تعيش العاصمة السياسية واشنطن على وقع حصار أمني، فرضته أحداث قمة الحلف الأطلسي، واستقبال واشنطن زعماء 32 دولة عضوا في الحلف في ذكرى اليوبيل الماسي، بالتزامن مع مرور 75 عاما على تأسيس الحلف الأطلسي للدفاع عن أوروبا منذ 1949 بعد الحرب العالمية الثانية وبداية مرحلة الحرب الباردة. حصار فرض إغلاق الطرقات المؤدية الى مقر انعقاد القمة بقصر المؤتمرات washington convention centre وانتشار السيارات الأمنية وإلغاء رحلات الميترو على مدى انعقاد القمة التي تستمر ثلاثة أيام .
وحوّلت الحالة الصحية للرئيس الأمريكي، والدعوات لانسحابه من السباق الى البيت الأبيض بعد الأداء الكارثي خلال المناظرة التي جمعته بالرئيس السابق دونالد ترامب قبل أيام، الأنظار عن القمة التي تأتي في مرحلة معقدة بالتزامن مع احتدام الحرب في أوكرانيا ومطالب كييف بمزيد الدعم العسكري إلى جانب تطورات حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة والتي تدخل شهرها العاشر على التوالي فيما تجاوزت حصيلة الضحايا في القطاع 38 ألفا دون اعتبار للجرحى والمهجرين والمشردين.. وإذا كان العنوان الأبرز للقمة والاهتمام الأول يحوم حول أوكرانيا واعتبار روسيا بوتين الخطر الأكبر الذي يتعين على الحلف مواجهته فلا يبدو أن ما يجري في غزة يدخل تحت مظلة الناتو .
مساء الثلاثاء وفي افتتاح أشغال القمة حرص الرئيس الأمريكي جو بايدن على الاستثمار في الحدث والظهور بمظهر المتحكم في المشهد السياسي الأمريكي في خضم الصراع الانتخابي والتأكيد على زعامة أمريكا للحلف والرد على خصومه ومنتقديه الذين شككوا في قدرته على كسب الرهان الانتخابي حيث استمرت كلمته خمسة عشرة دقيقة دون تسجيل أي زلة لسان أمام قادة الحلف، رغم بعض التلعثم وبدا الرئيس الأمريكي كقائد أوركسترا يمشي على الحبال. وبدت روسيا حاضرة بقوة خلال خطاب الرئيس الأمريكي الذي توقع فشل بوتين في حرب أوكرانيا وقال بايدن "إن روسيا ستفشل في حربها على أوكرانيا الصامدة والتي ستستمر في الصمود".
وجدد بايدن إعلان دعمه لأوكرانيا مضيفا "تتمتع كييف بدعمنا الكامل"، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين "لا يريد أقل من إخضاع أوكرانيا ومسحها من الخارطة، ولن يتوقف عند ذلك". وللمرة الثالثة يسجل الرئيس الأوكراني زيلنسكي حضوره في قمة للحلف الأطلسي، وأعلن بايدن أن الولايات المتحدة وحلفاءها ضاعفوا "قوة الناتو في جناحه الشرقي"، مذكرا بأن "الهجوم على أي دولة في الناتو هو هجوم على كل الدول الأعضاء". وقال "الناتو اليوم أكثر قوة من أي وقت في تاريخه... الناتو هو عماد أمننا وقد اخترنا الوحدة على الفرقة".
بايدن قال أيضا "يريد المستبدون قلب النظام العالمي، الذي تم الحفاظ عليه إلى حد كبير منذ ما يقرب من 80 عامًا"، مشيرا في السياق إلى أن "الجماعات الإرهابية ستستمر في تدبير مخططات شريرة، والتسبب في الفوضى والمعاناة في أوروبا، كما ستستمر حرب بوتين العدوانية على أوكرانيا".
"نعم" للدعم العسكري لأوكرانيا "لا" للانضمام للناتو
وبات واضحا قبل وخلال قمة واشنطن أنه سيتعين على زيلينسكي أن يقنع بالمساعدات العسكرية ويسقط طلب الانضمام الى الحلف الأطلسي الذي لا يحظى بأي إجماع لدى دول الحلف. وللتذكير وخلال قمة ليتوانيا العام الماضي كان الأمين العام المغادر ستولبرغ يؤكد على أن عضوية أوكرانيا أقرب من أي وقت مضى. وبات واضحا أن قمة واشنطن لن تسجل ضم أوكرانيا الى الحلف أو حتى انضمامها على المدى القريب. ولكن في المقابل أعلن بايدن عن دعم بأنظمة دفاع جوي لأوكرانيا، بالتعاون مع عدة دول والتزام الشامل والراسخ للدفاع عن مواردنا الجغرافية والتكنولوجية".
وأعلن بايدن أن أعضاء بحلف الناتو، سيرسلون عشرات من أنظمة الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، بما في ذلك 4 أنظمة "باتريوت" لمساعدة كييف على التصدي للتقدم الروسي. وبين أن الولايات المتحدة، إلى جانب ألمانيا ورومانيا، سترسل أنظمة "باتريوت" إلى أوكرانيا، بينما سترسل هولندا والدول الأعضاء الأخرى في "الناتو" مكونات لنظام آخر، فيما ستوفر إيطاليا نظام الدفاع الجوي SAMP-T.
بدوره دعا ينس ستولتنبرغ الأمين العام للناتو، الذي يترأس آخر قمة له على رأس الحلف، زعماء الناتو الى مواصلة دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، وقال إن "الحلف يجب أن يظهر العزم نفسه الذي أظهره في لحظات مهمة أخرى من تاريخه".
وأضاف ستولتنبرغ "لا توجد خيارات مجانية مع روسيا، فالتكلفة الأكبر والمخاطرة الأكبر ستكون إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا. لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك".
وفي بيان مشترك على هامش قمة الناتو، أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا وهولندا أنها ستزود أوكرانيا بمنظومة صاروخية للدفاع الجوي من طراز باتريوت. وباتريوت هي منظومة صواريخ أرض-جو أمريكية التصميم، تُعتبر فعالة، خصوصا في اعتراض الصواريخ البالستية الروسية. ويأتي ذلك بعد مطالبات متكررة أطلقها زيلينسكي لتعزيز قدرات بلاده العسكرية لمواجهة روسيا. وسبق لألمانيا ورومانيا أن أعلنتا أنهما ستقدمان لأوكرانيا منظومتيهما الدفاعيتين من طراز باتريوت، في حين أعلنت هولندا أنها تعمل على تجميع منظومة مماثلة لتقديمها لكييف. وأعلنت إيطاليا أنها ستزود كييف بنظام صاروخي للدفاع الجوي لكن ليس من طراز باتريوت بل من طراز سامب-تي الفرنسي-الإيطالي.
الدفاع والردع في المستقبل ..
وفي انتظار ما سيتضمنه بيان قمة واشنطن اليوم، من المتوقع أن يناقش قادة دول الناتو في القمة القضايا المتعلقة بتحسين قدرات الدفاع والردع للحلف وتعزيز الشراكات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي وزعماء أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية المشاركين في القمة. ولأول مرة تناقش قمة الناتو تهديدات "الحوثي" في البحر الميت والتهديدات السيبرنية والذكاء الاصطناعي في الحرب الروسية الأوكرانية فضلا عن التهديدات الإرهابية في إفريقيا .
ولم يعلن خلال القمة عن مستوى أو نوع المشاركة للدول العربية التي قبلت دعوة الناتو على هامش القمة.
وأمس قال مسؤول رفيع في الحلف الأطلسي للصحفيين العرب -خير عدم كشف اسمه- إنه لم يتم إدراج الصراع في الشرق الأوسط على أجندا القمة ولا يتوقع أن تتم مناقشة ما يجري في غزة خلال قمة واشنطن لكنه لم ينف اهتمام الحلف بضرورة توفير المساعدات الغذائية للمدنيين وحمايتهم. ولا يخفي مسؤولو الحلف انشغالهم ومخاوفهم من التمدد الروسي وتواجد قوات "فاغنر" في المتوسط .
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في خطابه أمام القمة إن "حلف الناتو لم يكن مجرد واجب، بل نتيجة لخيارات متعمدة وقرارات صعبة"، مؤكدا أن "الآن هو وقت الدفاع عن الحرية والديموقراطية، والمكان هو أوكرانيا".
كما يناقش القادة خطة أمين عام الحلف المنتهية ولايته ينس ستولتنبرغ لتقديم مساعدات عسكرية لكييف بقيمة 43 مليار دولار بحلول 2025 .
زيلينسكي يريد دعم أوكرانيا دون انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية
وفي واشنطن دعا الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي قادة الناتو لعدم انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل للتحرك بقوة لدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية. مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتظر كذلك تلك الانتخابات. وعشية انعقاد القمة أعلنت كييف تعرضها لقصف روسي استهدف مستشفى للأطفال وأوقع نحو 200 جريح. ولكن الكرملين نفى مسؤوليته عن الهجوم. كما يطالب زيلنسكي القمة بقائمة جديدة بالأسلحة التي يحتاجها لـ"الانتصار على روسيا"، بما في ذلك تسليم قواته مقاتلات"إف 16". وانتقد زيلينسكي في كلمة ألقاها بمركز رونالد ريغان في واشنطن من تأخر الإمدادات الغربية من مقاتلات "إف-16" ودبابات "أبرامز" الأمريكية، مطالبا بإرسال المزيد منها. وطالب بـ128 مقاتلة "إف 16" وهو ما يقول محللون في واشنطن إنه يعادل العدد الإجمالي الذي يمتلكه "شركاء" أوكرانيا من هذه الطائرات. كما طالب برفع الحظر عن مدى توجيه الضربات، وتزويده بصواريخ تمكنه من استهداف القواعد العسكرية الروسية على بعد مئات الكيلومترات في عمق روسيا "لتدمير طائراتها".
وسبق أن حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الجيش الروسي "سيحرق "إف-16" في أوكرانيا وسيفكر بضربها في قواعدها بالدول التي قد تنطلق منها"، وأنها ستلقى مصير دبابات "ليوبارد" الألمانية، ومدرعات "بريدلي" ودبابات "أبرامز" الأمريكية وغيرها من الأسلحة الغربية في أوكرانيا.
ونقلت مصادر إعلامية عن السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف، أن القمة أظهرت الطبيعة العدوانية للحلف، ولم يسمع الجانب الروسي خلال القمة ولو كلمة واحدة عن السلام. ومن المفارقات أنه رغم تأزم العلاقات بين موسكو وواشنطن فإن العلاقات الديبلوماسية تظل قائمة وبحضور سفيري البلدين.
ستولتنبرغ يثير غضب الصين
الصين أيضا كما إيران وكوريا الشمالية، وروسيا التي يصفها قادة الحلف بالخطر الأكبر، حاضرة بالغياب في قمة واشنطن. وكان الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، اتهم في تصريحات صحيفة الصين بالتحريض على أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وشدد على أن "الصين تحرض على أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية"، مدعيا أن روسيا تنتج مسيرات وصواريخ، وتتلقى أحدث التقنيات والإلكترونيات من الصين. وقال هناك حاجة للعمل المشترك مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا من أجل زيادة الضغط على الصين وتحقيق الاستقرار في منطقة آسيا. وأضاف" "حلف شمال الأطلسي لا يعتبر الصين خصما، لكن الصين تتحدى قيمنا ومصالحنا وأمننا".
ولم يتأخر الرد الصيني وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن "الناتو" يتدخل في الشؤون الداخلية للصين، ويشوه سياساتها الداخلية والخارجية ويتحدى أمن البلاد. وجاء في تصريحات الناطقة باسم الخارجية الصينية "لا أعرف ما هي قيم (الناتو)، لكن إذا كانت تلك القيم تتعلق باستخدام خطوط أيديولوجية لخلق التناقضات وإثارة المواجهة وتصعيد التوترات، فإن الصين لا يمكنها أن توافق على ذلك". وشددت ماو نينغ على أن "الناتو" في واقع الأمر "يتحدى الصين باستمرار ويتدخل في شؤونها الداخلية، ويشوه سياساتها الداخلية والخارجية، وهو الذي يشكل تحديا خطيرا لمصالح بكين وأمنها".
يبقى السؤال المطروح في الذكرى الـ75 لتأسيس الناتو، هل يتجه قادة الحلف الى رصد وتقييم حصاد أكثر من سبعة عقود والتدخلات العسكرية لاستشراف القادم والاستفادة من كل الدروس السابقة التي ارتبطت بأكثر من مهمة فاشلة من أفغانستان إلى العراق وليبيا؟
قد تتضح بعض الأجوبة خلال اللقاءات القادمة مع ممثلي وقادة الحلف بالوفود الصحفية في اختتام أشغال القمة ومن خلال البيان المرتقب خلال الساعات القادمة..
من مبعوثتنا إلى واشنطن: آسيا العتروس
تعيش العاصمة السياسية واشنطن على وقع حصار أمني، فرضته أحداث قمة الحلف الأطلسي، واستقبال واشنطن زعماء 32 دولة عضوا في الحلف في ذكرى اليوبيل الماسي، بالتزامن مع مرور 75 عاما على تأسيس الحلف الأطلسي للدفاع عن أوروبا منذ 1949 بعد الحرب العالمية الثانية وبداية مرحلة الحرب الباردة. حصار فرض إغلاق الطرقات المؤدية الى مقر انعقاد القمة بقصر المؤتمرات washington convention centre وانتشار السيارات الأمنية وإلغاء رحلات الميترو على مدى انعقاد القمة التي تستمر ثلاثة أيام .
وحوّلت الحالة الصحية للرئيس الأمريكي، والدعوات لانسحابه من السباق الى البيت الأبيض بعد الأداء الكارثي خلال المناظرة التي جمعته بالرئيس السابق دونالد ترامب قبل أيام، الأنظار عن القمة التي تأتي في مرحلة معقدة بالتزامن مع احتدام الحرب في أوكرانيا ومطالب كييف بمزيد الدعم العسكري إلى جانب تطورات حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة والتي تدخل شهرها العاشر على التوالي فيما تجاوزت حصيلة الضحايا في القطاع 38 ألفا دون اعتبار للجرحى والمهجرين والمشردين.. وإذا كان العنوان الأبرز للقمة والاهتمام الأول يحوم حول أوكرانيا واعتبار روسيا بوتين الخطر الأكبر الذي يتعين على الحلف مواجهته فلا يبدو أن ما يجري في غزة يدخل تحت مظلة الناتو .
مساء الثلاثاء وفي افتتاح أشغال القمة حرص الرئيس الأمريكي جو بايدن على الاستثمار في الحدث والظهور بمظهر المتحكم في المشهد السياسي الأمريكي في خضم الصراع الانتخابي والتأكيد على زعامة أمريكا للحلف والرد على خصومه ومنتقديه الذين شككوا في قدرته على كسب الرهان الانتخابي حيث استمرت كلمته خمسة عشرة دقيقة دون تسجيل أي زلة لسان أمام قادة الحلف، رغم بعض التلعثم وبدا الرئيس الأمريكي كقائد أوركسترا يمشي على الحبال. وبدت روسيا حاضرة بقوة خلال خطاب الرئيس الأمريكي الذي توقع فشل بوتين في حرب أوكرانيا وقال بايدن "إن روسيا ستفشل في حربها على أوكرانيا الصامدة والتي ستستمر في الصمود".
وجدد بايدن إعلان دعمه لأوكرانيا مضيفا "تتمتع كييف بدعمنا الكامل"، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين "لا يريد أقل من إخضاع أوكرانيا ومسحها من الخارطة، ولن يتوقف عند ذلك". وللمرة الثالثة يسجل الرئيس الأوكراني زيلنسكي حضوره في قمة للحلف الأطلسي، وأعلن بايدن أن الولايات المتحدة وحلفاءها ضاعفوا "قوة الناتو في جناحه الشرقي"، مذكرا بأن "الهجوم على أي دولة في الناتو هو هجوم على كل الدول الأعضاء". وقال "الناتو اليوم أكثر قوة من أي وقت في تاريخه... الناتو هو عماد أمننا وقد اخترنا الوحدة على الفرقة".
بايدن قال أيضا "يريد المستبدون قلب النظام العالمي، الذي تم الحفاظ عليه إلى حد كبير منذ ما يقرب من 80 عامًا"، مشيرا في السياق إلى أن "الجماعات الإرهابية ستستمر في تدبير مخططات شريرة، والتسبب في الفوضى والمعاناة في أوروبا، كما ستستمر حرب بوتين العدوانية على أوكرانيا".
"نعم" للدعم العسكري لأوكرانيا "لا" للانضمام للناتو
وبات واضحا قبل وخلال قمة واشنطن أنه سيتعين على زيلينسكي أن يقنع بالمساعدات العسكرية ويسقط طلب الانضمام الى الحلف الأطلسي الذي لا يحظى بأي إجماع لدى دول الحلف. وللتذكير وخلال قمة ليتوانيا العام الماضي كان الأمين العام المغادر ستولبرغ يؤكد على أن عضوية أوكرانيا أقرب من أي وقت مضى. وبات واضحا أن قمة واشنطن لن تسجل ضم أوكرانيا الى الحلف أو حتى انضمامها على المدى القريب. ولكن في المقابل أعلن بايدن عن دعم بأنظمة دفاع جوي لأوكرانيا، بالتعاون مع عدة دول والتزام الشامل والراسخ للدفاع عن مواردنا الجغرافية والتكنولوجية".
وأعلن بايدن أن أعضاء بحلف الناتو، سيرسلون عشرات من أنظمة الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، بما في ذلك 4 أنظمة "باتريوت" لمساعدة كييف على التصدي للتقدم الروسي. وبين أن الولايات المتحدة، إلى جانب ألمانيا ورومانيا، سترسل أنظمة "باتريوت" إلى أوكرانيا، بينما سترسل هولندا والدول الأعضاء الأخرى في "الناتو" مكونات لنظام آخر، فيما ستوفر إيطاليا نظام الدفاع الجوي SAMP-T.
بدوره دعا ينس ستولتنبرغ الأمين العام للناتو، الذي يترأس آخر قمة له على رأس الحلف، زعماء الناتو الى مواصلة دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، وقال إن "الحلف يجب أن يظهر العزم نفسه الذي أظهره في لحظات مهمة أخرى من تاريخه".
وأضاف ستولتنبرغ "لا توجد خيارات مجانية مع روسيا، فالتكلفة الأكبر والمخاطرة الأكبر ستكون إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا. لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك".
وفي بيان مشترك على هامش قمة الناتو، أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا وهولندا أنها ستزود أوكرانيا بمنظومة صاروخية للدفاع الجوي من طراز باتريوت. وباتريوت هي منظومة صواريخ أرض-جو أمريكية التصميم، تُعتبر فعالة، خصوصا في اعتراض الصواريخ البالستية الروسية. ويأتي ذلك بعد مطالبات متكررة أطلقها زيلينسكي لتعزيز قدرات بلاده العسكرية لمواجهة روسيا. وسبق لألمانيا ورومانيا أن أعلنتا أنهما ستقدمان لأوكرانيا منظومتيهما الدفاعيتين من طراز باتريوت، في حين أعلنت هولندا أنها تعمل على تجميع منظومة مماثلة لتقديمها لكييف. وأعلنت إيطاليا أنها ستزود كييف بنظام صاروخي للدفاع الجوي لكن ليس من طراز باتريوت بل من طراز سامب-تي الفرنسي-الإيطالي.
الدفاع والردع في المستقبل ..
وفي انتظار ما سيتضمنه بيان قمة واشنطن اليوم، من المتوقع أن يناقش قادة دول الناتو في القمة القضايا المتعلقة بتحسين قدرات الدفاع والردع للحلف وتعزيز الشراكات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي وزعماء أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية المشاركين في القمة. ولأول مرة تناقش قمة الناتو تهديدات "الحوثي" في البحر الميت والتهديدات السيبرنية والذكاء الاصطناعي في الحرب الروسية الأوكرانية فضلا عن التهديدات الإرهابية في إفريقيا .
ولم يعلن خلال القمة عن مستوى أو نوع المشاركة للدول العربية التي قبلت دعوة الناتو على هامش القمة.
وأمس قال مسؤول رفيع في الحلف الأطلسي للصحفيين العرب -خير عدم كشف اسمه- إنه لم يتم إدراج الصراع في الشرق الأوسط على أجندا القمة ولا يتوقع أن تتم مناقشة ما يجري في غزة خلال قمة واشنطن لكنه لم ينف اهتمام الحلف بضرورة توفير المساعدات الغذائية للمدنيين وحمايتهم. ولا يخفي مسؤولو الحلف انشغالهم ومخاوفهم من التمدد الروسي وتواجد قوات "فاغنر" في المتوسط .
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في خطابه أمام القمة إن "حلف الناتو لم يكن مجرد واجب، بل نتيجة لخيارات متعمدة وقرارات صعبة"، مؤكدا أن "الآن هو وقت الدفاع عن الحرية والديموقراطية، والمكان هو أوكرانيا".
كما يناقش القادة خطة أمين عام الحلف المنتهية ولايته ينس ستولتنبرغ لتقديم مساعدات عسكرية لكييف بقيمة 43 مليار دولار بحلول 2025 .
زيلينسكي يريد دعم أوكرانيا دون انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية
وفي واشنطن دعا الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي قادة الناتو لعدم انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل للتحرك بقوة لدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية. مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتظر كذلك تلك الانتخابات. وعشية انعقاد القمة أعلنت كييف تعرضها لقصف روسي استهدف مستشفى للأطفال وأوقع نحو 200 جريح. ولكن الكرملين نفى مسؤوليته عن الهجوم. كما يطالب زيلنسكي القمة بقائمة جديدة بالأسلحة التي يحتاجها لـ"الانتصار على روسيا"، بما في ذلك تسليم قواته مقاتلات"إف 16". وانتقد زيلينسكي في كلمة ألقاها بمركز رونالد ريغان في واشنطن من تأخر الإمدادات الغربية من مقاتلات "إف-16" ودبابات "أبرامز" الأمريكية، مطالبا بإرسال المزيد منها. وطالب بـ128 مقاتلة "إف 16" وهو ما يقول محللون في واشنطن إنه يعادل العدد الإجمالي الذي يمتلكه "شركاء" أوكرانيا من هذه الطائرات. كما طالب برفع الحظر عن مدى توجيه الضربات، وتزويده بصواريخ تمكنه من استهداف القواعد العسكرية الروسية على بعد مئات الكيلومترات في عمق روسيا "لتدمير طائراتها".
وسبق أن حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الجيش الروسي "سيحرق "إف-16" في أوكرانيا وسيفكر بضربها في قواعدها بالدول التي قد تنطلق منها"، وأنها ستلقى مصير دبابات "ليوبارد" الألمانية، ومدرعات "بريدلي" ودبابات "أبرامز" الأمريكية وغيرها من الأسلحة الغربية في أوكرانيا.
ونقلت مصادر إعلامية عن السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف، أن القمة أظهرت الطبيعة العدوانية للحلف، ولم يسمع الجانب الروسي خلال القمة ولو كلمة واحدة عن السلام. ومن المفارقات أنه رغم تأزم العلاقات بين موسكو وواشنطن فإن العلاقات الديبلوماسية تظل قائمة وبحضور سفيري البلدين.
ستولتنبرغ يثير غضب الصين
الصين أيضا كما إيران وكوريا الشمالية، وروسيا التي يصفها قادة الحلف بالخطر الأكبر، حاضرة بالغياب في قمة واشنطن. وكان الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، اتهم في تصريحات صحيفة الصين بالتحريض على أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وشدد على أن "الصين تحرض على أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية"، مدعيا أن روسيا تنتج مسيرات وصواريخ، وتتلقى أحدث التقنيات والإلكترونيات من الصين. وقال هناك حاجة للعمل المشترك مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا من أجل زيادة الضغط على الصين وتحقيق الاستقرار في منطقة آسيا. وأضاف" "حلف شمال الأطلسي لا يعتبر الصين خصما، لكن الصين تتحدى قيمنا ومصالحنا وأمننا".
ولم يتأخر الرد الصيني وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن "الناتو" يتدخل في الشؤون الداخلية للصين، ويشوه سياساتها الداخلية والخارجية ويتحدى أمن البلاد. وجاء في تصريحات الناطقة باسم الخارجية الصينية "لا أعرف ما هي قيم (الناتو)، لكن إذا كانت تلك القيم تتعلق باستخدام خطوط أيديولوجية لخلق التناقضات وإثارة المواجهة وتصعيد التوترات، فإن الصين لا يمكنها أن توافق على ذلك". وشددت ماو نينغ على أن "الناتو" في واقع الأمر "يتحدى الصين باستمرار ويتدخل في شؤونها الداخلية، ويشوه سياساتها الداخلية والخارجية، وهو الذي يشكل تحديا خطيرا لمصالح بكين وأمنها".
يبقى السؤال المطروح في الذكرى الـ75 لتأسيس الناتو، هل يتجه قادة الحلف الى رصد وتقييم حصاد أكثر من سبعة عقود والتدخلات العسكرية لاستشراف القادم والاستفادة من كل الدروس السابقة التي ارتبطت بأكثر من مهمة فاشلة من أفغانستان إلى العراق وليبيا؟
قد تتضح بعض الأجوبة خلال اللقاءات القادمة مع ممثلي وقادة الحلف بالوفود الصحفية في اختتام أشغال القمة ومن خلال البيان المرتقب خلال الساعات القادمة..