إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بشروط لا تمس من سيادة البلاد.. رغم العراقيل.. تونس تتمكن من جمع تمويلات بقيمة 4.2 مليار دولار

 

-الأوضاع العالمية الصعبة تحتم على تونس البحث عن تمويلات خارجية بشروط ميسرة

تونس - الصباح

تمكنت تونس خلال 2023 من توقيع 19 اتفاقية جديدة تهدف إلى جمع 4.2 مليار دولار، وهو ما يعكس جهود الحكومة التونسية لتعزيز الاقتصاد الوطني في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. تأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث يسعى المسؤولون إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتحقيق استقرار اقتصادي، في وقت تعيش فيه البلاد على وقع مخلفات فيروس كورونا، وعجز الميزانية الذي بلغ 10 مليار دينار، وشروط النقد الدولي القاسية، والتي من شأنها أن تمس بالسلم الاجتماعية.

وتواجه تونس منذ ثورة 2011 مجموعة من التحديات، تشمل ارتفاع معدل البطالة، والتضخم، وتراجع النمو الاقتصادي. كما تأثرت البلاد بجائحة كوفيد-19 التي زادت من الأعباء الاقتصادية. في هذا السياق، أصبح الاقتراض خيارًا محتملًا لتوفير السيولة اللازمة للاستثمارات وتنفيذ البرامج التنموية.

وتتضمن الاتفاقيات التي تم توقيعها مع عدد من المنظمات المالية الدولية والدول الصديقة، شروطًا تتعلق بتحسين إدارة المالية العامة وتعزيز الشفافية. ومن بين الجهات التي تم التعاقد معها، البنك الإفريقي للتنمية، والبنك الدولي، والاتحاد الأوروبي.

وتتوزع هذه القروض على مشاريع في مجالات البنية التحتية، والتعليم، والصحة، وهو ما يعتبر ضروريًا لتحديث القطاعات الحيوية في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تهدف هذه المشاريع إلى خلق فرص عمل جديدة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

تعزيز النمو الاقتصادي

ومن المتوقع أن تساهم هذه القروض في دفع عجلة النمو الاقتصادي، خاصةً في القطاعات التي تعاني من نقص في التمويل. وستساعد هذه المشاريع على زيادة الاستثمار، مما يحفز النشاط الاقتصادي ويقلل من معدلات البطالة.

ويعتبر تحسين البنية التحتية من الأولويات الكبرى في تونس، حيث ستساهم القروض في تطوير الطرق، والموانئ، والمطارات، مما يسهل حركة التجارة ويعزز من قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية.

وعلى الرغم من الفوائد المحتملة، فإن الاقتراض يتطلب إدارة دقيقة للميزانية. ويرى خبراء الاقتصاد، أنه يجب أن تكون الحكومة قادرة على استخدام هذه الأموال بكفاءة دون أن تؤدي إلى زيادة الدين العام بشكل مفرط، حيث إن عدم القدرة على السداد قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي.

الشروط المرتبطة بالقروض

غالبًا ما تأتي هذه القروض مع شروط تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية، إلا أنها تبقى أفضل بكثير من شروط النقد الدولي الذي طالب برفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية، والضغط على كتلة الأجور وتسريح الآلاف من الموظفين، كما دعا الحكومة التونسية إلى تنفيذ سياسات تقشفية أو إصلاحات هيكلية، وهو ما قد يثير استياء المجتمع ويؤدي إلى احتجاجات. ومن هنا، يجب على الحكومة أن تجد توازنًا بين تحقيق الأهداف الاقتصادية وحماية حقوق المواطنين، ونجاح الدولة التونسية في جمع تمويلات بقيمة 4.2 مليار دولار دون شروط قاسية أو تدخل في شؤوننا الداخلية يعد أمرا جيدا في ظل الظروف العالمية الصعبة، ومحاولات بعض الجهات المانحة تركيع الاقتصاد التونسي، الذي مر بفترات حرجة خلال العقد الماضي.

إلا أنه رغم ذلك، يرى شق واسع من خبراء الاقتصاد، أن الاعتماد المتزايد على القروض والمساعدات الخارجية، يعد مؤشرًا على ضعف الاقتصاد الوطني، ويجب على تونس العمل على تطوير اقتصادها المحلي وتعزيز الإنتاجية بدلاً من الاعتماد المستمر على التمويل الخارجي.

وتواجه تونس اليوم عدة تحديات في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الاتفاقيات. من بين هذه التحديات، القضاء على الفساد الذي يعد من العقبات الرئيسية التي تعيق التنمية، ويجب على الحكومة تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لضمان استخدام الأموال بشكل فعّال. كما تعتبر البيئة السياسية المستقرة شرطًا أساسيًا لجذب الاستثمارات وضمان تنفيذ المشاريع، كما تحتاج الحكومة إلى استراتيجيات فعالة لضمان تنفيذ المشاريع في الوقت المحدد وبالكفاءة المطلوبة.

وتبقى اتفاقيات الاقتراض التي وقعتها تونس، مؤخرا، بمثابة فرصة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحسين الظروف المعيشية. إلا أن النجاح في تحقيق الأهداف المرجوة يتطلب إدارة حكيمة للأموال، وتنفيذ إصلاحات هيكلية، وضمان بيئة سياسية مستقرة، ويجب أن تكون هذه القروض وسيلة لتعزيز التنمية المستدامة وليس مجرد حل قصير الأجل للمشكلات الاقتصادية.

سفيان المهداوي

 

 

 

بشروط لا تمس من سيادة البلاد..   رغم العراقيل.. تونس تتمكن من جمع تمويلات بقيمة 4.2 مليار دولار

 

-الأوضاع العالمية الصعبة تحتم على تونس البحث عن تمويلات خارجية بشروط ميسرة

تونس - الصباح

تمكنت تونس خلال 2023 من توقيع 19 اتفاقية جديدة تهدف إلى جمع 4.2 مليار دولار، وهو ما يعكس جهود الحكومة التونسية لتعزيز الاقتصاد الوطني في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد. تأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث يسعى المسؤولون إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتحقيق استقرار اقتصادي، في وقت تعيش فيه البلاد على وقع مخلفات فيروس كورونا، وعجز الميزانية الذي بلغ 10 مليار دينار، وشروط النقد الدولي القاسية، والتي من شأنها أن تمس بالسلم الاجتماعية.

وتواجه تونس منذ ثورة 2011 مجموعة من التحديات، تشمل ارتفاع معدل البطالة، والتضخم، وتراجع النمو الاقتصادي. كما تأثرت البلاد بجائحة كوفيد-19 التي زادت من الأعباء الاقتصادية. في هذا السياق، أصبح الاقتراض خيارًا محتملًا لتوفير السيولة اللازمة للاستثمارات وتنفيذ البرامج التنموية.

وتتضمن الاتفاقيات التي تم توقيعها مع عدد من المنظمات المالية الدولية والدول الصديقة، شروطًا تتعلق بتحسين إدارة المالية العامة وتعزيز الشفافية. ومن بين الجهات التي تم التعاقد معها، البنك الإفريقي للتنمية، والبنك الدولي، والاتحاد الأوروبي.

وتتوزع هذه القروض على مشاريع في مجالات البنية التحتية، والتعليم، والصحة، وهو ما يعتبر ضروريًا لتحديث القطاعات الحيوية في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تهدف هذه المشاريع إلى خلق فرص عمل جديدة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

تعزيز النمو الاقتصادي

ومن المتوقع أن تساهم هذه القروض في دفع عجلة النمو الاقتصادي، خاصةً في القطاعات التي تعاني من نقص في التمويل. وستساعد هذه المشاريع على زيادة الاستثمار، مما يحفز النشاط الاقتصادي ويقلل من معدلات البطالة.

ويعتبر تحسين البنية التحتية من الأولويات الكبرى في تونس، حيث ستساهم القروض في تطوير الطرق، والموانئ، والمطارات، مما يسهل حركة التجارة ويعزز من قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية.

وعلى الرغم من الفوائد المحتملة، فإن الاقتراض يتطلب إدارة دقيقة للميزانية. ويرى خبراء الاقتصاد، أنه يجب أن تكون الحكومة قادرة على استخدام هذه الأموال بكفاءة دون أن تؤدي إلى زيادة الدين العام بشكل مفرط، حيث إن عدم القدرة على السداد قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي.

الشروط المرتبطة بالقروض

غالبًا ما تأتي هذه القروض مع شروط تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية، إلا أنها تبقى أفضل بكثير من شروط النقد الدولي الذي طالب برفع الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية، والضغط على كتلة الأجور وتسريح الآلاف من الموظفين، كما دعا الحكومة التونسية إلى تنفيذ سياسات تقشفية أو إصلاحات هيكلية، وهو ما قد يثير استياء المجتمع ويؤدي إلى احتجاجات. ومن هنا، يجب على الحكومة أن تجد توازنًا بين تحقيق الأهداف الاقتصادية وحماية حقوق المواطنين، ونجاح الدولة التونسية في جمع تمويلات بقيمة 4.2 مليار دولار دون شروط قاسية أو تدخل في شؤوننا الداخلية يعد أمرا جيدا في ظل الظروف العالمية الصعبة، ومحاولات بعض الجهات المانحة تركيع الاقتصاد التونسي، الذي مر بفترات حرجة خلال العقد الماضي.

إلا أنه رغم ذلك، يرى شق واسع من خبراء الاقتصاد، أن الاعتماد المتزايد على القروض والمساعدات الخارجية، يعد مؤشرًا على ضعف الاقتصاد الوطني، ويجب على تونس العمل على تطوير اقتصادها المحلي وتعزيز الإنتاجية بدلاً من الاعتماد المستمر على التمويل الخارجي.

وتواجه تونس اليوم عدة تحديات في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الاتفاقيات. من بين هذه التحديات، القضاء على الفساد الذي يعد من العقبات الرئيسية التي تعيق التنمية، ويجب على الحكومة تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لضمان استخدام الأموال بشكل فعّال. كما تعتبر البيئة السياسية المستقرة شرطًا أساسيًا لجذب الاستثمارات وضمان تنفيذ المشاريع، كما تحتاج الحكومة إلى استراتيجيات فعالة لضمان تنفيذ المشاريع في الوقت المحدد وبالكفاءة المطلوبة.

وتبقى اتفاقيات الاقتراض التي وقعتها تونس، مؤخرا، بمثابة فرصة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحسين الظروف المعيشية. إلا أن النجاح في تحقيق الأهداف المرجوة يتطلب إدارة حكيمة للأموال، وتنفيذ إصلاحات هيكلية، وضمان بيئة سياسية مستقرة، ويجب أن تكون هذه القروض وسيلة لتعزيز التنمية المستدامة وليس مجرد حل قصير الأجل للمشكلات الاقتصادية.

سفيان المهداوي