إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تحاصره الأوساخ والروائح الكريهة.. التونسي يلجأ إلى "حرق الفضلات" لطرد الأمراض وجحافل الناموس

 

تونس – الصباح

تحاصر الفضلات والأوساخ والروائح الكريهة التونسيين في كل مكان، أكداس القمامة أصبحت تغزو الشوارع والأنهج لتنطلق منها جحافل الناموس والحشرات التي تملأ المنازل ليلا وكأنها أصبحت قدرا يعيشه التونسي كل صيف.

وأمام تردي الوضع البيئي وجد العديد من المواطنين أنفسهم يبحثون عن حلول فردية كحرق المصبات العشوائية القريبة من الأحياء السكنية وكأنها لا توجد هياكل مكلفة تلعب دورها في معالجة هذه الأزمة المتواصلة منذ سنوات.

وبالعودة الى تصريحات ليست بعيدة لوزيرة البيئة فقد أكدت أنه "لا دخل مباشر لوزارة البيئة في موضوع الناموس وأنّ دورها يتلخص في الإرشاد وتقديم النصائح."

مبرزة أن الحملات ضدّ الناموس تشرف عليها إدارة عامة بوزارة الصحة والوكالة البلدية للخدمات البيئية في جميع بلديات الجمهورية، والحملات انطلقت منذ شهر فيفري الفارط ومازالت متواصلة.

كما حذّرت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي من استعمال المبيدات الكيميائية، التي تساهم في تلوث المحيط وتهدد صحة الإنسان، في القضاء على الناموس داعية الى استعمال وصفات بسيطة من مواد طبيعية إضافة إلى زراعة النباتات على غرار "النعناع" و"الحبق"، ونذكر أن هذه التصريحات تحولت الى موضوع للتندر والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبدوره دعا رئيس الدولة الى إيجاد حلول جذرية لمشاكل التلوث وذلك منذ أيام خلال زيارة أداها إلى مدينة حمام الأنف من ولاية بن عروس حيث عاين الوضع البيئي الكارثي نتيجة الإهمال وصرف المياه المستعملة بالبحر فضلا عن التهيئة العمرانية التي لم تُراع فيها أبسط قواعد التهيئة ووجود معالم تاريخيّة تحوّلت إلى مبان متداعية للسقوط.

ودعا رئيس الدولة إلى القيام بحملة تنظيف عاجلة في انتظار حلول جذرية لتدارك مثل هذا الأوضاع لا فقط في مدينة حمام الأنف ولكن أيضا على المستوى الوطني، مع تحميل المسؤولية لكل من تسبب في هذه الأفعال التي ترتقي إلى مرتبة الجريمة، وفق ما ورد في البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية.

وفي موضوع التلوث والتصرف في النفايات قال الخبير المختص في تثمين النفايات حمدي شبعان إن تونس تعيش تدهورا بيئيا "عميقا" ورغم تدخل رئيس الدولة في أكثر من مناسبة في موضوع التصرف في النفايات لكن لم يحدث أي تغيير على مستوى وزارة البيئة، متسائلا، لماذا لم تفتح سلطة الإشراف حوارا وطنيا في مجال التصرف في النفايات الى الآن؟

وأضاف الخبير المختص لـ"الصباح" أن منظومة تثمين النفايات مرتبطة بإرادة سياسية وتقطع مع كل الحسابات، مؤكدا أنه رغم الدراسات التي أجريت من قبل للتصرف في النفايات لكن لم يتم تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وشدد شبعان أن عديد الخبراء اعترضوا على الطريقة التقنية المتعلقة بإستراتيجية التصرف في النفايات التي أعدتها من قبل وزارة البيئة لأنها لن تكون مجدية، مضيفا أن تونس تنتج يوميا حوالي 12 ألف طن من النفايات المنزلية والمشابهة.

وللتذكير فإن تونس تنتج حوالي 2.2 مليون طن من النفايات حسب أرقام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، بمعدل إنتاج فردي أكثر من 0.815 كلغ في اليوم في الوسط الحضري وحوالي 0.250 كلغ في الوسط الريفي. وتتكون أساسا من المواد العضوية بنسبة 63.5 بالمائة.

وتساهم البلديات في كلفة التصرف في النفايات بحوالي 40 بالمائة مع العلم أن الطن الواحد من النفايات تبلغ كلفته بين 65 و85 دينارا في مرحلة الجمع وحوالي 20 دينارا في مرحلة التحويل والردم في المصبات.

وتبلغ نسبة الجمع حوالي 80 بالمائة في الأوساط الحضرية و10 بالمائة في الوسط الريفي.

وتتحكم الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات في 13 مصبا مراقبا منها 4 مغلقة وتبلغ طاقتها السنوية حوالي 1.8 مليون طن وهناك 4 مصبات شبه مراقبة.

ووفق تقرير حول الحقوق البيئية والتنموية بتونس فقد احتلت تونس المركز 96 في مؤشر الأداء البيئي لعام 2022 من بين 180 بلدا مصنفا متراجعة بـ25 مرتبة مقارنة بسنة 2020 حيث كانت تحتل المرتبة 71 دوليا وجاءت تونس في تصنيف 2022 في المركز الخامس عربيا و13 إفريقيا.

وتعتبر تونس الدولة الثالثة على الصعيد الإفريقي من حيث التلوث البيئي إضافة إلى أنها تعاني من ندرة المياه محتلة بذلك مراتب متقدمة عربيا من حيث الشُّح المائي.

كما عرفت التحركات ذات الطابع البيئي، نسقا تصاعديا، حيث ارتفع عددها الى 172 احتجاجا خلال السداسي الأول من سنة 2024، مقابل 156 في نفس الفترة من سنة 2023، وفق تقرير الحركات البيئية خلال السداسي الأول من سنة 2024، الصادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ومثلت التحركات البيئية 15 بالمائة من مجموع التحركات، وتم تسجيل 56 بالمائة منها خلال الثلاثي الثاني من السنة الجارية، لاسيما خلال شهر جوان الذي سجل 52 تحركا، وذلك تزامنا مع موسم الحصاد وموجات الحرّ القاسية التي تجاوزت المعدلات المسجلة في نفس الفترة من سنة 2023.

واتسمت التحركات البيئية، خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2024، بطابعها الجماعي المنظم، وتمثلت معظمها في الوقفات والتجمعات الاحتجاجية والنداءات عبر وسائل الإعلام، وذلك في محاولة للفت انتباه المسؤولين والسلطات المعنية الى ضرورة التدخل العاجل للحد من وطأة التحديات البيئية على المواطنين في مختلف مناطق البلاد.

جهاد الكلبوسي

 

 

 

تحاصره الأوساخ والروائح الكريهة..   التونسي يلجأ إلى "حرق الفضلات" لطرد الأمراض وجحافل الناموس

 

تونس – الصباح

تحاصر الفضلات والأوساخ والروائح الكريهة التونسيين في كل مكان، أكداس القمامة أصبحت تغزو الشوارع والأنهج لتنطلق منها جحافل الناموس والحشرات التي تملأ المنازل ليلا وكأنها أصبحت قدرا يعيشه التونسي كل صيف.

وأمام تردي الوضع البيئي وجد العديد من المواطنين أنفسهم يبحثون عن حلول فردية كحرق المصبات العشوائية القريبة من الأحياء السكنية وكأنها لا توجد هياكل مكلفة تلعب دورها في معالجة هذه الأزمة المتواصلة منذ سنوات.

وبالعودة الى تصريحات ليست بعيدة لوزيرة البيئة فقد أكدت أنه "لا دخل مباشر لوزارة البيئة في موضوع الناموس وأنّ دورها يتلخص في الإرشاد وتقديم النصائح."

مبرزة أن الحملات ضدّ الناموس تشرف عليها إدارة عامة بوزارة الصحة والوكالة البلدية للخدمات البيئية في جميع بلديات الجمهورية، والحملات انطلقت منذ شهر فيفري الفارط ومازالت متواصلة.

كما حذّرت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي من استعمال المبيدات الكيميائية، التي تساهم في تلوث المحيط وتهدد صحة الإنسان، في القضاء على الناموس داعية الى استعمال وصفات بسيطة من مواد طبيعية إضافة إلى زراعة النباتات على غرار "النعناع" و"الحبق"، ونذكر أن هذه التصريحات تحولت الى موضوع للتندر والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبدوره دعا رئيس الدولة الى إيجاد حلول جذرية لمشاكل التلوث وذلك منذ أيام خلال زيارة أداها إلى مدينة حمام الأنف من ولاية بن عروس حيث عاين الوضع البيئي الكارثي نتيجة الإهمال وصرف المياه المستعملة بالبحر فضلا عن التهيئة العمرانية التي لم تُراع فيها أبسط قواعد التهيئة ووجود معالم تاريخيّة تحوّلت إلى مبان متداعية للسقوط.

ودعا رئيس الدولة إلى القيام بحملة تنظيف عاجلة في انتظار حلول جذرية لتدارك مثل هذا الأوضاع لا فقط في مدينة حمام الأنف ولكن أيضا على المستوى الوطني، مع تحميل المسؤولية لكل من تسبب في هذه الأفعال التي ترتقي إلى مرتبة الجريمة، وفق ما ورد في البلاغ الصادر عن رئاسة الجمهورية.

وفي موضوع التلوث والتصرف في النفايات قال الخبير المختص في تثمين النفايات حمدي شبعان إن تونس تعيش تدهورا بيئيا "عميقا" ورغم تدخل رئيس الدولة في أكثر من مناسبة في موضوع التصرف في النفايات لكن لم يحدث أي تغيير على مستوى وزارة البيئة، متسائلا، لماذا لم تفتح سلطة الإشراف حوارا وطنيا في مجال التصرف في النفايات الى الآن؟

وأضاف الخبير المختص لـ"الصباح" أن منظومة تثمين النفايات مرتبطة بإرادة سياسية وتقطع مع كل الحسابات، مؤكدا أنه رغم الدراسات التي أجريت من قبل للتصرف في النفايات لكن لم يتم تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وشدد شبعان أن عديد الخبراء اعترضوا على الطريقة التقنية المتعلقة بإستراتيجية التصرف في النفايات التي أعدتها من قبل وزارة البيئة لأنها لن تكون مجدية، مضيفا أن تونس تنتج يوميا حوالي 12 ألف طن من النفايات المنزلية والمشابهة.

وللتذكير فإن تونس تنتج حوالي 2.2 مليون طن من النفايات حسب أرقام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، بمعدل إنتاج فردي أكثر من 0.815 كلغ في اليوم في الوسط الحضري وحوالي 0.250 كلغ في الوسط الريفي. وتتكون أساسا من المواد العضوية بنسبة 63.5 بالمائة.

وتساهم البلديات في كلفة التصرف في النفايات بحوالي 40 بالمائة مع العلم أن الطن الواحد من النفايات تبلغ كلفته بين 65 و85 دينارا في مرحلة الجمع وحوالي 20 دينارا في مرحلة التحويل والردم في المصبات.

وتبلغ نسبة الجمع حوالي 80 بالمائة في الأوساط الحضرية و10 بالمائة في الوسط الريفي.

وتتحكم الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات في 13 مصبا مراقبا منها 4 مغلقة وتبلغ طاقتها السنوية حوالي 1.8 مليون طن وهناك 4 مصبات شبه مراقبة.

ووفق تقرير حول الحقوق البيئية والتنموية بتونس فقد احتلت تونس المركز 96 في مؤشر الأداء البيئي لعام 2022 من بين 180 بلدا مصنفا متراجعة بـ25 مرتبة مقارنة بسنة 2020 حيث كانت تحتل المرتبة 71 دوليا وجاءت تونس في تصنيف 2022 في المركز الخامس عربيا و13 إفريقيا.

وتعتبر تونس الدولة الثالثة على الصعيد الإفريقي من حيث التلوث البيئي إضافة إلى أنها تعاني من ندرة المياه محتلة بذلك مراتب متقدمة عربيا من حيث الشُّح المائي.

كما عرفت التحركات ذات الطابع البيئي، نسقا تصاعديا، حيث ارتفع عددها الى 172 احتجاجا خلال السداسي الأول من سنة 2024، مقابل 156 في نفس الفترة من سنة 2023، وفق تقرير الحركات البيئية خلال السداسي الأول من سنة 2024، الصادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ومثلت التحركات البيئية 15 بالمائة من مجموع التحركات، وتم تسجيل 56 بالمائة منها خلال الثلاثي الثاني من السنة الجارية، لاسيما خلال شهر جوان الذي سجل 52 تحركا، وذلك تزامنا مع موسم الحصاد وموجات الحرّ القاسية التي تجاوزت المعدلات المسجلة في نفس الفترة من سنة 2023.

واتسمت التحركات البيئية، خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2024، بطابعها الجماعي المنظم، وتمثلت معظمها في الوقفات والتجمعات الاحتجاجية والنداءات عبر وسائل الإعلام، وذلك في محاولة للفت انتباه المسؤولين والسلطات المعنية الى ضرورة التدخل العاجل للحد من وطأة التحديات البيئية على المواطنين في مختلف مناطق البلاد.

جهاد الكلبوسي