إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كلام مباح.. الرهان الثقافي في المهرجانات.. مجرد إدعاء

تونس - الصباح

يقترن البعد الثقافي للمهرجانات والتظاهرات الفنية بشروط عدة، أهمّها انسجام البرامج المقترحة مع الهوية ومساحة الإبداع وفرادة التصورات والبحث والتجديد في مجالات الفنون. ومن هذا المنطلق فإن تصنيف عروض من المهرجانات في خانة السهرات ذات البعد الثقافي يتطلب ضرورة التزام أصحابها بمنجز فني مجدد يحمل مقومات الجودة والحرفية والمهنية ..

ولكن متابعتنا لمضامين المهرجانات التونسية ذات البعد الإبداعي انطلاقا من غايات تأسيسها تكشف أن "الرهان الثقافي" مجرد إدعاء. فأغلب العروض خاصة في هذا الموسم، اقرب للفن المستهلك منها للابداع، وبعضها يفتقر لمقومات الخلق والابتكار والتفرد والبحث الفني.

فالسهرات العربية التي تقترحها المهرجانات الدولية التونسية، معظمها لأصوات تردد أغاني كبار الفنانين، وتتغذى على رصيد الخزينة الموسيقية العربية وأحيانا "بتواطئ" من القائمين على بعض التظاهرات التي تدعي أن حضور نوعية من الفنانين لا تملك اي انتاج خاص وهي بلا رصيد غنائي يخول لها اعتلاء مسارحنا وخاصة المسارح ذات الصيت العالمي، انتصارا للثقافة !!

فهل اقتراح برنامج غنائي لفنان (ة) عربي (ة) في مهرجان تونسي دولي يقوم أساسا على أغاني أم كلثوم، نجاة الصغيرة، فيروز، ملحم بركات... وغيرهم مع مجاملة للجماهير التونسية عبر ترديد أغنية من تراثنا أو من أعمال كبار فنانينا هو رهان على الثقافة؟! هذه الظاهرة الملفتة، وتنسحب على مضامين أغلب المهرجانات، هي مجرد "ضحك على الذقون" عبر استضافة أسماء في بداية تجربتها الفنية تملك رصيدا قليلا من الأغاني الخاصة وأحيانا منعدما وتعول على إرث الأجداد الموسيقي لتأثيث مهرجاناتنا ..

إن بلادنا تمنح مكانة وإشعاعا لهؤلاء في تونس وخارجها بفضل حضورهم وبرمجتهم- بسهولة- في أكبر تظاهراتنا الدولية، وفي المقابل تحافظ التظاهرات الصيفية التونسية على صفة "الدولية" في خياراتها دون بذل الكثير من الجهد في البحث والتجديد ..

وعادة ما يتعلل القائمون على المهرجانات بعائق الميزانيات الضعيفة ودورها في تحديد البرمجة وكم هي واهية، هذه التعلة في ظل عالم مفتوح يمكن بكبسة زر تغير المعادلات وإعادة تشكيل الذائقة الفنية دون "الاجترار" المجاني لأعمال الكبار ...

أما الفنان التونسي في خضم هذه الخيارات والتصورات فهو يظل الحلقة الأضعف. فهو في عرف المنظمين أو جلهم غير مؤهل ليكون "نجما" لمثل هذه السهرات ويصنف في "خانة المحلية"، في المقابل لا يجد ضالته خارج بلاده على خلاف الترحيب الكبير الذي تتمتع به معظم الأسماء العربية في تونس بمختلف درجات نجاحها ابتداء من المطربين الكبار مرورا بالأصوات الطربية في بداية الطريق إلى نجوم الأغاني "التجارية"، وحتى وإن كان للفنان التونسي إنتاج جديد أو مشروع فني قائم على البحث الموسيقي فحضوره مرهون بملف وقائمة انتظار وشروط "على مقاس المحلية" ...

الرهان الثقافي للمهرجانات الصيفية التونسية يحتاج لعمل أعمق واشتغال على المقومات والمضامين ومعايير الاختيار، بعيدا عن الشعارات الرنانة مع التقييم الموضوعي والالتزام بمبدأ المحاسبة، لان المهرجانات في النهاية تقتات من المال العمومي بدرجة كبرى، والهدف هو البناء وتطوير العمل الثقافي القادر على دفع التنمية الاقتصادية في البلاد ويكون بذلك الرهان الثقافي في المهرجانات قوة مقترح للتغير عبر الفنون حتى لا تظل التظاهرات التونسية فلكلورا يدعي "الثقافة" ..

 

نجلاء قموع

تونس - الصباح

يقترن البعد الثقافي للمهرجانات والتظاهرات الفنية بشروط عدة، أهمّها انسجام البرامج المقترحة مع الهوية ومساحة الإبداع وفرادة التصورات والبحث والتجديد في مجالات الفنون. ومن هذا المنطلق فإن تصنيف عروض من المهرجانات في خانة السهرات ذات البعد الثقافي يتطلب ضرورة التزام أصحابها بمنجز فني مجدد يحمل مقومات الجودة والحرفية والمهنية ..

ولكن متابعتنا لمضامين المهرجانات التونسية ذات البعد الإبداعي انطلاقا من غايات تأسيسها تكشف أن "الرهان الثقافي" مجرد إدعاء. فأغلب العروض خاصة في هذا الموسم، اقرب للفن المستهلك منها للابداع، وبعضها يفتقر لمقومات الخلق والابتكار والتفرد والبحث الفني.

فالسهرات العربية التي تقترحها المهرجانات الدولية التونسية، معظمها لأصوات تردد أغاني كبار الفنانين، وتتغذى على رصيد الخزينة الموسيقية العربية وأحيانا "بتواطئ" من القائمين على بعض التظاهرات التي تدعي أن حضور نوعية من الفنانين لا تملك اي انتاج خاص وهي بلا رصيد غنائي يخول لها اعتلاء مسارحنا وخاصة المسارح ذات الصيت العالمي، انتصارا للثقافة !!

فهل اقتراح برنامج غنائي لفنان (ة) عربي (ة) في مهرجان تونسي دولي يقوم أساسا على أغاني أم كلثوم، نجاة الصغيرة، فيروز، ملحم بركات... وغيرهم مع مجاملة للجماهير التونسية عبر ترديد أغنية من تراثنا أو من أعمال كبار فنانينا هو رهان على الثقافة؟! هذه الظاهرة الملفتة، وتنسحب على مضامين أغلب المهرجانات، هي مجرد "ضحك على الذقون" عبر استضافة أسماء في بداية تجربتها الفنية تملك رصيدا قليلا من الأغاني الخاصة وأحيانا منعدما وتعول على إرث الأجداد الموسيقي لتأثيث مهرجاناتنا ..

إن بلادنا تمنح مكانة وإشعاعا لهؤلاء في تونس وخارجها بفضل حضورهم وبرمجتهم- بسهولة- في أكبر تظاهراتنا الدولية، وفي المقابل تحافظ التظاهرات الصيفية التونسية على صفة "الدولية" في خياراتها دون بذل الكثير من الجهد في البحث والتجديد ..

وعادة ما يتعلل القائمون على المهرجانات بعائق الميزانيات الضعيفة ودورها في تحديد البرمجة وكم هي واهية، هذه التعلة في ظل عالم مفتوح يمكن بكبسة زر تغير المعادلات وإعادة تشكيل الذائقة الفنية دون "الاجترار" المجاني لأعمال الكبار ...

أما الفنان التونسي في خضم هذه الخيارات والتصورات فهو يظل الحلقة الأضعف. فهو في عرف المنظمين أو جلهم غير مؤهل ليكون "نجما" لمثل هذه السهرات ويصنف في "خانة المحلية"، في المقابل لا يجد ضالته خارج بلاده على خلاف الترحيب الكبير الذي تتمتع به معظم الأسماء العربية في تونس بمختلف درجات نجاحها ابتداء من المطربين الكبار مرورا بالأصوات الطربية في بداية الطريق إلى نجوم الأغاني "التجارية"، وحتى وإن كان للفنان التونسي إنتاج جديد أو مشروع فني قائم على البحث الموسيقي فحضوره مرهون بملف وقائمة انتظار وشروط "على مقاس المحلية" ...

الرهان الثقافي للمهرجانات الصيفية التونسية يحتاج لعمل أعمق واشتغال على المقومات والمضامين ومعايير الاختيار، بعيدا عن الشعارات الرنانة مع التقييم الموضوعي والالتزام بمبدأ المحاسبة، لان المهرجانات في النهاية تقتات من المال العمومي بدرجة كبرى، والهدف هو البناء وتطوير العمل الثقافي القادر على دفع التنمية الاقتصادية في البلاد ويكون بذلك الرهان الثقافي في المهرجانات قوة مقترح للتغير عبر الفنون حتى لا تظل التظاهرات التونسية فلكلورا يدعي "الثقافة" ..

 

نجلاء قموع