العدالة الدولية في يومها العالمي تنحر وتداس بالنعال على أبواب المعبد الأممي ويراق دمها بسيف الاحتلال الإسرائيلي الذي يدوس على قراراتها ويهزأ بكل ما تضمنته من أحكام وقوانين إنسانية دولية من شأنها أن تعلي حق الشعوب في الحرية والكرامة.. بالأمس احتفل العالم باليوم العالمي للعدالة الدولية الذي أقرته الأمم المتحدة في الـ17 من جويلية وكان للاحتفال وقع وطعم خاص حيث أصر كيان الاحتلال الإسرائيلي على أن يترك بصماته بوضوح في هذا اليوم ويرسل للعالم رسالة مفادها أن شريعة إسرائيلي العنصرية لا تقبل ولا تعترف بالعدالة الدولية..
وقد لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا أن اختيار كيان الاحتلال لهذا التاريخ لمصادقة الكنيست على رفض إعلان الدولة الفلسطينية لم يكن فيه للصدفة موقع بل كان قرارا مدروسا وأريد له أن يتزامن مع هذا الموعد في إصرار على إظهار منطق التطاول على العدالة الدولية والاستخفاف بها ..
بالأمس تبنى الكنيست الإسرائيلي قرارا يرفض إقامة دولة فلسطينية، قرار غير مفاجئ ويعكس عقلية نواب الكنيست ويتجانس مع حكام كيان الاحتلال السياسيين والعسكريين في إنكارهم المعلن لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.. حق لا خلاف أن المجتمع الدولي وصناع القرار يتحملون المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية فيه بسبب سياسة النفاق المزدوجة التي يعلنونها وإصرارهم على أن يقولوا ما لا يفعلون رغم أن 149 بلدا عضوا في الأمم المتحدة أعلنوا اعترافهم بالدولة الفلسطينية التي تحظى بوضع الدولة المراقب في الأمم المتحدة منذ 2012 ..
معارضو القرار تسعة وربما هم أعضاء الكنيست من عرب الـ48 الذين مازالوا شوكة في حلق الاحتلال.. مبررات الاحتلال هي ذاتها التي تتكرر منذ عقود وهي تؤكد تلك العقلية العنصرية لكيان صهيوني قام على دماء الفلسطينيين المهجرين وجماجم الضحايا والمقابر الجماعية التي اقترفتها عصابات الشترن والهاغاناه وقد أثبت هذا الكيان، وفيما تدخل حرب الإبادة في غزة شهرها العاشر، أنه لا يرتوي من الدماء وأنه متعطش دوما للمزيد ..
يُذكر أن القرار جاء قبل أيام من زيارة نتنياهو لواشنطن لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس واللقاء بالرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. ومن المحتمل أن يزعج هذا القرار الديمقراطيين الذين يشعرون بعدم الارتياح لدعم حكومة إسرائيلية تزداد رفضاً لحل الدولتين.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في ماي الماضي -وبأغلبية 143 صوتا ومعارضة 9 وامتناع 25 عن التصويت- قرارا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب...
قرار إسرائيل رفض الدولة الفلسطينية يأتي هذه المرة قبل زيارة مفترضة لناتنياهو مجرم الحرب إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس وسط دعوات متزايدة بمقاطعة الخطاب... والأكيد أن القرار الإسرائيلي هو وسيلة ناتنياهو لمواصلة ابتزاز الإدارة الأمريكية الراهنة برئاسة الرئيس بايدن الذي يواجه انتخابات غير محسومة وقد ينسحب من السباق بعد أدائه الكارثي أمام منافسه ترامب، ولكن أيضا بعد استثمار خصمه الرئيس السابق في حادثة محاولة اغتياله الفاشلة الأسبوع الماضي لتعزيز شعبيته بين أنصاره الجمهوريين، وسلاح الابتزاز يعرف ناتنياهو جيدا كيف يوظفه مع الاثنين فهو من جهة يخاطب بايدن ومن جهة أخرى يغازل ترامب وكلا المترشحين يخضعان لهذا الابتزاز ويأملان في كسب أصوات ودعم اللوبي اليهودي... في المقابل يبقى الوعد الأمريكي بإقامة الدولة الفلسطينية باعتبارها الحل النهائي للصراع المستمر في الشرق الأوسط مجرد شعار لتخير الفلسطينيين وإيهامهم بأن مشروع إقامة الدولة الفلسطينية يتنزل في قائمة أولويات الإدارات المتعاقبة وقد اتضح منذ أن سقط اتفاق أوسلو أنه شعار زائف للخداع وتمكين الاحتلال من تنفيذ مشروعه التوسعي الاستيطاني ..
وبالعودة إلى مصادقة الكنيست على قرار يرفض إقامة الدولة الفلسطينية وهو قرار جائر ومخالف لكل القرارات الدولية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسف حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه.. ولكن في المقابل يبقى الأكيد أن هذا الحق الذي سبق واعترفت به أكثر من 149 دولة في العالم يحتاج لإقراره على ارض الواقع وهذا طبعا يحتاج لصحوة ضمير واستفاقة ووعي مختلف شعوب العالم وصناع القرار فيه أولا لإيقاف تمدد وتوسع الاحتلال ومواصلة ابتلاع الأرض وتدمير كل فرص البقاء والوجود والحياة من غزة إلى الضفة والقدس.. وهذا سيحتاج أيضا من الدول العربية لا سيما المطبعة منها بعد هذه الصفعة المدوية لكيان الاحتلال أن تقف لحظة صدق لا غير مع نفسها تقرر فيها إما أن تنتصر للدولة الفلسطينية قولا وفعلا وتعلق علاقاتها بهذا الكيان وتسحب سفراءها وتلتزم بعدم العودة إلى مسار التطبيع قبل تحقيق الأهداف المطلوبة بوقف العدوان والاعتراف بالدولة الفلسطينية.. طبعا قد يبدو الموقف ساذجا وابعد ما يكون عن توجهات وخيارات الدول المطبعة.. لكن الواضح رغم حالة الإنكار المرضية لكيان الاحتلال أن الدولة الفلسطينية قائمة بالقوة وهناك اثني عشر مليون فلسطيني بين فلسطين المحتلة والشتات.. وهناك هوية فلسطينية وتاريخ وجذور، وهناك فوق كل ذلك حلم مشترك بين هؤلاء لإقامة دولتهم.. الدولة الفلسطينية لن تتحقق بالوعود الكلامية والأوهام.. فالأمم المتحدة محكومة بعجزها وخضوعها لسلطة "الفيتو" الأمريكي المسلط على الرقاب.. وبقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لن تجازف بتحدي القرار الأمريكي.. ماذا بقي للفلسطينيين الذين يكابدون للصمود على أرضهم؟ الأكيد بقي لهم القليل في خضم جحيم النظام الدولي المتوحش ولا أحد يستطيع أن يتحمل ما يحتملون أو يتمنى أن يكون مكانهم ومع ذلك فإن الدولة الفلسطينية قائمة واعتراف دول العالم بها مستمر رغم أنف الكنيست ...
اسيا العتروس
العدالة الدولية في يومها العالمي تنحر وتداس بالنعال على أبواب المعبد الأممي ويراق دمها بسيف الاحتلال الإسرائيلي الذي يدوس على قراراتها ويهزأ بكل ما تضمنته من أحكام وقوانين إنسانية دولية من شأنها أن تعلي حق الشعوب في الحرية والكرامة.. بالأمس احتفل العالم باليوم العالمي للعدالة الدولية الذي أقرته الأمم المتحدة في الـ17 من جويلية وكان للاحتفال وقع وطعم خاص حيث أصر كيان الاحتلال الإسرائيلي على أن يترك بصماته بوضوح في هذا اليوم ويرسل للعالم رسالة مفادها أن شريعة إسرائيلي العنصرية لا تقبل ولا تعترف بالعدالة الدولية..
وقد لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا أن اختيار كيان الاحتلال لهذا التاريخ لمصادقة الكنيست على رفض إعلان الدولة الفلسطينية لم يكن فيه للصدفة موقع بل كان قرارا مدروسا وأريد له أن يتزامن مع هذا الموعد في إصرار على إظهار منطق التطاول على العدالة الدولية والاستخفاف بها ..
بالأمس تبنى الكنيست الإسرائيلي قرارا يرفض إقامة دولة فلسطينية، قرار غير مفاجئ ويعكس عقلية نواب الكنيست ويتجانس مع حكام كيان الاحتلال السياسيين والعسكريين في إنكارهم المعلن لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.. حق لا خلاف أن المجتمع الدولي وصناع القرار يتحملون المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية فيه بسبب سياسة النفاق المزدوجة التي يعلنونها وإصرارهم على أن يقولوا ما لا يفعلون رغم أن 149 بلدا عضوا في الأمم المتحدة أعلنوا اعترافهم بالدولة الفلسطينية التي تحظى بوضع الدولة المراقب في الأمم المتحدة منذ 2012 ..
معارضو القرار تسعة وربما هم أعضاء الكنيست من عرب الـ48 الذين مازالوا شوكة في حلق الاحتلال.. مبررات الاحتلال هي ذاتها التي تتكرر منذ عقود وهي تؤكد تلك العقلية العنصرية لكيان صهيوني قام على دماء الفلسطينيين المهجرين وجماجم الضحايا والمقابر الجماعية التي اقترفتها عصابات الشترن والهاغاناه وقد أثبت هذا الكيان، وفيما تدخل حرب الإبادة في غزة شهرها العاشر، أنه لا يرتوي من الدماء وأنه متعطش دوما للمزيد ..
يُذكر أن القرار جاء قبل أيام من زيارة نتنياهو لواشنطن لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس واللقاء بالرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. ومن المحتمل أن يزعج هذا القرار الديمقراطيين الذين يشعرون بعدم الارتياح لدعم حكومة إسرائيلية تزداد رفضاً لحل الدولتين.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في ماي الماضي -وبأغلبية 143 صوتا ومعارضة 9 وامتناع 25 عن التصويت- قرارا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب...
قرار إسرائيل رفض الدولة الفلسطينية يأتي هذه المرة قبل زيارة مفترضة لناتنياهو مجرم الحرب إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس وسط دعوات متزايدة بمقاطعة الخطاب... والأكيد أن القرار الإسرائيلي هو وسيلة ناتنياهو لمواصلة ابتزاز الإدارة الأمريكية الراهنة برئاسة الرئيس بايدن الذي يواجه انتخابات غير محسومة وقد ينسحب من السباق بعد أدائه الكارثي أمام منافسه ترامب، ولكن أيضا بعد استثمار خصمه الرئيس السابق في حادثة محاولة اغتياله الفاشلة الأسبوع الماضي لتعزيز شعبيته بين أنصاره الجمهوريين، وسلاح الابتزاز يعرف ناتنياهو جيدا كيف يوظفه مع الاثنين فهو من جهة يخاطب بايدن ومن جهة أخرى يغازل ترامب وكلا المترشحين يخضعان لهذا الابتزاز ويأملان في كسب أصوات ودعم اللوبي اليهودي... في المقابل يبقى الوعد الأمريكي بإقامة الدولة الفلسطينية باعتبارها الحل النهائي للصراع المستمر في الشرق الأوسط مجرد شعار لتخير الفلسطينيين وإيهامهم بأن مشروع إقامة الدولة الفلسطينية يتنزل في قائمة أولويات الإدارات المتعاقبة وقد اتضح منذ أن سقط اتفاق أوسلو أنه شعار زائف للخداع وتمكين الاحتلال من تنفيذ مشروعه التوسعي الاستيطاني ..
وبالعودة إلى مصادقة الكنيست على قرار يرفض إقامة الدولة الفلسطينية وهو قرار جائر ومخالف لكل القرارات الدولية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسف حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه.. ولكن في المقابل يبقى الأكيد أن هذا الحق الذي سبق واعترفت به أكثر من 149 دولة في العالم يحتاج لإقراره على ارض الواقع وهذا طبعا يحتاج لصحوة ضمير واستفاقة ووعي مختلف شعوب العالم وصناع القرار فيه أولا لإيقاف تمدد وتوسع الاحتلال ومواصلة ابتلاع الأرض وتدمير كل فرص البقاء والوجود والحياة من غزة إلى الضفة والقدس.. وهذا سيحتاج أيضا من الدول العربية لا سيما المطبعة منها بعد هذه الصفعة المدوية لكيان الاحتلال أن تقف لحظة صدق لا غير مع نفسها تقرر فيها إما أن تنتصر للدولة الفلسطينية قولا وفعلا وتعلق علاقاتها بهذا الكيان وتسحب سفراءها وتلتزم بعدم العودة إلى مسار التطبيع قبل تحقيق الأهداف المطلوبة بوقف العدوان والاعتراف بالدولة الفلسطينية.. طبعا قد يبدو الموقف ساذجا وابعد ما يكون عن توجهات وخيارات الدول المطبعة.. لكن الواضح رغم حالة الإنكار المرضية لكيان الاحتلال أن الدولة الفلسطينية قائمة بالقوة وهناك اثني عشر مليون فلسطيني بين فلسطين المحتلة والشتات.. وهناك هوية فلسطينية وتاريخ وجذور، وهناك فوق كل ذلك حلم مشترك بين هؤلاء لإقامة دولتهم.. الدولة الفلسطينية لن تتحقق بالوعود الكلامية والأوهام.. فالأمم المتحدة محكومة بعجزها وخضوعها لسلطة "الفيتو" الأمريكي المسلط على الرقاب.. وبقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لن تجازف بتحدي القرار الأمريكي.. ماذا بقي للفلسطينيين الذين يكابدون للصمود على أرضهم؟ الأكيد بقي لهم القليل في خضم جحيم النظام الدولي المتوحش ولا أحد يستطيع أن يتحمل ما يحتملون أو يتمنى أن يكون مكانهم ومع ذلك فإن الدولة الفلسطينية قائمة واعتراف دول العالم بها مستمر رغم أنف الكنيست ...