لا يمكن فهم التحركات المكوكية للوفود التفاوضية الإسرائيلية والأمريكية بين العاصمة المصرية القاهرة والعاصمة القطرية الدوحة، إلا من وجهة نظر واحدة، وهي التوصل لمعادلة تسمح لتل أبيب بالعمل على مواصلة الحرب، مقابل ترضيات للوسطاء وأبرزهم القاهرة، قبل البحث على ترضية الطرف الثاني في الحرب وهي المقاومة الفلسطينية.
ويبدو أن أكثر ما يقلق الاحتلال الإسرائيلي، في مساعيه لتمرير خطة "اليوم التالي لغزة"، هو الوضع على الحدود مع مصر، وخصوصا الوضع الأمني في "محور فيلادلفيا" و"المصير الأخير" لمعبر رفح الرابط بين القطاع المنكوب وسيناء، والذي ترفض مصر فتحه من جهتها لإدخال المساعدات إلا إذا كان الفلسطينيون هم الذين يديرونه من غزة، عملا بملحقات اتفاق كامب ديفيد الخاصة بالمحور والمعبر التي أمضيت بعد الانسحاب الإسرائيلي منه سنة 2005.
فمن جهة ترى تل أبيب أن هذا المحور هو الذي يمثل الممر الأساسي لتهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية، وأن على مصر أن تعمل على منع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى غزة، في وقت تحاول فيه فرض الأمر الواقع فيما يتعلق بعمل معبر رفح، وأن تفتح مصر المعبر بالرغم من تمركز الاحتلال فيه.
من هنا يمكن ملاحظة، أن الاحتلال يسعى جاهدا لإيجاد أي فرصة لفرض منطقة عازلة تفصل بين المحور وأراضي غزة، وذلك للإسراع بالخروج من "مستنقع" رفح الذي دخلته في ماي الماضي، وإنهاء العمليات فيه، بعد فشلها في القضاء كتائب المقاومة هناك، مثلما فشلت سابقا في كل الأهداف الثانوية من كل مرحلة من مراحل العملية البرية التي بدأتها في أكتوبر الماضي، وعلى سبيل المثال فشلها في دحر المقاومة في حي الشجاعية شمال غزة بالرغم من اجتياحه 3 مرات في الأشهر التسعة الأخيرة.
إن الإصرار الإسرائيلي على الاستمرار في الحرب وبعدوانية أكثر قد يكون مرده، تعزيز موقعه في هذه المفاوضات، إلا أنه وبمثل رفعه لقوته النارية في الهجمات الأخيرة التي أدت لاستشهاد مئات المدنيين، فإن عمليات المقاومة شهدت تواترا كبيرا وحتمت على الاحتلال دفع تكلفة بشرية أكبر من قتلى وجرحى في صفوف جنوده، دفعت المستويين العسكري والأمني الإسرائيليين للنأي بأنفسهما عن الموقف السياسي الذي تتبناه حكومة بنيامين نتنياهو، وجعلته يناور يمينا وشمالا في محاولة للخروج من "مأزق غزة" بأقل الأضرار السياسية على المستويين الشخصي (الابتعاد عن شبح المحاكمة)، والداخلي (الابتعاد عن شبح الانتخابات المبكرة التي سيخسرها إذا ما أجريت هذا الصيف) أو الدولي (العزلة المفروضة عليه دوليا سواء من خلال برقيات التفتيش التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية أو حملات المقاطعة الاقتصادية والمجتمعية والتي ترجمت سياسيا باعترافات أوروبية ودولية بدولة الفلسطينية).
ولعل ما يريد نتنياهو الوصول إليه، هو نص نهائي للصفقة يضمن للاحتلال "مواصلة الحرب" وهو ما يريد فرضه من خلال "وقف إطلاق النار" وليس "إنهاء الحرب"، ومن خلال فرض "الانسحاب من التجمعات السكانية في غزة" عوض "سحب قواته من القطاع بصفة عامة، وهذه كلها تكون موجودة خلال المراحل الثلاثة لـ"خارطة الطريق" التي أعلنها بايدن للوصول لصفقة مع المقاومة، والتي من جهتها وافقت على هذه المقترحات وهو ما بدا تحديا بالنسبة لليمين الديني الصهيوني والذي يرى في خطاب المقاومة خلال المفاوضات غير المباشرة، بداية لإعلان النصر، إذا ما أعلن "وقف إطلاق النار".
نزار مقني
لا يمكن فهم التحركات المكوكية للوفود التفاوضية الإسرائيلية والأمريكية بين العاصمة المصرية القاهرة والعاصمة القطرية الدوحة، إلا من وجهة نظر واحدة، وهي التوصل لمعادلة تسمح لتل أبيب بالعمل على مواصلة الحرب، مقابل ترضيات للوسطاء وأبرزهم القاهرة، قبل البحث على ترضية الطرف الثاني في الحرب وهي المقاومة الفلسطينية.
ويبدو أن أكثر ما يقلق الاحتلال الإسرائيلي، في مساعيه لتمرير خطة "اليوم التالي لغزة"، هو الوضع على الحدود مع مصر، وخصوصا الوضع الأمني في "محور فيلادلفيا" و"المصير الأخير" لمعبر رفح الرابط بين القطاع المنكوب وسيناء، والذي ترفض مصر فتحه من جهتها لإدخال المساعدات إلا إذا كان الفلسطينيون هم الذين يديرونه من غزة، عملا بملحقات اتفاق كامب ديفيد الخاصة بالمحور والمعبر التي أمضيت بعد الانسحاب الإسرائيلي منه سنة 2005.
فمن جهة ترى تل أبيب أن هذا المحور هو الذي يمثل الممر الأساسي لتهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية، وأن على مصر أن تعمل على منع تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى غزة، في وقت تحاول فيه فرض الأمر الواقع فيما يتعلق بعمل معبر رفح، وأن تفتح مصر المعبر بالرغم من تمركز الاحتلال فيه.
من هنا يمكن ملاحظة، أن الاحتلال يسعى جاهدا لإيجاد أي فرصة لفرض منطقة عازلة تفصل بين المحور وأراضي غزة، وذلك للإسراع بالخروج من "مستنقع" رفح الذي دخلته في ماي الماضي، وإنهاء العمليات فيه، بعد فشلها في القضاء كتائب المقاومة هناك، مثلما فشلت سابقا في كل الأهداف الثانوية من كل مرحلة من مراحل العملية البرية التي بدأتها في أكتوبر الماضي، وعلى سبيل المثال فشلها في دحر المقاومة في حي الشجاعية شمال غزة بالرغم من اجتياحه 3 مرات في الأشهر التسعة الأخيرة.
إن الإصرار الإسرائيلي على الاستمرار في الحرب وبعدوانية أكثر قد يكون مرده، تعزيز موقعه في هذه المفاوضات، إلا أنه وبمثل رفعه لقوته النارية في الهجمات الأخيرة التي أدت لاستشهاد مئات المدنيين، فإن عمليات المقاومة شهدت تواترا كبيرا وحتمت على الاحتلال دفع تكلفة بشرية أكبر من قتلى وجرحى في صفوف جنوده، دفعت المستويين العسكري والأمني الإسرائيليين للنأي بأنفسهما عن الموقف السياسي الذي تتبناه حكومة بنيامين نتنياهو، وجعلته يناور يمينا وشمالا في محاولة للخروج من "مأزق غزة" بأقل الأضرار السياسية على المستويين الشخصي (الابتعاد عن شبح المحاكمة)، والداخلي (الابتعاد عن شبح الانتخابات المبكرة التي سيخسرها إذا ما أجريت هذا الصيف) أو الدولي (العزلة المفروضة عليه دوليا سواء من خلال برقيات التفتيش التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية أو حملات المقاطعة الاقتصادية والمجتمعية والتي ترجمت سياسيا باعترافات أوروبية ودولية بدولة الفلسطينية).
ولعل ما يريد نتنياهو الوصول إليه، هو نص نهائي للصفقة يضمن للاحتلال "مواصلة الحرب" وهو ما يريد فرضه من خلال "وقف إطلاق النار" وليس "إنهاء الحرب"، ومن خلال فرض "الانسحاب من التجمعات السكانية في غزة" عوض "سحب قواته من القطاع بصفة عامة، وهذه كلها تكون موجودة خلال المراحل الثلاثة لـ"خارطة الطريق" التي أعلنها بايدن للوصول لصفقة مع المقاومة، والتي من جهتها وافقت على هذه المقترحات وهو ما بدا تحديا بالنسبة لليمين الديني الصهيوني والذي يرى في خطاب المقاومة خلال المفاوضات غير المباشرة، بداية لإعلان النصر، إذا ما أعلن "وقف إطلاق النار".