صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو دون نقاش يذكر على مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، ومشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاق الضمان عند أول طلب المُبرم بتاريخ31 جانفي 2024 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية والمتعلّق بالقرض المسند لفائدة الديوان الوطني للتطهير بمبلغ لا يتجاوز81 مليونا و900 ألف أورو أي ما يعادل 276 فاصل 14 مليون دينار وذلك للمساهمة في تمويل مشروع تحسين جودة المياه المستعملة والمعالجة لدعم مجابهة التغيّرات المناخية.
وكانت نتيجة التصويت على المشروع الأول كما يلي: 114 موافقون و3 محتفظون ورافض واحد، ونص الفصل الأول من المشروع في صيغته التي حظيت بموافقة الجلسة على أن تلغى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 68 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وتعوض بما يلي: الفصل 68 فقرة أولى جديدة: يعد فارا خارج البلاد زمن السلم:
أـ كل عسكري أو مشبّه به يجتاز الحدود التونسية دون إذن تاركا القطعة التي ينتسب إليها وملتحقا ببلاد أجنبية وذلك بعد انقضاء ثلاثة أيام على غيابه غير الشرعي وتصبح هذه المدة يوما واحدا زمن الحرب.
بـ ـ كل عسكري أو مشبّه به لا يلتحق بالتراب التونسي بعد انقضاء ثلاثة أيام من تاريخ انتهاء الرخصة أو المأمورية أو التربص بالخارج وتصبح هذه المدة يوما واحدا زمن الحرب.
ج ـ كل عسكري أو مشبّه به أثناء مأمورية أو تربص بالخارج لا يلتحق بعد انقضاء ثلاثة أيام بالقطعة أو الطائرة أو السفينة أو مركز المهمة الذي كان عليه الالتحاق به في الأجل المضروب له وتصبح هذه المدة يوما واحدا زمن الحرب.
أما الفصل الثاني الذي تمت المصادقة عليه من قبل الجلسة العامة البرلمانية، فنص على أن تضاف إلى أحكام الفقرة الثالثة من الفصل20 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية مطة د فيما يلي نصها: نسخة من الرخصة أو الأمر بمأمورية أو بتربص بالخارج وغيرها من الأذون والوثائق المثبتة للفرار إلى الخارج.
وتحدث إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة عن الدور الوطني الريادي الذي تقوم به المؤسسة العسكرية العزيزة على قلوب جميع التونسيات والتونسيين، حسب قوله، وذكر أن هذه الجلسة تنعقد بعد مرور أيام قليلة عن إحياء تونس الذكرى 68 لانبعاث الجيش الوطني، هذا الجيش الجمهوري الذي ما انفك يثبت صدقه وولاءه للوطن والذي لم يدخر جهدا من أجل العطاء في سبيل الذود عن الوطن وصونه وتكريس سيادته على أرضه وإعلاء رايته بين الأمم.. وأضاف بودبالة أنه لا يختلف اثنان حول قيمة الدور الوطني للمؤسسة العسكرية على جميع المستويات بما في ذلك على وجه الخصوص دوره التنموي. وبين أن مجلس نواب الشعب لا يريد أن يفوت الفرصة دون أن ينوه بمساهمة الجيش الوطني المتميزة والمشهود لها بالنجاعة والكفاءة في مهام حفظ السلام في العالم والتي مازال بعضها متواصلا إلى اليوم.
كما أشار بودربالة إلى أن الدولة عندما تتكفل بتكوين مختلف الاختصاصات وخاصة في الميدان العسكري فهذا حمل على المجموعة الوطنية، وعلى الدولة حماية المجموعة الوطنية من جهة ومن جهة أخرى فإن من يلتزم فقد أبرم عهدا ولا بد من الإيفاء بالعهد لأن الإيفاء بالعهد في موروث التونسيين الحضاري من الأعمال التي يجب أن تصان وتحترم، وعبر رئيس المجلس عن رغبته في أن يعي كل مواطن تونسي بواجباته تجاه المجموعة الوطنية التي تمثلها الدولة ويرى أن تنقيح مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية يندرج في فلسفة حماية الوطن. وذكر أنه يأمل في أن يتم تفعيل القوانين التي يمررها المجلس النيابي وأن يعي كل طرف بواجباته، ووجه بودربالة رسالة إلى التونسيين مفادها أن احترام الحقوق يتلازم مع احترام الواجبات وأنه بهذه الكيفية يتحقق التوازن داخل المجتمع.
أما عادل ضياف رئيس لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح فقد أثنى بدوره على المؤسسة العسكرية لما تبذله من مجهودات مخلصة في سبيل عزة الوطن وكرامة أبنائه وبناته، وعبر عن اعتزازه لما يتميز به الجيش الوطني من خصال مهنية واحترافية بما أكسبه فعالية ميدانية في صد أي تهديد وجعل منه ركيزة في تحقيق الاستقرار، وضامنا لمقومات السيادة الوطنية والوحدة الترابية، ولأمن الوطن وسلامته، فضلا عن العطاء غير المحدود في عدة مجالات كالصحة والنقل وتأمين الانتخابات والامتحانات الوطنية والمشاركة الفاعلة في العديد من المهمات الأممية وغيرها من المجالات، وذكر أنه لا بد من استحضار تضحيات شهداء الوطن من القوات المسلحة العسكرية الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن.
لا للصمت
وقبل قراءة تقرير لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح حول مشروع القانون المعروض على الجلسة العامة أشار النائب ثابت العابد مقرر هذه اللجنة إلى وجود نائب شعب رهن الإيقاف على معنى الفصل65 من الدستور الذي يشترط إعلام المجلس وطلب رفع الحصانة، وبين الإيقاف تم على خلاف ما ينص عليه هذا الفصل إذ لم يقع إعلام مجلس نواب الشعب ولم يقع طلب رفع الحصانة عن النائب، ونبه العابد إلى أن هذا الإجراء المخالف للنص الصريح للدستور ليس فيه سلبا لحرية زميلهم النائب فقط بل فيه تهديد لاستقلالية كافة أعضاء مجلس النواب وإرادتهم.
وطالب العابد من كافة أعضاء مجلس نواب الشعب ورئيسه بعدم الوقوف صامتين على مثل هذا القرار إن أرادوا فعلا أن يكون لمجلسهم شأن في البلاد وأن يكون قراره مستقلا من أجل مصلحة الوطن.
وجاء في تقرير اللجنة حول مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وإتمامها كما أشار إليه ثابت العابد أن هذا المشروع يهدف إلى معالجة ظاهرة فرار العسكريين إلى الخارج من خلال تنقيح أحكام الفصل 68 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لأنها لا تمكن من مؤاخذة العسكري الذي لا يلتحق بأرض الوطن إثر نهاية مهمة أو تربص أو رخصة للخارج.
وأضاف مقرر اللجنة استنادا إلى وثيقة شرح أسباب مشروع القانون إلى أن الفرار للخارج يعتبر أبرز حالات التخلي الإداري والمنفرد عن العمل بالنسبة للعسكري المباشر، وهي ظاهرة تفاقمت في السنوات الأخيرة مما أثر سلبا على سير العمل بالمؤسسة العسكرية وسمعتها بالداخل والخارج.. ولاحظ العابد أن المشرع جرم صلب الفصل 68 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الفرار إلى الخارج في صورة عدم حصول العسكري على إذن قانوني ولكنه غفل على تجريم صورة العسكري الذي لا يلتحق بأرض الوطن إثر إنهاء رخصته بالخارج أو التربص أو المهمة بالخارج.
وأضاف مقرر اللجنة أنه رغم الفراغ التشريعي المسجل في هذا المجال، فقد تولت مختلف المحاكم العسكرية في نطاق اجتهاداتها تكييف الأفعال المذكورة بكونها جريمة مخالفة التعليمات العسكرية طبقا لما ينص عليه الفصل 112 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، وترتب عن هذا التكييف اجتهادات مختلفة دون أن تصدر في شأنها قرارات تعقيبية من شأنها توحيد فقه قضاء المحاكم العسكرية وهو ما ساهم في تطور عدد حالات الفرار إلى الخارج بصفوف القوات المسلحة.
وبين ثابت العابد مقرر لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح أن مشروع القانون يهدف إلى تتبع العسكريين المخالفين بعد مضي آجال طويلة عن ارتكابهم للأفعال المنسوبة إليهم لأن تكييف الفعلة على أنها فرار من الجندية خارج البلاد زمن السلم سيمكن من تتبعهم بقطع النظر عن تاريخ ارتكاب الجريمة تطبيقا لمقتضيات الفصل72 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الذي ينص على أن سقوط حق التتبع بمرور الزمن أو سقوط العقوبة لا يحتسب إلا من تاريخ بلوغ العسكري الفار السن القانوني المحدد بموجب أنظمة الجيش وهو ما من شأنه أن يحد من ظاهرة عدم عودة العسكريين إلى أرض الوطن بعد إنهاء آجال الرخصة أو التربص أو المهمة بالخارج.
رأي لجنة التشريع
أتى الجزء الثاني من تقرير لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح على مضامين مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية واستعرض حصيلة النقاشات التي دارت حوله صلب اللجنة، أما الجزء الثالث من التقرير فتضمن رأي لجنة التشريع العام في مشروع القانون المذكور وذلك استجابة منها لتوصية مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه المنعقد يوم 25 أفريل 2024 إذ أحال المكتب المشروع على لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح، وأوصاها بأن تطلب من لجنة التشريع العام إبداء الرأي فيه طبقا لأحكام النظام الداخلي للمجلس.
ومن بين أبرز ما أشارت إليه لجنة التشريع العام، ضرورة التعامل مع ظاهرة فرار العسكريين بكل حذر وجدية نظرا لخصوصية الموضوع وما قد يطرحه الفرار من آثار وتداعيات تمس بالأمن القومي للبلاد.
وترى لجنة التشريع العام أن معالجة هذه الظاهرة يجب ألا تقتصر على تعديل بعض أحكام المجلة أو سن أحكام قانونية جديدة بل لا بد من البحث عن الأسباب الحقيقية لها ومعالجتها على غرار تحسين الوضعية المادية والمهنية والاجتماعية للعسكريين.. كما أشارت لجنة التشريع العام التي يرأسها النائب عن الخط الوطني السيادي ياسر القوراري إلى ضرورة مراجعة مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية مراجعة شاملة وعدم الاقتصار على بعض التنقيحات بهدف معالجة جميع الإشكاليات المطروحة والمتعلقة بالقضاء العسكري وبالإجراءات المتبعة لدى المحاكم العسكرية.
نظرة استباقية
عماد مميش وزير الدفاع الوطني قال إن مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية المعروض على أنظار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب يأتي في إطار استباق وزارة الدفاع الوطني وسرعة تفاعلها مع كل ما من شأنه أن يمس من مصداقيتها أو ما من شأنه أن يعكر صفو العمل بها وفي ذلك إشارة لسلوك بعض العسكريين في تجاوز لبعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.
ويتمثل مشروع القانون حسب قول الوزير في تعديل أحكام الفقرة الأولى من الفصل 68 لمواكبة هذه الأفعال التي يأتيها بعض العسكريين وقبل أن تصبح ظاهرة عامة، وبين أن كلمة ظاهرة وردت في شرح أسباب المشروع ولكن لا بد من التأكيد على أن ما يحدث في وزارة الدفاع الوطني حتى وإن كان فعلا معزولا، فيجب الاستباق واعتباره أمرا خطيرا يستوجب ردا سريعا حتى لا تصبح ظاهرة على غرار بقية الظواهر الأخرى.
وأضاف الوزير عماد ممّيش أنه لهذه الغاية تم الإسراع في إعادة النظر في مضمون الفقرة الأولى من الفصل 68 من المجلة المذكورة، كما أن الفصل المذكور في فقرته الأولى كان من الممكن نظريا الاكتفاء بما هو موجود به. وفسر أنه يقصد بكلامه هذا أن العسكري الذي يخرج إلى بلد أجنبي ولو دون رخصه أو بترخيص فإن الأمر يستوجب أن يتحمل هذا العسكري مسؤولياته، وبين أنه عندما نقول إنه خرج دون إذن ويعتبر فارا عندما يغادر تراب البلاد التونسية دون إذن، فكأنما الجريمة تنحصر في هذه الصورة وبالتالي لا يمكن أن يقع تتبع العسكري الذي يغادر البلاد التونسية بإذن، والحال أن وجود الإذن لمدة معينة يفيد حتما غياب ذلك الإذن بانتهاء تلك المدة أي من يخرج مدة يومين أو ثلاثة يعتبر منذ اليوم الثالث أو الرابع فاقدا للإذن. وأشار الوزير إلى أنه تجنبا لهذه التأويلات ولمخاطر أن تجابه هذه التأويلات بالتأويل الضيق للنص الجزائي الذي يقتضي الصرامة لأن المجال الجزائي يتعلق بالعقوبات وإذا تعلق الأمر بالمادة الجزائية يكون التأويل ضيقا.. فتجنبا لاختلافات القراءات في محاكم الأصل ومحكمة التعقيب كمحكمة قانون ارتأت وزارة الدفاع الوطني في إطار الاستباق أن تضع حدا لكل مخاطر التأويلات ولكل هذه الأفعال قبل أن تصبح ظاهرة حقيقية وذلك بالتفكير في القيام بتعديل للفقرة الأولى من الفصل 68 ويتبع ذلك جملة من الاعتبارات.
وقال إن التعديل يتجه أولا إلى رفع الالتباس والتنصيص صراحة على أن العسكري الذي يغادر تراب البلاد التونسية حتى وإن كان في مهمة وكان في تربص وكان مرفوقا بترخيص فإنه سيصبح بمقتضى هذا التعديل معنيا بهذه الجريمة أي جريمة الفرار وذلك من خلال التنصيص صراحة على مختلف هذه الفرضيات ضمن الفقرة الأولى من الفصل 68 لتصبح الجريمة منصوصا عليها صراحة ولا نبقى رهينة للتأويلات واختلاف الآراء.
وأضاف الوزير أن الترخيص والتربص والمهمة إذا كانت كل هذه الوضعيات محددة بالزمن فإنه منذ اليوم الثالث لعدم العودة إلى الوسيلة أو إلى تراب الجمهورية أو إلى أي قطعة من القطع يعتبر العسكري فارا، وفسر أنه تصديا لهذه الفرضية التي كانت غائبة تم اقتراح مشروع القانون المذكور، وذكر أن غياب هذا التنصيص الصريح في السابق أدى إلى التأويلات والاجتهادات واعتبار أن هذه الجريمة في صورة المهمة بالخارج أو التربص أو وجود ترخيص يلتجئ القضاء إلى اعتبار أن الأمر يتعلق بجريمة مخالفة التعليمات وهي جريمة عامة وعقوبتها لا تكتسي أهمية بالنسبة لجريمة الفرار إلى الخارج، وحتى من حيث سريان آجال التقادم فتفاديا لسوء تكييف الأفعال واعتبارها مخالفة للتعليمات بل هي جريمة فرار إلى الخارج وفق هذا التعديل، كما أنه في علاقة بمسألة تقادم الدعوى بمرور الزمن فإن جريمة مخالفة التعليمات جنحة ومدة التقادم محدودة في الزمن وانقضاءها يكون سريعا بينما في حالة الفرار إلى الخارج تحتسب المدة بحسبان العسكري في قائمة المتقاعدين فالمغادرة نحو التقاعد ومن هذه اللحظة تحتسب الآجال بالنسبة إلى جريمة الفرار إلى الخارج.
وسائل الإثبات
ولاحظ وزير الدفاع الوطني أن مسألة إثبات وجود مهمة أو ترخيص أو تربص يتوقف على وثائق صادرة عن وزارة الدفاع الوطني لأن المجال الجزائي وما يترتب عن الأفعال المندرجة فيه من عقوبات يقتضي أن تتوفر كل الأركان وكل الأدلة التي تثبت حصول الفعل الإجرامي بالتالي كان لا بد من إدخال تعديل جزئي بإضافة وسائل الإثبات والوثائق الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني والمتعلقة بالترخيص بالتربص وبالإذن بمهمة كل ذلك أملته الفقرة الأولى في تحريرها الجديد، ولاحظ أن تعديل فقرة من فصل استوجب إثارة جملة من الفصول المبثوثة في مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية حتى يكون التعديل مستوفيا للغاية التي قدم من أجلها.
وخلص عماد مميش وزير الدفاع الوطني إلى أن النص القانوني لم يكن يتضمن فرضيات المهمة بالخارج أو التربص أو الترخيص لذلك كان لابد من التنصيص على ذلك صراحة، كما كانت الآجال المنطبقة هي آجال الاجتهادات واعتبار هذا الفعل من قبيل جريمة مخالفة التعليمات واليوم أصبحت آجال الفرار إلى الخارج وبداية احتسابها منصوص عليها كما تم التنصيص على الوثائق الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني التي من شأنها أن تثبت حصول هذا الفعل الإجرامي. وذكر أن كل ذلك يترجم حرص وزارة الدفاع الوطني على استباق مثل هذه الأفعال وعدم انتظار أن تصبح ظاهرة حقيقية. وفسر أن معايير ومقاييس المخالفات والتجاوزات تكتسي في وزارة الدفاع الوطني خصوصية ويجب منذ اللحظات الأولى أن تكون ردة الفعل سريعة وملائمة.
وقبل رفع الجلسة العامة عبر إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب عن تقديره للمؤسسة العسكرية بكافة مكوناتها من ضباط قادة وضباط سامين وضباط وضباط صف وجنود، لما تبذله من جهود وتضحيات من أجل عزة تونس وحمايتها والذود عن سيادتها.
تأهيل محطات التطهير
في تقديم لمشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاق الضمان عند أول طلب المُبرم بتاريخ 31 جانفي 2024 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية والمتعلّق بالقرض المسند لفائدة الديوان الوطني للتطهير بمبلغ لا يتجاوز81 مليونا و900 ألف أورو أي ما يعادل 276 فاصل 14 مليون دينار للمساهمة في تمويل مشروع تحسين جودة المياه المستعملة والمعالجة لدعم مجابهة التغيّرات المناخية، بينت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي أن هذا القرض سيمكن الديوان الوطني للتطهير من انجاز مكونات المشروع بولايات نابل وزغوان وجندوبة والقصرين وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة وتوزر وقبلي ومدنين.
وتبلغ قيمة المشروع حسب قولها حوالي 85 فاصل 33 مليون أورو، وفسرت الشيخاوي أن المشروع سيساعد على تحديث محطات التطهير وهو لفائدة المتساكنين كما أنه من أجل إعادة استعمال المياه في الفلاحة وحتى الصناعة، وذكرت أن المشروع لئن كان يندرج في إطار برنامج وزارة البيئة فهو يتنزل أيضا في إطار الإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي التي تهم كافة الوزارات بما فيها وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بل تهم الحكومة بشكل عام لأن تونس تعيش صعوبات كبيرة ناجمة عن التغيرات المناخية فهي تعاني من شح المياه، وأشارت الوزيرة إلى أنه يمكن إعادة استعمال مياه الرشح والتطهير شريطة أن تكون هذه المياه متطابقة مع معايير فنية ومعايير علمية مضبوطة حسب التقنية الثلاثية التي ستكون مستعملة في محطات التطهير التي سيقع تعصيرها والبالغ عددها 19 محطة.
كما أشارت الوزيرة ليلى الشيخاوي إلى أن هذا البرنامج سيشمل محطات التطهير في كامل الجمهورية والتي يبلغ عددها الجملي 130 محطة تغطي 90 بالمائة من حاجيات التطهير في البلاد. وذكرت أن الديوان الوطني للتطهير يسعى إلى بلوغ نسبة تغطية بخدمات التطهير تصل إلى مائة بالمائة وذلك رغبة من الدولة في ضمان حق التونسيين في بيئة سليمة وهو حق دستوري. ولاحظت وزيرة البيئة لدى حديثها عن شروط القرض المسند من البنك الإفريقي للتنمية أنه سيقع سداده على عشرين سنة مع خمس سنوات إمهال، وذكرت أن مشاريع تأهيل محطات التطهير ستمكن من توفير 1500 موطن شغل، وخلصت إلى أن وزارتها تتطلع إلى إعادة تأهيل جميع محطات التطهير وربط بقية المتساكنين بشبكات التطهير وهو ما يتطلب رصد موارد ضخمة لذلك تم اللجوء إلى التعاون الدولي من أجل الحصول على القرض.
وكانت نتيجة التصويت على مشروع القرض من البنك الإفريقي للتنمية كما يلي:111 موافقون و5 محتفظون و5 رافضون. وسبق للديوان الوطني للتطهير أن تحصل على قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير بضمان الدولة وصادقت عليه الجلسة العامة للمجلس النيابي بتاريخ 17 أكتوبر 2023.
ومن المنتظر أن تتواصل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب حسب ما تضمنه جدول أعمالها اليوم الأربعاء 10 جويلية 2024 وسيتم خلالها توجيه أسئلة شفاهية إلى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ويذكر أنه منذ إيقاف أحد أعضاء المجلس مؤخرا بسوسة يعيش النواب حالة من التوتر، واحتجاجا منهم على ما اعتبروه خرقا لأحكام الدستور المتصلة بالحصانة، ومواصلة لنفس الموقف الذي اتخذوه خلال الجلسة العامة المنعقدة الأسبوع الماضي، لم يناقش النواب أمس مشروعي القانونين المعروضين على أنظار جلستهم العامة نقاشا عاما واكتفوا فقط بالتصويت عليهما في صيغتهما الأصلية.
سعيدة بوهلال
تونس- الصباح
صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو دون نقاش يذكر على مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، ومشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاق الضمان عند أول طلب المُبرم بتاريخ31 جانفي 2024 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية والمتعلّق بالقرض المسند لفائدة الديوان الوطني للتطهير بمبلغ لا يتجاوز81 مليونا و900 ألف أورو أي ما يعادل 276 فاصل 14 مليون دينار وذلك للمساهمة في تمويل مشروع تحسين جودة المياه المستعملة والمعالجة لدعم مجابهة التغيّرات المناخية.
وكانت نتيجة التصويت على المشروع الأول كما يلي: 114 موافقون و3 محتفظون ورافض واحد، ونص الفصل الأول من المشروع في صيغته التي حظيت بموافقة الجلسة على أن تلغى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 68 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وتعوض بما يلي: الفصل 68 فقرة أولى جديدة: يعد فارا خارج البلاد زمن السلم:
أـ كل عسكري أو مشبّه به يجتاز الحدود التونسية دون إذن تاركا القطعة التي ينتسب إليها وملتحقا ببلاد أجنبية وذلك بعد انقضاء ثلاثة أيام على غيابه غير الشرعي وتصبح هذه المدة يوما واحدا زمن الحرب.
بـ ـ كل عسكري أو مشبّه به لا يلتحق بالتراب التونسي بعد انقضاء ثلاثة أيام من تاريخ انتهاء الرخصة أو المأمورية أو التربص بالخارج وتصبح هذه المدة يوما واحدا زمن الحرب.
ج ـ كل عسكري أو مشبّه به أثناء مأمورية أو تربص بالخارج لا يلتحق بعد انقضاء ثلاثة أيام بالقطعة أو الطائرة أو السفينة أو مركز المهمة الذي كان عليه الالتحاق به في الأجل المضروب له وتصبح هذه المدة يوما واحدا زمن الحرب.
أما الفصل الثاني الذي تمت المصادقة عليه من قبل الجلسة العامة البرلمانية، فنص على أن تضاف إلى أحكام الفقرة الثالثة من الفصل20 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية مطة د فيما يلي نصها: نسخة من الرخصة أو الأمر بمأمورية أو بتربص بالخارج وغيرها من الأذون والوثائق المثبتة للفرار إلى الخارج.
وتحدث إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة عن الدور الوطني الريادي الذي تقوم به المؤسسة العسكرية العزيزة على قلوب جميع التونسيات والتونسيين، حسب قوله، وذكر أن هذه الجلسة تنعقد بعد مرور أيام قليلة عن إحياء تونس الذكرى 68 لانبعاث الجيش الوطني، هذا الجيش الجمهوري الذي ما انفك يثبت صدقه وولاءه للوطن والذي لم يدخر جهدا من أجل العطاء في سبيل الذود عن الوطن وصونه وتكريس سيادته على أرضه وإعلاء رايته بين الأمم.. وأضاف بودبالة أنه لا يختلف اثنان حول قيمة الدور الوطني للمؤسسة العسكرية على جميع المستويات بما في ذلك على وجه الخصوص دوره التنموي. وبين أن مجلس نواب الشعب لا يريد أن يفوت الفرصة دون أن ينوه بمساهمة الجيش الوطني المتميزة والمشهود لها بالنجاعة والكفاءة في مهام حفظ السلام في العالم والتي مازال بعضها متواصلا إلى اليوم.
كما أشار بودربالة إلى أن الدولة عندما تتكفل بتكوين مختلف الاختصاصات وخاصة في الميدان العسكري فهذا حمل على المجموعة الوطنية، وعلى الدولة حماية المجموعة الوطنية من جهة ومن جهة أخرى فإن من يلتزم فقد أبرم عهدا ولا بد من الإيفاء بالعهد لأن الإيفاء بالعهد في موروث التونسيين الحضاري من الأعمال التي يجب أن تصان وتحترم، وعبر رئيس المجلس عن رغبته في أن يعي كل مواطن تونسي بواجباته تجاه المجموعة الوطنية التي تمثلها الدولة ويرى أن تنقيح مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية يندرج في فلسفة حماية الوطن. وذكر أنه يأمل في أن يتم تفعيل القوانين التي يمررها المجلس النيابي وأن يعي كل طرف بواجباته، ووجه بودربالة رسالة إلى التونسيين مفادها أن احترام الحقوق يتلازم مع احترام الواجبات وأنه بهذه الكيفية يتحقق التوازن داخل المجتمع.
أما عادل ضياف رئيس لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح فقد أثنى بدوره على المؤسسة العسكرية لما تبذله من مجهودات مخلصة في سبيل عزة الوطن وكرامة أبنائه وبناته، وعبر عن اعتزازه لما يتميز به الجيش الوطني من خصال مهنية واحترافية بما أكسبه فعالية ميدانية في صد أي تهديد وجعل منه ركيزة في تحقيق الاستقرار، وضامنا لمقومات السيادة الوطنية والوحدة الترابية، ولأمن الوطن وسلامته، فضلا عن العطاء غير المحدود في عدة مجالات كالصحة والنقل وتأمين الانتخابات والامتحانات الوطنية والمشاركة الفاعلة في العديد من المهمات الأممية وغيرها من المجالات، وذكر أنه لا بد من استحضار تضحيات شهداء الوطن من القوات المسلحة العسكرية الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن.
لا للصمت
وقبل قراءة تقرير لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح حول مشروع القانون المعروض على الجلسة العامة أشار النائب ثابت العابد مقرر هذه اللجنة إلى وجود نائب شعب رهن الإيقاف على معنى الفصل65 من الدستور الذي يشترط إعلام المجلس وطلب رفع الحصانة، وبين الإيقاف تم على خلاف ما ينص عليه هذا الفصل إذ لم يقع إعلام مجلس نواب الشعب ولم يقع طلب رفع الحصانة عن النائب، ونبه العابد إلى أن هذا الإجراء المخالف للنص الصريح للدستور ليس فيه سلبا لحرية زميلهم النائب فقط بل فيه تهديد لاستقلالية كافة أعضاء مجلس النواب وإرادتهم.
وطالب العابد من كافة أعضاء مجلس نواب الشعب ورئيسه بعدم الوقوف صامتين على مثل هذا القرار إن أرادوا فعلا أن يكون لمجلسهم شأن في البلاد وأن يكون قراره مستقلا من أجل مصلحة الوطن.
وجاء في تقرير اللجنة حول مشروع القانون المتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وإتمامها كما أشار إليه ثابت العابد أن هذا المشروع يهدف إلى معالجة ظاهرة فرار العسكريين إلى الخارج من خلال تنقيح أحكام الفصل 68 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لأنها لا تمكن من مؤاخذة العسكري الذي لا يلتحق بأرض الوطن إثر نهاية مهمة أو تربص أو رخصة للخارج.
وأضاف مقرر اللجنة استنادا إلى وثيقة شرح أسباب مشروع القانون إلى أن الفرار للخارج يعتبر أبرز حالات التخلي الإداري والمنفرد عن العمل بالنسبة للعسكري المباشر، وهي ظاهرة تفاقمت في السنوات الأخيرة مما أثر سلبا على سير العمل بالمؤسسة العسكرية وسمعتها بالداخل والخارج.. ولاحظ العابد أن المشرع جرم صلب الفصل 68 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الفرار إلى الخارج في صورة عدم حصول العسكري على إذن قانوني ولكنه غفل على تجريم صورة العسكري الذي لا يلتحق بأرض الوطن إثر إنهاء رخصته بالخارج أو التربص أو المهمة بالخارج.
وأضاف مقرر اللجنة أنه رغم الفراغ التشريعي المسجل في هذا المجال، فقد تولت مختلف المحاكم العسكرية في نطاق اجتهاداتها تكييف الأفعال المذكورة بكونها جريمة مخالفة التعليمات العسكرية طبقا لما ينص عليه الفصل 112 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، وترتب عن هذا التكييف اجتهادات مختلفة دون أن تصدر في شأنها قرارات تعقيبية من شأنها توحيد فقه قضاء المحاكم العسكرية وهو ما ساهم في تطور عدد حالات الفرار إلى الخارج بصفوف القوات المسلحة.
وبين ثابت العابد مقرر لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح أن مشروع القانون يهدف إلى تتبع العسكريين المخالفين بعد مضي آجال طويلة عن ارتكابهم للأفعال المنسوبة إليهم لأن تكييف الفعلة على أنها فرار من الجندية خارج البلاد زمن السلم سيمكن من تتبعهم بقطع النظر عن تاريخ ارتكاب الجريمة تطبيقا لمقتضيات الفصل72 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية الذي ينص على أن سقوط حق التتبع بمرور الزمن أو سقوط العقوبة لا يحتسب إلا من تاريخ بلوغ العسكري الفار السن القانوني المحدد بموجب أنظمة الجيش وهو ما من شأنه أن يحد من ظاهرة عدم عودة العسكريين إلى أرض الوطن بعد إنهاء آجال الرخصة أو التربص أو المهمة بالخارج.
رأي لجنة التشريع
أتى الجزء الثاني من تقرير لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح على مضامين مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية واستعرض حصيلة النقاشات التي دارت حوله صلب اللجنة، أما الجزء الثالث من التقرير فتضمن رأي لجنة التشريع العام في مشروع القانون المذكور وذلك استجابة منها لتوصية مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه المنعقد يوم 25 أفريل 2024 إذ أحال المكتب المشروع على لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح، وأوصاها بأن تطلب من لجنة التشريع العام إبداء الرأي فيه طبقا لأحكام النظام الداخلي للمجلس.
ومن بين أبرز ما أشارت إليه لجنة التشريع العام، ضرورة التعامل مع ظاهرة فرار العسكريين بكل حذر وجدية نظرا لخصوصية الموضوع وما قد يطرحه الفرار من آثار وتداعيات تمس بالأمن القومي للبلاد.
وترى لجنة التشريع العام أن معالجة هذه الظاهرة يجب ألا تقتصر على تعديل بعض أحكام المجلة أو سن أحكام قانونية جديدة بل لا بد من البحث عن الأسباب الحقيقية لها ومعالجتها على غرار تحسين الوضعية المادية والمهنية والاجتماعية للعسكريين.. كما أشارت لجنة التشريع العام التي يرأسها النائب عن الخط الوطني السيادي ياسر القوراري إلى ضرورة مراجعة مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية مراجعة شاملة وعدم الاقتصار على بعض التنقيحات بهدف معالجة جميع الإشكاليات المطروحة والمتعلقة بالقضاء العسكري وبالإجراءات المتبعة لدى المحاكم العسكرية.
نظرة استباقية
عماد مميش وزير الدفاع الوطني قال إن مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية المعروض على أنظار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب يأتي في إطار استباق وزارة الدفاع الوطني وسرعة تفاعلها مع كل ما من شأنه أن يمس من مصداقيتها أو ما من شأنه أن يعكر صفو العمل بها وفي ذلك إشارة لسلوك بعض العسكريين في تجاوز لبعض أحكام مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.
ويتمثل مشروع القانون حسب قول الوزير في تعديل أحكام الفقرة الأولى من الفصل 68 لمواكبة هذه الأفعال التي يأتيها بعض العسكريين وقبل أن تصبح ظاهرة عامة، وبين أن كلمة ظاهرة وردت في شرح أسباب المشروع ولكن لا بد من التأكيد على أن ما يحدث في وزارة الدفاع الوطني حتى وإن كان فعلا معزولا، فيجب الاستباق واعتباره أمرا خطيرا يستوجب ردا سريعا حتى لا تصبح ظاهرة على غرار بقية الظواهر الأخرى.
وأضاف الوزير عماد ممّيش أنه لهذه الغاية تم الإسراع في إعادة النظر في مضمون الفقرة الأولى من الفصل 68 من المجلة المذكورة، كما أن الفصل المذكور في فقرته الأولى كان من الممكن نظريا الاكتفاء بما هو موجود به. وفسر أنه يقصد بكلامه هذا أن العسكري الذي يخرج إلى بلد أجنبي ولو دون رخصه أو بترخيص فإن الأمر يستوجب أن يتحمل هذا العسكري مسؤولياته، وبين أنه عندما نقول إنه خرج دون إذن ويعتبر فارا عندما يغادر تراب البلاد التونسية دون إذن، فكأنما الجريمة تنحصر في هذه الصورة وبالتالي لا يمكن أن يقع تتبع العسكري الذي يغادر البلاد التونسية بإذن، والحال أن وجود الإذن لمدة معينة يفيد حتما غياب ذلك الإذن بانتهاء تلك المدة أي من يخرج مدة يومين أو ثلاثة يعتبر منذ اليوم الثالث أو الرابع فاقدا للإذن. وأشار الوزير إلى أنه تجنبا لهذه التأويلات ولمخاطر أن تجابه هذه التأويلات بالتأويل الضيق للنص الجزائي الذي يقتضي الصرامة لأن المجال الجزائي يتعلق بالعقوبات وإذا تعلق الأمر بالمادة الجزائية يكون التأويل ضيقا.. فتجنبا لاختلافات القراءات في محاكم الأصل ومحكمة التعقيب كمحكمة قانون ارتأت وزارة الدفاع الوطني في إطار الاستباق أن تضع حدا لكل مخاطر التأويلات ولكل هذه الأفعال قبل أن تصبح ظاهرة حقيقية وذلك بالتفكير في القيام بتعديل للفقرة الأولى من الفصل 68 ويتبع ذلك جملة من الاعتبارات.
وقال إن التعديل يتجه أولا إلى رفع الالتباس والتنصيص صراحة على أن العسكري الذي يغادر تراب البلاد التونسية حتى وإن كان في مهمة وكان في تربص وكان مرفوقا بترخيص فإنه سيصبح بمقتضى هذا التعديل معنيا بهذه الجريمة أي جريمة الفرار وذلك من خلال التنصيص صراحة على مختلف هذه الفرضيات ضمن الفقرة الأولى من الفصل 68 لتصبح الجريمة منصوصا عليها صراحة ولا نبقى رهينة للتأويلات واختلاف الآراء.
وأضاف الوزير أن الترخيص والتربص والمهمة إذا كانت كل هذه الوضعيات محددة بالزمن فإنه منذ اليوم الثالث لعدم العودة إلى الوسيلة أو إلى تراب الجمهورية أو إلى أي قطعة من القطع يعتبر العسكري فارا، وفسر أنه تصديا لهذه الفرضية التي كانت غائبة تم اقتراح مشروع القانون المذكور، وذكر أن غياب هذا التنصيص الصريح في السابق أدى إلى التأويلات والاجتهادات واعتبار أن هذه الجريمة في صورة المهمة بالخارج أو التربص أو وجود ترخيص يلتجئ القضاء إلى اعتبار أن الأمر يتعلق بجريمة مخالفة التعليمات وهي جريمة عامة وعقوبتها لا تكتسي أهمية بالنسبة لجريمة الفرار إلى الخارج، وحتى من حيث سريان آجال التقادم فتفاديا لسوء تكييف الأفعال واعتبارها مخالفة للتعليمات بل هي جريمة فرار إلى الخارج وفق هذا التعديل، كما أنه في علاقة بمسألة تقادم الدعوى بمرور الزمن فإن جريمة مخالفة التعليمات جنحة ومدة التقادم محدودة في الزمن وانقضاءها يكون سريعا بينما في حالة الفرار إلى الخارج تحتسب المدة بحسبان العسكري في قائمة المتقاعدين فالمغادرة نحو التقاعد ومن هذه اللحظة تحتسب الآجال بالنسبة إلى جريمة الفرار إلى الخارج.
وسائل الإثبات
ولاحظ وزير الدفاع الوطني أن مسألة إثبات وجود مهمة أو ترخيص أو تربص يتوقف على وثائق صادرة عن وزارة الدفاع الوطني لأن المجال الجزائي وما يترتب عن الأفعال المندرجة فيه من عقوبات يقتضي أن تتوفر كل الأركان وكل الأدلة التي تثبت حصول الفعل الإجرامي بالتالي كان لا بد من إدخال تعديل جزئي بإضافة وسائل الإثبات والوثائق الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني والمتعلقة بالترخيص بالتربص وبالإذن بمهمة كل ذلك أملته الفقرة الأولى في تحريرها الجديد، ولاحظ أن تعديل فقرة من فصل استوجب إثارة جملة من الفصول المبثوثة في مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية حتى يكون التعديل مستوفيا للغاية التي قدم من أجلها.
وخلص عماد مميش وزير الدفاع الوطني إلى أن النص القانوني لم يكن يتضمن فرضيات المهمة بالخارج أو التربص أو الترخيص لذلك كان لابد من التنصيص على ذلك صراحة، كما كانت الآجال المنطبقة هي آجال الاجتهادات واعتبار هذا الفعل من قبيل جريمة مخالفة التعليمات واليوم أصبحت آجال الفرار إلى الخارج وبداية احتسابها منصوص عليها كما تم التنصيص على الوثائق الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني التي من شأنها أن تثبت حصول هذا الفعل الإجرامي. وذكر أن كل ذلك يترجم حرص وزارة الدفاع الوطني على استباق مثل هذه الأفعال وعدم انتظار أن تصبح ظاهرة حقيقية. وفسر أن معايير ومقاييس المخالفات والتجاوزات تكتسي في وزارة الدفاع الوطني خصوصية ويجب منذ اللحظات الأولى أن تكون ردة الفعل سريعة وملائمة.
وقبل رفع الجلسة العامة عبر إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب عن تقديره للمؤسسة العسكرية بكافة مكوناتها من ضباط قادة وضباط سامين وضباط وضباط صف وجنود، لما تبذله من جهود وتضحيات من أجل عزة تونس وحمايتها والذود عن سيادتها.
تأهيل محطات التطهير
في تقديم لمشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاق الضمان عند أول طلب المُبرم بتاريخ 31 جانفي 2024 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية والمتعلّق بالقرض المسند لفائدة الديوان الوطني للتطهير بمبلغ لا يتجاوز81 مليونا و900 ألف أورو أي ما يعادل 276 فاصل 14 مليون دينار للمساهمة في تمويل مشروع تحسين جودة المياه المستعملة والمعالجة لدعم مجابهة التغيّرات المناخية، بينت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي أن هذا القرض سيمكن الديوان الوطني للتطهير من انجاز مكونات المشروع بولايات نابل وزغوان وجندوبة والقصرين وسيدي بوزيد وصفاقس وقفصة وتوزر وقبلي ومدنين.
وتبلغ قيمة المشروع حسب قولها حوالي 85 فاصل 33 مليون أورو، وفسرت الشيخاوي أن المشروع سيساعد على تحديث محطات التطهير وهو لفائدة المتساكنين كما أنه من أجل إعادة استعمال المياه في الفلاحة وحتى الصناعة، وذكرت أن المشروع لئن كان يندرج في إطار برنامج وزارة البيئة فهو يتنزل أيضا في إطار الإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي التي تهم كافة الوزارات بما فيها وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بل تهم الحكومة بشكل عام لأن تونس تعيش صعوبات كبيرة ناجمة عن التغيرات المناخية فهي تعاني من شح المياه، وأشارت الوزيرة إلى أنه يمكن إعادة استعمال مياه الرشح والتطهير شريطة أن تكون هذه المياه متطابقة مع معايير فنية ومعايير علمية مضبوطة حسب التقنية الثلاثية التي ستكون مستعملة في محطات التطهير التي سيقع تعصيرها والبالغ عددها 19 محطة.
كما أشارت الوزيرة ليلى الشيخاوي إلى أن هذا البرنامج سيشمل محطات التطهير في كامل الجمهورية والتي يبلغ عددها الجملي 130 محطة تغطي 90 بالمائة من حاجيات التطهير في البلاد. وذكرت أن الديوان الوطني للتطهير يسعى إلى بلوغ نسبة تغطية بخدمات التطهير تصل إلى مائة بالمائة وذلك رغبة من الدولة في ضمان حق التونسيين في بيئة سليمة وهو حق دستوري. ولاحظت وزيرة البيئة لدى حديثها عن شروط القرض المسند من البنك الإفريقي للتنمية أنه سيقع سداده على عشرين سنة مع خمس سنوات إمهال، وذكرت أن مشاريع تأهيل محطات التطهير ستمكن من توفير 1500 موطن شغل، وخلصت إلى أن وزارتها تتطلع إلى إعادة تأهيل جميع محطات التطهير وربط بقية المتساكنين بشبكات التطهير وهو ما يتطلب رصد موارد ضخمة لذلك تم اللجوء إلى التعاون الدولي من أجل الحصول على القرض.
وكانت نتيجة التصويت على مشروع القرض من البنك الإفريقي للتنمية كما يلي:111 موافقون و5 محتفظون و5 رافضون. وسبق للديوان الوطني للتطهير أن تحصل على قرض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير بضمان الدولة وصادقت عليه الجلسة العامة للمجلس النيابي بتاريخ 17 أكتوبر 2023.
ومن المنتظر أن تتواصل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب حسب ما تضمنه جدول أعمالها اليوم الأربعاء 10 جويلية 2024 وسيتم خلالها توجيه أسئلة شفاهية إلى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ويذكر أنه منذ إيقاف أحد أعضاء المجلس مؤخرا بسوسة يعيش النواب حالة من التوتر، واحتجاجا منهم على ما اعتبروه خرقا لأحكام الدستور المتصلة بالحصانة، ومواصلة لنفس الموقف الذي اتخذوه خلال الجلسة العامة المنعقدة الأسبوع الماضي، لم يناقش النواب أمس مشروعي القانونين المعروضين على أنظار جلستهم العامة نقاشا عاما واكتفوا فقط بالتصويت عليهما في صيغتهما الأصلية.