هل الجيل الجديد قادر على تحقيق حلم امتلاك منزل في تونس؟ تبقى الإجابة على هذا السؤال معلقة، مثلما تغيب عديد التفاصيل عن واقع قطاع العقارات والسكن في تونس. فرغم توجهات الدولة والسياسات المتبعة، سواء من قبل وزارة التجهيز أو مختلف الأطراف المتدخلة في القطاع لإيجاد تصورات ووضع استراتيجيات جديدة فإن هذا القطاع يعيش "انتكاسة" غير مسبوقة بشهادة عديد المتدخلين.
وأنت تتصفح بعض مواقع العقارات وبيع الشقق تصطدم بأسعار فوق الخيال. فثمن شقة في طور البناء متكونة من غرفتين بمساحة لا تتعدى 100 متر مربع يتجاوز 350 ألف دينار.
وتعكس عديد المؤشرات الرسمية حقيقة ما يمر به القطاع في السنوات الأخيرة وقد كشفت وزارة التجهيز عن تراجع عدد رخص البناء من 22761 رخصة سنة 2015، الى 15086 رخصة سنة 2022، إلى جانب تقلص عدد المساكن من 43488 مسكنا إلى 27401 مسكن بين 2015 و2022.
كما سجل المؤشر العام لأسعار العقارات ارتفاعا خلال الفترة بين 2015-2020 وذلك بنسبة 7.7 بالمائة كمعدل مسجل في أسعار الشقق، و5.1 بالمائة كمعدل مسجل في أسعار المنازل، و5.7 بالمائة كمعدل مسجل في أسعار الأراضي المعدة للبناء.
وكانت وزارة التجهيز أقرت في عديد المناسبات بوجود الصعوبات وإشكاليات التي تتعلق بالقطاع، أبرزها له علاقة بتوفير الأراضي السكنية، حيث تقر الوزارة بعدم قدرة القطاع المنظم على توفير الأراضي المهيأة الصالحة للبناء، لتواكب التطور الديمغرافي والعمراني الذي شهدته البلاد خلال العقدين الأخيرين.
وتؤكّد الوزارة عدم قدرة أدوات التخطيط العمراني على مواكبة التطور العمراني السريع الذي تشهده مختلف المدن، باعتبار أن أمثلة التهيئة العمرانية هي أدوات ترتيبية تحدد استعمال الأرض، ويقتصر دورها، حاليا، على تسوية الوضعيات العمرانية القائمة، بدلا من استباق التوسع العمراني.
كما أن طول إجراءات تغيير الصبغة، إذ يتجاوز معدل مراجعة مثال تهيئة عمراني 5 سنوات، له تأثيره، وفي المقابل يتزايد الضغط العمراني، خاصة في التجمعات العمرانية الكبرى، مما أدى إلى انتشار البناء العشوائي.
وتتجلّى الصّعوبات، أيضا، في عدم إقبال الخواص على إنجاز تقسيمات، نظرا لطول الإجراءات الإدارية وارتفاع كلفة التهيئة، مع اقتصار تدخل الباعثين العقاريين الخواص على تهيئة الأراضي المخصّصة لإنجاز مشاريعهم، إضافة الى تعقد معالجة ملفات التقسيمات ورخص البناء.
وتبرز، كذلك، إشكاليات أخرى، من قبيل ندرة الأراضي الصالحة للبناء وتقلص المدخرات العقارية للوكالة العقارية للسكنى وتراجع إنتاجها، مما ساهم في ارتفاع كلفة المساكن وتراجع إنجاز المشاريع السكنية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، لضعف مردوديتها، وارتفاع مشط لأثمان الأراضي المعروضة للبيع وتزايد المضاربات العقارية.
وفي هذا السياق قال جمال الكسيبي رئيس الغرفة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العمومية إن كلفة السكن في تونس ارتفعت لأسباب عديدة، منها أن الضرائب على السكن في تونس هي الأعلى في العالم ولذلك يجب تخفيف الضغط الجبائي الذي يفوق 30 بالمائة، سواء على مواد البناء أو بالنسبة للتسجيل. كما أن فوائد البنوك تتجاوز نظيراتها في البلدان الكبرى، وهذا تسبب في ضرب القطاع إضافة الى التعقيدات الإدارية المتعلقة برخص البناء إذ يتجاوز الحصول على الرخصة السنة.
وشدد الكسيبي في حدثيه لـ"الصباح" على ضرورة أن يكون قطاع السكن سياسة وطنية، داعيا الى أن تكون كلفة تمويل مسكن أول ما بين 1 و3 بالمائة على أقصى تقدير.
وكان مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والإسكان، نجيب السنوسي، أقر في حديثه الأخير لـ"وات" "أن آلية قرض المسكن الأول لم تلق النّجاح المطلوب منذ إرسائها في سنة 2017. حيث كشف أنه منذ إحداث هذه الآلية، تم تسجيل حوالي 2800 عملية تمويل شراء مسكن.
واعتبر أن ضعف هذا الرقم يعود الى ارتفاع نسبة الفائدة في السوق النقدية ما أعاق الإقبال على آلية قرض السكن الأول بالنظر الى ارتفاع كلفة سداد القرض.
وأبرز السنوسي، أن هذا البرنامج أحدث استجابة للظروف التي تمر بها العائلات التونسية المتوسطة الدخل في توفير التمويل الذاتي باعتبار أن البنوك تطلب من المنتفع وجوب توفير 20 بالمائة كتمويل ذاتي للحصول على قرض السكن.
وقرض المسكن الأول، هو قرض ميسر من خلال الحصول على قرض في حدود 20 بالمائة من ثمن المسكن بنسبة فائدة 2 بالمائة مع خمس سنوات إمهال ويسدد على مدة سداد القرض الأصلي من البنك.
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
هل الجيل الجديد قادر على تحقيق حلم امتلاك منزل في تونس؟ تبقى الإجابة على هذا السؤال معلقة، مثلما تغيب عديد التفاصيل عن واقع قطاع العقارات والسكن في تونس. فرغم توجهات الدولة والسياسات المتبعة، سواء من قبل وزارة التجهيز أو مختلف الأطراف المتدخلة في القطاع لإيجاد تصورات ووضع استراتيجيات جديدة فإن هذا القطاع يعيش "انتكاسة" غير مسبوقة بشهادة عديد المتدخلين.
وأنت تتصفح بعض مواقع العقارات وبيع الشقق تصطدم بأسعار فوق الخيال. فثمن شقة في طور البناء متكونة من غرفتين بمساحة لا تتعدى 100 متر مربع يتجاوز 350 ألف دينار.
وتعكس عديد المؤشرات الرسمية حقيقة ما يمر به القطاع في السنوات الأخيرة وقد كشفت وزارة التجهيز عن تراجع عدد رخص البناء من 22761 رخصة سنة 2015، الى 15086 رخصة سنة 2022، إلى جانب تقلص عدد المساكن من 43488 مسكنا إلى 27401 مسكن بين 2015 و2022.
كما سجل المؤشر العام لأسعار العقارات ارتفاعا خلال الفترة بين 2015-2020 وذلك بنسبة 7.7 بالمائة كمعدل مسجل في أسعار الشقق، و5.1 بالمائة كمعدل مسجل في أسعار المنازل، و5.7 بالمائة كمعدل مسجل في أسعار الأراضي المعدة للبناء.
وكانت وزارة التجهيز أقرت في عديد المناسبات بوجود الصعوبات وإشكاليات التي تتعلق بالقطاع، أبرزها له علاقة بتوفير الأراضي السكنية، حيث تقر الوزارة بعدم قدرة القطاع المنظم على توفير الأراضي المهيأة الصالحة للبناء، لتواكب التطور الديمغرافي والعمراني الذي شهدته البلاد خلال العقدين الأخيرين.
وتؤكّد الوزارة عدم قدرة أدوات التخطيط العمراني على مواكبة التطور العمراني السريع الذي تشهده مختلف المدن، باعتبار أن أمثلة التهيئة العمرانية هي أدوات ترتيبية تحدد استعمال الأرض، ويقتصر دورها، حاليا، على تسوية الوضعيات العمرانية القائمة، بدلا من استباق التوسع العمراني.
كما أن طول إجراءات تغيير الصبغة، إذ يتجاوز معدل مراجعة مثال تهيئة عمراني 5 سنوات، له تأثيره، وفي المقابل يتزايد الضغط العمراني، خاصة في التجمعات العمرانية الكبرى، مما أدى إلى انتشار البناء العشوائي.
وتتجلّى الصّعوبات، أيضا، في عدم إقبال الخواص على إنجاز تقسيمات، نظرا لطول الإجراءات الإدارية وارتفاع كلفة التهيئة، مع اقتصار تدخل الباعثين العقاريين الخواص على تهيئة الأراضي المخصّصة لإنجاز مشاريعهم، إضافة الى تعقد معالجة ملفات التقسيمات ورخص البناء.
وتبرز، كذلك، إشكاليات أخرى، من قبيل ندرة الأراضي الصالحة للبناء وتقلص المدخرات العقارية للوكالة العقارية للسكنى وتراجع إنتاجها، مما ساهم في ارتفاع كلفة المساكن وتراجع إنجاز المشاريع السكنية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، لضعف مردوديتها، وارتفاع مشط لأثمان الأراضي المعروضة للبيع وتزايد المضاربات العقارية.
وفي هذا السياق قال جمال الكسيبي رئيس الغرفة الوطنية لمؤسسات البناء والأشغال العمومية إن كلفة السكن في تونس ارتفعت لأسباب عديدة، منها أن الضرائب على السكن في تونس هي الأعلى في العالم ولذلك يجب تخفيف الضغط الجبائي الذي يفوق 30 بالمائة، سواء على مواد البناء أو بالنسبة للتسجيل. كما أن فوائد البنوك تتجاوز نظيراتها في البلدان الكبرى، وهذا تسبب في ضرب القطاع إضافة الى التعقيدات الإدارية المتعلقة برخص البناء إذ يتجاوز الحصول على الرخصة السنة.
وشدد الكسيبي في حدثيه لـ"الصباح" على ضرورة أن يكون قطاع السكن سياسة وطنية، داعيا الى أن تكون كلفة تمويل مسكن أول ما بين 1 و3 بالمائة على أقصى تقدير.
وكان مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والإسكان، نجيب السنوسي، أقر في حديثه الأخير لـ"وات" "أن آلية قرض المسكن الأول لم تلق النّجاح المطلوب منذ إرسائها في سنة 2017. حيث كشف أنه منذ إحداث هذه الآلية، تم تسجيل حوالي 2800 عملية تمويل شراء مسكن.
واعتبر أن ضعف هذا الرقم يعود الى ارتفاع نسبة الفائدة في السوق النقدية ما أعاق الإقبال على آلية قرض السكن الأول بالنظر الى ارتفاع كلفة سداد القرض.
وأبرز السنوسي، أن هذا البرنامج أحدث استجابة للظروف التي تمر بها العائلات التونسية المتوسطة الدخل في توفير التمويل الذاتي باعتبار أن البنوك تطلب من المنتفع وجوب توفير 20 بالمائة كتمويل ذاتي للحصول على قرض السكن.
وقرض المسكن الأول، هو قرض ميسر من خلال الحصول على قرض في حدود 20 بالمائة من ثمن المسكن بنسبة فائدة 2 بالمائة مع خمس سنوات إمهال ويسدد على مدة سداد القرض الأصلي من البنك.