إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح.. ما خفي أعظم.. !!

 

 من بين الظواهر الخطيرة التي تنتشر بين أوساط الشباب في تونس هي ظاهرة إدمان المواد المخدرة واستهلاكها، وهي تعكس تنامي أنشطة العصابات المتخصصة في تهريب وترويج المخدرات في بلادنا والبلدان المجاورة..

فخلال هذا الأسبوع فقط أعلنت وزارة الداخلية عن عمليتين أمنيتين كبيرتين نتج عنهما تفكيك عصابات خطيرة مختصة في ترويج المخدرات تنشط في تونس الكبرى، وحجزت كميات ضخمة من المواد المخدرة، مع وسائل نقل وأموال، وقبضت على بعض عناصرها..

تعكس هذه العمليات النوعية نجاح الفرق والوحدات الأمنية المختصة في تفكيك خلايا هذه العصابات وتتبع عناصرها، إلا أنها تؤكد في نفس الوقت على ضرورة دعم الجانب الوقائي والردعي والأمني وخاصة منه الاستعلاماتي في مجال مكافحة المخدرات، كدعم الوحدات الأمنية المختصة بالموارد البشرية وتجهيزها بالتقنيات اللازمة لعملها، لتتبع تحركات هذه العصابات، والتي تنتهج طرقا ووسائل مبتكرة وتنشئ شبكات معقدة لضمان دخول كميات منها إلى بلادنا من مناطق العبور المختلفة..

مع الأسف، ورغم ما تقوم به الوحدات الأمنية من نجاحات، والكميات الكبيرة من المحجوزات من المواد المخدرة التي يتم الكشف عنها بصفة تكاد تكون دورية، سواء عبر المعابر، أو تفكيك خلايا المروجين ورصد مناطق نشاطهم مثل الملاهي الليلية ومحيط المؤسسات التربوية وداخل الأحياء السكنية.. إلا أن كميات من المواد المخدرة تنجح العصابات في تمريرها وإدخالها ثم ترويجها، وهي متنوعة ومتعددة الأحجام والأشكال، ولا أحد يعلم بالتدقيق حجمها، وما خفي قد يكون أعظم..

وتثبت الأبحاث والتحقيقات الأمنية كيف أن تلك العصابات تستغل طرقا لا تقل خطورة وبشاعة عن الآثار الصحية الناجمة عن استهلاكها (الإدمان، الأمراض الخطيرة) مثل استدراج الأطفال والفتيات من العائلات الميسورة للإيقاع بهم وابتزاز عائلاتهم..

وتثبت الأرقام والدراسات المنشورة أن مروجي المخدرات باتوا يستهدفون الوسط التلمذي والطلابي، إذ تشير نتائج مسح وطني حول المخدرات والإدمان للمعهد الوطني للصحة في تونس إلى تضاعف استهلاك التلاميذ للمخدرات خمس مرات خلال السنوات العشر الأخيرة.

وكشف المعهد خلال سنة 2023، أن 16.2 بالمائة من التلاميذ المستجوبين ضمن عينة مسح تعاطي المخدرات يجدون سهولة في الحصول على القنب الهندي (الزطلة) لاستهلاكها. كما تشير نتائج المسح أن ثلث الأطفال بين 15 و17 سنة تعاطوا المخدرات لمرة واحدة على الأقل، وأن 10 بالمائة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات استهلكوا المخدرات لمرة واحدة على الأقل..

الملفت للانتباه أن هذا النوع من الخلايا الإجرامية ينمو كالفقاقيع رغم الضربات الأمنية، إذ سرعان ما تعيد تشكيل نفسها من جديد، كالأمراض الخبيثة، لا يمكن القضاء عليها إلا عبر اجتثاث عروقها وتجفيف منابع وجودها، وذلك لأسباب معلومة، لا يشكل المستهلكون فيها إلا حلقة بسيطة، ومنها الجانب الربحي من خلال ما تدرّه تجارة هذه المواد السامة والقاتلة من أموال طائلة ومهولة جدا..

وهذا الأمر يستدعي تجند الدولة أكثر للتصدي لها بهدف تجفيف منابع العصابات الناشطة في تهريب وترويج المخدرات، والكشف عن مصادر تمويلها وتعقب مهربيها والإطاحة بالرؤوس "الكبيرة" وهم كُثُرْ، والعمل على وضع سياسات واستراتيجيات فعالة في هذا المجال وتطوير الجانب التشريعي المتعلق بها.

ولعل من أبرز الوسائل الوقائية تحصين الناشئة من هذه الآفات والتحسيس بمخاطرها، وهو حل فكرت فيه وزارة التربية، وقامت سنة 2022 بوضع برنامج مشترك مع المجتمع المدني لمكافحة ظاهرة استهلاك المخدرات وإدمانها، إلا أن البرنامج الذي يتمثل في تركيز خلايا إنصات، لا يزال في بداياته وظل مقتصرا على بعض المدارس والجهات..

رفيق بن عبد الله

 

 

 

 من بين الظواهر الخطيرة التي تنتشر بين أوساط الشباب في تونس هي ظاهرة إدمان المواد المخدرة واستهلاكها، وهي تعكس تنامي أنشطة العصابات المتخصصة في تهريب وترويج المخدرات في بلادنا والبلدان المجاورة..

فخلال هذا الأسبوع فقط أعلنت وزارة الداخلية عن عمليتين أمنيتين كبيرتين نتج عنهما تفكيك عصابات خطيرة مختصة في ترويج المخدرات تنشط في تونس الكبرى، وحجزت كميات ضخمة من المواد المخدرة، مع وسائل نقل وأموال، وقبضت على بعض عناصرها..

تعكس هذه العمليات النوعية نجاح الفرق والوحدات الأمنية المختصة في تفكيك خلايا هذه العصابات وتتبع عناصرها، إلا أنها تؤكد في نفس الوقت على ضرورة دعم الجانب الوقائي والردعي والأمني وخاصة منه الاستعلاماتي في مجال مكافحة المخدرات، كدعم الوحدات الأمنية المختصة بالموارد البشرية وتجهيزها بالتقنيات اللازمة لعملها، لتتبع تحركات هذه العصابات، والتي تنتهج طرقا ووسائل مبتكرة وتنشئ شبكات معقدة لضمان دخول كميات منها إلى بلادنا من مناطق العبور المختلفة..

مع الأسف، ورغم ما تقوم به الوحدات الأمنية من نجاحات، والكميات الكبيرة من المحجوزات من المواد المخدرة التي يتم الكشف عنها بصفة تكاد تكون دورية، سواء عبر المعابر، أو تفكيك خلايا المروجين ورصد مناطق نشاطهم مثل الملاهي الليلية ومحيط المؤسسات التربوية وداخل الأحياء السكنية.. إلا أن كميات من المواد المخدرة تنجح العصابات في تمريرها وإدخالها ثم ترويجها، وهي متنوعة ومتعددة الأحجام والأشكال، ولا أحد يعلم بالتدقيق حجمها، وما خفي قد يكون أعظم..

وتثبت الأبحاث والتحقيقات الأمنية كيف أن تلك العصابات تستغل طرقا لا تقل خطورة وبشاعة عن الآثار الصحية الناجمة عن استهلاكها (الإدمان، الأمراض الخطيرة) مثل استدراج الأطفال والفتيات من العائلات الميسورة للإيقاع بهم وابتزاز عائلاتهم..

وتثبت الأرقام والدراسات المنشورة أن مروجي المخدرات باتوا يستهدفون الوسط التلمذي والطلابي، إذ تشير نتائج مسح وطني حول المخدرات والإدمان للمعهد الوطني للصحة في تونس إلى تضاعف استهلاك التلاميذ للمخدرات خمس مرات خلال السنوات العشر الأخيرة.

وكشف المعهد خلال سنة 2023، أن 16.2 بالمائة من التلاميذ المستجوبين ضمن عينة مسح تعاطي المخدرات يجدون سهولة في الحصول على القنب الهندي (الزطلة) لاستهلاكها. كما تشير نتائج المسح أن ثلث الأطفال بين 15 و17 سنة تعاطوا المخدرات لمرة واحدة على الأقل، وأن 10 بالمائة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات استهلكوا المخدرات لمرة واحدة على الأقل..

الملفت للانتباه أن هذا النوع من الخلايا الإجرامية ينمو كالفقاقيع رغم الضربات الأمنية، إذ سرعان ما تعيد تشكيل نفسها من جديد، كالأمراض الخبيثة، لا يمكن القضاء عليها إلا عبر اجتثاث عروقها وتجفيف منابع وجودها، وذلك لأسباب معلومة، لا يشكل المستهلكون فيها إلا حلقة بسيطة، ومنها الجانب الربحي من خلال ما تدرّه تجارة هذه المواد السامة والقاتلة من أموال طائلة ومهولة جدا..

وهذا الأمر يستدعي تجند الدولة أكثر للتصدي لها بهدف تجفيف منابع العصابات الناشطة في تهريب وترويج المخدرات، والكشف عن مصادر تمويلها وتعقب مهربيها والإطاحة بالرؤوس "الكبيرة" وهم كُثُرْ، والعمل على وضع سياسات واستراتيجيات فعالة في هذا المجال وتطوير الجانب التشريعي المتعلق بها.

ولعل من أبرز الوسائل الوقائية تحصين الناشئة من هذه الآفات والتحسيس بمخاطرها، وهو حل فكرت فيه وزارة التربية، وقامت سنة 2022 بوضع برنامج مشترك مع المجتمع المدني لمكافحة ظاهرة استهلاك المخدرات وإدمانها، إلا أن البرنامج الذي يتمثل في تركيز خلايا إنصات، لا يزال في بداياته وظل مقتصرا على بعض المدارس والجهات..

رفيق بن عبد الله