من يحمى التونسي من الاستغلال والتحيل وتجاوز القانون؟ تزداد وجاهة طرح مثل هذا التساؤل لأن ميزانية المواطن في ظل واقع التضخم وتدهور المقدرة الشرائية أصبحت لا توفر له الحد الأدنى من العيش الكريم فما بالك إذا ما عمقت التجاوزات وانتشار ظاهرة الاستغلال والتحيل الأزمة وسط نقص المراقبة والردع.
وتؤكد الإحصائيات النسق التصاعدي لنسب التضخم وآخرها يشير إلى ارتفاع النسبة إلى مستوى 3.7 بالمائة، خلال جوان الفارط، بعد أن كانت في حدود 2.7 بالمائة خلال ماي الماضي مدفوعة بتسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات وفق المعهد الوطني للإحصاء.
وشهد مؤشر أسعار الاستهلاك، وفق بيان أصدره المعهد الأحد الفارط، ارتفاعا، بدوره، بنسبة 5.0 بالمائة، خلال شهر جوان 2024 وذلك بفعل زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 4.0 بالمائة وأسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 7.1 بالمائة وأسعار مجموعة المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 9.0 بالمائة.
ضغوط
تؤكد هذه الإحصائيات الضغط المتواصل على المقدرة الشرائية للتونسيين والتي قد لا تحتاج إلى أرقام ومختصين ليؤكدوا حقيقة معاناة المواطن في التصرف في ميزانيته التي أصبحت بكل المقاييس غير قادرة على مواجهة متطلبات الحياة الأساسية قبل الحديث عن الكماليات وغيرها من جوانب العيش الكريم.
وتزداد ضغوط المعادلة الصعبة بين الدخل والمصاريف مع حلول موسم الصيف والخلاعة والمناسبات والحاجة للترفيه عن النفس والأبناء بعد ضغوط الامتحانات وبمناسبة العطلة السنوية أولا لأن تكلفة الترفيه في البلاد ارتفعت مع ارتفاع الأسعار ومع الضغوط التضخمية، وثانيا لأن حالة الانفلات وغياب الرقابة فتح المجال لكن صنوف الاستغلال والتحيل وفرض سياسة الأمر الواقع على المستهلك التونسي المسكين.
تكفي هنا الإشارة إلى أن كلفة جلسة عائلية في مقهى أو فضاء عائلي، قد لا تقل عن 100 دينار في أقل حالاتها، وقطعا لا يتوافق هذا المبلغ مع معدل دخل عموم التونسيين.
يذكر أيضا أن زيارة الفضاء الترفيهي تقريبا الوحيد في العاصمة المتخصص في الألعاب المائية في جهة البحيرة لعائلة تتكون من 5 أفراد فقط الأم والأب و3 أطفال قد يكلف ربع الراتب للبعض إن لم يكن نصفه للبعض الآخر؟؟.
فمعلوم الدخول لكل فرد دون احتساب الاستهلاك داخل الفضاء هو 50 د زد على ذلك معلوم كراء الكراسي للاسترخاء على حافة المسبح والمحددة بـ 5 د لكل كرسي وعلى اعتبار منع إدخال المأكولات والمشروبات فإنه يتعين شراء كل مستلزمات قضاء يوم كامل داخل فضاء الألعاب المائية من ماء وأكل وعصائر وقهوة وبأسعار مشطة تتجاوز حتى الفضاءات السياحية المرموقة وبجودة متدنية.
تجاوزات
ويجد رب العائلة والمستهلك عموما نفسه "فريسة" تنقض عليه من جهة ضغوط التضخم والارتفاع الجنوني للأسعار ومن الجهة المقابلة "جشع" بعض مسدي الخدمات وأصحاب المشاريع والتجاوزات في الترفيع في الأسعار والبيع المشروط والغش في الجودة وغيرها من كل صنوف التحيل الأخرى لعل أبرزها تجاوزات الحراس العشوائيين للمرابض المنشرين أمام المقاهي والفضاءات العائلية والشواطئ دون رقيب ولا حسيب؟؟
تساهم كل هذه العوامل في التأثير على نصيب الترفيه من ميزانية التونسي ولعل الواقع المعيش يؤكد إسقاط العديد من العائلات لبند الترفيه من قاموس حياتهم مرغم أخاك لا بطل لان الترفيه لا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتباره من الكماليات بل هو حاجة ضرورية للصحة البدنية والنفسية.
وأكدت آخر الإحصائيات المنشورة عن المعهد الوطني للإحصاء حول ارتياد محلات الترفيه بشكل عام وتعود تقريبا إلى أربع سنوات سابقة، أن "التونسي يخصص سنويا 6.7% من ميزانيته للترفيه وما شابه ذلك من خدمات، أي بمعدل 45 دينارا للفرد الواحد وتشهد هذه النسبة تراجعا منذ سنوات، حيث كانت في مستوى 8.9% من الميزانية سنة 2005 مما يعني انخفاضها إجمالا خلال أزيد بقليل من عقد من الزمن بنسبة 21%".
ومؤكد أن هذه النسبة تقلصت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بل لعلها اندثرت لدى جزء كبير من التونسيين.
ولتخفيف الضغوط على التونسي يتعين على الأقل، في الوقت الراهن وفي انتظار الحلول الاقتصادية والتحكم في التضخم، العمل على مواجهة التجاوزات وكل صنوف التحيل التي تمارس على المستهلك وفي مقدمتها تعزيز المراقبة الاقتصادية في الفضاءات الترفيهية العائلية وفي غيرها من الأماكن التي يرتادها التونسي هربا من ضغوط الحياة.
تجدر الإشارة إلى أن آخر إحصائيات وزارة التجارة تشير إلى أن أعوان المراقبة الاقتصادية سجلوا خلال النصف الأول من هذه السنة، 47210 مخالفة وأظهرت البيانات الإحصائية حول نشاط جهاز المراقبة الاقتصادية، إلى أواخر شهر جوان المنقضي، أن المخالفات المرفوعة تأتت من 325 ألف زيارة رقابية أمنها 14479 فريقا رقابيا على كامل تراب البلاد.
وتوزعت المخالفات الاقتصادية إلى التجاوزات السعرية والاحتكارية بـ 14711 مخالفة وشفافية المعاملات،25427 مخالفة، بالإضافة إلى رفع 708 مخالفات في التلاعب بالدعم و6364 مخالفة أخرى في الجودة والميتورولوجيا (آلات الوزن) وبقية المجالات.
وبخصوص أهم المخالفات حسب القطاعات فقد أفصحت بيانات وزارة التجارة، عن تسجيل 18197 مخالفة في المنتجات الفلاحية والبحرية الطازجة، و19127 مخالفة في المواد الغذائية العامة علاوة على رفع 4149 مخالفة في المخابز والمطاعم والمقاهي و5737 مخالفة في المواد الصناعية المختلفة.
م.ي
تونس-الصباح
من يحمى التونسي من الاستغلال والتحيل وتجاوز القانون؟ تزداد وجاهة طرح مثل هذا التساؤل لأن ميزانية المواطن في ظل واقع التضخم وتدهور المقدرة الشرائية أصبحت لا توفر له الحد الأدنى من العيش الكريم فما بالك إذا ما عمقت التجاوزات وانتشار ظاهرة الاستغلال والتحيل الأزمة وسط نقص المراقبة والردع.
وتؤكد الإحصائيات النسق التصاعدي لنسب التضخم وآخرها يشير إلى ارتفاع النسبة إلى مستوى 3.7 بالمائة، خلال جوان الفارط، بعد أن كانت في حدود 2.7 بالمائة خلال ماي الماضي مدفوعة بتسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات وفق المعهد الوطني للإحصاء.
وشهد مؤشر أسعار الاستهلاك، وفق بيان أصدره المعهد الأحد الفارط، ارتفاعا، بدوره، بنسبة 5.0 بالمائة، خلال شهر جوان 2024 وذلك بفعل زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 4.0 بالمائة وأسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 7.1 بالمائة وأسعار مجموعة المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 9.0 بالمائة.
ضغوط
تؤكد هذه الإحصائيات الضغط المتواصل على المقدرة الشرائية للتونسيين والتي قد لا تحتاج إلى أرقام ومختصين ليؤكدوا حقيقة معاناة المواطن في التصرف في ميزانيته التي أصبحت بكل المقاييس غير قادرة على مواجهة متطلبات الحياة الأساسية قبل الحديث عن الكماليات وغيرها من جوانب العيش الكريم.
وتزداد ضغوط المعادلة الصعبة بين الدخل والمصاريف مع حلول موسم الصيف والخلاعة والمناسبات والحاجة للترفيه عن النفس والأبناء بعد ضغوط الامتحانات وبمناسبة العطلة السنوية أولا لأن تكلفة الترفيه في البلاد ارتفعت مع ارتفاع الأسعار ومع الضغوط التضخمية، وثانيا لأن حالة الانفلات وغياب الرقابة فتح المجال لكن صنوف الاستغلال والتحيل وفرض سياسة الأمر الواقع على المستهلك التونسي المسكين.
تكفي هنا الإشارة إلى أن كلفة جلسة عائلية في مقهى أو فضاء عائلي، قد لا تقل عن 100 دينار في أقل حالاتها، وقطعا لا يتوافق هذا المبلغ مع معدل دخل عموم التونسيين.
يذكر أيضا أن زيارة الفضاء الترفيهي تقريبا الوحيد في العاصمة المتخصص في الألعاب المائية في جهة البحيرة لعائلة تتكون من 5 أفراد فقط الأم والأب و3 أطفال قد يكلف ربع الراتب للبعض إن لم يكن نصفه للبعض الآخر؟؟.
فمعلوم الدخول لكل فرد دون احتساب الاستهلاك داخل الفضاء هو 50 د زد على ذلك معلوم كراء الكراسي للاسترخاء على حافة المسبح والمحددة بـ 5 د لكل كرسي وعلى اعتبار منع إدخال المأكولات والمشروبات فإنه يتعين شراء كل مستلزمات قضاء يوم كامل داخل فضاء الألعاب المائية من ماء وأكل وعصائر وقهوة وبأسعار مشطة تتجاوز حتى الفضاءات السياحية المرموقة وبجودة متدنية.
تجاوزات
ويجد رب العائلة والمستهلك عموما نفسه "فريسة" تنقض عليه من جهة ضغوط التضخم والارتفاع الجنوني للأسعار ومن الجهة المقابلة "جشع" بعض مسدي الخدمات وأصحاب المشاريع والتجاوزات في الترفيع في الأسعار والبيع المشروط والغش في الجودة وغيرها من كل صنوف التحيل الأخرى لعل أبرزها تجاوزات الحراس العشوائيين للمرابض المنشرين أمام المقاهي والفضاءات العائلية والشواطئ دون رقيب ولا حسيب؟؟
تساهم كل هذه العوامل في التأثير على نصيب الترفيه من ميزانية التونسي ولعل الواقع المعيش يؤكد إسقاط العديد من العائلات لبند الترفيه من قاموس حياتهم مرغم أخاك لا بطل لان الترفيه لا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتباره من الكماليات بل هو حاجة ضرورية للصحة البدنية والنفسية.
وأكدت آخر الإحصائيات المنشورة عن المعهد الوطني للإحصاء حول ارتياد محلات الترفيه بشكل عام وتعود تقريبا إلى أربع سنوات سابقة، أن "التونسي يخصص سنويا 6.7% من ميزانيته للترفيه وما شابه ذلك من خدمات، أي بمعدل 45 دينارا للفرد الواحد وتشهد هذه النسبة تراجعا منذ سنوات، حيث كانت في مستوى 8.9% من الميزانية سنة 2005 مما يعني انخفاضها إجمالا خلال أزيد بقليل من عقد من الزمن بنسبة 21%".
ومؤكد أن هذه النسبة تقلصت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بل لعلها اندثرت لدى جزء كبير من التونسيين.
ولتخفيف الضغوط على التونسي يتعين على الأقل، في الوقت الراهن وفي انتظار الحلول الاقتصادية والتحكم في التضخم، العمل على مواجهة التجاوزات وكل صنوف التحيل التي تمارس على المستهلك وفي مقدمتها تعزيز المراقبة الاقتصادية في الفضاءات الترفيهية العائلية وفي غيرها من الأماكن التي يرتادها التونسي هربا من ضغوط الحياة.
تجدر الإشارة إلى أن آخر إحصائيات وزارة التجارة تشير إلى أن أعوان المراقبة الاقتصادية سجلوا خلال النصف الأول من هذه السنة، 47210 مخالفة وأظهرت البيانات الإحصائية حول نشاط جهاز المراقبة الاقتصادية، إلى أواخر شهر جوان المنقضي، أن المخالفات المرفوعة تأتت من 325 ألف زيارة رقابية أمنها 14479 فريقا رقابيا على كامل تراب البلاد.
وتوزعت المخالفات الاقتصادية إلى التجاوزات السعرية والاحتكارية بـ 14711 مخالفة وشفافية المعاملات،25427 مخالفة، بالإضافة إلى رفع 708 مخالفات في التلاعب بالدعم و6364 مخالفة أخرى في الجودة والميتورولوجيا (آلات الوزن) وبقية المجالات.
وبخصوص أهم المخالفات حسب القطاعات فقد أفصحت بيانات وزارة التجارة، عن تسجيل 18197 مخالفة في المنتجات الفلاحية والبحرية الطازجة، و19127 مخالفة في المواد الغذائية العامة علاوة على رفع 4149 مخالفة في المخابز والمطاعم والمقاهي و5737 مخالفة في المواد الصناعية المختلفة.