إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. اذهبوا إلى المريخ إن شئتم.. ولكن وحدوا الصفوف من أجل القضية ..

 

عندما لا تمطر سماء غزة على نسائها وأطفالها ورجالها غير القنابل القاتلة وتزرع الموت والخراب والدمار من غزة إلى جنين والقدس والخليل فلا صوت يجب أن يعلو على صوت الفلسطيني.. وتقصف المستشفيات والمخيمات والمدارس وما بقي منها.. وعندما يعطش أطفال غزة ويجوع أهلها بسبب مصيبة الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته فلا حق لفصيل أو حزب آو حركة أن يرفع صوته في حضرة الشهداء والأبطال الذين يرتقون كل يوم.. وعندما يلاحق أهل غزة في كل اتجاه يسيرون فيه ولا يجدون موقعا آمنا يلوذون به فلا حق لوصاية من زعيم أو مسؤول لا يتجاوز بصره حدود مصلحته السياسية الضيقة وموقعه في المشهد.. ولعلنا لا نبالغ إذا اعتبرنا أنه على وقع الحصيلة الدموية في غزة المكلومة وما آلت إليه جريمة الإبادة من مجازر ترفض أن تتوقف ولا تجد من يردع منفذيها، نقول أن الإصرار على الانقسام والتشتت والصراع تواطؤ وخيانة في حق القضية وفي حق أبنائها.. وأن كل من يرفض إزالة العراقيل أمام وحدة الصف الفلسطيني لا يمكن أن يكون معنيا بإنهاء الاحتلال ..

نعم نقول هذا الكلام ونحن نتابع الأخبار المتواترة والتصريحات من قيادات "فتح" و"حماس" بقبول المشاركة في اجتماعات الحوار التي تعتزم الصين احتضانها خلال أيام في محاولة لكسر الجمود بين أبناء القضية الواحدة وإنقاذ البيت الفلسطيني من الانهيار الحاصل والعبور إلى مصالحة ترفض أن تتحقق.. وإعلان قيادات "فتح" و"حماس" قبول المشاركة في اجتماعات بيكين ليس منة ولا تنازلا ولا تواضعا أيضا من هؤلاء وقبولهم الحوار والتفاوض هو الحدث الطبيعي والعكس يمكن أن يرقى إلى درجة التجريم ..

طبعا ليست هذه المرة الأولى التي يقبل فيها قيادات "فتح" و"حماس" وغيرهما التفاوض في إحدى الدول الصديقة للفلسطينيين، وطالما عقدت لقاءات من تونس إلى مصر والجزائر وماليزيا وروسيا واندونيسيا وقطر وغيرها..، حتى خلنا أن الفلسطينيين أكثر استعدادا للتفاوض وكسر الجمود مع العدو الإسرائيلي من التفاوض المطلوب بين الفلسطينيين أنفسهم الذين يواجهون عدوا شرسا يعرف كيف يستثمر في الخلافات ويؤجج الفتن ويفاقم الصراع فيوسع الاحتلال ويسرق الأرض وينتهك العرض ..

لقاءات فلسطينية- فلسطينية من العلن إلى السرية ولكنها لم تثمر نتيجة ولم تهيئ الأرضية للتقارب المطلوب أو تجنب الأسوأ.. واليوم يعود الإخوة الادعاء والفرقاء إلى التفاوض بدعوة من الصين ولا بديل غير العودة بورقة المصالحة التي دونها لا يمكن قهر الاحتلال وردعه ..

طبعا لا شيء يبدو محسوما فكل فريق من الفصائل الفلسطينية يذهب إلى العاصمة الصينية بيكين مكبلا بسنوات طويلة من عقد القطيعة والتناحر والإصرار على إلغاء الآخر حتى تجاوز الأمر كل الخطوط الحمر ..

ستستمر اللقاءات يومان أو ثلاثة وقد تزيد عن ذلك أو تقل إذا قرر احد الأطراف الانسحاب لأي سبب كان وقد يعود الجميع إلى النقطة الصفر في حال تعذر الحوار وتحول إلى ساحة لتبادل الاتهامات والهروب من مواجهة المسؤولية والاعتراف بالأخطاء الكارثية التي انتهت بالمشهد الفلسطيني.. وهو ما يعني صراحة ودون محاولة تجميل الواقع الذي لن تفلح كل العمليات الجراحية في تجميله دخول المشهد الفلسطيني في منعطف قد يكون الأخطر في مسار القضية الفلسطينية من أي وقت مضى.. والأكيد أن فشلا جديدا في دفع هذا الحوار غير مسموح به وسيوجه رسالة مدمرة للشعب الفلسطيني الذي يفقد ثقته في كل الحركات والقيادات دون استثناء.. ولكنه وهذا الأهم سيوجه رسالة خاطئة للاحتلال ويجعله أكثر إصرارا على مواصلة ما بدأه وتوظيف واستغلال هذا الانقسام في الداخل والخارج لتخفيف الشكوك والاتهامات والانتقادات التي تلاحقه بسبب كل جرائم الحرب التي يقترفها منذ عشرة أشهر في غزة والتوجه إلى تشويه الحركات الفلسطينية لدى حلفائهم في الغرب بدعوى أنهم غير قادرين على تجاوز خلافاتهم وتوحيد صفوفهم وهي طبعا محاولات غبية ولا تخل من الخبث والدهاء يعتمدها الاحتلال لتبرير مخططاته اللامشروعة.. وقناعتنا كانت ولا تزال أن الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني وكل الانقسامات والصراعات الشيطانية في مختلف الأزمات العربية ليست قدرا محتوما ولو توفر الحد الأدنى من التواضع والحكمة والقبول بمراجعة الأخطاء لتم تجاوز الكثير منها حتى لا نقول أغلبها.. لقد أخطأت كل الفصائل في حق نفسها وفي حق بعضها البعض وخطيئتها الكبرى كانت في حق الشعب الفلسطيني الذي دفع ولا يزال يدفع الثمن.. وسيكون من المهم أن يجتمعوا ولو في المريخ أو زحل والمهم ألا يعودوا إلا وقد تصالحوا.. الصين بلد صديق للعرب وللقضية الفلسطينية منذ البداية وهو يفتح ذراعيه لاستقبال الإخوة الأعداء اليوم وأيا تكون قدرة الديبلوماسية الصينية على تهيئة الأرضية للمصالحة الفلسطينية فإنها لا تملك عصا سحرية لتحقيق هذا الهدف وهذا الحلم الذي لا يملك سره غير الفلسطينيين أنفسهم..

اسيا العتروس

 

 

 

ممنوع من الحياد..   اذهبوا إلى المريخ إن شئتم.. ولكن وحدوا الصفوف من أجل القضية ..

 

عندما لا تمطر سماء غزة على نسائها وأطفالها ورجالها غير القنابل القاتلة وتزرع الموت والخراب والدمار من غزة إلى جنين والقدس والخليل فلا صوت يجب أن يعلو على صوت الفلسطيني.. وتقصف المستشفيات والمخيمات والمدارس وما بقي منها.. وعندما يعطش أطفال غزة ويجوع أهلها بسبب مصيبة الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته فلا حق لفصيل أو حزب آو حركة أن يرفع صوته في حضرة الشهداء والأبطال الذين يرتقون كل يوم.. وعندما يلاحق أهل غزة في كل اتجاه يسيرون فيه ولا يجدون موقعا آمنا يلوذون به فلا حق لوصاية من زعيم أو مسؤول لا يتجاوز بصره حدود مصلحته السياسية الضيقة وموقعه في المشهد.. ولعلنا لا نبالغ إذا اعتبرنا أنه على وقع الحصيلة الدموية في غزة المكلومة وما آلت إليه جريمة الإبادة من مجازر ترفض أن تتوقف ولا تجد من يردع منفذيها، نقول أن الإصرار على الانقسام والتشتت والصراع تواطؤ وخيانة في حق القضية وفي حق أبنائها.. وأن كل من يرفض إزالة العراقيل أمام وحدة الصف الفلسطيني لا يمكن أن يكون معنيا بإنهاء الاحتلال ..

نعم نقول هذا الكلام ونحن نتابع الأخبار المتواترة والتصريحات من قيادات "فتح" و"حماس" بقبول المشاركة في اجتماعات الحوار التي تعتزم الصين احتضانها خلال أيام في محاولة لكسر الجمود بين أبناء القضية الواحدة وإنقاذ البيت الفلسطيني من الانهيار الحاصل والعبور إلى مصالحة ترفض أن تتحقق.. وإعلان قيادات "فتح" و"حماس" قبول المشاركة في اجتماعات بيكين ليس منة ولا تنازلا ولا تواضعا أيضا من هؤلاء وقبولهم الحوار والتفاوض هو الحدث الطبيعي والعكس يمكن أن يرقى إلى درجة التجريم ..

طبعا ليست هذه المرة الأولى التي يقبل فيها قيادات "فتح" و"حماس" وغيرهما التفاوض في إحدى الدول الصديقة للفلسطينيين، وطالما عقدت لقاءات من تونس إلى مصر والجزائر وماليزيا وروسيا واندونيسيا وقطر وغيرها..، حتى خلنا أن الفلسطينيين أكثر استعدادا للتفاوض وكسر الجمود مع العدو الإسرائيلي من التفاوض المطلوب بين الفلسطينيين أنفسهم الذين يواجهون عدوا شرسا يعرف كيف يستثمر في الخلافات ويؤجج الفتن ويفاقم الصراع فيوسع الاحتلال ويسرق الأرض وينتهك العرض ..

لقاءات فلسطينية- فلسطينية من العلن إلى السرية ولكنها لم تثمر نتيجة ولم تهيئ الأرضية للتقارب المطلوب أو تجنب الأسوأ.. واليوم يعود الإخوة الادعاء والفرقاء إلى التفاوض بدعوة من الصين ولا بديل غير العودة بورقة المصالحة التي دونها لا يمكن قهر الاحتلال وردعه ..

طبعا لا شيء يبدو محسوما فكل فريق من الفصائل الفلسطينية يذهب إلى العاصمة الصينية بيكين مكبلا بسنوات طويلة من عقد القطيعة والتناحر والإصرار على إلغاء الآخر حتى تجاوز الأمر كل الخطوط الحمر ..

ستستمر اللقاءات يومان أو ثلاثة وقد تزيد عن ذلك أو تقل إذا قرر احد الأطراف الانسحاب لأي سبب كان وقد يعود الجميع إلى النقطة الصفر في حال تعذر الحوار وتحول إلى ساحة لتبادل الاتهامات والهروب من مواجهة المسؤولية والاعتراف بالأخطاء الكارثية التي انتهت بالمشهد الفلسطيني.. وهو ما يعني صراحة ودون محاولة تجميل الواقع الذي لن تفلح كل العمليات الجراحية في تجميله دخول المشهد الفلسطيني في منعطف قد يكون الأخطر في مسار القضية الفلسطينية من أي وقت مضى.. والأكيد أن فشلا جديدا في دفع هذا الحوار غير مسموح به وسيوجه رسالة مدمرة للشعب الفلسطيني الذي يفقد ثقته في كل الحركات والقيادات دون استثناء.. ولكنه وهذا الأهم سيوجه رسالة خاطئة للاحتلال ويجعله أكثر إصرارا على مواصلة ما بدأه وتوظيف واستغلال هذا الانقسام في الداخل والخارج لتخفيف الشكوك والاتهامات والانتقادات التي تلاحقه بسبب كل جرائم الحرب التي يقترفها منذ عشرة أشهر في غزة والتوجه إلى تشويه الحركات الفلسطينية لدى حلفائهم في الغرب بدعوى أنهم غير قادرين على تجاوز خلافاتهم وتوحيد صفوفهم وهي طبعا محاولات غبية ولا تخل من الخبث والدهاء يعتمدها الاحتلال لتبرير مخططاته اللامشروعة.. وقناعتنا كانت ولا تزال أن الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني وكل الانقسامات والصراعات الشيطانية في مختلف الأزمات العربية ليست قدرا محتوما ولو توفر الحد الأدنى من التواضع والحكمة والقبول بمراجعة الأخطاء لتم تجاوز الكثير منها حتى لا نقول أغلبها.. لقد أخطأت كل الفصائل في حق نفسها وفي حق بعضها البعض وخطيئتها الكبرى كانت في حق الشعب الفلسطيني الذي دفع ولا يزال يدفع الثمن.. وسيكون من المهم أن يجتمعوا ولو في المريخ أو زحل والمهم ألا يعودوا إلا وقد تصالحوا.. الصين بلد صديق للعرب وللقضية الفلسطينية منذ البداية وهو يفتح ذراعيه لاستقبال الإخوة الأعداء اليوم وأيا تكون قدرة الديبلوماسية الصينية على تهيئة الأرضية للمصالحة الفلسطينية فإنها لا تملك عصا سحرية لتحقيق هذا الهدف وهذا الحلم الذي لا يملك سره غير الفلسطينيين أنفسهم..

اسيا العتروس