إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح.. استسهال وأشياء أخرى

 

من الواضح أن منطق الاستسهال قد تفشى في البلاد بدرجة ملفتة ومثيرة للفضول، مما جعل البعض بالداخل والخارج يتهافت على الترشح لرئاسة الجمهورية وهي تدرك أنها غير مؤهلة لهذه المسؤولية السامية.

ولئن كان مبدئيا، لكل مواطن الحق، إن توفرت فيه الشروط القانونية، في أن يتقدم للانتخابات، فإن المنطق يقول إن تجاسر البعض ممن لا نتصورهم ولو في الخيال في حلّة رئيس للبلاد، من شأنه أن يقلل من هيبة المنصب وأن يقلل بالخصوص من احترام هذه المسؤولية السامية التي من المفروض أن تهابها الناس، وأن تخشاها، لا أن تهرول من أجل الترشح لها وكأنها مسابقة فنية أو لعبة حظ، مع احترامنا لكل التخصصات.

هناك بالفعل استسهال لكل شيء في تونس، ذلك الاستسهال الذي يخول لأشخاص بلا تاريخ سياسي أو نضالي ولا يملكون أي مشروعية ماعدا ربما رصيدهم البنكي أو رصيدهم من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو رصيد افتراضي يمكن أن يتكون في لحظة وأن يختفي في لحظة، أن تطمح لتولّي أسمى مهمة في البلاد. ولهذا الاستسهال أسباب. فهو ناتج عما عشناه من فوضى سادت بعد أحداث 14 جانفي 2011، لكن الاستسهال وحده لا يفسر ما نسميه بالتطاول على هيبة الدولة، إلى درجة تسمح فيها شخصيات فاقدة للأهلية -مع احترامنا للذات البشرية- بترشيح نفسها لأسمى منصب في الدولة. هناك إرادة من أجل تبخيس العملية السياسية في البلاد وهذا أقل ما يمكن أن نقوله في هذا الشأن.

وإننا وإذ ندرك أن الشعب التونسي لن يسقط في الفخ، فإن هذا لا يحول دون ملاحظة أن بعض الترشحات تثير فعلا الاستغراب، وهي تدخل في إطار محاولة تشتيت انتباه المواطنين وخلق حالة من الحيرة بينهم حول الأهداف من هذه الأجواء الغريبة والمريبة أحيانا حول حدث انتخابي من المفروض أن يكون مناسبة يجدد فيه الشعب التونسي الأمل، لا أن يجد نفسه في متاهة جديدة.

ندرك كما قلنا أن الشعب التونسي قد تعلم الكثير من الأزمات التي عاشها في السنوات الأخيرة وهو الذي كثيرا ما تم اختبار صبره بعد فشل جل الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ انتخابات أكتوبر 2011، في تحقيق الحد الأدنى من وعودها، بل استغرق الفاعلون السياسيون في التجاذبات وطغت الأجندات السياسية والصراعات الإيديولوجية على المشهد العام، ونتوقع أن يكون اختياره في الانتخابات الرئاسية الجديدة المنتظرة في 6 أكتوبر القادم اختيارا موضوعيا، مبنيا على مراعاته لمصلحة البلاد، ولكن ندرك أيضا أن العملية لن تكون سهلة.

لا شيء سيكون سهلا، وواضح أن تكلفة الحرية والاستقلالية لن تكون هينة. فنحن في تونس نتوق إلى طي صفحة الماضي والى الدخول في مرحلة تتيح للمواطنين بدون استثناء فرصة المشاركة في بناء تونس جديدة على أساس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لكن هذه الغاية على بداهتها، لأنه من حق كل الشعوب أن تتوق للأفضل، لا يروق لبعضهم، هذا إن لم يكن مرفوضا أصلا. ومن نحن، حتى نتوق لفرض أحقيتنا في الدفاع عن استقلالية قرارنا الوطني وعن سيادة بلادنا بالكامل؟؟؟

ودرءا للبس، نقول إن بعض الترشحات لرئاسة الجمهورية عفوية وأصحابها وطنيون ولديهم أفكار حقيقية من أجل النهوض بالبلاد، بل من مصلحة تونس أن يكون هناك تنافس ديمقراطي حقيقي نقارع فيه الحجة بالحجة ويتحاجج فيه المترشحون بالأفكار والبرامج، لكن هل هذه غاية الجميع؟ ذلك هو السؤال.

حياة السايب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

من الواضح أن منطق الاستسهال قد تفشى في البلاد بدرجة ملفتة ومثيرة للفضول، مما جعل البعض بالداخل والخارج يتهافت على الترشح لرئاسة الجمهورية وهي تدرك أنها غير مؤهلة لهذه المسؤولية السامية.

ولئن كان مبدئيا، لكل مواطن الحق، إن توفرت فيه الشروط القانونية، في أن يتقدم للانتخابات، فإن المنطق يقول إن تجاسر البعض ممن لا نتصورهم ولو في الخيال في حلّة رئيس للبلاد، من شأنه أن يقلل من هيبة المنصب وأن يقلل بالخصوص من احترام هذه المسؤولية السامية التي من المفروض أن تهابها الناس، وأن تخشاها، لا أن تهرول من أجل الترشح لها وكأنها مسابقة فنية أو لعبة حظ، مع احترامنا لكل التخصصات.

هناك بالفعل استسهال لكل شيء في تونس، ذلك الاستسهال الذي يخول لأشخاص بلا تاريخ سياسي أو نضالي ولا يملكون أي مشروعية ماعدا ربما رصيدهم البنكي أو رصيدهم من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو رصيد افتراضي يمكن أن يتكون في لحظة وأن يختفي في لحظة، أن تطمح لتولّي أسمى مهمة في البلاد. ولهذا الاستسهال أسباب. فهو ناتج عما عشناه من فوضى سادت بعد أحداث 14 جانفي 2011، لكن الاستسهال وحده لا يفسر ما نسميه بالتطاول على هيبة الدولة، إلى درجة تسمح فيها شخصيات فاقدة للأهلية -مع احترامنا للذات البشرية- بترشيح نفسها لأسمى منصب في الدولة. هناك إرادة من أجل تبخيس العملية السياسية في البلاد وهذا أقل ما يمكن أن نقوله في هذا الشأن.

وإننا وإذ ندرك أن الشعب التونسي لن يسقط في الفخ، فإن هذا لا يحول دون ملاحظة أن بعض الترشحات تثير فعلا الاستغراب، وهي تدخل في إطار محاولة تشتيت انتباه المواطنين وخلق حالة من الحيرة بينهم حول الأهداف من هذه الأجواء الغريبة والمريبة أحيانا حول حدث انتخابي من المفروض أن يكون مناسبة يجدد فيه الشعب التونسي الأمل، لا أن يجد نفسه في متاهة جديدة.

ندرك كما قلنا أن الشعب التونسي قد تعلم الكثير من الأزمات التي عاشها في السنوات الأخيرة وهو الذي كثيرا ما تم اختبار صبره بعد فشل جل الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ انتخابات أكتوبر 2011، في تحقيق الحد الأدنى من وعودها، بل استغرق الفاعلون السياسيون في التجاذبات وطغت الأجندات السياسية والصراعات الإيديولوجية على المشهد العام، ونتوقع أن يكون اختياره في الانتخابات الرئاسية الجديدة المنتظرة في 6 أكتوبر القادم اختيارا موضوعيا، مبنيا على مراعاته لمصلحة البلاد، ولكن ندرك أيضا أن العملية لن تكون سهلة.

لا شيء سيكون سهلا، وواضح أن تكلفة الحرية والاستقلالية لن تكون هينة. فنحن في تونس نتوق إلى طي صفحة الماضي والى الدخول في مرحلة تتيح للمواطنين بدون استثناء فرصة المشاركة في بناء تونس جديدة على أساس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لكن هذه الغاية على بداهتها، لأنه من حق كل الشعوب أن تتوق للأفضل، لا يروق لبعضهم، هذا إن لم يكن مرفوضا أصلا. ومن نحن، حتى نتوق لفرض أحقيتنا في الدفاع عن استقلالية قرارنا الوطني وعن سيادة بلادنا بالكامل؟؟؟

ودرءا للبس، نقول إن بعض الترشحات لرئاسة الجمهورية عفوية وأصحابها وطنيون ولديهم أفكار حقيقية من أجل النهوض بالبلاد، بل من مصلحة تونس أن يكون هناك تنافس ديمقراطي حقيقي نقارع فيه الحجة بالحجة ويتحاجج فيه المترشحون بالأفكار والبرامج، لكن هل هذه غاية الجميع؟ ذلك هو السؤال.

حياة السايب