إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الجفاف ضاعف مشاكل تزودهم.. 950 ألف تونسي بلا ماء.. وتراجع التساقطات عمق أزمتهم

 

 

تونس-الصباح

حالة العطش ورحلة البحث عن الماء وصعوبة الوصول الى مصدر نقي يصلح للاستهلاك والشرب، مسألة أصبح يتعايش معها نساء وسكان عديد المناطق في تونس. تجمعات سكانية غير مرئية لا تدخل تحت طائلة الأرقام.. ليس هناك تعداد رسمي لها فهي خارج أنظمة الربط بشبكات الماء الصالح للشرب، التابعة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أو حتى الجمعيات المائية.

أسماء هذه المناطق والتجمعات غير متداولة ولا تشملها زيارات المسؤولين، كيلومترات تفصلها عن أقرب مركز مدينة.

وللإشارة آخر أخبار هذه التجمعات السكانية خلال نهاية الأسبوع الماضي، تمثل في حادثة وفاة امرأة في العقد الخامس في منطقة الزويتينة الريفية التابعة لمعتمدية عين دراهم بعد سقوطها في بئر أثناء محاولة جلب للماء.

وفي العموم ترتبط أخبارهم بأزمة العطش التي يعيشونها. فقبلها، تم تداول أخبار منطقة هماد من عمادة فريوات من معتمدية السبيخة التي تعاني العطش منذ سنوات ومازال نساؤها في انتظار انجاز مشروع "السنتاج". وبالتوازي معها كان نساء منطقة الرويعي من معتمدية حمام بورقيبة، طالبن بحقهن في الماء.. والوضع أسوأ في منطقة عبيدة من معتمدية ساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف التي يضطر سكانها الى استهلاك مياه غير مراقبة أو صالحة للشراب.. أما في قرية أم القصاب من ولاية قفصة فقد جفت عيون الماء التي كانت تمثل مصدر تزودهم الرئيسي بالماء للشرب والاستهلاك.

وصنفت تونس منذ سنوات من ضمن الدول التي تجاوزت نسبة الإجهاد المائي. ليكون وقع حالة الجفاف ونقص التساقطات التي تعيشها البلاد منذ 5 سنوات، أكثر عمقا وقسوة بالنسبة لهذه المناطق، باعتبار أن عيونهم ومصادر تزودهم بالماء أصبحت تشهد تراجعا واضحا في منسوبها يصل حد جفاف بعضها. الأمر الذي يضطرهم الى البحث عن منبع جديد في الغالب يكون أكثر بعدا عن تجمعهم السكاني.

وحسب تقرير زيارة المقرر الأممي الخاص بالحق في الماء والصرف لتونس سنة 2022، انه لا يزال إلى حد اليوم 650 ألف تونسي محرومين من الحصول على المياه في بيوتهم وتصلهم الإمدادات عبر حنفيات عمومية، في حين يفتقر 300 ألف تونسي الى المياه تماما ويلتجئون للآبار والبحيرات والمصادر الطبيعية لتغطية حاجياتهم من المياه ليكون عدد التونسيين المحرومين من حقهم في الماء الصالح للشرب نحو 950 ألفا. مع العلم أنه حتى من يتمتعون بربط شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أصبحوا يواجهون منذ سنوات مشاكل في التزود بالماء الصالح للشرب وانقطاعات تمتد لدى عدد منهم الى أيام.

وللإشارة حسب تقرير لمنظمة "قرينبيس"، تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من ظاهرة الاحتباس الحراري بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، هذا ويقول نفس التقرير أن الآثار الواضحة والقاسية لتغيّر المناخ على المجتمعات ستشمل ستّ دول عربية، بينها تونس.

وشدّد التقرير على ضرورة العمل لمواجهة الاحتباس الحراري، وشح المياه ومخاطره على الأمن الغذائي في المنطقة ككلّ، إذ يُجمع علماء المناخ على أن تغيّر المناخ من المحتمل أن يزيد من تقلّب هطول الأمطار، مما سيزيد من تواتر موجات الجفاف. ومن المتوقع وفق دراسة منشورة، أن تزداد ندرة المياه في المنطقة العربية بدلاً من أن تنخفض، وبالتالي سيعاني القطاع الزراعي أكثر خلال السنوات القادمة. وتشير نتائج الدراسة نفسها إلى أن تواتر موجات الجفاف ازداد في تونس والمغرب وسوريا والجزائر خلال العشرين إلى الأربعين عاما الماضية، في حين تغيّرت الوتيرة مثلا في المغرب من سنة جفاف في فترة 5 سنوات قبل العام 1990 إلى سنة جفاف لكل فترة سنتين.

ومنذ سبتمبر 2023، شهدت تونس تساقط 110 ملايين متر مكعب فقط من الأمطار، أي حوالي خُمس المعدّل الطبيعي، إذ إن المعدل الاعتيادي لا يقل عن 520 مليون متر مكعب. ويعدّ العام الماضي الأكثر جفافا بالنسبة لتونس، كما سجّلت السدود هذا العام انخفاضا في الكميات المخزّنة إلى نحو مليار متر مكعب فقط، أي ما يعادل 30% من الطاقة القصوى للتخزين بسبب ندرة الأمطار.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 الجفاف ضاعف مشاكل تزودهم..   950 ألف تونسي بلا ماء.. وتراجع التساقطات عمق أزمتهم

 

 

تونس-الصباح

حالة العطش ورحلة البحث عن الماء وصعوبة الوصول الى مصدر نقي يصلح للاستهلاك والشرب، مسألة أصبح يتعايش معها نساء وسكان عديد المناطق في تونس. تجمعات سكانية غير مرئية لا تدخل تحت طائلة الأرقام.. ليس هناك تعداد رسمي لها فهي خارج أنظمة الربط بشبكات الماء الصالح للشرب، التابعة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أو حتى الجمعيات المائية.

أسماء هذه المناطق والتجمعات غير متداولة ولا تشملها زيارات المسؤولين، كيلومترات تفصلها عن أقرب مركز مدينة.

وللإشارة آخر أخبار هذه التجمعات السكانية خلال نهاية الأسبوع الماضي، تمثل في حادثة وفاة امرأة في العقد الخامس في منطقة الزويتينة الريفية التابعة لمعتمدية عين دراهم بعد سقوطها في بئر أثناء محاولة جلب للماء.

وفي العموم ترتبط أخبارهم بأزمة العطش التي يعيشونها. فقبلها، تم تداول أخبار منطقة هماد من عمادة فريوات من معتمدية السبيخة التي تعاني العطش منذ سنوات ومازال نساؤها في انتظار انجاز مشروع "السنتاج". وبالتوازي معها كان نساء منطقة الرويعي من معتمدية حمام بورقيبة، طالبن بحقهن في الماء.. والوضع أسوأ في منطقة عبيدة من معتمدية ساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف التي يضطر سكانها الى استهلاك مياه غير مراقبة أو صالحة للشراب.. أما في قرية أم القصاب من ولاية قفصة فقد جفت عيون الماء التي كانت تمثل مصدر تزودهم الرئيسي بالماء للشرب والاستهلاك.

وصنفت تونس منذ سنوات من ضمن الدول التي تجاوزت نسبة الإجهاد المائي. ليكون وقع حالة الجفاف ونقص التساقطات التي تعيشها البلاد منذ 5 سنوات، أكثر عمقا وقسوة بالنسبة لهذه المناطق، باعتبار أن عيونهم ومصادر تزودهم بالماء أصبحت تشهد تراجعا واضحا في منسوبها يصل حد جفاف بعضها. الأمر الذي يضطرهم الى البحث عن منبع جديد في الغالب يكون أكثر بعدا عن تجمعهم السكاني.

وحسب تقرير زيارة المقرر الأممي الخاص بالحق في الماء والصرف لتونس سنة 2022، انه لا يزال إلى حد اليوم 650 ألف تونسي محرومين من الحصول على المياه في بيوتهم وتصلهم الإمدادات عبر حنفيات عمومية، في حين يفتقر 300 ألف تونسي الى المياه تماما ويلتجئون للآبار والبحيرات والمصادر الطبيعية لتغطية حاجياتهم من المياه ليكون عدد التونسيين المحرومين من حقهم في الماء الصالح للشرب نحو 950 ألفا. مع العلم أنه حتى من يتمتعون بربط شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أصبحوا يواجهون منذ سنوات مشاكل في التزود بالماء الصالح للشرب وانقطاعات تمتد لدى عدد منهم الى أيام.

وللإشارة حسب تقرير لمنظمة "قرينبيس"، تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من ظاهرة الاحتباس الحراري بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، هذا ويقول نفس التقرير أن الآثار الواضحة والقاسية لتغيّر المناخ على المجتمعات ستشمل ستّ دول عربية، بينها تونس.

وشدّد التقرير على ضرورة العمل لمواجهة الاحتباس الحراري، وشح المياه ومخاطره على الأمن الغذائي في المنطقة ككلّ، إذ يُجمع علماء المناخ على أن تغيّر المناخ من المحتمل أن يزيد من تقلّب هطول الأمطار، مما سيزيد من تواتر موجات الجفاف. ومن المتوقع وفق دراسة منشورة، أن تزداد ندرة المياه في المنطقة العربية بدلاً من أن تنخفض، وبالتالي سيعاني القطاع الزراعي أكثر خلال السنوات القادمة. وتشير نتائج الدراسة نفسها إلى أن تواتر موجات الجفاف ازداد في تونس والمغرب وسوريا والجزائر خلال العشرين إلى الأربعين عاما الماضية، في حين تغيّرت الوتيرة مثلا في المغرب من سنة جفاف في فترة 5 سنوات قبل العام 1990 إلى سنة جفاف لكل فترة سنتين.

ومنذ سبتمبر 2023، شهدت تونس تساقط 110 ملايين متر مكعب فقط من الأمطار، أي حوالي خُمس المعدّل الطبيعي، إذ إن المعدل الاعتيادي لا يقل عن 520 مليون متر مكعب. ويعدّ العام الماضي الأكثر جفافا بالنسبة لتونس، كما سجّلت السدود هذا العام انخفاضا في الكميات المخزّنة إلى نحو مليار متر مكعب فقط، أي ما يعادل 30% من الطاقة القصوى للتخزين بسبب ندرة الأمطار.

ريم سوودي