يحكى أن امرأة مرت بجانب فلاح بسيط، كان يبيع سلة من الغلال على الطريق، توقفت بسيارتها الفاخرة رباعية الدفع ولوحت بيدها للفلاح، الذي جاءها مسرعا، متسائلة عن ثمن السلة فكان جوابه 10 دنانير هي كل ما يحتاجه.. لكن السيدة الفاضلة جادلته في السعر واستطاعت أن تخفضه إلى 7 دنانير وكانت فخورة بنفسها لأنها تمكنت من الفوز بـ"الصفقة" وكسبت 3 دنانير..
وصلت المرأة الى "فيلتها"، وضعت الغلال في الثلاجة واتصلت بصديقتها لتناول الغذاء في أحد المطاعم الفاخرة. تناولتا ما لذّ وطاب من المأكل والشراب وتركتا في الأطباق أكثر مما أكلتا، وهو ما يقتضيه "البريستيج"، ونادتا على النادل الأنيق المتأنق ليأتيهما بالحساب.. وكان لهما ذلك، حيث مدّ النادل لتلك المرأة فاتورة الحساب التي لم تتجاوز بضعة مئات من الدنانير دفعتها كذلك بكل فخر واعتزاز ومنحت النادل بضع الأوراق النقدية كإكرامية و"إتيكات" واجبة، مبتسمة لصاحب المطعم الذي تعود على حريفته التي ترتاد محله أسبوعيا تقريبا مع زوجها أو عائلتها أو صديقة من صديقاتها.
العبرة من هذه القصة، هي التناقض الكبير والصارخ في تصرفاتنا ومعاييرنا وتعاملاتنا الاجتماعية مع الغير. ففي حين كانت تلك السيدة تقايض وتجادل ومتمسكة بالتخفيض في ثمن سلة غلال وتحقيق انجاز والفوز بصفقة، من خلال كسب مبلغ زهيد عند الشراء من الفلاح البسيط، الذي ربما كان يبيع غلاله من أجل شراء دواء، لم تتردد في إنفاق مبلغ كبير مقابل أكل وشرب، وهي متأكدة أن فوترته كانت مضاعفة عشر مرات على الأقل على تكلفته الحقيقية.. وبالتالي جحدت عمّن هو في حاجة للمال وأكرمت من هو ليس في حاجة لتلك الإكرامية!!
قصة، العبرة منها أن تصرفاتنا أحيانًا تعكس قلة وعينا بأهمية التوازن والعدالة الاجتماعية في تعاملاتنا مع الغير وخاصة أصحاب الحاجة الذين يلجأون الى ممارسة الأنشطة التجارية البسيطة حتى لا يضطروا لمد اليد وننتشي بمجادلتهم والتخفيض مما يطلبون مقابل بضاعتهم في حين تكون تصرفاتنا عكس ذلك مع غيرهم ممن نحن متأكدون أنهم ينهشون لحمنا بمضاعفة ثمن خدماتهم وبضاعتهم لا لشيء إلا لأنهم وضعوا أنفسهم في شكل أو في مكان فاخر يقتضي التعامل فيه بـ"الإيتيكيت" وفق ما يقتضيه "البريستيج"..
بقلم: سفيان رجب
يحكى أن امرأة مرت بجانب فلاح بسيط، كان يبيع سلة من الغلال على الطريق، توقفت بسيارتها الفاخرة رباعية الدفع ولوحت بيدها للفلاح، الذي جاءها مسرعا، متسائلة عن ثمن السلة فكان جوابه 10 دنانير هي كل ما يحتاجه.. لكن السيدة الفاضلة جادلته في السعر واستطاعت أن تخفضه إلى 7 دنانير وكانت فخورة بنفسها لأنها تمكنت من الفوز بـ"الصفقة" وكسبت 3 دنانير..
وصلت المرأة الى "فيلتها"، وضعت الغلال في الثلاجة واتصلت بصديقتها لتناول الغذاء في أحد المطاعم الفاخرة. تناولتا ما لذّ وطاب من المأكل والشراب وتركتا في الأطباق أكثر مما أكلتا، وهو ما يقتضيه "البريستيج"، ونادتا على النادل الأنيق المتأنق ليأتيهما بالحساب.. وكان لهما ذلك، حيث مدّ النادل لتلك المرأة فاتورة الحساب التي لم تتجاوز بضعة مئات من الدنانير دفعتها كذلك بكل فخر واعتزاز ومنحت النادل بضع الأوراق النقدية كإكرامية و"إتيكات" واجبة، مبتسمة لصاحب المطعم الذي تعود على حريفته التي ترتاد محله أسبوعيا تقريبا مع زوجها أو عائلتها أو صديقة من صديقاتها.
العبرة من هذه القصة، هي التناقض الكبير والصارخ في تصرفاتنا ومعاييرنا وتعاملاتنا الاجتماعية مع الغير. ففي حين كانت تلك السيدة تقايض وتجادل ومتمسكة بالتخفيض في ثمن سلة غلال وتحقيق انجاز والفوز بصفقة، من خلال كسب مبلغ زهيد عند الشراء من الفلاح البسيط، الذي ربما كان يبيع غلاله من أجل شراء دواء، لم تتردد في إنفاق مبلغ كبير مقابل أكل وشرب، وهي متأكدة أن فوترته كانت مضاعفة عشر مرات على الأقل على تكلفته الحقيقية.. وبالتالي جحدت عمّن هو في حاجة للمال وأكرمت من هو ليس في حاجة لتلك الإكرامية!!
قصة، العبرة منها أن تصرفاتنا أحيانًا تعكس قلة وعينا بأهمية التوازن والعدالة الاجتماعية في تعاملاتنا مع الغير وخاصة أصحاب الحاجة الذين يلجأون الى ممارسة الأنشطة التجارية البسيطة حتى لا يضطروا لمد اليد وننتشي بمجادلتهم والتخفيض مما يطلبون مقابل بضاعتهم في حين تكون تصرفاتنا عكس ذلك مع غيرهم ممن نحن متأكدون أنهم ينهشون لحمنا بمضاعفة ثمن خدماتهم وبضاعتهم لا لشيء إلا لأنهم وضعوا أنفسهم في شكل أو في مكان فاخر يقتضي التعامل فيه بـ"الإيتيكيت" وفق ما يقتضيه "البريستيج"..