال كبيرة بين الحكومة والشعب ودعا المجلس النيابي إلى التفكير في معاناة المظلومين المنفيين المتغربين المنسيين والإحساس بوجع الأمهات والأطفال والعائلات التي فككتها المنظومة وخربتها والتفكير في التجار والمؤسسات الصغرى الذين أفلستهم المنظومة.. وقال انه يجب تذكر المثل الشعبي الذي يقول إنه لا يشعر بحرارة الجمر إلا من يدوس عليه. وطالب البحري بالنظر إلى المحرومين بعين الرحمة وبعث الأمل في نفوسهم.

ضحايا الشيك

أما لطفي الهمامي النائب عن كتلة الأمانة والعمل فبين أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المؤسسات التونسية تبرز وسائل الدفع المالي كمعضلة كبرى تكبل الاستثمار فهي تعتبر متخلفة مقارنة بما هو معمول به بعدد من الدول. وذكر أنه في وقت يتم التخلي فيه عن استعمال الشيكات وتجريدها من الصبغة الجنائية التي تحكمها في عدد كبير من الدول مازالت في تونس يوميا تحصد الضحايا. وذكر أن مسلّم الشيك كوسيلة ضمان ومتسلّمه مخطئان ويتعرضان لعقوبات لكن في تونس وللأسف تتم محاكمة صاحب الشيك دون متسلمه الذي يعد شريكا في الجريمة.

ولاحظ النائب أن أحكام الشيك في المجلة التجارية تعتبر تعسفية فهي لا تتماشى مع الواقع وخلفت ضحايا بالجملة والتفصيل وكبلت الاقتصاد وحكمت على آلاف الشركات بالإفلاس. واستحسن مبادرة رئيس الجمهورية بتنقيح هذه ، وأضاف أنه يرى الحل في إلغاء العقوبة السجنية بصفة كلية مع ضرورة الترفيع في قيمة الشيك المعتمد من 20 دينار إلى 300 دينار وذكر أنه يمكن استبدال العقوبة السجنية بعقوبة بديلة، والتقليص في قيمة خطايا الشيك، والعمل على ضمان تناسق شبكات الخلاص مع المعاملات التجارية حيث يتم تمكين التجار دون غيرهم من دفاتر شيكات وخلص إلى أن الالتزام الأخلاقي بتسديد الفواتير يبقى الأهم والأجدى لأن التجارة حسب رأيه أخلاق وثقة قبل أن تكون مستندات، وذكر أن احترام آجال الخلاص المنصوص عليها في الاتفاقيات والعقود أمر مقدس وغير قابل للتملص وبين أن الخسائر الناجمة عن التملص من الخلاص أكبر من عقوبة الشيك دون رصيد وأضاف أنه لا بد من تغيير العقليات قبل سن النصوص القانونية.

إصلاح شامل

النائبة نورة الشبراك عن الكتلة الوطنية المستقلة بينت أنه لا بد من التأكيد على أن مشاريع القوانين التي تحمل حلولا اقتصادية واجتماعية، ومن منطلق استراتجي بحت، لا بد أن تندرج ضمن رؤية إصلاحية شاملة نظرا للترابط والتقاطع بينها، ومن أبرز النصوص التشريعية توجد مجلة الاستثمار ومجلة الصرف. وأضافت أنه لا يخفى على أحد ما تعانيه المؤسسات من صعوبات وبينت أنه لا بد من حلول تشريعية تتلاءم مع واقع الاقتصاد التونسي، وذكرت أن المؤسسات تعاني أيضا من صعوبات مرتبطة بالنظام الجبائي الذي تقتضي بعض أحكامه مراجعة لإضفاء المرونة، ومنها صعوبة إرجاع الديون المتخلدة بذمة الدولة لفائدة المؤسسات والمترتبة عن الفوارق في نسب الأداء على القيمة المضافة والتي قد تفوق أحيانا مبالغ الأداءات المستوجبة لفائدة الدولة.

وفي علاقة بالمنصة الالكترونية التي تم التنصيص عليها في مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، بينت النائبة نورة الشبراك أن الصيغة الأصلية لمشروع القانون نصت في الفصل 410 جديد على إحداث منصة رقمية موحدة دون تحديد الجهة المسؤولة عن إحداثها، ولتلافي هذا الفراغ عدلت لجنة التشريع العام هذا الفصل وأسندت اختصاص إحداث المنصة للبنك المركزي، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن الضمانات الكفيلة بتلافي التأخير في إحداث المنصة الرقمية وتفعيلها في غياب تحديد سقف زمني وعدم ارتباط هذا الإجراء بدخول القانون حيز النفاذ.

وبينت النائبة أن الفئة الاقتصادية التي حافظت على الثقة في التعامل بالشيك يمكن اعتماد سياسة المراحل معها من خلال إسنادها اعتمادات احتياطية طيلة الفترة الانتقالية قبل دخول القانون حيز النفاذ.

المطالبة بالتشغيل

أشار النائب محمد شعباني عن كتلة لينتصر الشعب إلى أن هذا المشروع سيكون منطلقا للنهوض بالاقتصاد، لكن ما استفزه هو طلب استعجال النظر فيه وبين أنه كان حري بالمجلس النيابي استعجال النظر في مقترح القانون المتعلق بتشغيل أصحاب الشهادات العليا الذين تجاوز سنهم 40 . وأضاف أنه يريد أن يذكّر الجميع بأن المسار الجديد منطلقه هو ثورة 17 ديسمبر التي رفع فيها الشباب شعار "شغل حرية كرامة وطنية" ورفع فيها الشعب شعار عدالة اجتماعية وعدالة جبائية لكن إلى حد الآن لم تقع الاستجابة إلى المطالب الأساسية للشعب رغم المجهودات التي تم بذلها. وتساءل النائب هل يعقل بعد ثورة 17 ديسمبر وفي مسار 25 جويلية أن تقع محاكمة شباب معطل وتغريمه بخطيرة قدرها ست مائة دينار لأنه نفذ اعتصاما سلميا وطالب الحكومة بالانكباب على ملف التشغيل وقال إنه لا بد لمن يمسك بزمام الأمور أن يطرح برامج واضحة.

تقوية الكمبيالة

أما النائب عن كتلة الأحرار يسري البواب فأشار إلى أن هذا المشروع ورد فيه طلب استعجال نظر وتضمن فصلا يشير إلى دخول القانون الجديد حيز التنفيذ في غضون ستة أشهر، وبالتالي كان حري بالمجلس النيابي مزيد التمعن في دراسة المشروع. وذكر أن اللجنة صدمت في بداية الأمر عندما تم تقديم مشروع تناول الفصل 411 من المجلة التجارية فحسب ثم تولى رئيس الجمهورية تدارك الأمر وتقديم مشروع قانون ثان تعلق بتنقيح عدة أحكام من المجلة التجارية، وعبر النائب عن أمله في أن يكون القانون الجديد شاملا، ولاحظ أنه تم إصلاح ورقة تجارية يقوم عليها الاقتصاد التونسي، فهناك من يقول إن خمسة وأربعين بالمائة من الاقتصاد الوطني يقوم على الشيكات ولكنه يعتقد أن النسبة الصحيحة أكبر بكثير وهي حسب رأيه تتراوح بين سبعين وثمانين بالمائة، وذكر أنه كان يتمنى لو تمت تقوية الكمبيالة والاستعداد الأمثل لإنفاذ الأحكام الجديدة المتعلقة بالشيك. لأن هناك من يعتمدون الشيك كوسيلة ضمان.. وأضاف النائب أنه في صورة تقديم عشر شيكات بملغ خمسة آلاف دينار لكل شيك لمستفيدين مختلفين فإن البنك في هذه الحالة مجبر على دفع خمسين ألف دينار.

وتساءل النائب عن وضعية الشيكات القديمة المتداولة قبل صدور القانون الجديد وكيف سيتم التعاطي معها خلال الفترة الانتقالية، وهل ستبقى سارية المفعول وما هي البدائل..

تعرض المؤسسات لصعوبات

أما النائب غير المنتمي إلى كتل صالح الصيادي فبين أن جريمة إصدار شيك دون رصيد لها تداعيات اجتماعية واقتصادية على العديد من الأطراف وخاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وصغار الحرفيين، وبين أنه لا بد من التذكير بأن الاقتصاد الوطني شهد خلال السنوات الأخيرة صعوبات كبيرة مردها محدودية الإمكانيات المالية للدولة والأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد واندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية بما أثر سلبيا وبصفة مباشرة على الأسواق العالمية ,وأدت هذه الأوضاع حسب قوله إلى صعوبات مالية للمؤسسات الاقتصادية خاصة الصغرى منها والمتوسطة، ولاحظ النائب أنه إيمانا من النواب بمسؤولياتهم الوطنية، فقد رأوا أنه لا بد من مراجعة بعض أحكام المجلة التجارية قصد المساهمة في إرساء العدل عبر سن تشريعات جديدة تنصف المظلوم وتقطع نهائيا مع نظام قانوني للشيك غير المتوازن وغير العادل. وذكر أنه يعرف جيدا أن الضغط غالبا ما يولد الأخطاء وأنه لاحظ ضغوطات كبيرة بالمحاكم جراء كثرة الملفات وقلة عدد الأعوان فمحكمة المنستير على سبيل الذكر تتصدر المرتبة الثانية بعد محكمة تونس من حيث عدد الملفات وهو ما يتطلب إنشاء محكمة ثانية في هذه الجهة كما يجب حسب قوله مراجعة تشريعات أخرى مثل مجلة الاستثمار ومجلة الصرف حتى يشعر المواطن أنه يعيش في دولة اجتماعية، وطالب النائب بتوفير الماء بخنيس حتى يتمكن المواطن من السباحة في الماء وليس في العرق.

سعيدة بوهلال

............

وزيرة العدل:

عدد الموقوفين بالسجون بسبب شيكات دون رصيد 542 فقط

تونس- الصباح

قبل المرور للتصويت على مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وتعقيبا على الأسئلة التي طرحها عليها النواب أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بقصر باردو، قالت وزيرة العدل ليلى جفال إن عدد الموقوفين بالسجن بسبب شيكات دون رصيد بلغ يوم 29 جويلية الجاري 542 موقوفا فقط، منهم 324 محكوما و218 موقوفا، وكان عدد الموقوفين في شهر أفريل في حدود 538 موقوفا في السجن، وفندت جفال الأرقام التي تداولها البعض ومنها سبعة آلاف موقوف في السجون التونسية على خلفية إصدارهم شيكات دون رصيد وقالت إن تلك الأرقام عارية من الصحة.

وأضافت لدى حديثها عن مشروع القانون أن هذا المشروع راعى المصلحة العليا للبلاد وكذلك مصلحة المواطن، وذلك بقطع النظر عن المصالح القطاعية والفئوية التي تمحورت حولها بعض الأسئلة التي تم طرحها من قبل النواب وأضافت أنه تمت مراعاة مطالب الشعب وذكرت أن الشعب لم يناد كله بإلغاء تجريم الشيك بل يريد دراسة التجريم على قواعد صحيحة وذكرت أنه تم الحرص عند إعداد المشروع على الموازنة بين حق الدائن وحرية المدين وهو مشروع فيه رؤية شاملة للمعاملات بالشيك ومن خلاله كانت هناك محاولة لمعالجة بعض المشاكل التي تطرح صعوبات كبيرة للمتعاملين بالشيكات، وتم اعتماد منظومة تقوم على تسوية الوضعيات السابقة، حيث لوحظ وجود مشكل في علاقة بتلك الوضعيات سواء من هم في حالة فرار أو من هم في السجون.

كما تم حسب قولها محاولة معالجة المشاكل ذات العلاقة بالممارسات المصرفية وتحسين تلك المعاملات.

وبينت وزيرة العدل أن هناك من النواب من تساءلوا لماذا تم في البداية تقديم مشروع قانون تضمن الفصل 411 فقط والحال انه كان هناك إلحاح من قبل جل النواب على تعديل هذا الفصل لذلك تم إرسال المشروع المذكور، وأكدت الوزارة لديها رؤية شاملة لمعالجة العديد من الأحكام الواردة في المجلة التجارية وليس الفصل 411 فحسب ونفت جفال تمرير مشروع القانون الأول المتعلق بتنقيح الفصل 411 دون علم رئيس الجمهورية وقالت إن رئيس الجمهورية هو من أحال ذلك المشروع على مجلس نواب الشعب وهو موافق عليه ولم يكن هناك خلاف مع رئيس الجمهورية. وفسرت أن هذا المشروع تم الاشتغال عليه بناء على إحصائيات وتحليل لتلك الإحصائيات. وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بإلغاء تجريم المعاملات بالشيكات، بينت أنه من السهل جدا إلغاء التجريم ولكن هذا لا يحل المشكل بل لا بد من رؤية شاملة وإصلاح كامل لمنظومة التعامل بالشيكات. وأضافت أنها لا ترى أن هناك مشكلة في تمرير مشروع تضمن الفصل 411 ليتم لاحقا إرسال مشروع آخر تضمن تنقيح فصول أخرى من المجلة التجارية وإتمامها. وقالت إن النواب الذين تساءلوا إن كان قد تم تمرير المشروع الأول بعلم من رئيس الجمهورية مازالوا يعملون في إطار دستور 2014 لكن دستور 2022 مختلف وينص على أن مشاريع القوانين يحيلها رئيس الجمهورية. وذكرت أنه تم لاحقا إرسال نص متكامل وتم إدخال تعديلات عليه من قبل لجنة التشريع العام. ولاحظت أن تقرير اللجنة استوفى النقاط التي جاء بها مشروع القانون ولا فائدة من تكرار الحديث عنها.

الصلح بالوساطة

وقالت الوزيرة ليلى جفال إن هناك من النواب من تساءلوا عن الصلح بالوساطة ولماذا يتم أمام النيابة العمومية وليس أمام عدول التنفيذ، وهي تجيب بأنه عند التنصيص على الصلح بالوساطة فذلك لأن المحكمة لا تقضي بالصلح بالواسطة. وفسرت أن اعتماد الصلح بالواسطة أمام النيابة العمومية كان الهدف منه حل المشكل نهائيا، ولكن وفي صورة عدم الخلاص يتم استئناف التتبعات وذلك بطلب من المستفيد. وذكرت أن الخيار على التنصيص على الحجة العادلة التي يحررها عدل إشهاد ويقع إكساؤها بالصبغة التنفيذية مرده أن الحجة العادلة لها قيمة قانونية وبالتالي فهي تختلف عن الكتب الخطي.

وتعقيبا عن سؤال آخر حول سبب عدم ربط الشيك بالفاتورة بينت وزيرة العدل ليلى جفال أن الشيك لديه نظام قانوني خاص به فهو أداة دفع حينية وهو ليس كمبيالة وأضافت أنه يجب المحافظة على الطبيعة القانونية للشيك. وفسرت أن الفاتورة لا يمكن اعتمادها في النظام القانوني للشيك وإنما يتم اعتمادها في الكمبيالة.

التجريم ليس بدعة

وبخصوص مخالفة تجريم الشيك دون رصيد للمعاهدات الدولية، قالت وزيرة العدل ليلى جفال انه لا توجد مخالفة للمعاهدات الدولية لأن جريمة الشيك دون رصيد هي جريمة تحيل كما أن تونس ليست وحدها من جرمت الشيك دون رصيد فالقانون المغربي والقانون الجزائري والقانون الأمريكي والقانون الكندي والقانون البلجيكي جميعها جرمت إصدار الشيك دون رصيد واعتمدت عقوبات سجنية بالتالي فإن القانون التونسي ليس بدعة، وأضافت أنه بناء على مشروع القانون المعروض أمس على الجلسة العامة لم يقع تجريم الشيك الذي يقل عن خمسة آلاف دينار وفي المقابل تم تجريم الشيك الذي يفوق خمسة آلاف دينار. وذكرت أنه تم الاختيار على هذا التصور بناء على إحصائيات مفادها أن 83 بالمائة من الشيكات مبالغها دون خمسة آلاف دينار.

وقالت الوزيرة ليلى جفال إنه بالنسبة إلى المحكومين في جرائم الشيكات الذين هم في حالة فرار أو في حالة عدم فرار يبلغ سنويا معدل مائة ألف، وأضافت أن النفاذ العاجل عادة ما يكون في علاقة بمبالغ مرتفعة وأكدت أن الأرقام التي قدمتها وزارة العدل مضوبطة وواضحة. وبينت أنه لا بد من التفريق بين العفو الخاص الذي يصدره رئيس الجمهورية والسراح الشرطي الذي يصدره وزير العدل وذكرت أن رئيس الجمهورية منح مؤخرا عفوا خاصا لمرتكبي جرائم التدوينات على فيسبوك ولاحظت أن العفو يكون فيه إسقاط للعقوبة أو حط منها وبالتالي يمكن أن يتمتع أحدهم بالعفو لكن لا يقع إطلاق سراحه لأن العفو تمثل في الحط من العقوبة. وأشارت إلى أن من تمتعوا بالسراح الشرطي البالغ عددهم 1462 جميعهم غادروا السجون أما من تمتعوا بالعفو فهناك مجموعة تم إطلاق سراحهم وهناك مجموعة أخرى تم الحط من عقوباتهم ومازالوا في السجن.

بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في نقاش مشروع القانون المتعلق بتنقيح المجلة التجارية..   نواب طالبوا بإلغاء العقوبات السجنية في جرائم الشيك دون رصيد بصفة نهائية

 

تونس- الصباح

ناقش مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو بحضور وزيرة العدل ليلى جفال مشروع القانون المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها. وقبل تلاوة تقرير لجنة التشريع العام الوارد في 78 صفحة من قبل مقرر اللجنة النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة ظافر الصغيري والنائبة غير المنتمية على كتل بسمة الهمامي، استعرض رئيس اللجنة والنائب عن كتلة الخط الوطني السيادي ياسر القوراري أهم النقاط التي تضمنها المشروع في صيغته المعدلة المعروضة على أنظار الجلسة العامة وهي كالآتي:

ـ إقرار مجانية المنصة الرقمية الموحدة الخاصة بمعاملات الشيك، ووجوبية انخراط البنوك فيها، ودخول هذه المنصة حيز النفاذ في أجل ستة أشهر، وسداد البنوك التي لم تنخرط في المنصة لمبالغ الشيكات التي يقل مبلغها عن خمسة آلاف دينار، معاقبة البنوك التي لا تنخرط في المنصة بخطايا مالية تخصم من أرباحها وفي صورة العود يتضاعف مبلغ الخطية.

ـ تحميل البنوك مسؤولية، تحديد الملاءة المالية للحرفاء قبل تسليم صيغ شيكات لتجنب إصدار شيكات دون رصيد، وتسقيف الشيكات حسب الملاءمة المالية لكل حريف.

ـ رفع التجريم عن المبالغ المضمنة بالشيكات التي تقل قيمتها عن خمسة آلاف دينار والتي تمثل 83 بالمائة من حالات الشيك دون رصيد.

ـ إلزام البنوك بتخصيص 8 بالمائة من أرباحها السنوية لفائدة الأفراد والمؤسسات الصغرى والمتوسطة تسند في شكل قروض شرف أي قروض دون ضمانات ودون فوائض، وبالنظر إلى حجم الأرباح التي حققتها البنوك سنة 2022 سيتم تخصيص نحو مائة مليون دينار للغرض، مع التنصيص على وجوبية صرف هذا الاعتماد سنويا وهو مكسب ثوري حسب وصف القوراري.

ـ إقرار النزول بالعقوبة السجنية المنصوص عليها بالفصل 411 من خمس سنوات إلى سنتين مع اعتماد ضم العقوبات، واعتماد صيغ تخفيف منها .

ـ إقرار إثارة التتبعات من قبل المستفيد.

ـ إقرار التخلي عن الإشعارات البنكية وإعلامات عدول التنفيذ والاقتصار على الإعلام الإلكتروني عبر المنصة الرقمية.

ـ تسوية وضعيات المشمولين بجرائم الشيك دون رصيد من خلال وضع آليات تسوية بما يتيح لجميع المعنيين بالشيك دون رصيد الاستفادة من الصلح.

ـ توسيع مدة الاستفادة من فرصة التسوية من سنتين إلى ثلاث سنوات مع إضافة فترة إمهال بسنة إضافية.

ـ بالنسبة إلى من تجاوز سنهم 60 سيتم الاكتفاء بالمدة التي قضوها بالسجن مع حفظ حقوق الدائنين.

ـ تجريم الإقراض باستعمال الشيك وإقرار عقوبة مشددة تتمثل في السجن لخمس سنوات.

ـ تعديل الفصل 732 من المجلة التجارية في اتجاه إقرار الغلق الآلي للحسابات المالية الجارية المهجورة بعد ستة أشهر من آخر عملية تشابك.

كما أشار رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري إلى أن فكرة تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية ظهرت منذ سنوات لكنها لم تر النور، حيث فشل المجلس النيابي السابق في إيصالها إلى الجلسة العامة، ولكن المجلس الحالي منذ مباشرته لمهامه أدرجه ضمن أولوياته، وفي هذا الصدد تولت اللجنة بعد تنصيبها عقد سلسلة من الجلسات لدراسة مقترح تعديل الفصل المذكور انطلاقا من ورقة بيضاء واستمعت إلى جميع الأطراف، وتم التوصل إلى جملة من التوصيات يمكن تلخيصها في إرساء المنصة الكترونية وتسقيف الشيكات وإثارة الدعوى من طرف المستفيد والمسؤولية المصرفية وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتخفيف الأعباء على المتضررين وتسوية الوضعيات السابقة في إطار إصلاح يقوم على مقاربة اجتماعية واقتصادية.

وبين القوراري أن تلك المخرجات التي تم التوصل إليها من خلال النقاشات التي دارت صلب لجنة التشريع العام تجاوزت الفصل 411 إلى تقديم مقاربة شاملة لمعالجة أحكام الشيك، وقد تعهدت وزارة العدل بأخذها بعين الاعتبار عند صياغة مشروع القانون. ولاحظ رئيس اللجنة أن هذا المشروع تعطل كثيرا قبل وصوله إلى مجلس نواب الشعب، حيث ورد في صيغة أولى لم تحظ بقبول النواب أو بقبول رئيس الجمهورية، ثم وردت النسخة الثانية من المشروع وهي متممة للنسخة الأولى، وتلوت اللجنة ضم المشروعين في نص واحد.

وقال إنه بذلك تم استرجاع المشروع التوافقي في حدوده الدنيا، وانطلقت أعمال اللجنة منذ ورود مشروع القانون الثاني عليها بصفة مسترسلة وعملت طيلة 12 يوما بمعدل عشر ساعات وتم في بعض الأحيان رفع الجلسة على الساعة الثانية أو الثالثة فجرا، وكانت اللجنة تراهن على تمريره على الجلسة العامة قبل نهاية الدورة النيابية وعلى توسيع دائرة النقاش والاستشارة وإتاحة الفرصة لجميع النواب من داخل اللجنة وخارجها للإدلاء بتصوراتهم وتقديم مقترحاتهم، وأكد أن اللجنة استمعت إلى جميع الآراء اقتناعا منها بأنه لا بد من تقريب وجهات النظر بين النواب من ناحية وبين النواب وجهة المبادرة من ناحية أخرى وغايتها في ذلك هي المصلحة الوطنية الفضلى وحماية حقوق جميع الأطراف.

وذكر أنه يعتقد أن اللجنة نجحت في ضمان حد أدنى من التوافق المطلوب وقد تجسد ذلك من خلال تصويت بإجماع أعضائها الذين يمثلون جميع الكتل وغير المنتمين على جميع فصول المشروع وعلى المشروع برمته.

وخلال النقاش العام لمشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها طالب أغلب النواب بحذف العقوبة السجنية بصفة نهائية من الأحكام الواردة في المجلة التجارية المتعلقة بالشيك، ونبه العديد منهم إلى ضرورة احترام المواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس والتي تستوجب من المشرع ملاءمة النصوص القانونية الجاري بها العمل مع تلك الاتفاقيات ومنها بالخصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة ومعاهدة فيانا وفسروا أن الذمة المالية هي التي تضمن خلاص الدين وليس الجسد وبالتالي فإن العقوبة بالسجن لن تحل المشكل ولن تمكن من خلاص الشيكات.

أنصاف الحلول

النائب غير المنتمي إلى كتل شكري البحري أشار إلى أن مشروع القانون ملأ الدنيا وشغل الناس لأن هذا القانون ينتظره الجميع ويحلمون به أفرادا كانوا أو مجموعات أو عائلات أو مؤسسات، وذكر أنه كان يريد من هذا القانون أن يمثل ثورة تشريعية لفائدة شعب عانى من قوانين قديمة بالية وصادمة. وأضاف أنه بعد انتظار طويل لهذا المشروع يخشى الجميع ضياع فرصة البناء والقطع مع الماضي. ووصف مشروع القانون بأنه فرصة للإصلاح لكنه لا يريد أن تكون هذه الفرصة مهدورة لذلك لا بد من تلافي النقائص الموجودة فيه. ولاحظ البحري أن المشروع أفرغ من محتواه ومن أبرز السلبيات حسب رأيه المحافظة على التجريم والعقوبات السجنية وذكر أنه كان من الأفضل التخلي عن التجريم لأن العقوبة السجنية ليست حلا، ولأنها أثبتت عدم جدواها في الحد من الجريمة وأبرز دليل على ذلك أن عدد الملفات المنشورة لدى المحاكم سنة 2019 بلغ أقل من مائة ألف لكن العدد خلال سنة 2023 تجاوز 200 ألف ملف.

وأضاف أنه لا بد من ملاءمة القانون مع الاتفاقيات الدولية التي أمضت عليها تونس والقاضية بمنع العقوبة السالبة للحرية من أجل معاملات تعاقدية. وأشار إلى أن مشروع القانون في واد وخطاب رئيس الجمهورية في واد آخر وطالب بإطلاق سراح مساجين الشيكات دون رصيد. واعتبر الإجراءات المتبعة غير واقعية ودعا إلى تبسيطها ومنح المزيد من التسهيلات وذكر أن المشروع جاء لفائدة المهربين واللوبيات المالية والمتمعشين والعصابات، ولمقاومتها لا بد من إجراءات عملية واستثنائية وأهمها التنصيص على الفاتورة كمؤيد أساسي للشيك وضمان حق الدولة من خلال الحد من التهرب الجبائي والتجارة الموازية. وفسر أنه يجب التنصيص على قرينة مالية تجارية لكل المعاملات بالشيك وتساءل لماذا التردد والخوف من الفاتورة وذكر أن المشروع عبارة عن أنصاف حلول لا تجدي نفعا واستفسر عن سبب اعتماد سياسة المرحلية والبحث عن حلول وقتية وتساءل لماذا لم يقع الإنصات إلى الناس والشعور بمعاناتهم وخلص على أنه تم بلوغ حالة انفصام وانفصال كبيرة بين الحكومة والشعب ودعا المجلس النيابي إلى التفكير في معاناة المظلومين المنفيين المتغربين المنسيين والإحساس بوجع الأمهات والأطفال والعائلات التي فككتها المنظومة وخربتها والتفكير في التجار والمؤسسات الصغرى الذين أفلستهم المنظومة.. وقال انه يجب تذكر المثل الشعبي الذي يقول إنه لا يشعر بحرارة الجمر إلا من يدوس عليه. وطالب البحري بالنظر إلى المحرومين بعين الرحمة وبعث الأمل في نفوسهم.

ضحايا الشيك

أما لطفي الهمامي النائب عن كتلة الأمانة والعمل فبين أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المؤسسات التونسية تبرز وسائل الدفع المالي كمعضلة كبرى تكبل الاستثمار فهي تعتبر متخلفة مقارنة بما هو معمول به بعدد من الدول. وذكر أنه في وقت يتم التخلي فيه عن استعمال الشيكات وتجريدها من الصبغة الجنائية التي تحكمها في عدد كبير من الدول مازالت في تونس يوميا تحصد الضحايا. وذكر أن مسلّم الشيك كوسيلة ضمان ومتسلّمه مخطئان ويتعرضان لعقوبات لكن في تونس وللأسف تتم محاكمة صاحب الشيك دون متسلمه الذي يعد شريكا في الجريمة.

ولاحظ النائب أن أحكام الشيك في المجلة التجارية تعتبر تعسفية فهي لا تتماشى مع الواقع وخلفت ضحايا بالجملة والتفصيل وكبلت الاقتصاد وحكمت على آلاف الشركات بالإفلاس. واستحسن مبادرة رئيس الجمهورية بتنقيح هذه ، وأضاف أنه يرى الحل في إلغاء العقوبة السجنية بصفة كلية مع ضرورة الترفيع في قيمة الشيك المعتمد من 20 دينار إلى 300 دينار وذكر أنه يمكن استبدال العقوبة السجنية بعقوبة بديلة، والتقليص في قيمة خطايا الشيك، والعمل على ضمان تناسق شبكات الخلاص مع المعاملات التجارية حيث يتم تمكين التجار دون غيرهم من دفاتر شيكات وخلص إلى أن الالتزام الأخلاقي بتسديد الفواتير يبقى الأهم والأجدى لأن التجارة حسب رأيه أخلاق وثقة قبل أن تكون مستندات، وذكر أن احترام آجال الخلاص المنصوص عليها في الاتفاقيات والعقود أمر مقدس وغير قابل للتملص وبين أن الخسائر الناجمة عن التملص من الخلاص أكبر من عقوبة الشيك دون رصيد وأضاف أنه لا بد من تغيير العقليات قبل سن النصوص القانونية.

إصلاح شامل

النائبة نورة الشبراك عن الكتلة الوطنية المستقلة بينت أنه لا بد من التأكيد على أن مشاريع القوانين التي تحمل حلولا اقتصادية واجتماعية، ومن منطلق استراتجي بحت، لا بد أن تندرج ضمن رؤية إصلاحية شاملة نظرا للترابط والتقاطع بينها، ومن أبرز النصوص التشريعية توجد مجلة الاستثمار ومجلة الصرف. وأضافت أنه لا يخفى على أحد ما تعانيه المؤسسات من صعوبات وبينت أنه لا بد من حلول تشريعية تتلاءم مع واقع الاقتصاد التونسي، وذكرت أن المؤسسات تعاني أيضا من صعوبات مرتبطة بالنظام الجبائي الذي تقتضي بعض أحكامه مراجعة لإضفاء المرونة، ومنها صعوبة إرجاع الديون المتخلدة بذمة الدولة لفائدة المؤسسات والمترتبة عن الفوارق في نسب الأداء على القيمة المضافة والتي قد تفوق أحيانا مبالغ الأداءات المستوجبة لفائدة الدولة.

وفي علاقة بالمنصة الالكترونية التي تم التنصيص عليها في مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، بينت النائبة نورة الشبراك أن الصيغة الأصلية لمشروع القانون نصت في الفصل 410 جديد على إحداث منصة رقمية موحدة دون تحديد الجهة المسؤولة عن إحداثها، ولتلافي هذا الفراغ عدلت لجنة التشريع العام هذا الفصل وأسندت اختصاص إحداث المنصة للبنك المركزي، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن الضمانات الكفيلة بتلافي التأخير في إحداث المنصة الرقمية وتفعيلها في غياب تحديد سقف زمني وعدم ارتباط هذا الإجراء بدخول القانون حيز النفاذ.

وبينت النائبة أن الفئة الاقتصادية التي حافظت على الثقة في التعامل بالشيك يمكن اعتماد سياسة المراحل معها من خلال إسنادها اعتمادات احتياطية طيلة الفترة الانتقالية قبل دخول القانون حيز النفاذ.

المطالبة بالتشغيل

أشار النائب محمد شعباني عن كتلة لينتصر الشعب إلى أن هذا المشروع سيكون منطلقا للنهوض بالاقتصاد، لكن ما استفزه هو طلب استعجال النظر فيه وبين أنه كان حري بالمجلس النيابي استعجال النظر في مقترح القانون المتعلق بتشغيل أصحاب الشهادات العليا الذين تجاوز سنهم 40 . وأضاف أنه يريد أن يذكّر الجميع بأن المسار الجديد منطلقه هو ثورة 17 ديسمبر التي رفع فيها الشباب شعار "شغل حرية كرامة وطنية" ورفع فيها الشعب شعار عدالة اجتماعية وعدالة جبائية لكن إلى حد الآن لم تقع الاستجابة إلى المطالب الأساسية للشعب رغم المجهودات التي تم بذلها. وتساءل النائب هل يعقل بعد ثورة 17 ديسمبر وفي مسار 25 جويلية أن تقع محاكمة شباب معطل وتغريمه بخطيرة قدرها ست مائة دينار لأنه نفذ اعتصاما سلميا وطالب الحكومة بالانكباب على ملف التشغيل وقال إنه لا بد لمن يمسك بزمام الأمور أن يطرح برامج واضحة.

تقوية الكمبيالة

أما النائب عن كتلة الأحرار يسري البواب فأشار إلى أن هذا المشروع ورد فيه طلب استعجال نظر وتضمن فصلا يشير إلى دخول القانون الجديد حيز التنفيذ في غضون ستة أشهر، وبالتالي كان حري بالمجلس النيابي مزيد التمعن في دراسة المشروع. وذكر أن اللجنة صدمت في بداية الأمر عندما تم تقديم مشروع تناول الفصل 411 من المجلة التجارية فحسب ثم تولى رئيس الجمهورية تدارك الأمر وتقديم مشروع قانون ثان تعلق بتنقيح عدة أحكام من المجلة التجارية، وعبر النائب عن أمله في أن يكون القانون الجديد شاملا، ولاحظ أنه تم إصلاح ورقة تجارية يقوم عليها الاقتصاد التونسي، فهناك من يقول إن خمسة وأربعين بالمائة من الاقتصاد الوطني يقوم على الشيكات ولكنه يعتقد أن النسبة الصحيحة أكبر بكثير وهي حسب رأيه تتراوح بين سبعين وثمانين بالمائة، وذكر أنه كان يتمنى لو تمت تقوية الكمبيالة والاستعداد الأمثل لإنفاذ الأحكام الجديدة المتعلقة بالشيك. لأن هناك من يعتمدون الشيك كوسيلة ضمان.. وأضاف النائب أنه في صورة تقديم عشر شيكات بملغ خمسة آلاف دينار لكل شيك لمستفيدين مختلفين فإن البنك في هذه الحالة مجبر على دفع خمسين ألف دينار.

وتساءل النائب عن وضعية الشيكات القديمة المتداولة قبل صدور القانون الجديد وكيف سيتم التعاطي معها خلال الفترة الانتقالية، وهل ستبقى سارية المفعول وما هي البدائل..

تعرض المؤسسات لصعوبات

أما النائب غير المنتمي إلى كتل صالح الصيادي فبين أن جريمة إصدار شيك دون رصيد لها تداعيات اجتماعية واقتصادية على العديد من الأطراف وخاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وصغار الحرفيين، وبين أنه لا بد من التذكير بأن الاقتصاد الوطني شهد خلال السنوات الأخيرة صعوبات كبيرة مردها محدودية الإمكانيات المالية للدولة والأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد واندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية بما أثر سلبيا وبصفة مباشرة على الأسواق العالمية ,وأدت هذه الأوضاع حسب قوله إلى صعوبات مالية للمؤسسات الاقتصادية خاصة الصغرى منها والمتوسطة، ولاحظ النائب أنه إيمانا من النواب بمسؤولياتهم الوطنية، فقد رأوا أنه لا بد من مراجعة بعض أحكام المجلة التجارية قصد المساهمة في إرساء العدل عبر سن تشريعات جديدة تنصف المظلوم وتقطع نهائيا مع نظام قانوني للشيك غير المتوازن وغير العادل. وذكر أنه يعرف جيدا أن الضغط غالبا ما يولد الأخطاء وأنه لاحظ ضغوطات كبيرة بالمحاكم جراء كثرة الملفات وقلة عدد الأعوان فمحكمة المنستير على سبيل الذكر تتصدر المرتبة الثانية بعد محكمة تونس من حيث عدد الملفات وهو ما يتطلب إنشاء محكمة ثانية في هذه الجهة كما يجب حسب قوله مراجعة تشريعات أخرى مثل مجلة الاستثمار ومجلة الصرف حتى يشعر المواطن أنه يعيش في دولة اجتماعية، وطالب النائب بتوفير الماء بخنيس حتى يتمكن المواطن من السباحة في الماء وليس في العرق.

سعيدة بوهلال

............

وزيرة العدل:

عدد الموقوفين بالسجون بسبب شيكات دون رصيد 542 فقط

تونس- الصباح

قبل المرور للتصويت على مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وتعقيبا على الأسئلة التي طرحها عليها النواب أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بقصر باردو، قالت وزيرة العدل ليلى جفال إن عدد الموقوفين بالسجن بسبب شيكات دون رصيد بلغ يوم 29 جويلية الجاري 542 موقوفا فقط، منهم 324 محكوما و218 موقوفا، وكان عدد الموقوفين في شهر أفريل في حدود 538 موقوفا في السجن، وفندت جفال الأرقام التي تداولها البعض ومنها سبعة آلاف موقوف في السجون التونسية على خلفية إصدارهم شيكات دون رصيد وقالت إن تلك الأرقام عارية من الصحة.

وأضافت لدى حديثها عن مشروع القانون أن هذا المشروع راعى المصلحة العليا للبلاد وكذلك مصلحة المواطن، وذلك بقطع النظر عن المصالح القطاعية والفئوية التي تمحورت حولها بعض الأسئلة التي تم طرحها من قبل النواب وأضافت أنه تمت مراعاة مطالب الشعب وذكرت أن الشعب لم يناد كله بإلغاء تجريم الشيك بل يريد دراسة التجريم على قواعد صحيحة وذكرت أنه تم الحرص عند إعداد المشروع على الموازنة بين حق الدائن وحرية المدين وهو مشروع فيه رؤية شاملة للمعاملات بالشيك ومن خلاله كانت هناك محاولة لمعالجة بعض المشاكل التي تطرح صعوبات كبيرة للمتعاملين بالشيكات، وتم اعتماد منظومة تقوم على تسوية الوضعيات السابقة، حيث لوحظ وجود مشكل في علاقة بتلك الوضعيات سواء من هم في حالة فرار أو من هم في السجون.

كما تم حسب قولها محاولة معالجة المشاكل ذات العلاقة بالممارسات المصرفية وتحسين تلك المعاملات.

وبينت وزيرة العدل أن هناك من النواب من تساءلوا لماذا تم في البداية تقديم مشروع قانون تضمن الفصل 411 فقط والحال انه كان هناك إلحاح من قبل جل النواب على تعديل هذا الفصل لذلك تم إرسال المشروع المذكور، وأكدت الوزارة لديها رؤية شاملة لمعالجة العديد من الأحكام الواردة في المجلة التجارية وليس الفصل 411 فحسب ونفت جفال تمرير مشروع القانون الأول المتعلق بتنقيح الفصل 411 دون علم رئيس الجمهورية وقالت إن رئيس الجمهورية هو من أحال ذلك المشروع على مجلس نواب الشعب وهو موافق عليه ولم يكن هناك خلاف مع رئيس الجمهورية. وفسرت أن هذا المشروع تم الاشتغال عليه بناء على إحصائيات وتحليل لتلك الإحصائيات. وتعقيبا على النواب الذين طالبوا بإلغاء تجريم المعاملات بالشيكات، بينت أنه من السهل جدا إلغاء التجريم ولكن هذا لا يحل المشكل بل لا بد من رؤية شاملة وإصلاح كامل لمنظومة التعامل بالشيكات. وأضافت أنها لا ترى أن هناك مشكلة في تمرير مشروع تضمن الفصل 411 ليتم لاحقا إرسال مشروع آخر تضمن تنقيح فصول أخرى من المجلة التجارية وإتمامها. وقالت إن النواب الذين تساءلوا إن كان قد تم تمرير المشروع الأول بعلم من رئيس الجمهورية مازالوا يعملون في إطار دستور 2014 لكن دستور 2022 مختلف وينص على أن مشاريع القوانين يحيلها رئيس الجمهورية. وذكرت أنه تم لاحقا إرسال نص متكامل وتم إدخال تعديلات عليه من قبل لجنة التشريع العام. ولاحظت أن تقرير اللجنة استوفى النقاط التي جاء بها مشروع القانون ولا فائدة من تكرار الحديث عنها.

الصلح بالوساطة

وقالت الوزيرة ليلى جفال إن هناك من النواب من تساءلوا عن الصلح بالوساطة ولماذا يتم أمام النيابة العمومية وليس أمام عدول التنفيذ، وهي تجيب بأنه عند التنصيص على الصلح بالوساطة فذلك لأن المحكمة لا تقضي بالصلح بالواسطة. وفسرت أن اعتماد الصلح بالواسطة أمام النيابة العمومية كان الهدف منه حل المشكل نهائيا، ولكن وفي صورة عدم الخلاص يتم استئناف التتبعات وذلك بطلب من المستفيد. وذكرت أن الخيار على التنصيص على الحجة العادلة التي يحررها عدل إشهاد ويقع إكساؤها بالصبغة التنفيذية مرده أن الحجة العادلة لها قيمة قانونية وبالتالي فهي تختلف عن الكتب الخطي.

وتعقيبا عن سؤال آخر حول سبب عدم ربط الشيك بالفاتورة بينت وزيرة العدل ليلى جفال أن الشيك لديه نظام قانوني خاص به فهو أداة دفع حينية وهو ليس كمبيالة وأضافت أنه يجب المحافظة على الطبيعة القانونية للشيك. وفسرت أن الفاتورة لا يمكن اعتمادها في النظام القانوني للشيك وإنما يتم اعتمادها في الكمبيالة.

التجريم ليس بدعة

وبخصوص مخالفة تجريم الشيك دون رصيد للمعاهدات الدولية، قالت وزيرة العدل ليلى جفال انه لا توجد مخالفة للمعاهدات الدولية لأن جريمة الشيك دون رصيد هي جريمة تحيل كما أن تونس ليست وحدها من جرمت الشيك دون رصيد فالقانون المغربي والقانون الجزائري والقانون الأمريكي والقانون الكندي والقانون البلجيكي جميعها جرمت إصدار الشيك دون رصيد واعتمدت عقوبات سجنية بالتالي فإن القانون التونسي ليس بدعة، وأضافت أنه بناء على مشروع القانون المعروض أمس على الجلسة العامة لم يقع تجريم الشيك الذي يقل عن خمسة آلاف دينار وفي المقابل تم تجريم الشيك الذي يفوق خمسة آلاف دينار. وذكرت أنه تم الاختيار على هذا التصور بناء على إحصائيات مفادها أن 83 بالمائة من الشيكات مبالغها دون خمسة آلاف دينار.

وقالت الوزيرة ليلى جفال إنه بالنسبة إلى المحكومين في جرائم الشيكات الذين هم في حالة فرار أو في حالة عدم فرار يبلغ سنويا معدل مائة ألف، وأضافت أن النفاذ العاجل عادة ما يكون في علاقة بمبالغ مرتفعة وأكدت أن الأرقام التي قدمتها وزارة العدل مضوبطة وواضحة. وبينت أنه لا بد من التفريق بين العفو الخاص الذي يصدره رئيس الجمهورية والسراح الشرطي الذي يصدره وزير العدل وذكرت أن رئيس الجمهورية منح مؤخرا عفوا خاصا لمرتكبي جرائم التدوينات على فيسبوك ولاحظت أن العفو يكون فيه إسقاط للعقوبة أو حط منها وبالتالي يمكن أن يتمتع أحدهم بالعفو لكن لا يقع إطلاق سراحه لأن العفو تمثل في الحط من العقوبة. وأشارت إلى أن من تمتعوا بالسراح الشرطي البالغ عددهم 1462 جميعهم غادروا السجون أما من تمتعوا بالعفو فهناك مجموعة تم إطلاق سراحهم وهناك مجموعة أخرى تم الحط من عقوباتهم ومازالوا في السجن.

بوهلال