لا نعرف إن كان يتعين أن نفرح أو نحزن ونحن نتابع ونكتشف هوية أول مترشح مفترض، تولى أمس تقديم ملفه الى هيئة الانتخابات، تحت عدسات المصورين لخوض سباق الرئاسية 2024-2029 ونعرف لاحقا أنه عامل يومي من منطقة دوار هيشر وسبق له أن قدم ترشحه في 2014..
وليس من الواضح صراحة إن كانت هذه الخطوة مدعاة للفخر بين الأمم الديموقراطية أم على العكس من ذلك سببا للانشغال أم الاثنين معا، فيما نكتشف المزيد أمام تخمة الترشحات وغياب الوضوح حول جدية بعضهم أو مدى تقديرهم لمهمة ومسؤولية ودور رئاسة الجمهورية في قيادة البلاد وضمان أمنها واستقرارها وعلاقاتها الدولية والبناء للمستقبل الذي تتطلع له الأجيال ..
طبعا، ليس في ما سبق ما يلغي حق أي مواطن تونسي في الترشح، أو أن يحلم بالوصول الى قرطاج، ولكن الأكيد أن للقيادة شروطها، ومن هنا وجب التساؤل عن الأسباب والدوافع التي تجعل التونسي يستخف بالأمر أو يعتبره ضربة حظ ولا مكان فيه للديموقراطية.. وهل الأمر يتعلق بشهوة ذاتية أو برغبة في الإثارة والبحث عن شهرة زائفة؟
لا خلاف أننا إزاء معضلة تستحق أن يغوص الخبراء بشأنها ويخوض علماء الاجتماع والنفس في تفاصيلها وكيفية التعاطي معها..
في المقابل فإن ما نعرفه أن الأحزاب والحركات السياسية والنخب التي برزت في المشهد بعد 2011 لم تقرأ الأحداث جيدا ولم تستوعب الدرس ولم تحرص أيضا على التعمق والاستفادة من التجربة التي مرت بها وهي اليوم أو ما بقي منها تخوض سباق الانتخابات مشتتة، فلا هي قادرة على توحيد صفوفها ولا هي قادرة أيضا على الاجماع حول مرشح واحد يمثلها.. والأمر ينسحب على أحزاب اليسار كما على القوميين والعروبيين والأحزاب المدنية الوسطية ..
بل لا شك أن ظهور أكثر من مئاتي حزب في البلاد آنذاك لم يساعد في الارتقاء بالمشهد السياسي الى الأفضل، بل على العكس من ذلك فقد دفعت هذه الأحزاب في مجملها الى ترذيل المشهد السياسي وابتذاله بما هز ثقة التونسي ودفعه الى العزوف عن الحياة السياسية واختيار مرشح من خارج "السيستام" أو هذا على الأقل ما اعتقده الكثيرون ممن منحوا الرئيس قيس سعيد المترشح لولاية ثانية أصواتهم في سباق 2019 واعتباره متعففا وفوق لعبة المصالح الضيقة للأحزاب التي هيمنت على المشهد ..
ولعلنا لا نبالغ اليوم إذا اعتبرنا أن ما بقي من هذه الأحزاب سواء منها المعارضة أو الموالاة افتقر حتى هذه المرحلة للشجاعة والجرأة الكافية لتقييم دورها وتحديد موقعها لدى الرأي العام وربما المجاهرة أيضا بأخطائها والاعتذار بعد انسياقها الى عقلية الغنيمة ولكن شيئا من ذلك لم يحدث فكانت النتيجة أن دفعها الغرور والانقطاع عن الواقع الى رهانات فاشلة ..
تماما كما أننا قد لا نبالغ إذا اعتبرنا أيضا أن أغلب هذه الأحزاب والحركات التي تظهر حينا وتغيب حينا آخر عن المشهد تتحمل، وفي جزء كبير، مسؤولية التصحر في المشهد السياسي الراهن وهي التي لم تبرهن على أنها أدركت تداعيات حساباتها أو أنها بحثت جديا عن تكوين وتأهيل جيل جديد من القيادات التي يمكنها أن تتداول على المسؤولية وتكون بديلا وانتصارا لتجربة ديموقراطية ناشئة في البلاد ..
لسنا بصدد محاكمة النوايا ولكن في القائمة الطويلة لهذه الترشحات الأولية، ما يؤكد أننا إزاء مشهد سياسي، يتسم بالتشرذم والانقسام وغياب الآفاق، تقوده العاطفة في أحيان كثيرة في التعاطي مع الأحداث المصيرية في البلاد ..
فشل الأحزاب السياسية، بمختلف عائلاتها وانتماءاتها وإيديولوجياتها في الاتفاق حول مرشح تجتمع حوله في هذا السباق، يؤكد أفولها إلى أن يأتي ما يخالف ذلك ..
آسيا العتروس
لا نعرف إن كان يتعين أن نفرح أو نحزن ونحن نتابع ونكتشف هوية أول مترشح مفترض، تولى أمس تقديم ملفه الى هيئة الانتخابات، تحت عدسات المصورين لخوض سباق الرئاسية 2024-2029 ونعرف لاحقا أنه عامل يومي من منطقة دوار هيشر وسبق له أن قدم ترشحه في 2014..
وليس من الواضح صراحة إن كانت هذه الخطوة مدعاة للفخر بين الأمم الديموقراطية أم على العكس من ذلك سببا للانشغال أم الاثنين معا، فيما نكتشف المزيد أمام تخمة الترشحات وغياب الوضوح حول جدية بعضهم أو مدى تقديرهم لمهمة ومسؤولية ودور رئاسة الجمهورية في قيادة البلاد وضمان أمنها واستقرارها وعلاقاتها الدولية والبناء للمستقبل الذي تتطلع له الأجيال ..
طبعا، ليس في ما سبق ما يلغي حق أي مواطن تونسي في الترشح، أو أن يحلم بالوصول الى قرطاج، ولكن الأكيد أن للقيادة شروطها، ومن هنا وجب التساؤل عن الأسباب والدوافع التي تجعل التونسي يستخف بالأمر أو يعتبره ضربة حظ ولا مكان فيه للديموقراطية.. وهل الأمر يتعلق بشهوة ذاتية أو برغبة في الإثارة والبحث عن شهرة زائفة؟
لا خلاف أننا إزاء معضلة تستحق أن يغوص الخبراء بشأنها ويخوض علماء الاجتماع والنفس في تفاصيلها وكيفية التعاطي معها..
في المقابل فإن ما نعرفه أن الأحزاب والحركات السياسية والنخب التي برزت في المشهد بعد 2011 لم تقرأ الأحداث جيدا ولم تستوعب الدرس ولم تحرص أيضا على التعمق والاستفادة من التجربة التي مرت بها وهي اليوم أو ما بقي منها تخوض سباق الانتخابات مشتتة، فلا هي قادرة على توحيد صفوفها ولا هي قادرة أيضا على الاجماع حول مرشح واحد يمثلها.. والأمر ينسحب على أحزاب اليسار كما على القوميين والعروبيين والأحزاب المدنية الوسطية ..
بل لا شك أن ظهور أكثر من مئاتي حزب في البلاد آنذاك لم يساعد في الارتقاء بالمشهد السياسي الى الأفضل، بل على العكس من ذلك فقد دفعت هذه الأحزاب في مجملها الى ترذيل المشهد السياسي وابتذاله بما هز ثقة التونسي ودفعه الى العزوف عن الحياة السياسية واختيار مرشح من خارج "السيستام" أو هذا على الأقل ما اعتقده الكثيرون ممن منحوا الرئيس قيس سعيد المترشح لولاية ثانية أصواتهم في سباق 2019 واعتباره متعففا وفوق لعبة المصالح الضيقة للأحزاب التي هيمنت على المشهد ..
ولعلنا لا نبالغ اليوم إذا اعتبرنا أن ما بقي من هذه الأحزاب سواء منها المعارضة أو الموالاة افتقر حتى هذه المرحلة للشجاعة والجرأة الكافية لتقييم دورها وتحديد موقعها لدى الرأي العام وربما المجاهرة أيضا بأخطائها والاعتذار بعد انسياقها الى عقلية الغنيمة ولكن شيئا من ذلك لم يحدث فكانت النتيجة أن دفعها الغرور والانقطاع عن الواقع الى رهانات فاشلة ..
تماما كما أننا قد لا نبالغ إذا اعتبرنا أيضا أن أغلب هذه الأحزاب والحركات التي تظهر حينا وتغيب حينا آخر عن المشهد تتحمل، وفي جزء كبير، مسؤولية التصحر في المشهد السياسي الراهن وهي التي لم تبرهن على أنها أدركت تداعيات حساباتها أو أنها بحثت جديا عن تكوين وتأهيل جيل جديد من القيادات التي يمكنها أن تتداول على المسؤولية وتكون بديلا وانتصارا لتجربة ديموقراطية ناشئة في البلاد ..
لسنا بصدد محاكمة النوايا ولكن في القائمة الطويلة لهذه الترشحات الأولية، ما يؤكد أننا إزاء مشهد سياسي، يتسم بالتشرذم والانقسام وغياب الآفاق، تقوده العاطفة في أحيان كثيرة في التعاطي مع الأحداث المصيرية في البلاد ..
فشل الأحزاب السياسية، بمختلف عائلاتها وانتماءاتها وإيديولوجياتها في الاتفاق حول مرشح تجتمع حوله في هذا السباق، يؤكد أفولها إلى أن يأتي ما يخالف ذلك ..