شهدت أسعار الذهب في الأسواق العالمية ارتفاعا جديدا خلال اليومين الماضيين، ليرتفع ثمن الغرام الخام منه من 76 دولارا الى حدود 78.5 دولارا وهو ما يقابل 140 دينارا تونسيا.
وينعكس هذا التطور في أسعار الذهب بطريقة مباشرة على سوق المصوغ التونسية، أين ساهم في ارتفاع أسعار بيع ذوق 18 منه من 170 إلى 180 دينارا، في حين يكون ثمن الذهب الموجه للرسكلة (الكاس) في حدود 176 دينارا. ويكون سعر بيع الغرام من الذهب المستعمل والقابل لإعادة البيع بين 215 و220 دينارا أما الذهب الجديد فتتراوح أسعاره بين الـ240 و250 دينارا.
وسنويا تشهد أسعار تداول المصوغ في تونس ارتفاعا دوريا، أثر بصفة واضحة على حركة بيعه وشرائه ليتحول معها سوق البركة إلى فضاء شاغر من حرفائه يعرف حالة ركود شبه دائمة .
وشدد حاتم بن يوسف رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ، على أهمية حسن اختيار التونسي لمصدر شراء مقتنياته من الذهب، وأن يكون من أسواق المصاغة ومن تجار المصوغ المعلوم صفاتهم وأماكن عملهم. حتى يحصن نفسه من إمكانيات وفرضيات التحيل والغش.
ويعتبر رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ، أن المشكل المطروح اليوم على مستوى سوق المصوغ، لا يرتبط بالارتفاع المسجل في أسعار الذهب، بل بانهيار المقدرة الشرائية للتونسي، الذي أصبح غير قادر على التوفيق بين تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار وتطور أسعار الذهب على المستوى العالمي والمحلي على حد السواء. فخلال العشر سنوات الأخيرة مثلا، تراجع سعر الدينار مقابل الدولار من 1,6 الى أكثر من 3 مرات.
وأفاد أن حالة الركود التي يشهدها سوق المصوغ والتراجع المستمر لقيمة الدينار مقابل الدولار، تسبب في تراجع حجم المبادلات في سوق المصوغ ما بين 50 و70 %. وقال إنه منذ عشر سنوات مضت، كان سوق البركة وسط تونس العاصمة مثلا خلال الصائفة ومواسم الأفراح والمناسبات، يسجل إقبالا منذ الساعات الأولى للصباح، وبمجرد فتح باب السوق الذي يغلق خلال الليل، تنطلق معاملات البيع والشراء في حين اليوم مثلا في الكثير من الأحيان تعرف السوق حالة ركود ويبقى الصاغية إلى غاية الساعة الحادية عشرة والواحدة بعد الزوال ينتظرون أول حريف.
وبين حاتم بن يوسف أن التونسي، اضطر أمام تراجع مقدرته الشرائية الى تغيير عاداته في الأعراس والمناسبات، واتجه الكثير من العرسان مثلا الى تعويض الذهب بـ"البلاكيور" أو الفضة المنقوعة في الذهب. مشيرا الى أن كلفة مصوغ وزنه في حدود 50 غرام منذ عشر سنوات كانت في حدود 3 آلاف دينار، وأصبحت اليوم كلفتها في حدود 5 آلاف دينار.
ولم يقتصر هذا التغيير في سلوك حرفاء المصوغ على السوق التونسية فقط، بل شمل أكثر من دولة فمثلا أسواق السعودية اليوم شهدت فتح محلات جديدة للمصوغ مختصة في بيع الفضة المنقوعة في الذهب و"البلاتين" لتلبية طلب المعتمرين والحجاج من تونس مثلا ومصر والمغرب والجزائر.. وغيرهم من الدول التي عرفت قدرتها الشرائية تراجعا.
وأوضح أن الضرر الذي يلحق المواطن التونسي في علاقة بسوق تداول الذهب، مضاعف، فمن ناحية عرفت مقدرته الشرائية تراجعا كبيرا عجز معه عن مجاراة متطلبات عاداته وتقاليده المتعلقة باقتناء الذهب خلال الأفراح والمناسبات.
وارتفع سعر الغرام من الذهب خلال العشر سنوات الماضية، من 47 دولارا الى 78,5 دولارا، أي أنه تضاعف تقريبا. ويرى رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ أنه أمر عادي، باعتبار المدة. وكان يمكن أن يكون تأثيره بسيطا على التونسيين لولا حالة الانهيار التي أصابت الدينار مقابل الدولار.
وما يزيد في تعميق مشكل تبادل الذهب في تونس وانتشار عمليات الغش والتحيل وكثرة الدخلاء والسماسرة، هو تواصل غلق مكتب باب الطابع، مكتب الضمان والجهة المخول لها تقييم الذهب وإعادة تعييره. وذكر أنه من غير المنطقي اليوم تواصل منع إعادة بيع الذهب غير المطبوع في السوق التونسية. فتلك ثروة مهدورة، والبلاد بصدد خسارتها وعدم الاستفادة منها. وكشف أن حجم كتلة الذهب المهدورة وغير الحاملة للتعيير ليست بسيطة فهي تصل على المستوى الوطني إلى آلاف الأطنان التي يتم استغلالها في تبييض الأموال من قبل لوبيات وعصابات، لكن الدولة قادرة على مجابهتها بمجرد إعادة فتح مكتب الضمان. هذا إلى جانب ما ستربحه البلاد من أداءات على عمليات التعيير وتخفيف الضغط على البنك المركزي المصدر الوحيد لبيع الذهب والحركة الاقتصادية لسوق صناعة وبيع المصوغ.
ريم سوودي
تونس- الصباح
شهدت أسعار الذهب في الأسواق العالمية ارتفاعا جديدا خلال اليومين الماضيين، ليرتفع ثمن الغرام الخام منه من 76 دولارا الى حدود 78.5 دولارا وهو ما يقابل 140 دينارا تونسيا.
وينعكس هذا التطور في أسعار الذهب بطريقة مباشرة على سوق المصوغ التونسية، أين ساهم في ارتفاع أسعار بيع ذوق 18 منه من 170 إلى 180 دينارا، في حين يكون ثمن الذهب الموجه للرسكلة (الكاس) في حدود 176 دينارا. ويكون سعر بيع الغرام من الذهب المستعمل والقابل لإعادة البيع بين 215 و220 دينارا أما الذهب الجديد فتتراوح أسعاره بين الـ240 و250 دينارا.
وسنويا تشهد أسعار تداول المصوغ في تونس ارتفاعا دوريا، أثر بصفة واضحة على حركة بيعه وشرائه ليتحول معها سوق البركة إلى فضاء شاغر من حرفائه يعرف حالة ركود شبه دائمة .
وشدد حاتم بن يوسف رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ، على أهمية حسن اختيار التونسي لمصدر شراء مقتنياته من الذهب، وأن يكون من أسواق المصاغة ومن تجار المصوغ المعلوم صفاتهم وأماكن عملهم. حتى يحصن نفسه من إمكانيات وفرضيات التحيل والغش.
ويعتبر رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ، أن المشكل المطروح اليوم على مستوى سوق المصوغ، لا يرتبط بالارتفاع المسجل في أسعار الذهب، بل بانهيار المقدرة الشرائية للتونسي، الذي أصبح غير قادر على التوفيق بين تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار وتطور أسعار الذهب على المستوى العالمي والمحلي على حد السواء. فخلال العشر سنوات الأخيرة مثلا، تراجع سعر الدينار مقابل الدولار من 1,6 الى أكثر من 3 مرات.
وأفاد أن حالة الركود التي يشهدها سوق المصوغ والتراجع المستمر لقيمة الدينار مقابل الدولار، تسبب في تراجع حجم المبادلات في سوق المصوغ ما بين 50 و70 %. وقال إنه منذ عشر سنوات مضت، كان سوق البركة وسط تونس العاصمة مثلا خلال الصائفة ومواسم الأفراح والمناسبات، يسجل إقبالا منذ الساعات الأولى للصباح، وبمجرد فتح باب السوق الذي يغلق خلال الليل، تنطلق معاملات البيع والشراء في حين اليوم مثلا في الكثير من الأحيان تعرف السوق حالة ركود ويبقى الصاغية إلى غاية الساعة الحادية عشرة والواحدة بعد الزوال ينتظرون أول حريف.
وبين حاتم بن يوسف أن التونسي، اضطر أمام تراجع مقدرته الشرائية الى تغيير عاداته في الأعراس والمناسبات، واتجه الكثير من العرسان مثلا الى تعويض الذهب بـ"البلاكيور" أو الفضة المنقوعة في الذهب. مشيرا الى أن كلفة مصوغ وزنه في حدود 50 غرام منذ عشر سنوات كانت في حدود 3 آلاف دينار، وأصبحت اليوم كلفتها في حدود 5 آلاف دينار.
ولم يقتصر هذا التغيير في سلوك حرفاء المصوغ على السوق التونسية فقط، بل شمل أكثر من دولة فمثلا أسواق السعودية اليوم شهدت فتح محلات جديدة للمصوغ مختصة في بيع الفضة المنقوعة في الذهب و"البلاتين" لتلبية طلب المعتمرين والحجاج من تونس مثلا ومصر والمغرب والجزائر.. وغيرهم من الدول التي عرفت قدرتها الشرائية تراجعا.
وأوضح أن الضرر الذي يلحق المواطن التونسي في علاقة بسوق تداول الذهب، مضاعف، فمن ناحية عرفت مقدرته الشرائية تراجعا كبيرا عجز معه عن مجاراة متطلبات عاداته وتقاليده المتعلقة باقتناء الذهب خلال الأفراح والمناسبات.
وارتفع سعر الغرام من الذهب خلال العشر سنوات الماضية، من 47 دولارا الى 78,5 دولارا، أي أنه تضاعف تقريبا. ويرى رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ أنه أمر عادي، باعتبار المدة. وكان يمكن أن يكون تأثيره بسيطا على التونسيين لولا حالة الانهيار التي أصابت الدينار مقابل الدولار.
وما يزيد في تعميق مشكل تبادل الذهب في تونس وانتشار عمليات الغش والتحيل وكثرة الدخلاء والسماسرة، هو تواصل غلق مكتب باب الطابع، مكتب الضمان والجهة المخول لها تقييم الذهب وإعادة تعييره. وذكر أنه من غير المنطقي اليوم تواصل منع إعادة بيع الذهب غير المطبوع في السوق التونسية. فتلك ثروة مهدورة، والبلاد بصدد خسارتها وعدم الاستفادة منها. وكشف أن حجم كتلة الذهب المهدورة وغير الحاملة للتعيير ليست بسيطة فهي تصل على المستوى الوطني إلى آلاف الأطنان التي يتم استغلالها في تبييض الأموال من قبل لوبيات وعصابات، لكن الدولة قادرة على مجابهتها بمجرد إعادة فتح مكتب الضمان. هذا إلى جانب ما ستربحه البلاد من أداءات على عمليات التعيير وتخفيف الضغط على البنك المركزي المصدر الوحيد لبيع الذهب والحركة الاقتصادية لسوق صناعة وبيع المصوغ.